معركة رئاسة البرلمان الإيراني.. قاليباف تحت ضغط الأصوليين وخيارات جديدة تلوح في الأفق

تشهد الساحة السياسية الإيرانية استعدادات مكثفة لانتخابات هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، والتي تعقد للمرة الثانية خلال تلك الدورة البرلمانية، حيث تتجه الأنظار إلى مصير رئيس البرلمان الحالي محمد باقر قاليباف، وسط مؤشرات على تصاعد الخلافات داخل التيار الأصولي، واستعدادات متزايدة لدفع شخصيات جديدة إلى سدة الرئاسة.

قاليباف بين الإنجاز والاستنزاف

تفيد التقارير بأن محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني منذ مايو/ آيار للعام 2020، المعركة هذه المرة من موقع مختلف تماما عن السابق. فقد كان في السابق مرشحا توافقيا مدعوما من مختلف أجنحة الأصوليين، بما في ذلك التيار الأصولي وجبهته المتشددة المعروفة بجبهة الصمود وجبهة لكن المشاهدات الآن توضح أن أحداث العام الماضي من رئاسته فرضت معطيات أخرى.

قالیباف قربانی انتقام تندروها می شود؟/ ۳ رقیب احتمالی «مردِ شماره یک پارلمان» در خرداد ۱۴۰۴

فقد بات قاليباف يواجه حملة ضغط غير مسبوقة من بعض حلفائه السابقين، على رأسهم الأصوليين، الذين يتهمونه بتقديم تنازلات مفرطة للحكومة الجديدة التي يقودها الرئيس الاصلاحي مسعود بزشكيان. وقد تصاعدت هذه الانتقادات بعد تأخر البرلمان في المواجهة مع الحكومة حول ملفات اقتصادية واجتماعية حساسة مثل رفع أسعار الطاقة والجدل حول قانون الحجاب.

في المقابل، يحاول قاليباف أن يُظهر نفسه كمرشح للاستقرار والتوازن، مؤكدا في تصريحات غير مباشرة عزمه على مواصلة مسيرة البرلمان في الإصلاحات، خاصة في مجال الاقتصاد والبنية التحتية، وهي النقاط التي طالما ركّز عليها في خطاباته منذ ترأسه البرلمان.

على الجانب الآخر، يرى خصومه داخل المجلس أن فترة ولايته شهدت تضاؤل نفوذ البرلمان أمام مؤسسات الدولة الأخرى، وأنه لم ينجح في فرض البرلمان كقوة رقابية حقيقية. كما تُؤخذ عليه علاقاته الوثيقة ببعض أركان النظام الأمني والعسكري، ما يجعله عرضة لانتقادات على خلفية التداخل بين النفوذ التشريعي والتنفيذي.

حمله رسانه جبهه پایداری به قالیباف؛ مدیران مجلس ارادتمندان ظریف‌اند، امروز  هم تمام‌قد پشت

منافسون بارزون في السباق

في أروقة البرلمان، لا حديث إلا عن الأسماء التي تستعد لمنافسة قاليباف، وسط تزايد الدعوات لتجديد دماء القيادة التشريعية، أبرز هؤلاء هو مرتضى آقا تهراني، رئيس لجنة الثقافة في البرلمان، والأمين العام لجبهة الصمود، ويعرف آقا تهراني بخطابه الديني الحاد ومواقفه المحافظة، ويحظى بدعم صلب من الكتلة التي تمثل المدرسة الفقهية المتشددة داخل المجلس.

مرتضی آقاتهرانی - ویکی‌پدیا، دانشنامهٔ آزاد

في الوقت نفسه، فيفيد الخبراء بأن ترشحه سيشكل رسالة صريحة إلى قاليباف مفادها أن زمن التوافق قد انتهى، وأن التيار المتشدد عازم على استعادة السيطرة الكاملة على البرلمان، وقد بدأ بالفعل جمع الدعم من نواب الكتلة المتشددة وكذلك بعض المستقلين المترددين في تجديد الثقة بقاليباف.

وإلى جانب آقا تهراني، يظهر اسم سيد محمود نبويان، النائب المعروف بخطابه الثوري، كأحد المنافسين المحتملين، فرغم قلة حظوظه مقارنة بآقا تهراني، إلا أن نبويان يلقى دعما من بعض الحلقات الثورية داخل الحرس القديم للثورة، وقد يُستخدم اسمه كورقة ضغط إضافية في وجه قاليباف.

عکسی از محمود نبویان درحال پخش دعوتنامه بین نمایندگان /ماجرا چیست؟ -  خبرآنلاین

في المقابل، يتداول البعض أسماء أكثر اعتدالا كعلاءالدين بروجردي، نائب رئيس لجنة الأمن القومي السابق، ومنوشهر متكي، وزير الخارجية الأسبق، إلا أن المؤشرات تظهر أنهم يفتقرون إلى الكتلة الصلبة التي تتيح لهم خوض سباق جدي، ما يجعلهم أقرب إلى رموز رمزية أكثر منهم مرشحين حقيقيين.

وب سایت شخصی منوچهر متکی
پیروزی در انتخابات/ علاءالدین بروجردی برای ششمین بار راهی "خانه ملت" شد -  انجمن دوستی ایران و چین

خطط الصمود للإطاحة بقاليباف

بهذا الشأن، كشف تقرير نشره موقع أرمان ملي الثلاثاء 6 مايو/ آيار 2025، عن وجود خطة للتيار الأصولي لمحاولة الإطاحة بقاليباف من مقعد رئاسة البرلمان، وتستند هذه الخطة على ثلاث محاور.

