منبر مجلس طهران… خدمة للمواطن أم ساحة لتصفية الحسابات؟

ترجمة: شروق حسن

نشر موقع “خبر آنلاين” الإيراني يوم الثلاثاء 6 مايو/آيار 2025 تقريرًا حول الجدل الدائر داخل مجلس مدينة طهران بشأن جلساته العلنية، التي اعتُبرت – بحسب تصريحات رئيس المجلس مهدي جمران – مكلفة بشكل بالغ للمواطنين دون وضوح في جدواها العملية. 

كتب الموقع الإيراني “خبر آنلاين” إن تكلفة عقد الجلسات العلنية لمجلس مدينة طهران ليست فقط غير معلومة، بل إنها، بحسب ما ذكره رئيس المجلس، تُشكّل عبئًا ماليًا ثقيلًا على المواطنين.

 جلسات مجلس طهران

أكد مهدي جمران، رئيس مجلس مدينة طهران، خلال الأسبوع الجاري في قاعة المجلس على أن: «كل ساعة من هذه الجلسات تكلف آلاف المليارات من التومانات، تُحمَّل مباشرة على كاهل المواطنين».

ومع ذلك، يبقى من المشروع التساؤل عمّا إذا كانت مضامين هذه الجلسات، بقدر ما هي مُكلفة، تُعنى فعلًا بهموم المواطنين الحقيقية؟

 وكذلك، إلى أي مدى تهدف التحذيرات والنقاشات في القاعة العلنية إلى حل مشاكل الناس، وأيٌّ منها يُطرح بدافع تصفية حسابات سياسية أو تمهيدًا للتنافسات المقبلة؟

في الأيام الأخيرة، صدرت عن بعض أعضاء المجلس تصريحات تشير إلى اعتبارات غير رسمية وقرارات تُتخذ خلف الكواليس بشأن طرح التحذيرات أو الامتناع عن طرحها، من العضو الذي كان دائمًا متماشيًا وأصبح فجأةً منتقدًا لافتتاح المشاريع المبكرة، إلى عضوٍ يقول إنه «بناءً على توصية من طرف آخر، أجّل تحذيره إلى وقت لاحق»، كل ذلك يدل على تحول مقلق في مسار المجلس.

منبر المجلس ليس ساحةً للعرض أو الضغط السياسي

أحمد صادقي، عضو مجلس مدينة طهران، علّق في حديثه لـ”خبرآنلاين” على بعض التحذيرات الأخيرة التي شابها الغموض، قائلاً: «قاعدة الشفافية تقتضي أن يُسأل المتحدث أولًا عن سبب إدلائه بمثل هذه التصريحات، أما أنا شخصيًا، فلا علم لي بالدوافع وراء ذلك».

وأكد قائلاً: «إذا أردنا استخدام منبر المجلس من أجل لفت الأنظار أو ممارسة ضغط سياسي، فإن هذا الأمر مرفوض من وجهة نظري، يجب على جميع الأعضاء أن يحرصوا على أن يسلك المجلس طريقه الواضح والشفاف».

وأشار صادقي إلى أنه لم يُكوِّن انطباعًا خاصًا من بعض التحذيرات، مضيفًا: «ربما قال أحدهم شيئًا في لحظةٍ معينة ثم قرر تغيير مسار المتابعة لاحقًا، لكن مسؤولية توضيح ذلك تقع على عاتق المتحدث نفسه».

الهدف هو حل قضايا الناس

أحمد علوي، عضو آخر في مجلس مدينة طهران، نفى بدوره وجود أي دوافع شخصية وراء تقديم التحذيرات، وقال في حديثه لـ”خبرآنلاين”: «لا أحد من أعضاء المجلس لديه مشكلة شخصية مع أحد ليستخدم منبر المجلس لطرحها، الهدف من التحذيرات هو متابعة قضايا الناس والمصالح العامة».

وأشار علوي إلى أنه في بعض الأحيان تُجرى مشاورات قبل طرح تحذير ما، موضحًا: «في بعض الحالات، يُقترَح مسار بديل للمتابعة، وإذا كان ذلك المسار مثمرًا، فلا تبقى هناك حاجة لطرح الموضوع رسميًا في قاعة المجلس».

وبخصوص حالة محددة، قال: «في ذلك الملف الخاص، قدّم بابايي اقتراحًا للمتابعة وقد وافقت عليه. لكن لماذا طُرح نفس الموضوع لاحقًا من خلال منبر المجلس، فهو أمر يستوجب التوضيح».

قوائم الانتخابات المقبلة

مهدي أقراريان، عضو مجلس مدينة طهران، أكد في حديثه لـ”خبرآنلاين” على أن تصريحاته كانت موجّهة إلى جزء من الحلقة السياسية المقربة من عمدة طهران، وقد أوضح هذا الأمر بشكل صريح.

وقال أقراريان: «ما طرحته في تلك الجلسة هو أن هناك تحركات جارية من قِبل أفراد ضمن الحلقة السياسية للدكتور زاكاني، واليوم أيضًا أثرتُ هذا الموضوع. 

كان تحذيري موجَّهًا إلى العمدة، لكن السيد باقري، معاون شؤون المجالس، أكد أن العمدة لا علم له بهذا الموضوع، وسواء أكان السيد زاكاني على علم بذلك أم لا، فلا بد من التحقيق فيه».

وأضاف: «في تحذير ذلك اليوم، تطرقت إلى عدة مسائل، لكن يؤسفني أن التركيز اقتصر على جانبٍ محدد فقط، تحذيري لم يكن موجَّهًا إلى شخص زاكاني وحده، بل كان موجّهًا إلى جزء من الفريق السياسي المحيط به، الذي لديه نظرة طويلة الأمد نحو المشهد السياسي والانتخابات القادمة».

وأشار أقراريان إلى نشاط بعض الوسائل الإعلامية لتشويه صورة أعضاء المجلس، قائلاً: «لقد سألت زاكاني بشكل صريح: هل هذه الأنشطة الإعلامية تتم بعلمكم؟ فأجاب بأن لا، هذه التحركات ليست بعلمنا، ولا تصدر عن محيطنا. ولذلك، كنت قد انتظرت هذا الرد قبل أن أطرح تحذيري رسميًا».

وأضاف: «الفريق السياسي المقرّب من زاكاني يسعى اليوم إلى تقديم قائمة للانتخابات المقبلة لمجلس المدينة، وأنا لدي إشكال جوهري مع هذا التوجّه.

 إذا ما قدّمت البلدية قائمة تتكوّن من المريدين والمقرّبين من العمدة، فإن مؤسسة المجلس ستفقد دورها الرقابي، وتتحوّل إلى منصة لمدح وتمجيد العمدة».

وأكد أقراريان على أن: «مؤسسة المجلس يجب أن تتابع نهج المساءلة، الشفافية، والرقابة، وألا تسمح بانحراف البلدية عن مسارها الرئيسي.

 وإذا كانت بعض الوسائل الإعلامية، بدوافع محددة، وربما مقابل مبالغ مالية، تعمل على تشويه صورة أعضاء المجلس، فإن التساؤل المطروح هو: من أين تأتي مواردها المالية؟».

وفي مواصلةٍ لانتقاداته للأداء الإعلامي لبلدية طهران، أكد هذا العضو في مجلس المدينة أن هناك فجوة حقيقية بين سردية إنجازات الإدارة الحضرية والواقع الذي تشهده المدينة على الأرض.

وقال: «لكل وسيلة إعلامية الحق في أن تختار عنوانها، لكن رسالتنا واضحة وشفافة، نقدنا واضح وموثّق، وأنا أؤمن بأن هناك اليوم فجوة حقيقية بين ما تبثّه منظومة الإعلام التابعة للبلدية تحت عنوان الإنجازات والأداء، وبين الواقع القائم في المدينة».

وأشار أقراريان إلى تغريدته الأخيرة حول هذا الموضوع، مضيفًا: «في تلك التغريدة، تناولت موضوع سجل أداء البلدية. في أي سجل، قد توجد علامة 20، وقد توجد إعادة، أو علامة متوسطة مثل 10 أو 15. حين نتحدث عن سجل الأداء، ينبغي أن نكون واقعيين. الطالب المتفوّق هو من تكون جميع علاماته عشرين».

وتابع قائلًا: «أنا من الأشخاص الذين يعتقدون أن الإدارة الحضرية تتحمّل مسؤوليات متعددة وفي مجالات متنوعة، ويجب فحص هذه المجالات واحدًا تلو الآخر، كيف؟ علينا أن نرى كم أُنفِق على كل موضوع، ومدى فاعلية هذا الإنفاق، وفي النهاية ما التغيير الذي أوجده في المدينة».

وشدد أقراريان على أن: «هذا التقييم الدقيق للأداء يمكن أن يشكل نقطة التقاء بين المجلس والعمدة المُنتخَب، حتى نحصل في نهاية الدورة الرابعة على تقييم واقعي لسجل أداء الإدارة الحضرية».

وانتقد النظرة الدعائية للإدارة الحالية، قائلاً: «اليوم، تُقدّم البلدية سجل أدائها على أنه متألق، وتدّعي النجاح في جميع المجالات، لكنني لا أرى الأمر كذلك، أعتقد أن هناك فجوة ملموسة بين الواقع القائم والترويج الإعلامي الذي يُنفَق عليه بسخاء لتلميع صورة الإنجازات».

منبر المجلس يجب أن يكون في خدمة الشعب فقط

تابع الموقع أن علي أصغر قائمي، في سياق سلسلة هذه التصريحات، اعتبر منبر مجلس مدينة طهران ملكًا للمواطنين، وقال: «كل ما يُقال في الجلسات العلنية، وكل إجراء نتخذه، يجب أن يكون فقط في خدمة المصلحة العامة، الوقت، والإمكانات، ومنبر المجلس ليست أدوات شخصية».

وأضاف: «مسؤوليتنا أمام الله وأمام الناس تفرض علينا أن نتصرف بشفافية، يجب أن يدرك كل شخص أن سلوكه تحت مجهر الرأي العام، والمساءلة مبدأ لا يمكن إنكاره لمن يمثل الشعب».

ومما يبدو من الشواهد وتصريحات أعضاء المجلس، فإن الجلسات العلنية لمجلس مدينة طهران آخذة في التحول إلى ساحة لتصادم الآراء، والتنافسات السياسية، وتسوية الحسابات غير الرسمية. 

وفي الوقت الذي يُعبّر فيه رئيس المجلس عن قلقه من العبء المالي المترتب على عقد هذه الجلسات، يرى مواطنو طهران أن هذه التكاليف يجب أن تُوجَّه نحو تعزيز الشفافية، ورفع مستوى الفعالية، وتحسين جودة الحياة في المدينة.