- زاد إيران - المحرر
- 25 Views
ترجمة: يارا حلمي
نشرت وكالة أنباء “مهر” الإيرانية الأصولية، السبت 19 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه أهمية جذب الاستثمارات الصغيرة في قطاع النفط الإيراني، مع التركيز على التحديات التي تواجه هذا الجذب، مثل النظام المصرفي والعقوبات الدولية، إضافة إلى مناقشة آليات التمويل المختلفة، وضمن ذلك صناديق المشاريع والاستثمار الأجنبي.
ذكرت الوكالة أن الاستثمار في صناعة النفط يُعد من أكثر أنواع الاستثمارات جذبا، إلا أن العائدات المالية واسترداد رأس المال في هذا النوع من المشاريع قد يتطلب وقتا طويلا، نظرا إلى أن المشاريع النفطية بطبيعتها مشاريع طويلة الأمد، ومع ذلك، يمكن رفع مستوى الأمل في الاستثمار بهذا القطاع من خلال خلق جاذبية كافية وضمانات مالية للمستثمرين.
أفضل وسيلة لجذب المستثمرين الصغار
وتابعت أنه توجد مسارات متنوعة للاستثمار الصغير في صناعة النفط، إلا أن هناك طرقا لم تُستخدم بعد، ويمكن أن تضاعف من جاذبية هذا النوع من الاستثمارات.
وأضافت أنه في هذا السياق، صرّح علي كاردر، المدير التنفيذي السابق لشركة النفط الوطنية الإيرانية، قائلا: “إن الأسواق المالية يمكن أن تُستخدم كأداة لجذب رؤوس الأموال إلى صناعة النفط، ويعد (صندوق المشروع) من بين هذه الأدوات، حيث يمكن إشراك المواطنين فيه على افتراض أنهم سيصبحون لاحقا من حملة الأسهم”.

وأوضح كاردر أن “صندوق المشروع يُعد من بين الأولويات القصوى، إلى جانب أدوات مثل السندات، وتأمين الموارد من خلال البنوك، والمصرف المركزي، وصندوق التنمية الوطنية، والعمل قد جرى على هذه المحاور، إلا أن صندوق المشروع لم يحظَ بالاهتمام الكافي حتى الآن.”
وتابع أن “صندوق المشروع هو من الآليات التي تُحدث تواصلا مباشرا أكثر مع المواطنين، لا سيما هذا العام حيث تُعد مشاركة المواطنين في موضوع الاستثمار من بين الأولويات التي يُتوقع من المسؤولين النظر فيها، بهدف التوصل إلى تقدير دقيق لحجم القدرة على اجتذاب رؤوس الأموال.”
وأضاف أن “صندوق المشروع يتمتع- على ما يبدو- ببنية اقتصادية واعدة، وإذا ما تم اختيار مشاريع مناسبة، بحيث يتمكن المواطنون لاحقا من امتلاك وحدات في الصندوق تتحول إلى أسهم، فإن ذلك من شأنه أن يُضفي مزيدا من الجاذبية على هذا الصندوق ويعزز من حجم الاستثمارات فيه”.
العقبة الكبرى أمام جذب المستثمرين
ذكرت الوكالة أن جميع الخبراء يتفقون على أنه لا يمكن تحقيق استثمارات في صناعة النفط ما لم يتم خلق جاذبية حقيقية لهذا القطاع، وفي هذا السياق، قدّم حسن مرادي، الخبير في شؤون الطاقة، رؤية مغايرة لحل معضلة اجتذاب الاستثمارات الصغيرة، معتبرا أن البنوك تمثل العائق الأكبر أمام تحقيق ذلك، بسبب توجهها نحو استثمارات قصيرة الأجل، الأمر الذي جعل المواطنين يعزفون عن الاستثمار في القطاع النفطي.
وتابعت أن مرادي أوضح قائلا إن هذه الاستثمارات- رغم ضرورتها- تتطلب تهيئة آليات عمل مناسبة، وللأسف فإن «أكبر نقاط الضعف لدينا تكمن في النظام المصرفي»، نظرا إلى عدم قدرته على اجتذاب رؤوس أموال المواطنين بشكل صحيح للمساهمة في تنمية صناعة النفط.
وأضافت أنه أكد كذلك، أن “البنوك تقوم باستخدام هذه الأموال في البورصة وقطاع البناء، اعتقادا منها بأن العوائد ستكون أفضل، وطالما لم يتم ضبط هذا التوجه، فلن نكون شهودا على استثمارات حقيقية في قطاع النفط”.
وأوضحت أنه في ما يتعلق بسبل جذب الاستثمارات الصغيرة إلى قطاع النفط، أشار مرادي أن إلى أن “الخطوة الأولى تكمن في تفعيل أداء البنوك، بحيث يمكن عندها طرح سندات الدين أو الأوراق المالية في هذا القطاع، وهذه الأدوات المالية باتت تمتلك حاليا قيمة تتزايد مع مرور الوقت”.
