- شروق حسن
- 43 Views
سلطت الصحيفة الإيرانية الإصلاحية «شرق» الإيرانية، في تقرير لها، السبت 17 مايو/أيار 2025، الضوء على التطورات المتسارعة التي تشهدها المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، مشيرة إلى أن هذه المحادثات تحولت خلال الأشهر الأخيرة، إلى واحدة من أبرز القضايا الدبلوماسية على الساحتين الإقليمية والدولية.
كتبت الصحيفة الإيرانية «شرق»، أن المفاوضات النووية الإيرانية في الأشهر الأخيرة أصبحت واحدة من أهم القضايا الدبلوماسية في المنطقة والعالم.
وأضافت أنه من المحادثات غير المباشرة في مسقط بوساطة عمانية، إلى مفاوضات الجمعة 16 مايو/أيار 2025 مع الأوروبيين في إسطنبول، تشارك إيران في هذه العملية بجدية وتشديد على حقوقها.

وتابعت أنه في هذا السياق، أضفت مزاعم مثل تبادل الوثائق المقترحة، وتصريحات المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين، ومقابلة علي شمخاني مع وسائل الإعلام الغربية، وفكرة الكونسورتيوم النووي مع دول الخليج العربي، وتأثير مواقف دونالد ترامب على أسواق النفط العالمية، أبعادا متعددة على هذه المفاوضات.
تبادل الوثائق
ذكرت صحيفة «شرق» أن الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في عمان، والتي عُقدت يوم الأحد 11 مايو/أيار 2025، كانت نقطة انطلاق مهمة في المحادثات النووية.
وأضافت الصحيفة أن موقع “أكسيوس”، نقلا عن مسؤول أمريكي ومصدرين مطلعين، أفاد بأن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للبيت الأبيض، قدّم لأول مرة منذ بداية المفاوضات في أوائل أبريل/نيسان 2025، اقتراحا مكتوبا بشأن الاتفاق النووي إلى الطرف الإيراني.
وتابعت أن هذه الوثيقة، التي توضّح أطر حكومة دونالد ترامب للبرنامج النووي السلمي الإيراني ومتطلبات الرقابة والتحقق، بحسب “أكسيوس”، سُلّمت من قبل ويتكوف إلى عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني.
وأشارت إلى أن “أكسيوس” زعم أن عراقجي نقل هذا الاقتراح إلى طهران للتشاور مع مسعود بزشكيان، الرئيس الإيراني، ومسؤولين رفيعي المستوى آخرين.
واستطردت صحيفة «شرق» قائلة إن عراقجي صرّح يوم الخميس 15 مايو/أيار 2025، على هامش معرض طهران الدولي للكتاب، ردا على مزاعم المصادر الغربية، بالقولِ إنه حتى هذه اللحظة، لم نتلقَ أي اقتراح أو نص مكتوب، لقد قدمنا خلال المفاوضات مرة أو مرتين مواقفنا بشكل مكتوب للطرف العماني، لكننا لم نتلقَ أي وثيقة من جانبهم».
وأضافت أن رئيس الجهاز الدبلوماسي في البلاد أشار أيضا إلى أن «من المحتمل أن يُنقل إلينا شيء لاحقا عبر الوسيط العماني». وخلصت الصحيفة إلى أن هذه الجزئية من تصريحات وزير الخارجية تُظهر أن تقرير “أكسيوس” قد لا يكون بلا أساس تماما؛ خصوصا وأنه يقول إن إيران قدّمت خلال المفاوضات وثيقتين مكتوبتين تتضمنان مواقفها إلى الطرف العماني، لكنها لم تتلقَ أي وثيقة من قبل الولايات المتحدة.
بناء الثقة
أكدت صحيفة «شرق» الإيرانية أن عباس عراقجي شدد على أن «موقفنا واضح تماما؛ نحن مستعدون لبناء الثقة وتوفير الشفافية في برنامجنا النووي، شريطة رفع العقوبات».
وأشارت الصحيفة إلى أن عراقجي، لدى حديثه عن مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أوضح أن «مواقفنا التفاوضية واضحة، وسنواصل هذه المفاوضات ما دام الطرف الآخر يتحلى بالثبات والاستعداد للتوصل إلى اتفاق يكفل حقوقنا».
