- دنيا ياسر
- 55 Views
نشرت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، الاثنين 12 مايو/أيار 2025، تقريرا استعرضت فيه مجريات الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في مسقط، مسلطا الضوء على أجواء السرية المحيطة بها والتقدم النسبي في فهم المواقف المتبادلة. كما تناول مواقف طهران الثابتة بشأن ملف التخصيب النووي، والتحركات الدبلوماسية الإيرانية لاحتواء الضغوط الخارجية.
ذكرت الصحيفة أن الجولة الرابعة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة عُقدت في أجواء مختلفة عن الجولات السابقة، وذلك بعد أن تم تأجيلها مرة واحدة. وفي الفترة الفاصلة بين الجولتين الثالثة والرابعة، أعلن كل من ويتكوف وترامب بشكل صريح، أن على إيران وقف أنشطة التخصيب.
ضغط إسرائيلي وتحركات أوروبية
وأردفت الصحيفة أن بعض المراقبين يعتبرون أن التحول في موقف الولايات المتحدة مقارنة بالماضي جاء نتيجة ضغوط مارسها اللوبي الإسرائيلي، وبعض التيارات المتشددة داخل الحزب الجمهوري، إلى جانب ضغوط من بعض الدول الأوروبية التي لم تشارك في المحادثات. وتابعت أن هذه الدول تسعى لإفشال الحوار الإيراني الأمريكي ودفعه نحو طريق مسدود.
أضافت أن هذه الجولة من المفاوضات انعقدت وسط أجواء إعلامية مشحونة بسبب مسألة استمرار التخصيب في إيران. ومع ذلك، أعلنت مصادر رسمية إيرانية أن المحادثات كانت مفيدة وستستمر، مرجحةً أن يُعلن وزير الخارجية العماني عن موعد ومكان الجولة المقبلة.
زيارة عراقجي للرياض: رسالة غير مباشرة
أشارت الصحيفة إلى أن عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، زار الرياض قبل انطلاق المفاوضات بيوم واحد. وذكرت أن هذه الزيارة اعتُبرت ردا مباشرا على التصريحات الصريحة من ويتكوف وترامب بشأن وقف التخصيب الإيراني. وتابعت الصحيفة أن الرياض، باعتبارها أحد أهم حلفاء واشنطن في المنطقة، تشكل قناة مؤثرة لنقل الرسائل غير الرسمية بين طهران وواشنطن.
وأضافت أن عراقجي نقل من خلال المسؤولين السعوديين رسالة تؤكد تمسك إيران بحقها في التخصيب وعدم استعدادها للتراجع، محذرا في الوقت ذاته من أن أي انسحاب أمريكي من المفاوضات أو هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية سيؤدي إلى توترات إقليمية خطيرة. وتابعت أن زيارة عراقجي تزامنت مع مشاورات سعودية لاستضافة ترامب، مما قد يزيد من تأثيرها على مجريات المحادثات.
الدوحة ثم مسقط: جولة دبلوماسية مكثفة
وأردفت الصحيفة أن عراقجي توجه بعد الرياض إلى الدوحة، حيث يُرجّح أنه سعى لاستمالة الدعم القطري لمنع تصعيد الأزمة في المنطقة ونقل رسائل بخصوص آثار زيارة ترامب وسياساته المعادية لإيران. كما فسرت بعض الوسائل الإعلامية هذه الزيارة بأنها متصلة بمحاولات تغيير اسم الخليج العربي في الإعلام والمؤسسات الدولية، وهي قضية تُثير حساسية خاصة لدى إيران. بعد ذلك، عاد عراقجي إلى طهران، ثم سافر مباشرة إلى مسقط حيث التقى وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، وأعرب عن شكره لدور سلطنة عمان في تسهيل الحوار.
وتابعت أن الجولة الرابعة من المفاوضات جرت في صمت إعلامي شبه تام، على عكس الجولات السابقة التي كانت تحظى بتغطية إعلامية وتحليلات متعددة.
وأكدت الصحيفة أن هذه المرة لم تُنشر أي صور أو تصريحات من داخل الاجتماعات، واكتفت وسائل الإعلام بخبر مقتضب عن انطلاق المحادثات، كما اكتفت بعض وسائل الإعلام المقربة من الفريق المفاوض بالإشارة إلى “ثقل الأجواء” دون تقديم تفاصيل.
وأردفت أن هذا التعتيم الإعلامي جاء باقتراح من الطرف العماني، ووافقت عليه جميع الأطراف، من أجل الحفاظ على السرية ومنع التدخلات الخارجية.

