ناقش موقع فرارو الإيراني، في تقرير له يوم الخميس 29 مايو/أيار 2025، مسار المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، والتي تُعقد في سلطنة عُمان منذ مطلع عام 2025، ووصفتها بأنها من أعقد وأخطر التحركات الدبلوماسية في العلاقات الدولية.
مفاوضات غير مباشرة
إذ ذكر الموقع أن المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عُمان، والتي بدأت منذ أوائل عام 2025، تُعد من أعقد وأخطر التطورات الدبلوماسية في ميدان العلاقات الدولية.
وتابع أن هذه المفاوضات، التي تجري بوساطة سلطنة عُمان، تتركّز على قضايا مثل البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات؛ وهي قضايا باتت في صدارة الاهتمام والنقاشات الدولية بعد فشل الاتفاق النووي “برجام” والتوترات المستمرة بين طهران وواشنطن.
وأضاف أن الخلافات الرئيسية بين طهران وواشنطن برزت في عدة محاور أساسية. وأشار إلى أن إيران تؤكد باستمرارٍ حقها المشروع في تخصيب اليورانيوم، وتعتبره ليس مجرد إنجاز تقني، بل ضرورة أمنية ووطنية.
وأوضح أن الولايات المتحدة، في المقابل، تطالب إيران بقبول المزيد من القيود في هذا المجال، وخفض مستوى أنشطتها النووية بشكل ملحوظ. ولفت إلى أن واشنطن، في ما يتعلق بعمليات التفتيش، تطالب برقابة أكثر دقة ونطاق أوسع من الوصول لوكالة الطاقة الذرية الدولية إلى المنشآت النووية الإيرانية.

وذكر الموقع الإيراني “فرارو” أن الخلافات لا تزال معقّدة وعميقة بشأن رفع العقوبات. وتابع أن إيران تطالب بإلغاء كامل وفوري لجميع العقوبات، بهدف رفع الضغوط الاقتصادية والمالية المفروضة على اقتصاد البلاد بشكل تام. وأوضح أن الولايات المتحدة ما زالت تصرّ على الرفع التدريجي للعقوبات، وتربط هذا المسار باتخاذ إيران خطوات محددة وملموسة في تقليص أنشطتها النووية.
وأشار إلى أن الطرفين، رغم هذه التوترات، يؤكدان أهمية استمرار المفاوضات باعتبارها السبيل الوحيد الممكن للتوصل إلى اتفاق طويل الأمد ومستدام. وأضاف أن سلطنة عُمان، من خلال حفاظها على حيادها وتهيئة مناخ لحوار بنّاء، تواصل أداء دورها المحوري في تسهيل هذا المسار.
جولة سادسة من المفاوضات
لفت إلى أن الآفاق المرتقبة لعقد الجولة السادسة من المفاوضات في المستقبل القريب، تعكس استمرار الجهود الرامية إلى إيجاد حلول مشتركة. واستدرك بالقول إن الوقت وحده كفيل بأن يُظهر ما إذا كانت هذه المفاوضات المعقّدة ستفضي فعليا إلى اتفاق دائم، أم أنها ستظل عالقة في دوامة الخلافات.
ونقل “فرارو” عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قوله في إشارة إلى التطورات الإيجابية في مسار المفاوضات مع إيران: «لقد حذّرت بنيامين نتنياهو من أن أي عمل عسكري ضد إيران في هذا التوقيت سيكون تصرفا خاطئا».
وأضاف ترامب حسب التقرير: «قلت لنتنياهو إننا اقتربنا من التوصل إلى اتفاق، وإن إيران أيضا ترغب في هذا الاتفاق، وبالتالي قد تتغير الظروف، هذا ليس وقتا مناسبا للهجوم على إيران، لأن مفاوضات بنّاءة جارية حاليا».
كما توقّع ترامب إمكانية التوصّل إلى اتفاق مع إيران خلال الأسابيع المقبلة، وأشار التقرير إلى أن ترامب قال لنتنياهو: “لا ينبغي لأي شيء أن يعرقل المفاوضات النووية”.
المنشآت النووية
وأوضح موقع “أكسیوس” أن ترامب، في مكالمة هاتفية مع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، حذّره من أي إجراء قد يؤثر على مسار المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران.
وأضاف أن ترامب ومسؤولين أمريكيين كبارا أبدوا قلقا متزايدا من احتمال أن تقدم إسرائيل على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية أو القيام بخطوات تهدد سير المفاوضات وفرص التوصّل إلى اتفاق نووي جديد.
ونقل التقرير عن مصدر مطلع، قوله إن إسرائيل تعتقد أن لديها وقتا محدودا لتنفيذ ضربة فعالة ضد المنشآت النووية الإيرانية. وبيّن أن بعض المسؤولين الأمريكيين يبدون تخوفهم من أن يُصدر نتنياهو أمرا بالهجوم دون الرجوع إلى ترامب.
وكشف التقرير أن مسؤولا في البيت الأبيض قال: «في الاتصال الهاتفي يوم الخميس، أبلغ ترامب نتنياهو أنه لا يريد لأي شيء أن يُعيق التوصّل إلى حل دبلوماسي مع إيران».
