من ثقة المرشد إلى اختبار البرلمان.. هل تصمد الوزيرة الوحيدة أمام ضغوط جبهة بايداري؟

ترجمة: شروق حسن

تواجه فرزانه صادق مالواجرد، وزيرة النقل والإسكان الوحيدة في حكومة مسعود بزشكيان، موجة استجواب برلمانية تقودها جبهة بايداري.

كتب الموقع الإيراني “خبر أونلاين“، في تقرير له يوم الخميس 1 مايو/أيار 2025، أنه لم يمضِ بعدُ تسعة أشهر على تسلّم مسعود بزشکیان وحكومته مهامهم، وبعد أن فقد وزيرَ اقتصاده قبل أسابيع، أصبح مضطرا- قبل أن يقدم مرشّحه الجديد للمنصب ذاته- إلى أن يستعدّ لاستجواب ثانٍ لوزيرٍ آخر. وهذه المرّة المقصودة هي فرزانه صادق مالواجرد، وزيرة النقل والإسكان.  

وذكر الموقع أنه في اليوم الأخير من أغسطس/آب  2024، حين حضر بزشکیان إلى البرلمان للدفاع عن تشكيلته الوزارية، قال عن الوزيرة صادق مالواجرد: «السيدة صادق مالواجرد اختارها المرشد بنفسه». وأضاف في خطابه: «أريد أن أؤكد أننا اتفقنا جميعا قبل حضورنا هنا، فاعتمدتُموني وأنتم مطمئنّون، أما الذين لم يتوافقوا معنا فلم ندخلهم في القائمة».  

وأضاف أنه على الرغم من وجود نوابٍ توقع البعض عدم موافقتهم على أعضاء الحكومة، تمكن جميع المرشحين- ومن ضمنهم عبدالناصر همتي وزير الاقتصاد، ومحمدرضا ظفرقندي وزير الصحة،  وأحمد ميدري وزير الرعاية الاجتماعية- من الانضمام إلى التشكيلة، وبذلك اكتملت حكومة بزشکیان رسميا.  

إلا أن هذا النجاح لم يلقَ ترحيب جبهة بایداری التي رفضت أن تظلّ مكتوفة الأيدي طيلة أربع سنوات بينما يترأس الحكومة مسعود بزشکیان بدلا من سعید جلیلي. وفي ضوء ذلك بدأت جبهة بایداری حشد جهودها لإسقاط الوزيرة الوحيدة في الكابينة، كخطوة أولى نحو الضغط على الرئيس لتقليص دور خصومهم السياسيين.

أي وزراء الاقتصاد خضعوا للاستجواب وأيهم لم يُستجوب؟

أضاف أن أول القائمة كان عبد الناصر همتي، الذي خاض قبل ثلاث سنوات مواجهة انتخابية ضد إبراهيم رئيسي وأُثيرت حوله شكوكٌ بشأن مستوى معرفته بالاقتصاد وإدارة البلاد، بعد ستة أشهر على توليه الوزارة، ومع تقلبات سعر الدولار في السوق، انتهزت جبهة بایداري الفرصة لتوجّه ضربة إلى كلّ من مسعود بزشکیان وعبد الناصر همتي.

وتساءل الموقع بالقول: لكن لماذا كان هذا الاستجواب سياسيّا أكثر منه فنيّا؟

بخلاف انخفاض سعر الدولار في فترة شغور المنصب وتزامنه مع مفاوضات إيران وأمريكا، يكفي أن نسترجع حكومات التيار نفسه، التي لم يستجوَب فيها أيّ وزير اقتصاد حتى في أقسى أوقات الاضطراب الاقتصادي.

وبيّن الموقع أنه وفقا لمنطق تقلبات سوق الصرف، كان من الواجب استدعاء وزير اقتصاد حكومة رئيسي، الذي تسلّم الوزارة بدولارٍ قيمته 25 ألف تومان وسلمها عند خروجه بدولارٍ قيمته 58 ألف تومان، مراتٍ عديدة خلال ثلاث سنوات.

وذكر  أنّه في حكومة حسن روحاني الثانية تبيّن أن مسعود كرباسيان، وزير الاقتصاد حينها، هو الوحيد الذي عُزل عبر استجواب برلماني.

المعيار المزدوج لشمس الدين حسيني

وأضاف الموقع أنه ليس فقط وزير اقتصاد حكومة رئيسي نجا من الاستجواب، بل حتى في حكومة محمود أحمدي‌نجاد لم يُعقد له «حفل استجواب» في البرلمان، ففي تلك الحقبة، ارتفع سعر الدولار بنسبة 9.1% في الولاية الأولى، ثم انتقل من 980 تومان في 2009 إلى نحو 3600 تومان في الولاية الثانية.

وأضاف أن شمس الدين حسيني كان وزير الاقتصاد وقتها، ثم عضوا في البرلمان الثاني عشر، ومع ذلك لم يُستجوب قطّ بسبب سعر الصرف، أما الاستجواب الوحيد الذي تعرّض له في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 فكان على خلفية اختلاسٍ بقيمة ثلاثة آلاف مليار تومان، ما يكشف طابع الاستهداف السياسي من جانب نواب جبهة بایداري.

وأوضح الموقع أن القضية ليست في سبب عدم استجواب شمس الدين حسيني بقدر ما تكمن في ازدواجية المعايير التي ينتهجها نواب جبهة بایداري، فحسيني، الذي كان من الداعمين لعبد الناصر همتي، بات اسمه مُرشّحا خلفا محتمَلا له في وزارة الاقتصاد.

وتابع الموقع بالقول: ورغم وجود خياراتٍ أخرى مطروحة للتعيين في «باب همایون» (مقر الوزارة)، فإن ترشيح حسيني الجديّ من قبل مسعود بزشکیان سيفتح أمامه تحدياتٍ جوهرية مع زملائه الحاليين في المجلس.

