مساعد رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون للشؤون السياسية: الهيئة لا يمكنها نشر خبر ثم تعتذر لاحقا وتقول (عذرا، كان هناك خطأ!)

ترجمة: يارا حلمي 

أجرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا“، الأربعاء 30 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع مساعد رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون للشؤون السياسية، حسن عابديني، ناقشت فيه كيفية تغطية هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية حادث انفجار ميناء بندر عباس، وردَّ على الانتقادات الموجهة إليها.

وإلى نص الحوار:

ما مدى سعي هيئة الإذاعة والتلفزيون لتغطية حادثة ميناء الشهيد رجائي من مختلف الزوايا؟

ذكر حسن عابدين أن الطاقم الإعلامي للمؤسسة في محافظة هرمزغان تحرّك منذ الساعات الأولى — قرابة الساعة الواحدة بعد الظهر — إلى الجزيرة من بندر عباس، وقام بتغطية الحدث، وما استدعى تعزيز التغطية هو شعور تدريجي باتساع أبعاد الحادث، ما تطلّب دعما أكبر للفريق الموجود هناك.

وتابع: تم إرسال ثلاث فرق إخبارية إلى الموقع، إلى جانب معدات لنقل الرسائل إلى محافظة هرمزغان، وقد تم عرض صور الحادث للمشاهدين.

 تثبيت كاميرتين لبث مباشر يمكّن الجمهور من مشاهدة الحدث

وعلّق على اتساع نطاق حادثة ميناء الشهيد رجائي، موضحا أنه تم إرسال معدات خاصة لأن الدخان كان قد غطى سماء المنطقة، فيما تضررت العديد من المباني التي كانت تبعد حتى مسافات طويلة عن الميناء بفعل موجة الانفجار، وشملت التغطية الأضرار المحيطة إلى جانب مركز الحدث الأساسي.

 وأضاف أن التنسيق جرى أولا مع فرق الإغاثة، والمحافظة، والمحافظ، ومسؤولي الميناء أنفسهم، ثم مع مقر إدارة الأزمات في المحافظة، ونظرا إلى ضخامة الحادث، تم إرسال فريقين إضافيين من طهران للمساعدة، إلى جانب تثبيت كاميرتين في موقع الحادث لنقل الصور الحية للمشاهدين.

 الساعات الأولى من الحادث

وتحدث عابديني عن النتائج التي ترتبت على تثبيت الكاميرات الثابتة لهيئة الإذاعة والتلفزيون في موقع الحادث، قائلا: مكن البث المباشر الجمهور من متابعة الحدث لحظة بلحظة، بدءا من ألسنة اللهب المتصاعدة، التي استمرت على مدى ثلاثين ساعة تقريبا، وصولا إلى إخماد الحريق بالكامل، حيث تم تصوير كل هذه اللحظات بالكاميرات الثابتة.

وأضاف أن المؤسسة أجرت اتصالات بوزير الداخلية (إسكندر مؤمني)، وتواصلت كذلك مع ساجدي نيا بصفته رئيس إدارة الأزمات، والذي انتقل إلى بندر عباس وتمركز هناك، وكانت الساعات الثلاث الأولى صعبة من حيث إيجاد مصدر يمكنه توضيح أبعاد الحادث، إلا أن نشر الفرق الإعلامية وتنظيم العمل بشكل منسّق مكّنهم في نهاية المطاف من إنجاز المهمة.

لم تحدث أي مشاكل في بث الصور الحية

ما مدى الاستفادة من تجارب الأزمات السابقة؟

ذكر عابديني أنه تم اعتماد النموذج المعتاد الذي يتم اتباعه في مثل هذه الحالات، إن الهيئة، بالنظر إلى تعدد الأزمات التي تعاملت معها من الناحية الإعلامية، استخدمت منذ البداية النمط الثابت نفسه، ويتمثل هذا النمط في إرسال فرق إلى مركز الحادث فور وقوعه لتقديم تقارير ميدانية مباشرة من موقع الحدث.

وأشار إلى أن النقطة التالية تمثلت في نشر فرق على مسافة من موقع الانفجار، وقد تولى مركز الهيئة في محافظة هرمزغان هذه المهمة، أعقبه تشكيل فريق داخل غرفة أخبار وكالة هيئة الإذاعة والتلفزيون لتحديد السياسات، بما في ذلك اتخاذ قرار بشأن إرسال أفراد إضافيين أو معدات تصوير، كي تُنقل الصور بسهولة إلى قنوات الأخبار و القناتين الأولى والثانية.