وشدد المصدر على أن رسالة ترامب لنتنياهو كانت واضحة: «لا يريد أن يتخذ نتنياهو خطوة استفزازية بينما هو نفسه يسعى لحل الأمور عبر القنوات الدبلوماسية».
وأشار التقرير إلى أن ترامب أكد لنتنياهو أن “الخيار الآخر” (أي العمل العسكري) لا يزال مطروحا على الطاولة، لكنه يفضل أولا التأكد مما إذا كان الاتفاق الدبلوماسي ممكنا.
وأوضح أن صحيفة “نيويورك تايمز” قد ذكرت في تقرير جديد، أن تفاصيل مقلقة كُشف عنها بشأن هجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية. إذ أوضحت الصحيفة أن هذه المعلومات، المستندة إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، تُظهر أن بنيامين نتنياهو أصدر تعليمات لفريقه بعدم التراجع عن تنفيذ الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، حتى في حال التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران.
وأضافت أن المسؤولين الإسرائيليين نقلوا هذه المعلومات مباشرة إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتابعت الصحيفة أن واشنطن تشعر بقلق بالغ من احتمال أن تُقدم إسرائيل على تنفيذ الهجوم من دون أي تحذير مسبق.
ولفتت إلى أن التقديرات تشير إلى أن تحضيرات إسرائيل لشنّ الهجوم على إيران لن تستغرق سوى سبع ساعات فقط. وأشارت إلى أن مسؤولين إسرائيليين شددوا على أن نتنياهو وجّه فريقه لوضع خطة لهجوم محدود لا يحتاج إلى دعم عسكري مباشر من الولايات المتحدة.
شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية
قالت “نيويورك تايمز” إن جون راتكليف، مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، توجّه إلى تل أبيب بعد تلقيه أدلة على استعدادات إسرائيلية لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.
وبيّنت أن هذه الخطوة جاءت عقب تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن التقارير حول استعداد إسرائيل للهجوم صحيحة، وأنه قد صدرت بالفعل أوامر بالاستعداد للقوات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية.
وأضافت أن هذه التطورات حدثت في وقت أجرى فيه ترامب ونتنياهو مكالمة هاتفية مشحونة خلال الأيام الأخيرة، حذر فيها نتنياهو من أن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية قد يُعرّض المفاوضات الجارية للخطر. وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن الأيام القليلة الماضية شهدت عدة اجتماعات بين مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين رفيعي المستوى.
ونقلت عن خبراء، قولهم إن أي اتفاق مؤقت، من أجل كسب رضا إسرائيل والمعارضين المتشددين لإيران في الكونغرس الأمريكي، قد يتطلب نقل الوقود النووي الإيراني إلى خارج البلاد أو خفضه بشكل حاد إلى مستويات متدنية للغاية.
وذكرت وكالة “رويترز” أن هناك توافقا سياسيا محتملا بين إيران والولايات المتحدة، يقضي بتجميد تخصيب اليورانيوم مقابل الإفراج عن الأصول الإيرانية. وأضافت أن مصدرين رسميين إيرانيين أعلنا أن إيران قد تتخذ قرارا بوقف تخصيب اليورانيوم، بشرط أن تقوم الولايات المتحدة بالإفراج عن الأصول الإيرانية المجمّدة، وأن تعترف بحق طهران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية في إطار ما يُعرف بـ”اتفاق سياسي”.
وتابعت الوكالة أن هذا الاتفاق قد يشكّل مقدمة للتوصل إلى اتفاق نووي أشمل. وأوضحت أن المصدرين، اللذين وُصفا بأنهما قريبان من فريق التفاوض، قالا لـ”رويترز” يوم الأربعاء: “من الممكن أن يتم التوصل قريبا إلى تفاهم سياسي مع الولايات المتحدة”، شرط قبول واشنطن بشروط إيران”.
وبحسب هذا التفاهم، فإن إيران ستوقف تخصيب اليورانيوم لمدة عام، كما ستقوم إما بإرسال جزء من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى خارج البلاد، أو بتحويله إلى ألواح وقود نووي لأغراض سلمية.
مفتاح الاتفاق النووي
وطرحت الصحفية الأمريكية البارزة في الشؤون الخارجية لارا روزن، في نشرتها الإخبارية “ديبلوماسيك”، سؤالا حول ما إذا كان “إطار مسقط” هو مفتاح الاتفاق النووي بين إيران وأمريكا.
وكتبت أن الولايات المتحدة وإيران تعملان على إنهاء صيغة تفاهم سياسي قبيل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المقرر في 9 و10 يونيو/حزيران 2025.
ونقلت عن مصدر مطّلع، أن هذا الوثيقة سيُشار إليها على الأرجح باسم “إطار مسقط”. وأفاد علي واعظ، مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية، بأنه “من المرجح أن تُعقد جولة جديدة من المفاوضات بين أمريكا وإيران في الأسبوع المقبل أو في نهايته، بهدف إنهاء نص الاتفاق الإطاري”.
