مقترح نووي أمريكي جديد على طاولة طهران.. مناورة تفاوضية أم ضغط متعدد الأوجه؟

ترجمة: شروق حسن

في تطوّر جديد لمسار المفاوضات النووية بين إيران والغرب، كشفت صحيفة “همشهري” الإيرانية في تقرير لها يوم الأربعاء 4 يونيو/حزيران 2025، أن وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي، سلّم خلال زيارة قصيرة لطهران في 31 مايو/أيار 2025، مقترحا أمريكيا يهدف إلى تحريك المياه الراكدة في الملف النووي الإيراني. إلا أن هذا المقترح، الذي تركز مضمونه على وقف تخصيب اليورانيوم وتشكيل كونسورتيوم إقليمي للطاقة النووية، قوبل بتكهنات واسعة وردود فعل إعلامية متحفظة، وسط مؤشرات متزايدة على أن طهران تستعد لرفضه. 

كتبت الصحيفة الإيرانية “همشهري” أنه بعد أن سلّم بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عمان، يوم السبت 31 مايو/أيار 2025 ، خلال زيارة قصيرة لطهران، مقترحا من الجانب الأمريكي بشأن إجراء مفاوضات، تركزت المشاورات في مجال المفاوضات النووية، أكثر من أي وقت مضى، على رد إيران على هذا المقترح؛ وهو ردّ، وإن قيل إنه قيد الإعداد، إلا أن النقطة الاستراتيجية تكمن في استغلال الطرف المقابل لهذا الإجراء إعلاميا في سياق نقل كرة المفاوضات إلى ملعب إيران.

وتابعت بالقول: ويأتي ذلك في الوقت الذي تشير فيه حصيلة التطورات الأخيرة في ساحة المفاوضات النووية، قبل كل شيء، إلى لعبة الأطراف الغربية بثنائية “التهديد – الاتفاق”؛ وهي مقاربة تُعدّ “الوكالة” و”الترويكا الأوروبية” و”تل أبيب” من أبرز الفاعلين فيها، ويسعون من خلال استخدام أدوات متعددة الأوجه، إلى دفع طهران للعب في ساحة “المقترح الأمريكي”.

المقترح الأمريكي

وأضافت الصحيفة أنه وعلى الرغم من أن المسؤولين الإيرانيين لم يدلوا حتى الآن بأي تصريحات دقيقة بشأن محاور المقترح الأمريكي، فإن التكهنات في هذا الصدد كانت من المواضيع المهمة التي حظيت باهتمام وسائل الإعلام الدولية.

فقد طُلب من إيران في هذه الوثيقة أن توقف بشكل كاملٍ تخصيب اليورانيوم.
وقد طرحت هذه الوثيقة، المقدَّمة إلى إيران، مقترحا بتشكيل كونسورتيوم إقليمي لإنتاج الطاقة النووية.
وذكرت أن هذا الكونسورتيوم يضم إيران والمملكة العربية السعودية وبعض الدول العربية الأخرى، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية.

لماذا يُعدّ هذا المقترح غير مقبول؟

وتابعت الصحيفة بالقول إن دراسة المواقف والتكهنات حول المحاور المقترحة مؤخرا من قبل الولايات المتحدة، لا تُعدّ حلا لكسر الجمود التفاوضي، بل تُستخدم كأداة للضغط السياسي – النفسي على إيران.

وأضافت أن ذلك في الوقت الذي تُعدّ فيه هذه التكهنات، لأسباب متعددة، غير مرغوبة بالنسبة لإيران، والتي سيتم التطرق إلى بعضها في ما يلي:

التمسّك بالخطوط الحمراء الإيرانية: أكد المسؤولون الإيرانيون، خلال الأيام الماضية، مرارا، أن التخصيب داخل الأراضي الإيرانية “خط أحمر” أساسي لطهران في المفاوضات، ولن يتم التراجع عنه.

التحالف لا يُغني عن التخصيب: رغم أن إيران لم ترفض المشاركة في فكرة تشكيل كونسورتيوم نووي، فإنها أكدت بشكل صريحٍ أن أي فكرة، حتى الكونسورتيوم، لا يمكن أن تحل محل “التخصيب داخل الأراضي الإيرانية”.

تجربة فاشلة للتحالف: تُظهر تجربة العقود الماضية في ما يخص “حلّ” تشكيل الكونسورتيوم، أن هذه الفكرة لا يمكن اعتبارها بديلا عن “التخصيب داخل الأراضي الإيرانية، وبالنظر إلى نكث العهود من قِبل الطرف المقابل، هناك شكوك كثيرة بشأن وصول هذا الحل إلى نتيجة مرضية، ما يجعله خيارا غير مقبول لطهران.

موقف غير شفاف بشأن العقوبات: من العقد الحالية في مسار التطورات التفاوضية الجارية، عدم وضوح موقف الطرف الأمريكي تجاه العقوبات، ففي الواقع، لم يُطرح حتى الآن تقييم دقيق بشأن الخطوات المحددة التي سيتخذها الطرف المقابل لرفع العقوبات.

معادلة غير مرغوبة لإيران: إن المقاربات التفاوضية للأطراف الغربية وسعيهم لفرض معادلة “الاتفاق أو الحرب”، تُعدّ قبل كل شيء استراتيجية لتجاهل المطالب الاستراتيجية لإيران في ما يتعلق بالعقوبات والتخصيب، ولن تكون مجدية.

ما هو الرد الإيراني المرتقب؟

على الرغم من أن طهران لم تقدّم حتى الآن ردًّا على مقترح الطرف الأمريكي، فإن وسائل الإعلام الدولية تناولت يوم الاثنين طرح مزاعم في هذا الصدد؛ وهي مزاعم محورها رفض المقترح الأمريكي من قبل طهران.

فارق شاسع عن الواقع: ذكرت شبكة “روسيا اليوم” يوم الاثنين 2 يونيو/حزيران 2025، نقلا عن مصدر مطلع إيراني، أن مقترح واشنطن بشأن اتفاق نووي جديد مع طهران “غير مقبول”.

 وقال هذا المصدر: “من وجهة نظر إيران، فإن مكونات وعناصر المقترح الأمريكي المكتوب، بعيدة جدا عمّا يمكن أن يُشكّل أساسا عادلا وواقعيا لاتفاق محتمل”.

الرد الإيراني المحتمل: كما تناولت وكالة الأنباء البريطانية “رويترز” هذا الموضوع في تقريرها، وادعت نقلا عن دبلوماسي إيراني رفيع، أن “طهران بصدد إعداد ردّ سلبي على المقترح النووي الأمريكي”.

 وأكد هذا المصدر أن “أحادية الطرح”، و”تجاهل مصالح إيران”، و”تجاهل الخط الأحمر الإيراني في موضوع التخصيب”، وأيضا “الصمت إزاء العقوبات”، تُعدّ من الأسباب التي تقف خلف رفض طهران لمقترح واشنطن.

خلافان أساسيان:كما تطرّقت مجلة “نيوزويك” الأمريكية في تقريرها إلى آخر تطورات مسار المفاوضات النووية، وأشارت إلى أن الخلافات بين الطرفين بشأن تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات ما زالت قائمة، وكتبت: “لطالما أكدت إيران أن أي اتفاق يجب أن يحترم حقها في تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات المفروضة على اقتصادها”.

الردّ السلبي الإيراني: كذلك تناولت وسيلة الإعلام الصهيونية “واي نت نيوز” التكهنات المتعلقة برد إيران المحتمل، وكتبت: “إيران بصدد صياغة ردّ سلبي على المقترح النووي الأمريكي، وقد يُفسَّر ردّ إيران على أنه رفض للمقترح الأمريكي ‘الأحادي الجانب’. إن المقترح الأمريكي ‘فاشل’ و’لا يلبّي مصالح إيران'”.

 التهديد

وتابعت الصحيفة أن هذا الموضوع لا يُعدّ خطوة لحلّ الجمود التفاوضي بقدر ما يُشكل قطعة جديدة من أحجية الضغط على إيران، وهي الأحجية التي شهدنا خلال الأيام والأسابيع الماضية أجزاء مختلفة منها، والتي زادت من الغموض المحيط بآفاق الوصول إلى اتفاق.


تقرير الوكالة

 الإجراء: كشفت وسائل الإعلام الدولية، خلال الأيام الأخيرة، عن تقرير جديد للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وهو التقرير الذي من المقرر عرضه في الاجتماع القادم لمجلس محافظي هذه الهيئة الدولية.

الهدف: السعي إلى تشكيل إجماع ضد إيران في مجلس المحافظين.

الأداة: إصدار قرار مناهض لإيران في مجلس المحافظين خلال الأيام المقبلة.

الاستراتيجية: دفع إيران إلى التراجع عن خطوطها الحمراء من خلال التهديد بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن.

تفعيل آلية الزناد 

الإجراء: مع اقتراب موعد انتهاء بند “آلية الزناد” في الاتفاق النووي، سعت الترويكا الأوروبية، خلال الأسابيع الأخيرة، إلى استخدام هذا الموضوع كأداة ضغط تفاوضية ضد إيران.

الهدف: دفع إيران إلى التراجع عن الخط الأحمر المتعلق بتخصيب اليورانيوم.

الأداة: ممارسة الضغط على الوكالة بهدف إصدار تقارير سياسية ضد الأنشطة النووية السلمية لإيران.

الاستراتيجية: تهديد إيران باستخدام أداة إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة بموجب القرار 2231.

الخطابات التصعيدية لتل أبيب

الإجراء: من بين استراتيجيات الغرب في التعامل مع إيران، الاستفادة من أداة التهديد الصهيوني ضد إيران والتهديد بشن هجوم على المنشآت النووية لإيران.

الهدف: دفع طهران إلى القبول باتفاق سيئ.

الأداة: قصف إعلامي يعتمد على خطاب “استعداد تل أبيب لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية”.

الاستراتيجية: رسم معادلة “الاتفاق أو الهجوم العسكري” أمام إيران على طاولة المفاوضات.

الحرب النفسية

الإجراء: أعلنت مصادر مقرّبة من البيت الأبيض أن البيت الأبيض علّق فرض عقوبات جديدة على إيران، ويعتزم وقف حملة “الضغط الأقصى”.

الهدف: التأثير على الرأي العام داخل إيران بهدف زيادة الضغوط على الفريق الإيراني المفاوض.

الأداة: شنّ حرب نفسية إعلامية ضد طهران من خلال عبارة “إجراء واشنطن لكسر الجمود في المفاوضات”.

الاستراتيجية: تقديم صورة عن إيران بوصفها “الطرف المسبب للجمود في المفاوضات”.