مهدي كروبي خارج الإقامة الجبرية

كتب: محمد بركات

في انفراجة لأزمة عاشتها إيران منذ أكثر 15عام، ترفع الإقامة الجبرية عن أحد أكبر الشخصيات الإصلاحية، تطور يأتي في ظل تغييرات سياسية داخلية ونهج جديد في التعامل مع بعض الملفات العالقة، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل بقية الشخصيات الموضوعة تحت الإقامة الجبرية، وأثر هذا القرار على المشهد السياسي في البلاد. وبينما يراه البعض خطوة متأخرة لكنها ضرورية، يعتبره آخرون جزءا من سياسة أوسع تهدف إلى تخفيف التوترات الداخلية.

فقد أعلن حسين كروبي، ابن مهدي كروبي رجل الدين والسياسي الإصلاحي المعروف، الأحد 17 مارس/ آذار 2025 عن الرفع الرسمي للإقامة الجبرية عن والده اعتبارا من 8 إبريل/ نيسان، حيث صرح “: “أمس، الأحد أبلغت القوات الأمنية والدي خلال لقائهما بأن الإقامة الجبرية ستُرفع بأمر من رئيس السلطة القضائية، محسني ايجي”.

A person with a white beard

AI-generated content may be incorrect.

وتابع ” لقد أبلغوا والدي أنه لأسباب أمنية وحماية شخصية، سيبقى عناصر الأمن في محل إقامته حتى 8 إبريل/ نيسان 2025، وبعد ذلك سيغادرون المنزل.”

كما أضاف “سمعت أن السيد إجئي قال إننا حصلنا أيضا على موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي لرفع الإقامة الجبرية عن والدي، كما قال إجئي إنهم يسعون أيضا إلى رفع الإقامة الجبرية عن مير حسين موسوي، حيث يبدو أن ملف الإقامة الجبرية بات تحت إشرافه.”

وفيما يتعلق بما إذا كان مهدي كروبي قد وافق على رفع الإقامة الجبرية، قال حسين كروبي “أبلغ عناصر الأمن والدي أنه سواء قبل بذلك أم لم يقبل، فإنهم سيغادرون المكان في كل الأحوال.”

وفي رده على سؤال حول مصير مير حسين موسوي وزهرا رهنورد، قال حسين كروبي “أبلغ والدي القوات الأمنية بأنه كما سبق أن صرحت، فإنني والسيد مير حسين موسوي وضعنا قيد الإقامة الجبرية لأكثر من 14 عاما بسبب اعتراضنا على نتائج انتخابات عام 2009، لذا يجب أن يُرفع الحصار عنا معا، ولكن بما أنكم قررتم الآن إنهاء إقامتي الجبرية، فلا أستطيع منعكم من المغادرة، ولكنني أوصيكم بأن تنهوها أيضا في أسرع وقت ممكن عن هذين الشخصين الكبيرين.”

تازه ترین عکس از میرحسین موسوی و زهرا رهنورد - خبرآنلاین

وأضاف كروبي: “بحسب إفادة العناصر الأمنية، فإن نفس الإجراءات التي نُفذت بحق والدي ستُطبق أيضا على السيد مير حسين موسوي والسيدة زهرا رهنورد خلال الأشهر القليلة القادمة.”

وفيما إذا كان قد طُلب من مهدي كروبي تقديم أي تعهدات، قال: “لم يُطلب منه أي تعهد على الإطلاق، فقط أُبلغ بأنه حتى 8 إبريل/ نيسان، إذا أراد الذهاب إلى أي مكان، فعليه إبلاغهم قبل يوم واحد، وبعد اليوم العشرين لن كون هناك أي قيود أو حاجة للتنسيق. لم يتم إبلاغ والدي بأي قيود بعد رفع الإقامة الجبرية عنه.”

رفع الحصار عن كروبي: خطوة متأخرة لكنها ضرورية

هذا وقد أثار هذا القرار ردود فعل واسعة، حيث رأى حسين نوراني نجاد، نائب رئيس حزب اتحاد ملت، في تصريحات له الثلاثاء 18 مارس/ آذار 2025 أن قرار رفع الحصار قد جاء متأخرا وغير مكتمل بسبب استمرار الإقامة الجبرية على مير حسين موسوي وزهرا رهنورد، لكنه كان خطوة إيجابية.