وأوضحت أن هذه التصريحات جاءت بالتزامن مع ما أفاد به موقع “أكسيوس” الأميركي، حيث ذكر أن عراقجي قدّم خلال الجولة الأولى من المفاوضات وثيقة تحتوي على مقترحات من الجانب الإيراني، إلا أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف رأى أن التوقيت غير مناسب، معتبرا الوثيقة سابقة لأوانها، وداعيا إلى التوصل أولا إلى تفاهم مبدئي قبل الانتقال إلى التفاصيل الدقيقة.
وتابعت أن إيران، في الجولة الثالثة من المفاوضات التي عُقدت في أواخر أبريل/نيسان 2025، قدّمت نسخة محدثة من الوثيقة نفسها، وقد لاقت هذه النسخة قبولا من جانب ويتكوف.
وأضافت أن موقع “أكسيوس” أشار إلى أن «الفريق الفني الأميركي أجرى مراجعة تفصيلية للوثيقة الإيرانية، وأرسل إلى طهران قائمة من الأسئلة وطلبات التوضيح»، موضحة أن إيران بدورها ردّت على هذه الأسئلة وقدّمت استفسارات مقابلة.
كما لفتت الصحيفة إلى أن «ويتكوف، الذي عبّر عن ارتياحه لما أسفرت عنه الجولة الرابعة من المحادثات، وصف المقترح الأميركي في تقريره الموجه إلى مجلس الأمن الدولي بأنه “جذاب ومهم للغاية”، مؤكدا في الوقت ذاته أن المفاوضات لا تزال بحاجة إلى مزيد من التقدم».
مقترح جديد
وأردفت الصحيفة أن مسؤولا إيرانيا رفيعا صرّح لوكالة “رويترز” يوم الخميس 15 مايو/أيار 2025، معلقا على ما ورد في تقرير “أكسيوس”، بأن «طهران لم تتلقَّ أي مقترح جديد من واشنطن لتسوية الملف النووي، ولا تزال متمسكة بموقفها الذي يشترط نقل اليورانيوم عالي التخصيب إلى الخارج مقابل رفع العقوبات».
وأشارت الصحيفة إلى أن ستيف ويتكوف صرّح في مقابلة مع مجلة “أتلانتك”، بأن المفاوضات «معقدة لكنها تبعث على الأمل»، مضيفا: «يبدو أننا بلغنا نقطة توافق مع إيران، وقد يكون التوصل إلى اتفاق معها أقرب من إحلال السلام في أوكرانيا».
وأوضحت أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، شدد خلال زيارته للشرق الأوسط، على رغبته الجادة في التوصل إلى اتفاق مع إيران، وقال في العاصمة السعودية الرياض: «لقد قدمنا عرض سلام للإيرانيين، لكن هذا العرض لن يبقى مطروحا إلى الأبد». ثم أضاف في قطر: «نرغب في التوصل إلى اتفاق مع إيران بهدف إنقاذ ملايين الأرواح».
وذكرت صحيفة «شرق» أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وصف المفاوضات الجارية بأنها «صعبة للغاية»، لكنه أكد أنها مستمرة، موضحا: «نحن مستمرون في هذه المحادثات ولن نتراجع عنها».
كما نقلت الصحيفة عن إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، وصفه الجولة الرابعة من المحادثات بأنها «صعبة ولكن مثمرة»، معربا عن أمله في أن تعود الولايات المتحدة إلى طاولة التفاوض بـ«رؤية واقعية أكثر».
وأضافت الصحيفة أن محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى الإيراني، علّق على تصريحات ترامب في الرياض واصفا إياها بأنها «واهِمة»، وأكد أن: «إيران لن تقبل بأقل من الحفاظ على حقها في الأنشطة النووية السلمية، ورفع العقوبات بشكل كامل».
وأشارت إلى أنه وسط تصاعد التصريحات والمواقف المتبادلة، ومع التزايد في حجم الأخبار والتقارير المتعلقة بالمفاوضات، صرّح عراقجي بأن هناك «حربا إعلامية تواكب المفاوضات»، معتبرا أن: «كل طرف يحاول استخدام هذه المعركة لصالحه، وقد تكون التناقضات في المواقف الأميركية نتيجة لاضطراب في عملية اتخاذ القرار في واشنطن أو بسبب تكتيكاتهم التفاوضية». وأكد عراقجي أن «التمتع بالطاقة النووية هو حق مشروع للشعب الإيراني، ولن نتخلى عنه».