كما أشارت إلى أنه لفت إلى أنه ج”إذا ما أدرك المستثمرون أن هذه الأوراق تُستخدم على سبيل المثال في بناء مصفاة نفطية، فإن استمرار المشروع سيؤدي إلى توسع حجم الاستثمارات وارتفاع قيمة الأسهم، ما يعني أن وزارة النفط، إلى جانب البنوك، ستكون قادرة على استقطاب المستثمرين من خلال هذه الآلية”.
وأفادت في ما يتعلّق بآليات جذب الاستثمارات في قطاع “المنبع” (القطاع العلوي من سلسلة صناعة النفط الذي يشمل عمليات الاستكشاف والتنقيب والإنتاج)، أشار مرادي إلى أن “هذا الجزء من الصناعة يشبه إلى حد ما القطاع “السفلي” (الذي يضم التكرير والتوزيع)، إلا أن مخاطره أعلى، خصوصا في ما يخص أعمال الاستكشاف”.
غياب إمكانية الاستثمار الصغير في قطاع المنبع
ذكرت الوكالة أن قطاع المنبع في صناعة النفط يحتاج إلى استثمارات ضخمة تُمكّنه من الإسهام في تطوير هذه الصناعة، وقد أيّد سعيد نوري كَرَدم، وهو خبير في شؤون الطاقة، هذا التقييم، حيث قال: “إن الاستثمار الصغير غير ممكن في هذا الجزء من الصناعة، والمضي نحو قطاع المنبع يتطلب زيادة متصاعدة في حجم الاستثمار، وبالتالي لا يمكن التعويل على رؤوس الأموال الصغيرة في هذا المجال”.
وأشارت إلى أن كردم تابع حديثه قائلا: “في حين يمكن توجيه هذه الاستثمارات إلى القطاع الوسيط ومصافي النفط الصغيرة، حيث توجد إمكانية واقعية لاجتذاب المستثمرين الصغار”.
المال الذي تحتاجه تنمية صناعة النفط
ذكرت الوكالة أنه رغم كل ما تقدم، تبقى التساؤلات قائمة حول مقدار الاستثمارات المطلوبة لتنمية صناعة النفط، ومدى قدرة رؤوس الأموال الصغيرة على تغطية هذه الاحتياجات، ويرى علي كاردر، المدير التنفيذي السابق لشركة النفط الوطنية الإيرانية، أن “الاستثمار الصغير وحده لا يكفي لتلبية احتياجات هذا القطاع”.
وتابعت أنه شدد على ضرورة قيام شراكات وتعاونات دولية لتأمين الموارد من دول أخرى، لأن الداخل الإيراني لا يمتلك القدرة على تغطية هذا الحجم من الاستثمارات.
وأضافت أنه نوّه إلى وجود أرقام متفاوتة تتعلق بحجم الاستثمارات المطلوبة، قائلا: “بعض المشاريع قد تغير وضعها، فيما بقيت مشاريع أخرى على حالها، ولهذا نسمع أرقاما مختلفة لتقديرات الاستثمار، تتراوح بين 130 مليار دولار و250 مليار دولار”.
وأوضحت أكد أيضا، أن “قطاعات أخرى، مثل قطاع التكرير والبتروكيماويات، خصوصا في مجال المنبع، تحتاج إلى استثمارات عالية، وتأمين التمويل يجب أن يتم من خلال دخول المستثمرين والتكنولوجيا الدولية إلى البلاد، لأن القضية الجوهرية تكمن في تحسين (معدل الاسترداد) الذي يُعد مؤشرا أساسيا في كفاءة استخراج النفط من الحقول”.
كما أوضح أنه “لا يمكن الاعتماد على رؤوس الأموال الصغيرة وحدها لتأمين التمويل اللازم، رغم أهمية أي مبلغ يُضخ حتى وإن كان في حدود 10 إلى 15 مليار دولار”.
وأشار إلى أن “الهدف لا ينبغي أن يكون تحقيق الرقم النهائي فقط، بل يجب أن يتم التركيز على إدخال رؤوس الأموال والتكنولوجيا الدولية إلى البلاد، لأنها وحدها القادرة على معالجة المشكلة الأساسية المتمثلة في (ضريب الاسترداد)، وهو مؤشر يشير إلى نسبة استخراج النفط من الحقول مقارنة بإجمالي ما تحتويه”.
وأضاف كاردر أن “قطاع المنبع (العلوي) في صناعة النفط لا يواجه مشكلة في جذب التمويل، لأنه يصل إلى مرحلة الإنتاج ويتيح إمكانات التصدير، وبالتالي تحقيق عوائد بالعملات الأجنبية”، لكنه أشار إلى احتمال وجود صعوبات على صعيد التصدير.
