- شروق حسن
- 10 Views
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والتطورات المتسارعة في الشرق الأوسط، كشفت صحيفة “سازندگي” الإيرانية في تقريرها، الأحد 11 مايو/أيار 2025، عن تحركات دبلوماسية لافتة يقودها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، شملت زيارة مفصلية للمملكة العربية السعودية، تلتها مشاركة في مؤتمر حواري بارز في قطر، وجاءت هذه التحركات قبل يوم واحد فقط من انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في مسقط بوساطة عمانية.

قالت الصحيفة الإيرانية “سازندگي” إن عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، زار المملكة العربية السعودية قبل يوم واحد من لقائه مع ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للولايات المتحدة؛ لتبادل الرسائل الدبلوماسية.
وتابعت أن الجهاز الدبلوماسي الإيراني يعمل بكثافةٍ هذه الأيام، وأن عباس عراقجي، بصفته قائد وزارة الخارجية، في حالة تنقّل دائم.
وأشارت إلى أنه خلال الأسابيع والأيام الماضية، كان عراقجي ونوّابه منشغلين بمشاورات واسعة النطاق واتخاذ مواقف تتعلق من جهة بتوضيح وضع المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، ومن جهة أخرى باتصالات ومباحثات إقليمية.

وفي سياق هذه التحركات، سافر عباس عراقجي يوم السبت 10 مايو/أيار 2025، إلى جدة؛ للقاء مسؤولين سعوديين. وأكدت الصحيفة أن هذه الزيارة، التي سبقت بيوم واحدٍ الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة التي عُقدت في مسقط، الأحد 11 مايو/أيار 2025، بوساطة سلطنة عمان، تحظى بأهمية خاصة.
وأضافت أن عباس عراقجي التقى مساء السبت 10 مايو/أيار 2025، خلال زيارته لجدة، فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، وأجرى معه مباحثات. ولفتت إلى أن هذا اللقاء جرى في إطار تعزيز العلاقات مع دول الجوار، خاصةً دول الخليج، ومناقشة أوجه التعاون الثنائي.
وأوضحت أن عراقجي، ووفقا للأعراف الدبلوماسية وبالنظر إلى أهمية الجيران بالنسبة لإيران، أطلع نظيره السعودي خلال اللقاء، على آخر تطورات مسار المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة. وذكرت الصحيفة، نقلًا عن وكالة “إيسنا”، أن عراقجي دوّن توقيعه في سجل الزوار التابع لوزارة الخارجية السعودية.
لقاء ثنائي
قالت صحيفة “سازندگي” إن اللقاء الثنائي الرسمي الثاني لعباس عراقجي في السعودية تم في ظل ظروف مختلفة نسبيا. وذكرت وكالة “إيرنا” أن زيارته الأولى تمت بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول 2024، حيث التقى خلالها وزير الخارجية الإيراني كلّاً من فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، ومحمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية.
وأضافت الصحيفة أن محور تلك اللقاءات تمحور حول التطورات الإقليمية، خاصة في ما يتعلق بغزة ولبنان، والسعي إلى وقف الاشتباكات وإيصال المساعدات الإنسانية إلى منطقة غزة المنكوبة بالحرب.
وتابعت أن هذا اللقاء يأتي في وقت استمر فيه التواصل بين كبار المسؤولين في الدول الإسلامية خلال الأشهر الماضية، تزامنًا مع تواصل الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث عُقدت عدة قمم لقادة الدول العربية والإسلامية، لأن الحرب في غزة والحاجة إلى وحدة الموقف العربي والإسلامي في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية باتتا من المواضيع الثابتة في المحادثات بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الزيارة تجري أيضًا بعد زيارة خالد بن سلمان آل سعود، وزير الدفاع السعودي، لطهران على رأس وفد رفيع المستوى، والتي تُعد ثاني زيارة لمسؤول دفاعي سعودي كبير إلى إيران.
وخلال تلك الزيارة، التقى عددا من كبار القادة السياسيين والأمنيين، إضافة إلى لقائه المرشد الأعلى بإيران وتسليمه رسالة من ملك السعودية.
إعادة تعريف العلاقات
أضافت الصحيفة أن هذه التطورات تؤكد بوضوحٍ أن العلاقات بين طهران والرياض، مع تولّي حكومة مسعود بزشكيان زمام الأمور، تشهد تقوية وإعادة تعريف ملحوظة، ومن أبرز أسباب ذلك الحاجة إلى التقارب الإقليمي والتشاور المستمر مع دول الجوار، وذلك في ظل تصاعد الأزمات التي تفتعلها إسرائيل في المنطقة، وكذلك التغيرات الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط.