الضمانات والحزمة المكتوبة
وأشار عراقجي كذلك إلى مسألة الضمانات الأميركية، موضحا: «إذا توصلنا إلى إطار تفاهم، فسنناقش مسألة الضمانات، لكننا لم نصل بعد إلى هذه المرحلة».
وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من نفي مصدر إيراني، عبر وكالة “رويترز”، صحة ما نشره موقع “أكسيوس”، وكذلك نفي عباس عراقجي سابقا استلام أي حزمة مكتوبة من الجانب الأميركي، فإن مقابلة الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، مع شبكة “NBC نيوز”، شكّلت تطورا مهما في مسار التغطية الإعلامية للمفاوضات، وقد تُعد بمثابة تأكيد غير مباشر لما أُثير.
وبحسب الصحيفة، صرّح شمخاني خلال المقابلة، بقوله: «إن إيران مستعدة للتعهد بعدم إنتاج أي سلاح نووي، والتخلي عن مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب، وتقييد التخصيب بالمستويات المنخفضة اللازمة للأغراض السلمية، والسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة شاملة، بشرط رفع جميع العقوبات الاقتصادية بشكل فوري».
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا التصريح لاقى صدى أوسع عندما أعاد دونالد ترامب نشر المقابلة عبر منصته “تروث سوشيال”، مكتفيا بمشاركة الرابط من دون تعليق، وهو ما فسّر على أنه إشارة إلى اهتمامه الكبير بمضمون المقابلة.
وأضافت الصحيفة أن تصريحات شمخاني، رغم ما تحمله من مرونة تفاوضية، أثارت ردود فعل داخلية، حيث كتب حشمت الله فلاحتبيشه، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان، على منصة “إكس”، دون أن يسمي شمخاني مباشرة، قائلا: «الشخص الذي أسعد ترامب بمقترحه القريب من الاستسلام، سبق وأن تقدم بشكوى ضدي قبل ست سنوات بتهمة الدعوة إلى تهدئة التوتر مع أميركا».
وتابع فلاحتبيشه: «الإيرانيون تكبدوا خسائر جسيمة، ومن حقهم على الأقل أن تُقام محاكمة بحق أولئك الذين تاجروا بالعقوبات، غير مبالين بمعاناة الشعب».
مقترح الكونسورتيوم النووي
وأفادت الصحيفة أن بعض وسائل الإعلام الإيرانية المحلية نقلت أخبارا عن بحث فكرة إنشاء كونسورتيوم نووي يضم دول الخليج العربية، لا سيما الإمارات والسعودية، بغرض الإشراف الإقليمي على عمليات تخصيب اليورانيوم في إيران.
وأوضحت أن هذا المقترح، الذي ما يزال في مراحله التمهيدية بحسب بعض المصادر، يهدف إلى خفض التوترات الإقليمية وبناء الثقة من خلال إقامة تعاون نووي سلمي مشترك.
وأضافت أن الطرح جاء في وقت تطور فيه الإمارات والسعودية برامجهما النووية السلمية، حيث بدأت الإمارات تشغيل محطة “براكة” النووية عام 2020، بينما تسعى السعودية، بدعم أميركي، إلى تطوير برنامج نووي مدني.
وأشارت إلى أن وكالة “رويترز” ذكرت أن واشنطن خففت مؤخرا من شروطها السابقة بشأن البرنامج النووي السعودي ضمن إطار اتفاقات أبراهام، وتدرس الملف بمعزل عن مسار تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا المقترح لم يُعلن رسميا من أي من الأطراف، ولم يصدر أي تصريح علني يؤكد تبنيه سواء من طهران أو أبو ظبي أو الرياض.
وأكدت أن بعض المحللين يرون أن الكونسورتيوم المقترح قد يسهم في تقليص حدة التوتر الجيوسياسي في منطقة الخليج، رغم وجود عقبات متعلقة بالخلافات السياسية والمخاوف الأمنية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطّلع أن هذا المقترح طُرح خلال محادثات غير رسمية جرت بوساطة قطرية، لكنه لم يُدرج بعد ضمن المفاوضات الرسمية.
تصريحات ترامب وتأثيرها في الأسواق
وفي سياق متصل، أشارت الصحيفة إلى أن تصريحات دونالد ترامب بشأن اقتراب التوصل إلى اتفاق مع إيران أثرت بشكل ملحوظ في الأسواق النفطية العالمية.
وذكرت أن ترامب، خلال لقائه مع أمير قطر، صرّح قائلا: «نحن قريبون جدا من اتفاق مع إيران، وطهران وافقت بطريقة ما على بنوده»، مشددا مجددا على أن «إيران لن تمتلك سلاحا نوويا، لكننا نريد لها أن تصبح دولة عظيمة».
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا التفاؤل أدى إلى تراجع أسعار النفط، حيث انخفض سعر خام برنت بنسبة 3.15% ليصل إلى 64.01 دولار للبرميل، كما تراجع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 3.3% ليبلغ 61.10 دولار للبرميل.
ونقلت الصحيفة عن جون إيفانز، المحلل في شركة PVM Oil، قوله إن «الأسواق استجابت سريعا لتصريحات ترامب التي خففت من حدة التوتر بشأن إيران».
وفي الوقت نفسه، أوردت الصحيفة أن بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أظهرت زيادة في مخزونات النفط الخام بواقع 3.5 مليون برميل، عكس التوقعات بانخفاضٍ قدره 1.1 مليون برميل.
وأضافت أن وكالة الطاقة الدولية رفعت توقعاتها لنمو الطلب على النفط خلال عام 2025 إلى 740 ألف برميل يوميا، فيما قررت مجموعة «أوبك بلس» تسريع وتيرة زيادة الإنتاج.
ونقلت عن كيفن بوك، المحلل في شركة Clear View Energy Partners، قوله إن «مواقف ترامب، إلى جانب بيانات المخزون والإنتاج، أرسلت إشارات سلبية إلى السوق».
كما أشارت إلى أن ترامب، خلال زيارته للرياض، وبعد توقيعه صفقة تسليح بقيمة 142 مليار دولار مع السعودية، وصف إيران بأنها «القوة الأكثر تدميرا في المنطقة»، لكنه أضاف: «إذا توصلت إلى اتفاق مع إيران، فسأكون سعيدا للغاية».
وفي قطر، أشاد ترامب بدور الوساطة الذي تقوم به الدوحة في المحادثات، قائلا: «إيران محظوظة بوجود أمير في قطر يسعى إلى منع الحرب عنها».
وأوضحت الصحيفة أن تصريحات ترامب التي جمعت بين التهديد والترغيب أدت إلى تصاعد التوقعات بشأن خفض التوترات في المنطقة، غير أن العقوبات الأميركية الجديدة ضد شبكة بيع النفط الإيرانية، إضافة إلى اتهامات البيت الأبيض المتعلقة ببرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، تشير إلى استمرار الضغوط على طهران بالتوازي مع المفاوضات.
ورأت الصحيفة أن ترامب يطبّق استراتيجية “الضغط الأقصى” مصحوبة بالدبلوماسية؛ في محاولة لإعادة تشكيل التوازن في سوق الطاقة. وأضافت أن انخفاض أسعار النفط، على الرغم من كونه إيجابيا للمستهلكين، يُعد تحديا اقتصاديا كبيرا لإيران التي تعتمد على عائدات النفط، لا سيما في ظل استمرار العقوبات الأمريكية.
وخلصت الصحيفة إلى أن المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة وصلت إلى مرحلة دقيقة، وأن تبادل الوثائق والمقترحات، وطرح فكرة الكونسورتيوم النووي، والاجتماعات الثنائية مثل لقاء إسطنبول في 16 مايو/أيار 2025 بين نائب وزير الخارجية الإيراني ونظرائه من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، فضلا عن تأثير التصريحات السياسية على الأسواق، كلّها عوامل تعكس تعقيد المشهد لكنها في الوقت ذاته تؤكد حيوية المسار التفاوضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران، في خضم هذه التحولات، واصلت التمسك بحقوقها، وعرضت استعدادها لبناء الثقة، من دون التراجع أمام الضغوط والعقوبات، مع الحفاظ على مبادرتها من خلال دبلوماسية متعددة الأطراف.
وختمت الصحيفة بالقول إن الجولة الخامسة من المفاوضات، التي لم يُعلن عن موعدها بعد، قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة، في وقت تلعب فيه سلطنة عمان ودول الخليج دورا متزايد الأهمية، بينما تلوّح أوروبا بتفعيل «آلية الزناد» قبيل انعقاد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يجعل المرحلة المقبلة دقيقة ومفصلية.