 فأولا، يشككون في شرعية قاليباف داخل التيار الأصولي، متهمين إياه بالتخاذل في قضايا حساسة مثل الحجاب والانفتاح على الحكومة في ملفات الإنترنت وFATF، وهي قضايا تعتبر خطوطا حمراء بالنسبة لهم، يأتي بعد ذلك العمل على تشكيل تحالفات داخل البرلمان، تضم نوابا مستقلين ومحافظين جدد، لضمان الأصوات الكافية في الانتخابات المقبلة. هذه التحالفات تعتمد على رفض سياسة الحكومة والتصعيد ضد وزرائها، مما يعزز الجبهة المناهضة لقاليباف.

روزگارِ جبهه پایداری بعد از فوت پدر/ آقاتهرانی لیدر است یا محصولی؟ -  خبرآنلاین

وأخيرا تشن وسائل إعلام مقربة من جبهة الصمود حملات منظمة ضد قاليباف، موجهة إليه انتقادات لاذعة، أبرزها عدم التزامه بالقيم الثورية والبحث عن مصالح شخصية، في محاولة لتشويه صورته.

هذا وقد كشفت مصادر بالبرلمان الإيراني أن جبهة الصمود قد بدأت بالفعل بتنفيذ خطتها منذ شهور، باستخدام أدوات سياسية وإعلامية متزامنة، وقد تمكنت الجبهة بالفعل من جمع دعم نحو 80 نائبا لمرشحها الأساسي، وتواصل جهودها لإقناع نواب مستقلين ومحافظين تقليديين لتأمين الأغلبية الضرورية للفوز.

هل نشهد أول رئيسة برلمان في إيران؟

وفي ظل هذا الحراك السياسي المكثف، تُطرح تساؤلات أخرى حول احتمالية أن تتولى امرأة رئاسة البرلمان الإيراني، خاصة بعد ازدياد عدد النائبات في الدورة الحالية، وتزايد حضورهن في النقاشات العامة.

وبهذا الشأن، انتقدت النائبة سارا فلاحی، ممثلة محافظة إيلام وعضوة لجنة الأمن القومي، خلال حوار لها الثلاثاء 6 مايو/ آيار 2025، أجواء الانتخابات الحالية والممارسات الداخلية التي تقف حائلا أمام وصول النساء إلى مناصب عليا داخل البرلمان.

‫انتخاب مجدد سارا فلاحی و چند نکته / یاسر بابایی - kurdpress‬‎

فخلال حديثها، أوضحت فلاحي أن كتلة النساء لم تعقد حتى الآن جلسة رسمية لبحث الترشح، مرجعة الأمر إلى غياب التوافق داخل الكتلة منذ سنوات، وأوضحت “في السابق لم نتمكن من الاتفاق على مرشحة واحدة بسبب اعتبار معظم النائبات أنفسهن مستقلات، ومع ذلك، هناك زميلتان تفكران بالترشح، وأنا أيضا أعتزم الترشح، لكن القرار النهائي مرهون بأجواء المجلس”.

ورغم تلك النية في خوض الانتخابات، أشارت فلاحی إلى التحديات الهيكلية التي تواجه النساء، موضحة “إن الهيئة الرئاسية ذات طابع ذكوري عمليا، وليس نظريًا فقط”، وأردفت “عادة ما يُقترح ترشيح امرأة واحدة لكي يصوّت لها الجميع، لكن هذا النهج أثبت فشله، فالكفاءة ليست حكرا على الرجال، ولا بد من تغيير هذا التصور”.

برچسب ها - سارا فلاحی

كذلك فقد انتقدت عضوة لجنة الأمن القومي السلوك الانتخابي نفسه داخل البرلمان، حيث كشفت عن ممارسات اعتبرتها غير أخلاقية، كالولائم والهدايا، فصرحت “للأسف، لم يعد أحد يسأل عن برامج المرشحين، بل يُنتخب من يمتلك شبكة علاقات أقوى، بعض النواب يقيمون جلسات عشاء أو يقدمون هدايا لزملائهم من أجل التأثير على التصويت، وهذا يُعد إهانة لمكانة البرلمان ويجب إنهاؤه”.

كما أوضحت أن هذا السلوك ليس جديدًا، بل أصبح تقليدا متوارثا في كل دورة انتخابية، وأشارت إلى أن بعض النواب خسروا كرامتهم وسمعتهم، إضافة إلى عدم فوزهم رغم تلك الممارسات. وأضافت “حتى تقديم حلوى في مناسبة ما بات يثير الشكوك. ويجب على هيئة الرقابة على سلوك النواب أن تتدخل، حتى لو كان بعض أعضائها متورطين سابقًا في هذه الأفعال”.

وفي ختام حديثها، دعت فلاحی إلى إجراء إصلاح جاد في آلية انتخاب هيئة الرئاسة، واعتماد الكفاءة أساسا، بعيدا عن العلاقات الشخصية والضغوط السياسية، وصرحت “ما نراه الآن يُضعف من قيمة البرلمان، ويشوّه صورة ممثلي الشعب. لا بد من إعادة الاعتبار للجدارة، وفتح المجال أمام النساء للمنافسة الحقيقية”.