الهدوء يخدم التقدم
ذكرت الصحيفة أن الصمت الإعلامي يمكن أن يساعد على اتخاذ قرارات دقيقة وتقدم المحادثات بعيدا عن الضغوط، خاصة في ظل تصاعد المعارضة في الداخل الإيراني والأمريكي، حيث تسعى التيارات المتشددة إلى عرقلة الحوار.
وأكدت أن الحوار بعيدا عن الضجيج الإعلامي يمكن أن يمهد الطريق نحو نتائج إيجابية.
نهاية الجولة الرابعة وتصريحات متفائلة
أشارت الصحيفة إلى أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، كتب على منصة “إكس”: “اختتمت الجولة الرابعة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، كانت مفاوضات صعبة لكنها مفيدة لفهم أفضل لمواقف الطرفين والبحث عن حلول واقعية للنزاعات. سيُعلن المنسق العماني لاحقا عن موعد ومكان الجولة التالية.
في السياق ذاته، أعرب مسؤول أمريكي لوسائل الإعلام عن ارتياحه قائلا: “اتُفق على مواصلة المفاوضات الفنية. نحن متفائلون بالنتائج ونتطلع للجولة القادمة”. وأضاف أن بعض الخلافات الجوهرية ما زالت قائمة، لكن الطرفين متفقان على ضرورة استمرار الحوار.
موقف أمريكي متشدد وتصريحات من البيت الأبيض
أضافت الصحيفة أن وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أكدت أن ملف المحادثات لا يزال مفتوحا، مما يدل على استمرار التقييم ومواصلة المسار التفاوضي. وفي المقابل، صرّح جيمز بلير، نائب رئيس هيئة أركان البيت الأبيض، لقناة “فوكس نيوز”، قائلا: “الرئيس ترامب شدد على أن إيران لا ينبغي أن تمتلك سلاحا نوويا. نحن لا نقبل أي استخدام عسكري للتخصيب، والخيار الوحيد المقبول هو برنامج سلمي بالكامل”.
وأوضح أن المبعوث الأمريكي، ويتكوف، بحث إمكانية استمرار البرنامج النووي الإيراني لأغراض سلمية، معربا عن أمله في إحراز تقدم ملموس في الجولة القادمة.
ما المتوقع؟
ذكرت الصحيفة أن الجولة الرابعة من المفاوضات جاءت وسط ضغوط خارجية كثيفة من إسرائيل، وتيارات معارضة داخل إيران والولايات المتحدة، وبعض الدول الأوروبية.
وأضافت أن الجهود الدبلوماسية لعراقجي، والدور التيسيري لسلطنة عمان، والسيطرة على المشهد الإعلامي، جميعها ساعدت في استمرار الحوار رغم صعوبته.
وتابعت أن قرار الأطراف الحفاظ على السرية الإعلامية كان خطوة منطقية لتجنب العرقلة السياسية والأمنية. ورغم أن الطريق لا يزال طويلا، فإن استمرار المحادثات والاتفاق على عقد جولة خامسة يمثل مؤشرا إيجابيا على وجود نوايا مشتركة للتوصل إلى حل دبلوماسي.
عراقجي: لا مجال للمساومة في مسألة التخصيب
أضافت الصحيفة أن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قدم توضيحات بعد نهاية الجولة الرابعة التي عُقدت كالعادة بوساطة عمانية. وأكد عراقجي أن هذه الجولة كانت أكثر جدية وصراحة من الجولات السابقة، حيث تم تجاوز العموميات والدخول في التفاصيل، مما جعل المفاوضات أكثر صعوبة لكنها أكثر فائدة. وأوضح أن الطرفين أصبح لديهما فهم أفضل لمواقف بعضهما البعض، وأن الخلافات الأساسية باتت أكثر وضوحا وتمت مناقشتها بعمق.
تابعت أن موضوعات التفاوض الرئيسية كانت رفع العقوبات والتخصيب، مشددا على أن التخصيب لا يمكن التفاوض عليه كمبدأ، وإن كان يمكن مناقشة مستوياته وحجمه في إطار إجراءات لبناء الثقة.
وأردفت أن الغرض من التفاوض بالنسبة لإيران هو رفع العقوبات، وهذا ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين. وأكد عراقجي أن المواقف الإيرانية واضحة تماما، وقد أصبحت مفهومة للطرف الآخر، معربا عن أمله في إحراز تقدم أفضل في الجولات القادمة.