وأكدت أن هذه المتغيرات لا تقتصر على غزة فقط، بل تشمل أيضًا تطورات الأوضاع في سوريا، والعراق، واليمن، ولبنان، وهي ملفات ذات أهمية كبيرة، لأن اللاعبين الإقليميين والدوليين ينشطون في هذه الساحات بما يتماشى مع مصالحهم، ما قد يؤدي أحيانًا إلى ظهور تضارب في المصالح.
اجتماع الدوحة
تابعت الصحيفة أنه بعيدًا عن أهمية زيارة عراقجي وزير خارجية إيران، للمملكة العربية السعودية، فقد توجه بعد ذلك إلى قطر للمشاركة في اجتماع إيران والعالم العربي.
ووفقًا لما نقلته وكالة إيرنا، تستضيف الدوحة أحد أبرز التجمعات الدبلوماسية الإقليمية، وهو «الدورة الرابعة من مؤتمر الحوار بين إيران والدول العربية» تحت عنوان «علاقات قوية ومصالح مشتركة».
ويُنظَّم هذا الحدث بشكل مشترك من قبل «المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيراني» و«مركز دراسات الجزيرة» في وقت يشهد فيه الإقليم تحولات عميقة وحاجة متزايدة إلى التفاعلات الدبلوماسية.
وتترأس الوفد الإيراني المشارك في هذا الاجتماع الإقليمي عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني.
وقد عُقدت في السنوات الثلاث الماضية، ثلاث دورات سابقة من هذا المؤتمر الحواري الإيراني – العربي بمبادرة مشتركة من المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية ومركز دراسات الجزيرة، تحت عناوين: «الحوار بشأن أزمات المنطقة»، و«الخيارات والحلول الأمنية والاقتصادية والأزمات»، و«الحوار من أجل التعاون والتفاعل».
وتابعت أنه قد تم تصميم الدورة الرابعة بهدف تعميق الحوارات الإيرانية – العربية، وبحث إمكانية إنشاء شراكة استراتيجية مستدامة لمواجهة التحديات الإقليمية.
وسيعمل المشاركون من خلال جلسات تخصصية على صياغة أطر نظرية وعملية لتعزيز التعاون الإقليمي استنادًا إلى التفاهم والثقة المتبادلة.
كما ستُناقش خلال هذه الدورة من مؤتمر الحوار الإيراني – العربي أبرز التحديات الرئيسية في الشرق الأوسط، والوضع الداخلي في لبنان، وأوضاع سوريا، واليمن، والقضية الفلسطينية، إضافة إلى سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين إيران والدول العربية.
زيارة للمنطقة
وتابعت الصحيفة بالقول إنه من النقاط المهمة التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار في هذا السياق، أن زيارة عراقجي للسعودية وقطر تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تطورين بارزين يتمحوران حول الشرق الأوسط. أول هذه التطورات يتمثل في الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في مسقط.
وكان عراقجي قد أعلن رسميًا يوم الجمعة، أن زمان ومكان هذه المفاوضات سيُحددان عبر سلطنة عمان، بصفتها وسيطًا للمفاوضات. وأوضح أن “الأصدقاء العمانيين استفسروا عن إمكانية عقد المفاوضات يوم الأحد، وقد أبدينا موافقتنا على ذلك”.
وأضاف أنه يبدو أنه جرى التحدث مع الطرف المقابل (الولايات المتحدة) أيضا، وحتى الآن من المقرر أن تُعقد المفاوضات يوم الأحد، إلا أن التنسيق مع الجانب العماني لا يزال جاريًا بشأن تحديد وقت انطلاق الجلسات.
وتابع بالقول إن المفاوضات تسير في مسارها نحو التقدم، ومن الطبيعي أنه كلما تقدمنا، ازدادت الحاجة إلى مزيد من المشاورات، كما أن الوفود بحاجة إلى وقت أطول؛ لدراسة النقاط المطروحة.
وفي هذا السياق، نقلت شبكة “سي إن إن” عن مصادرها، أن «الفريق الفني الذي يتولى التفاوض حول التفاصيل، مثل رفع العقوبات، لن يشارك في هذه الجولة (الجولة الرابعة)، وأن عقد الجولة المقبلة من المفاوضات على مستوى كبار المسؤولين كان قرارًا مناسبا».
كما صرّح ستيف وِيتْكوف، المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الشرق الأوسط، في مقابلة نُشرت يوم الجمعة 9 مايو/أيار 2025، بأن الولايات المتحدة امتنعت عن عقد جولة جديدة من المفاوضات الأسبوع الماضي، لأنها كانت بحاجة إلى التوصل إلى تفاهمات محددة مع إيران حتى تُصبح المفاوضات مثمرة.
واختتمت الصحيفة بالقول: “أما التطور البارز الثاني، فيكمن في أن دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، من المقرر أن يزور غدا الاثنين، المملكة العربية السعودية، وقطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومن المؤكد أنَّ تزامن هذه التطورات معًا قد يسفر عن نتائج مهمة، علينا أن نترقبها”.