ورأى أن أفضل نموذج تمويلي لهذا القطاع هو نموذج عقود “آي بي سي”، أي “نموذج عقد النفط الإيراني” الذي يمثل صيغة تعاقد طويلة الأجل تهدف إلى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، وفي ما يخص الاستثمارات الصغيرة، يمكن استقطاب المواطنين عبر صناديق المشاريع، وإصدار السندات وغيرها من الأدوات المالية، كما ورد في النقاشات السابقة.
الاستثمار الأجنبي
وفي سياق متصل، لفت كاردر إلى أن “هناك عددا محدودا من الدول القادرة على التعاون مع إيران في ظل العقوبات الدولية، منها الصين التي تمتلك موارد مالية فائضة ولكنها لم تُقدم حتى الآن على اتخاذ خطوات عملية، وروسيا التي تعاني من وضع مالي غير مستقر”.
وأشار إلى أن “الصين، باعتبارها تمتلك موارد مالية حرة واحتياجات كبيرة في مجال الطاقة، تستطيع الدخول في مشاريع تطوير النفط الإيراني وتغطية احتياجاتها من الطاقة”.
ومن جانبه، اعتبر حسن مرادي، وهو خبير في شؤون الطاقة، أن كثيرا من الإيرانيين المقيمين في الخارج الذين يتمتعون بوظائف ودخول ثابتة يواجهون أنظمة ضريبية صارمة في البلدان التي يقيمون بها، ولذلك لا يبدون حماسة للاستثمار في إيران.
وطرح تساؤلا: “عندما تعلن البنوك الإيرانية أنها ستأخذ منك الدولار وتعطيك مقابله بالريال، أي عقل سليم يمكن أن يقبل بهذا النوع من الاستثمار؟”، وأضاف أن غياب ضمانات لاسترداد رأس المال، وانخفاض العوائد، وغير ذلك من العوامل، تجعل المغتربين الإيرانيين يعزفون عن الاستثمار في الداخل.
كما تابع مرادي قائلا: “إنه إذا ما جرى اعتماد سياسة تمنح المستثمرين عوائد بنسبة 5 أو 6 في المئة بالدولار، فإن رؤوس الأموال ستتدفق نحو البلاد”، وأشار إلى أن التقديرات التي كانت تُتداول قبل نحو ثمانية أعوام تحدثت عن حجم استثمارات للمغتربين الإيرانيين بقيمة 100 مليار دولار، بينما وصلت التقديرات حاليا إلى 300 مليار دولار.
التمويل الأجنبي ليس هو الحل
ذكرت الوكالة أنه بسبب العقوبات المفروضة على إيران، فإن معظم الدول تتردد في الاستثمار داخلها، لأن كل دولة تبحث أولا عن مصالحها، وحتى الدول التي تمتلك إمكانات استثمارية لن تُقدم على الاستثمار ما لم تُضمن مصالحها، وإيران كانت تعتبر التمويل الصيني وسيلة للالتفاف على العقوبات.
وتابعت أن علي كاردر، المدير التنفيذي السابق لشركة النفط الإيرانية، في رده على سؤال يتعلق بإمكانية تفعيل هذا النموذج مجددا، خصوصا أن التمويل الصيني في السابق كان يعتمد على الأموال الإيرانية المجمدة، قال إن آلية “آي بي سي” ليست مجرد آلية تمويل، بل تشمل إدارة الموارد ونقل التكنولوجيا، وتُعد عقودا طويلة الأمد تمتد إلى 20 عاما، وهي تختلف عن مجرد الحصول على تمويل.
كما أوضحت أن مرادي، الخبير الآخر في قطاع الطاقة، قد رأى أن من الضروري إيجاد مخرج للالتفاف على العقوبات من أجل تأمين التمويل، وقال: “إن مصير هذا الملف يرتبط بمسار المفاوضات الجارية، والتي قد تتضمن بنودا تتيح حلولا لتمويل صناعة النفط، ويجب التريث لمعرفة نتائج هذه المحادثات”.
وأشارت إلى أن مرادي أفاد بأن بعض الشخصيات مثل عباس آخوندي، وزير الطرق والتنمية العمرانية الأسبق، كانت قد وجّهت انتقادات لموضوع التمويل الصيني، و”هذه الأموال في الحقيقة هي أموالنا التي تُعاد إلينا عبر التمويل”، كما أن دولا مثل الصين وروسيا والهند، رغم امتلاكها قدرات مالية كبيرة واستعدادها لتقديم العون، فإنها لن تُقدم على ذلك ما لم تكن مصالحها مضمونة، ولن تخاطر وتدخل هذا المسار”.