حسین نورانی نژاد

 كذلك، فقد أشار إلى أن الحصار لم يكن له أي دعم شعبي حقيقي، بل كان مجرد استعراض للقوة، مضيفا أن إنهاء الحصار، رغم كونه وعدا انتخابيا سابقا لروحاني، تحقق فقط خلال حكومة مسعود بزشكيان، التي تبنّت نهجا جديدا في التعامل مع الملفات السياسية والاجتماعية.

من جانبه، اعتبر على باقري، الناشط السياسي الإصلاحي، أن رفع الحصار كان أحد أعقد الأزمات السياسية في إيران على مدار 14 عاما، مشيرا إلى أن محاولات حلها فشلت بسبب تعنت بعض القوى المتشددة، كما أكد باقري أن سياسة التوافق التي انتهجها بزشكيان كانت العامل الحاسم في إنهاء هذا الملف، مما قد يمهد لحل مزيد من الأزمات السياسية وتعزيز الوحدة الوطنية.

علی باقری فعال سیاسی اصلاح طلب

أما محمود صادقي، الأمين العام لجمعية مدرسي الحوزة الإسلامية، فقد شدد على أن رفع الحصار يجب أن يكون مقدمة لحل أزمات أخرى، مؤكدا أن بقاءه طوال هذه المدة كان جرحا مفتوحا في السياسة الإيراني، وأضاف أن الحكمة السياسية والعقلانية يمكن أن تسهم في حل المزيد من القضايا العالقة بعيدا عن التصعيد.

محمود صادقی

وفي المقابل، رأى حسين كنعاني مقدم، الأمين العام لحزب سبز الأصولي، أن إنهاء الحصار كان خبرا مفرحا لجميع الإيرانيين، سواء من أنصاره أو معارضيه، موضحا أن القرار قد يكون مرتبطا بانتهاء فترة القيود القانونية، أو نابعا من تغير موقف كروبي السياسي، لكنه في كل الأحوال يمثل خطوة إيجابية نحو التهدئة السياسية.

كذلك، فقد كتب أحمد زيد آبادي، الناشط السياسي الإصلاحي والصحفي، على قناته في تلغرام الإثنين 17 مارس/ آذار 2025، وسط الأوضاع المضطربة في المنطقة والأزمة المعيشية غير المسبوقة التي يواجهها الشعب، يُعدّ خبر رفع الإقامة الجبرية عن مهدي كروبي تطورا مباركا وسارا”.

واکنش زیدآبادی به رفع حصر مهدی کروبی؛ اتفاق مبارکی است

ويكمل” نأمل أن يكتمل هذا المسار برفع الإقامة الجبرية عن مير حسين موسوي والسيدة رهنورد، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين وأصحاب الرأي، ليتم تحرير بلادنا بالكامل من ظاهرة الإقامة الجبرية والسجون السياسية، ويفتح أمام إيران طريق جديد.”

من هو مهدي كروبي؟

مهدي كروبي هو رجل دين وسياسي إيراني بارز، وأحد الشخصيات القيادية في التيار الإصلاحي في إيران، ولد عام 1937 في محافظة لرستان، شغل عدة مناصب سياسية بارزة، من بينها رئاسة البرلمان الإيراني لدورتين 1989-1992 و2000-2004، كما كان أمينا عاما لحزب اعتماد ملي، وهو حزب إصلاحي بارز.

مهدی  کروبی

شارك كروبي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية عامي 2005 و2009، لكنه خسر في كلا المرتين، وبعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل عام 2009، والتي آتت باحمدي نجاد رئيسا لإيران، والتي أدت إلى احتجاجات واسعة عرفت بـالحركة الخضراء، كان من أبرز المعارضين للنتائج، واتهم السلطات بتزوير الانتخابات لصالح نجاد.

وبسبب مواقفه المعارضة، وخصوصا دعوته للتحقيق في نتائج الانتخابات وقمع المتظاهرين، فُرضت عليه الإقامة الجبرية في فبراير/ شباط 2011 إلى جانب مير حسين موسوي وزهرا رهنورد دون محاكمة رسمية. واستمرت الإقامة الجبرية لأكثر من 14 عاما، حتى أعلن ابنه حسين كروبي مؤخرا عن رفع الحصار عنه.

يُعرف كروبي بمواقفه الداعمة للحريات السياسية والإصلاحات داخل النظام الإيراني، رغم أنه لا يزال يؤكد التزامه بمبادئ الثورة الإيرانية التي قامت في 1989.

كلمات مفتاحية: