- شروق حسن
- 111 Views
في ظل ظروف اقتصادية صعبة واختلالات بنيوية تعصف بالمجتمع الإيراني، تتابع صحيفة “آرمان ملي” في تقرير لها، يوم الأحد 18 مايو/أيار 2025، مسار المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة، والتي توصف أجواؤها بالإيجابية، كما يناقش التقرير مدى قدرة الاتفاق المرتقب- إن تحقق- على الوصول إلى مائدة المواطن الإيراني.
كتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان ملي”، أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة جارية، وكما تقول كلٌّ من هيئة التفاوض الإيرانية برئاسة عباس عراقجي نائب وزير الخارجية، والطرف الأمريكي، فإن الأجواء السائدة على المفاوضات إيجابية نسبيّا، وهو ما دفع الطرفين إلى الحديث عن احتمال التوصل إلى اتفاق في وقت مبكر.

وتابعت أن “النقطة التي تطرح نفسها هي: إلى أي مدى يمكن الوثوق بالتوصل إلى اتفاق مع الأمريكيين؟ على الأقل في هذا الشأن تحديدا، تُظهِر لنا تجربة الاتفاق النووي (برجام) أن الأمريكيين، ما لم يكن الاتفاق ملزما لهم أو لا يتضمن ضمانات تنفيذ قوية، فإنهم لا يلتزمون به، وينسحبون منه بسهولة ويقلبون الطاولة”.
خطة العمل المشتركة
أضافت أنه بعد عامين من المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1، توصّل الطرفان إلى خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة بالاتفاق النووي (برجام)، وقد كان جميع الأطراف في السنة أو السنتين الأوليين راضين عن هذا الاتفاق، لكن نظرا إلى عدم تضمينه ضمانات تنفيذية، فإن الحكومة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب تخلّت عنه وانسحبت من الاتفاق، وأعادت العقوبات التي كانت قد عُلِّقت بموجب الاتفاق، بشكل أحادي من قبل الأمريكيين.
وذكرت أن أحد أسباب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي كان أن الحكومة السابقة هي التي وقّعت الاتفاق مع إيران والأوروبيين، لكنه لم يُحوَّل إلى قانون داخل الكونغرس الأمريكي، وهو ما أتاح إمكانية خروج أمريكا من الاتفاق.
وأضافت أن الأوروبيين، حين أرادوا إنشاء آلية باسم “إنستكس” لتفعيل الاتفاق النووي وتمكين إيران من الاستفادة من مزاياه، لم يتمكنوا من تفعيلها، إذ إن ترامب، من خلال الضغط على الأوروبيين، ونتيجة تقاعسهم، حال دون تفعيل هذه الآلية ولم يسمح لها بأن تؤدي أي تأثير يُذكَر.
وتابعت أن الظروف تغيّرت في الوضع الراهن، وهذه المرة انسحب الأطراف الآخرون من المشهد، ودخلت إيران والولايات المتحدة في مفاوضات غير مباشرة بوساطة سلطنة عمان.
وذكرت أن المطلب الإيراني من هذه المفاوضات والاتفاق هو رفع العقوبات بهدف حلّ المشاكل الاقتصادية، إلا أن ذلك سيكون مشروطا، ويبدو أن إيران لا تعتزم تكرار خطأ الاتفاق النووي، وستشترط أن يُعرَض أي اتفاق جديد محتمل على الكونغرس الأمريكي للمصادقة عليه.
وتابعت الصحيفة بالتساؤل: في حال التوصل إلى اتفاق جديد، ما الفائدة التي ستعود على الشعب؟ وهل ستظل نتائج الاتفاق ملموسة فقط في مراكز القوة، أم أن الشعب بدوره سيشعر بثماره وفوائده على مستوى المعيشة ومائدته اليومية؟
ما الفائدة التي ستعود على الإيرانيين من الاتفاق؟
كتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان ملي”، أن المجتمع الإيراني يواجه اختلالات بنيوية مختلفة؛ من الاختلالات الاقتصادية التي جعلت نسبة كبيرة من الناس يواجهون ظروفا معيشية صعبة ويبحثون عن بصيص أمل لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، إلى اختلالات الطاقة التي تسببت في حالة من الاستياء العام.
وتابعت أن “الانقطاعات المتكررة للكهرباء في أوقات محددة من النهار والليل أوقعت المواطنين في مشاكل متعددة، وتبع ذلك انقطاع المياه، بحيث يبدو أنه كلما اقتربنا من فصل الصيف، ستزداد الظروف صعوبة، وقد تتعمّق حالة الاستياء الشعبي”.