وأضاف أن “هذا الإطار سيكون، في الواقع، عاما جدا”. وأكّد أيضا أنه “لا يستبعد التوصل إلى اتفاق من نوع ‘شيء مقابل شيء’ يمكن أن يُرضي الأوروبيين ويساهم في تأجيل تفعيل آلية العودة التلقائية للعقوبات”.
واعتبر علي واعظ، المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية، أن “التوصل إلى اتفاق سياسي إطاري بين الولايات المتحدة وإيران سيفتح المجال أمام نقل الملف إلى مجلس الأمن، بهدف إيجاد آلية لتمديد مهلة العودة التلقائية للعقوبات، بما يمنح مزيدا من الوقت للتفاوض حول اتفاق أكثر شمولا”.
وأردف أن “الأفضل أن يكون هذا الاتفاق مصحوبا بخطوات عملية مثل إرسال مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب إلى الخارج، أو اتخاذ تدابير أخرى لبناء الثقة، ما سيعزز من فعالية الاتفاق”.
وفي تحليله، صرّح ولي نصر، المستشار السابق للرئيس أوباما، بأن “البعض يرى أن الخيار الأفضل هو ألا تمتلك دولة ما أي مستوى من التخصيب”.
لكنه شدد على أن “مثل هذا الطلب لا يُعتبر اتفاقا حقيقيا من جانب إيران، بل هو في الواقع استسلام كامل”. وأشار إلى أن “من غير الواضح تماما ما الذي ستمنحه الولايات المتحدة لإيران في المقابل إذا قبلت بهذا النوع من التنازل الكامل”.
وأكد ولي نصر أن “حرمان إيران من حقوقها المنصوص عليها في معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT) قد يدفعها إلى الانسحاب من المعاهدة، وهو أمر لا يرغب به المجتمع الدولي”.
وأوضح أن “كوريا الشمالية اتبعت هذا المسار بالضبط، وإذا انسحبت إيران من المعاهدة، فإن كثيرا من عمليات الرقابة والضمانات التي توفرها هذه الاتفاقية لن تكون سارية عليها بعد ذلك، وقد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران”.
المفاوضات النووية
وأضاف الموقع الإيراني “فرارو” أن القادة الأوروبيين مطالبون بإبداء دعمهم العلني للمفاوضات النووية على أعلى المستويات، بالتوازي مع إعلان معارضتهم لأي سيناريو تصعيد عسكري.
وأشار إلى أن هذا الموقف يتماشى مع ما أظهرته دول الخليج العربية خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة، حيث عبّرت هذه الدول بوضوح عن دعمها للدبلوماسية ورفضها للحرب.
وتابع أن النقطة الثانية تتمثل في الاستخدام الاستراتيجي لآلية الزناد (العودة التلقائية للعقوبات)، بهدف دفع إيران إلى تقديم مزيد من التنازلات. وأكد أن الدول الأوروبية قادرة، من خلال التهديد المنظّم بتفعيل هذه الآلية، على ممارسة ضغط دبلوماسي فعّال يحفز طهران على التفاعل الإيجابي.
وبيّن أن آلية الزناد المنصوص عليها في اتفاق 2015 النووي، تخوّل للدول الأوروبية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة بشكل أحادي، ما يمثل أداة ضغط يمكن توظيفها بشكل تكتيكي لزيادة مرونة الموقف الإيراني.
ورأى أنه من الضروري في هذا السياق أن تستخدم أوروبا قنوات التواصل المفتوحة مع طهران لتمهيد الطريق نحو اتفاق واقعي. وأشار إلى أن الخطوة الثالثة تكمن في تعزيز مصداقية الاتفاق النووي عبر تطوير آليات الرقابة الدولية عليه.
وأوضح أن الأوروبيين يمكنهم من خلال اقتراح إجراءات رقابية أكثر صرامة، مساعدة الأطراف المتحفظة على تجاوز الانتقادات الفنية الموجهة للاتفاق.
وأبرز أن أحد أبرز هذه الإجراءات يتمثل في تشجيع إيران على التنفيذ الفوري والكامل للبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، والذي يتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية صلاحيات تفتيش أوسع وأكثر مفاجأة في المنشآت الإيرانية.
وأضاف أن من بين المقترحات الأخرى إدراج بند في الاتفاق الجديد يُلزم إيران بقبول قيود طويلة الأمد على أنشطتها النووية، وهو ما من شأنه أن يعزز الثقة التقنية والسياسية بالاتفاق، خاصة لدى الداخل الأمريكي ومعارضيه.
واختتم “فرارو” تقريره بالإشارة إلى أن استعداد إيران لتقديم مثل هذه التنازلات قد يشكل أساسا لإقناع إدارة ترامب بالتخلي عن مواقفها المتشددة، وعلى رأسها مطلب “صفر تخصيب” الذي لا يُفضي إلا إلى مأزق تفاوضي.
وأكد أن أوروبا يجب أن تطرح معادلة “رابح-رابح” تتيح لواشنطن الادعاء بتحقيق مكسب عبر كبح الأنشطة النووية ذات الطابع العسكري، مع السماح لطهران بمواصلة التخصيب في المستويات المنخفضة ولأغراض مدنية.