واعتبر أن هذه الإجراءات حالت دون حدوث أي مشاكل في ما يتعلق بنقل الصور.

الشائعات وتكرار الأخبار الكاذبة 

ما ردك على الانتقادات بشأن كيفية تعامل هيئة الإذاعة والتلفزيون مع الحادث، وسرعة التغطية الإعلامية البطيئة في الساعات الأولى؟

أوضح عابديني أن الهيئة حرصت قدر الإمكان على أن تكون المعلومات التي تنشرها موثوقة ومن مصادر مؤكدة، وأن تكون الصور التي تعرضها من تصوير كوادرها الخاصة، ومثل هذه الظروف عادة ما تشهد تصاعدا كبيرا في الشائعات والأخبار المزيفة، ما يتطلب مواجهة هذا المد الإعلامي المضلل.

واستشهد بما جرى خلال الأربع والعشرين ساعة الأولى قائلا: عندما انتشرت أخبار متناقضة ومزيفة، بعضها من خارج البلاد، كانت الهيئة على علم بأنها أخبار كاذبة، إلا أن حجم هذه الشائعات، وتعددها، وتنوعها، وتكرارها، كان كبيرا إلى درجة قد تدفع المشاهد أحيانا للاعتقاد بأنها صحيحة، وأن ما تبثه الهيئة غير دقيق.

وأضاف كذلك، أنه مع انحسار الحريق، وبث صور من داخل الحاويات وموقع الانفجار، أدرك الجميع تدريجيا أن ما كانت تبثه وسائل الإعلام الأجنبية، أو ما كان يقال من اجتهادات لا تستند إلى تحليل أو واقع، بعيد كل البعد عن الحقيقة الميدانية.

وأشار إلى أن هذه كانت طبيعة الوضع الذي واجهته الهيئة، وسنواصل هذا النهج حتى المرحلة النهائية من عمليات التنظيف، وحتى التعرّف على الجثث التي قد تكون لم تُحدّد هويتها بعد.

لا يمكن إخفاء أي خبر

ما ردك على الانتقادات المتعلقة بأداء هيئة الإذاعة والتلفزيون وبعض وسائل الإعلام الرسمية بشأن تأخرها في نقل الرواية الأولى وسرعة إيصال الخبر؟

 أوضح عابديني أن عنصري السرعة والدقة يعدّان من المبادئ الأساسية لأي وسيلة إعلام تسعى إلى أن تكون أول من ينقل الرواية، وقد يظهر شخص يدلي بتصريح لا يتطابق مع الواقع الميداني، ولذلك لا يمكن بالضرورة نقل ما يقوله.

وأضاف: أنا أروي ما يجري من خلال كاميرتي، وبشأن سرعة التغطية، تثبت الهيئة ثبتت كاميرتين على مدار الساعة لبث مباشر من موقع الحادث، ولم يعد مفهوم التأخير في نقل الخبر قائما في هذه الحالة.

ولفت إلى أن الجهة المسؤولة عن جمع أغلب المعلومات كانت إدارة الأزمات ووزير الداخلية شخصيا، واعتمدت الهيئة عليه في كل مراحل التغطية، وتضمنت النشرة الإخبارية الرئيسية عند الساعة التاسعة مساء مقابلة مع وزير الداخلية، وفي حال طرأت مستجدات، ستُجرى مقابلة مباشرة معه في النشرات اللاحقة.

وأكد عابديني أن المعلومات لم تكن تُجمع ثم تُنشر لاحقا، بل كان كل شيء يُعرض مباشرة، ولا يمكن في زمن اليوم إخفاء أي خبر، وأن الهيئة قامت بتثبيت كاميرا بث مباشر في مركز الحدث، والحديث عن تأخر الإعلان عن الخبر بات بلا معنى.

وأوضح: لأن المشاهدين شاهدوا الحدث مباشرة، تماما كما لو كانت مباراة كرة قدم تُبث حيا، حيث يتولى الجمهور الحكم بنفسه على ما يجري، بينما يختلف الناس لاحقا في تفسير الصور وفقا لظنونهم وتقديراتهم، وكثير من الذين أدلوا بتفسيرات لم يمتلكوا الخبرة اللازمة، واتضح لاحقا أن أقوالهم لم تكن مبنية على الواقع.