وأضافت أن التوصل إلى اتفاق دولي بين إيران والولايات المتحدة في مثل هذه الظروف يمكن أن يكون له تأثير بالغ في المجتمع، خصوصا من الناحية الاقتصادية، إذ من شأنه أن يُخرج الناس من هذا الوضع ويجعلهم أكثر تفاؤلا بالمستقبل.
وذكرت أن السؤال المطروح هو: إلى أي مدى وبأي طريقة يمكن للمواطنين أن يستفيدوا من هذا الاتفاق. وفي هذا الصدد يرى علي صوفي، الأمين العام لحزب الإصلاحات التقدمي، أن الناس ينتظرون ليروا ما إذا كانت نتائج هذه المفاوضات ستؤتي أُكُلها بالنسبة إليهم أم لا.
وتابع صوفي بالقول: “على الحكومة أن تدرك أن كسب ثقة الناس وتقليص الفجوة بين الدولة والمجتمع ليسا بالأمر السهل، والسؤال المطروح هو: هل إن مَن سيتولى إدارة المشهد التفاوضي ومن ثم فتح الباب أمام الاستثمارات الأمريكية في البلاد سيكون من مراكز القوة فقط، أم أن الشعب أيضا سيتمكن من الاستفادة من هذه الفرص؟”.
كما أضاف: “ما يعنيه ذلك هو: هل ستُتاح الاستثمارات للناس، أم أننا سنعود مجددا إلى الحديث عن الخصخصة التي تتحول إلى (شبه خصخصة) لصالح جماعات بعينها؟ وهنا أيضا، هل ستكون مراكز القوة، ومثال ذلك مافيا العملة الصعبة، هي التي تسيطر على كامل مسار الاستثمارات الأمريكية في الداخل؟ هذا الأمر مهم جدّا للناس، لأنه يرتبط بالسؤال: هل ستُحفظ قيمة العملة الوطنية بعد الآن أم لا؟”.
وذكرت الصحيفة أنه في حال التوصل إلى اتفاق، فمن المؤكد أن تأثيره على الوضع الاقتصادي سيؤدي إلى انخفاض سعر الصرف، وبالتالي فإن هذا الانخفاض سينعكس بدوره على أسعار السلع الأخرى.
وتابعت بالقولِ: “يبدو أنه على الحكومة أن تضع خطة مدروسة ودقيقة لتُطمئن الناس إلى أن نتائج الاتفاق – إذا تم – ستصل إليهم مباشرة، وبعبارة أخرى، يجب أن تتم الاستفادة من الاتفاق وأي نوع من الاستثمار من خلال الشعب نفسه”.
في انتظار النتيجة
كتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان ملي”، أنّ ناشطا سياسيّا من التيار الأصولي تحدّث بشأن تأثيرات الاتفاق المحتمل على المجتمع، مؤكدا أن الخلافات السياسية بين الرئيس حسن روحاني والجناح المنافس كانت واسعة جدّا، وأن المفاوضات جرت في ظل هذه الخلافات، حيث كان معارضو الاتفاق النووي (برجام) جادين للغاية في إفشاله، وتمكنوا في نهاية المطاف من وضع عراقيل في مساره.
وأضافت أن محمد مهاجري صرّح للصحيفة، قائلا: “إنّ الاتفاق النووي، في السنة أو السنتين الأوليين من عمره، استطاع أن يرفع بعض العقوبات ويحقق نموا اقتصاديا ملحوظا، كما خلق موجة من الرضا العام، ومع ذلك، فإن المعارضين كانوا أقوياء إلى درجة تمكنوا من إسقاط الاتفاق النووي”.
وتابعت أنه في المرحلة الحالية، يبدو أن أجهزة الدولة والنظام تسعى بجدّ إلى إنجاح هذه المفاوضات، وبما أن هناك إجماعا بهذا الشأن، يمكن النظر إلى الآثار الاقتصادية المتوقعة من هذا الاتفاق بنظرة أكثر تفاؤلا مقارنة بالاتفاق النووي السابق، شريطة أن يستمر الدعم الموجود حتى الآن لهذه المفاوضات.
وذكرت أن مهاجري حذّر من أنه إذا سارت هذه المفاوضات على غرار ما حدث مع الاتفاق النووي، فربما تواجه المصير نفسه، مضيفا أنه في حال تصرف الأمريكيون بتعنت، وسعوا إلى إبعاد التوصل إلى الاتفاق، فإن ذلك قد يُلغي التأثيرات الإيجابية التي تحققت حتى الآن.
وختمت الصحيفة بنقل تصريحه بانه حتى الآن هناك توافق على ضرورة إنجاز الاتفاق، لكن في حال حدوث خلل في المفاوضات، فإن الخلافات بين التيارات السياسية ستزداد، وهو ما قد يشكّل تهديدا لهذه المفاوضات، فضلا عن أنه سيضعف أمل الشعب في تحسّن الأوضاع الاقتصادية.