وأضاف الموقع: “إلى جانب شمس‌ الدين حسيني، برزت أسماء خمسة آخرين كمرشحين لتولي حقيبة وزارة الاقتصاد: علي طيب‌نيا، وسيدکامل تقوی‌نجاد، ومحمدهادی سبحانیان، وحميد باداش، وسيدعلي مدني‌زاده، ومن ظاهر الأمر أن مدني‌زاده هو الخيار الأجدر، لكن مجرد تداول اسمه دفع طيف (جبهة بایداري) لبدء تحركاتها ضده”.

وذكر أن مدني‌زاده يشغل حاليا رئاسة كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة شريف، ويُعرف بدعمه الاقتصاد الحرّ، والقطاع الخاص الحقيقي، والحدّ من تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية.

من جانبه، قال أميرحسین ثابتّي (نائب طهران) من دون أن يذكر الاسم: «وفق بعض الأنباء، تنوي الحكومة ترشيح شخصية لمنصب وزير الاقتصاد تكون آراؤه الاقتصادية تشبه همتي مرفوعا للقوة الثانية، مع فارق أنه لم يدِر أي جهاز أو مؤسسة من قبل».

أما سارا فلاحي (نائبة إيلام)، فتوقعت استخدام بعض نواب البرلمان للمعيار نفسه الذي طُبّق على ظريف تجاه مدني‌زاده، وأعادت إلى الواجهة «قانون تعيين الأفراد في المناصب الحساسة».

وتابعت قائلة: «وزارة الاقتصاد مهمة جدا، وعلى رئيس الجمهورية أن يقدّم مرشحا عاجلا، سمعت أنهم حددوا شخصا، وابنه وُلد في أمريكا ويحمل جواز سفر أمريكيا، وإذا تولّى المنصب فسيكون ذلك غير قانوني».

استجواب الوزيرة الوحيدة في حكومة بزشکیان

إلى جانب ما ذُكر سابقا، باتت وزيرة النقل والإسكان في حكومة مسعود بزشکیان عرضة للاستجواب، فقد أوضح منان رئیسي- مقدّم طرح الاستجواب والذي كان قد عارض تعيينها مسبقا- أن مشروع استجواب السيدة فرزانه صادق مالواجرد حظي حتى الآن بـ41 توقيعا من نواب البرلمان.

محاور الاستجواب الثمانية  

1. حادث انفجار ميناء الشهيد رجائي.  

2. إغلاق نظام تسجيل الوحدات السكنية وحرمان المواطنين من حقوقهم القانونية.  

3. عدم أداء الالتزامات القانونية المنسجمة مع قانون دعم الشباب (قانون «جوانی جمعیت»).  

4. الأداء الضعيف جدا لوزارة النقل والإسكان في تنفيذ القوانين المنظمة لسوق الإسكان.  

5 . الارتباك الشديد ونقص التخطيط في عمليات العزل والتعيين المتكررة.  

6 . الانتهاكات القانونية المتكررة.  

وفي سياق متصل، قال مجيد نصيربور، نائب مدينة سراب الذي عارض سابقا اختيار فرزانه صادق لوزارة النقل، لوكالة «فارس»: «قرر عدد من النواب، نظرا إلى مجمل أداء الوزيرة في الأشهر الماضية- لا سيما الأحداث الأخيرة ضمن نطاق مسؤوليتها- إعداد طرح الاستجواب وإحالته إلى السجل التشريعي».

 وأضاف أن «محاور الاستجواب تشمل التوزيع غير المتوازن للاعتمادات، والإدارة الضعيفة على المستوى الكلي، واستخدام موظفين يشغلون وظائف متعددة، وتعيينات غير مبررة».

وذكر أن فرزانه صادق كانت من بين الأسماء غير الواضح انضمامها إلى حكومة مسعود بزشکیان، لكنها بفضل دفاع الأخير حازت 231 صوتا، ويبدو أن استجوابها لا يندرج ضمن القضايا الفنية أو التخصّصية بقدر ما يحمل بعدا سياسيا، خصوصا أن قطاع العمران والتطوير الحضري ظلّ مسرحا للصراعات السياسية طوال الفترة الماضية.

واوضح أنه في حكومة حسن روحاني، حاول نواب جبهة بایداري استجواب عباس آخوندي ثلاث مرات باءت جميعها بالفشل، أما في حكومة إبراهيم رئيسي، فتمَّ تعيين مهرداد بذرباش وزيرا للنقل والإسكان بسهولة تامة رغم عدم امتلاكه أي خبرة في مجال التخطيط العمراني.

وتابع بالقول: كذلك تسلّم علي رضا زاكاني إدارة مدينة طهران، وهو الذي يفتقد أيّ اختصاصٍ في إدارة المدن.

خلال ولاية بيروز حناجي على بلدية طهران، شغلت فرزانه صادق منصب المدير العام للتخطيط والعمران في البلدية، ثم نالت لقب نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط والتعمير.

وكرئيسة لهيئته في وزارة الطرق والإسكان، وفي ختام فترة عملها، وجّهت إلى زاكاني اتهامات بمنح تراخيص بناء «غير قانونية» في النسيج التاريخي للعاصمة، ما جعلها إحدى أبرز معارضيه داخل الوزارة، ثم أُقيلت لاحقا بأمرٍ من مهرداد بذرباش.

واختتم الموقع الإيراني تقريره متسائلا: كل هذه المعطيات مجتمعة تكشف عن الطابع السياسي لتحركات معارضيها، ويظلّ السؤال مفتوحا: ما الحجج التي سيطرحها نواب جبهة بایداري خلال يوم الاستجواب؟”.