وتساءل عابديني: هل كان ينبغي لنا، مثلا، أن ننقل إحدى هذه الشائعات أو الأخبار الكاذبة؟ لا يمكننا أن ننشر خبرا ثم بعد نصف ساعة نقول: عذرا، كان هناك خطأ! لسنا موقعا إلكترونيا يمكنه حذف خبر ما، بل إن الجميع يدرك أن هيئة الإذاعة والتلفزيون تتحقق من صحة الخبر قبل نشره.

وأوضح قائلا: إن تحليل مثل هذه الوقائع يجب أن يتم على يد خبراء متخصصين، لا بناء على منشور من شخص في إنستغرام أو في قناة خارج البلاد، خاصة وأنه ثبت لاحقا أن ما نُشر كان غير صحيح، وآخر صورة التُقطت بكاميرات المراقبة التي تم بثها لاحقا أوضحت ما حدث فعلا.

وتابع: فبينما زعم البعض في البداية أن الانفجار ناتج عن هجوم جوي، تبيّن فيما بعد أنه مجرد حريق صغير اشتعل نتيجة المواد الموجودة داخل الحاويات، ثم أدى إلى انفجار، ووصلت الصورة من كاميرات المراقبة إليهم بعد مرور 35 ساعة على الحادث، وتم بثها فورا، تاركين للجمهور حرية الحكم على ما جرى.

لقد مررنا بالعديد من الأزمات 

كما قال عابديني: بسبب تجاربنا العديدة في الأزمات التي مررنا بها، وعندما وصلنا الخبر الأول، نرسل على الفور المعدات اللازمة للتغطية المباشرة والصحفيين المحترفين. 

وأضاف: كان من المهم بالنسبة لنا أن نوضح أن الجزء الذي اندلعت فيه النيران لا يشكل سوى جزء صغير من ميناء شهيد رجائي بشكل عام؛ لذلك وضعنا كاميرا في المناطق التي استمرت فيها الأعمال والأنشطة، وكاميرا أخرى في مكان الحادث، إذا ظن الناس أن الميناء بأكمله تعرض للمشكلة، فإن الأمر لن يقتصر على تزايد القلق لدى العديد من العائلات فقط، بل قد يتسبب في تأثير بعض الأشخاص الذين يسعون للربح على أسعار السلع.

طرق مواجهة الأخبار الكاذبة

أوضح عابديني أنه من المهم منح المجتمع الطمأنينة، وقال: يجب أن نمنح المجتمع الطمأنينة، ويجب أن تكون هذه الطمأنينة مستندة إلى الوقائع.

وأضاف أن الاستناد كان على الصور التي عرضتها الهيئة، والحادث وقع في جزء صغير من الميناء بينما استمر بقية الميناء في العمل، وهذه هي نتائج الخبرات التي تم اكتسابها على مر السنوات.

وأوضح أن الرأي العام يعلم أنه مع حدوث أي حادث، توجد العديد من المواقع والعديد من الجماعات من وراء الحدود تقوم بترويج الأخبار الكاذبة، حتى بعض القنوات الفارسية التي تروج للأخبار الكاذبة تروي المواضيع بشكل خاطئ، وبالتالي، يجب علينا أن نواجه هذه الأخبار من خلال تقديم الحقائق بدقة للجمهور.

وأكد كذلك، أن الوعي الإعلامي لدى الناس قد ارتفع، ولم يعد من السهل خداعهم بالأخبار الكاذبة، ومن خلال عرض الصور التي لم يعد هناك أي شك فيها، نعمل على رفع مستوى حكم الجمهور على الموضوع. 

وبيَّن أنه بشكل عام، وسائل الإعلام لدينا في الجمهورية الإيرانية التي تقوم بأعمال الأخبار والإعلام قد وصلت إلى مرحلة من النضج الإعلامي؛ بمعنى أنها تعرف جيدا تأثير الخبر الذي يفتقر إلى الصدق على الرأي العام ومدى تأثيره السلبي على ذهن الناس. 

وأوضح أن وسائل الإعلام الإيرانية في المنطقة كافية، وعندما يكون لدينا عدد كاف من الصحفيين ووسائل الإعلام الإيرانية في المنطقة، لا يجب أن نأخذ كلام وسائل الإعلام التي لا تضم صحفيين وتعتمد على العمليات النفسية للتأثير على عقول الناس.

وقال: لذلك يبدو أن جميع وسائل الإعلام المحلية قد قدمت سجلا قويا للغاية في هذا المجال للحفاظ على مرجعيتها وتعزيزها، خاصة في هذا المجال.