- زاد إيران - المحرر
- 56 Views
كتب: ربيع السعدني
مهدي كروبي، إحدى الشخصيات البارزة في التيار الإصلاحي بإيران، وُلد بمدينة طهران في 26 سبتمبر/أيلول 1937، وكان له دور سياسي فعال منذ ثورة 1979 التي أدت إلى تأسيس الجمهورية الإيرانية الجديدة.
وبعد مرور أكثر من 14 عاما من القيود التي فُرضت عليه، رفعت السلطات الإيرانية الإقامة الجبرية عن زعيم المعارضة السابق الذي ترشح للانتخابات الرئاسية عام 2009 التي أعيد خلالها انتخاب مرشح المحافظين محمود أحمدي نجاد رئيسا لإيران.
الحركة الخضراء
درس كروبي في الحوزة العلمية في قم، حيث حصل على مكانة بارزة بين رجال الدين وعُرف بمواقفه المعارضة للنظام الإيراني، خاصة بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في 2009 عندما قام بتحريك الاحتجاجات المعروفة بـ”الحركة الخضراء”.

قاد كروبي حملة للمعارضة ضد ما وصف بالتزوير الانتخابي وقُتل العشرات، وتم توقيف المئات في إطار احتجاجات “الحركة الخضراء”.
في 14 فبراير/شباط 2011 تم وضع كروبي رفقة زعيم المعارضة الآخر مير حسين موسوي (رئيس الوزراء الإيراني الأسبق) تحت الإقامة الجبرية.
بعد دعواتهما إلى الاحتجاج على نتيجة الانتخابات الرئاسية في 12 يونيو/حزيران 2009، واستمر هذا الوضع لسنوات عديدة، مما أثار قلقا واسعا من قبل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي.
قال كروبي آنذاك: “إن ما حدث في الانتخابات كان عملية قمعية وليست ديمقراطية”.
محطات سياسية
لم يتخل كروبي عن السياسة ولم يخش من الفشل، لقد أصبح مرشحا للرئاسة في الوقت الذي كان فيه الإصلاحيون يدمرونه فيه أكثر من المحافظين.
كان كروبي ضمن اللجنة التي اختارها الخميني لإعادة النظر في الدستور عام 1989، وترأس البرلمان في دورتين من 1989 إلى 1992 ثم بين عامي 2000 و2004.

دعم كروبي ترشّح الرئيس الإيراني الحالي مسعود بزشكيان، الذي تولى السلطة في يوليو/تموز 2024. وفي 26 سبتمبر/أيلول الماضي، أفاد بزشكيان بأنه “تم حل” المسألة المرتبطة بقضية كروبي.
الإقامة الجبرية
في الآونة الأخيرة، تم رفع الإقامة الجبرية عن كروبي، ما أتاح له فرصة استعادة بعض نشاطاته السياسية والاجتماعية.
تعتبر هذه الخطوة جزءا من تغييرات سياسية قد تحدث في إيران وسط الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة.
ووُضع كروبي، قيد الإقامة الجبرية في 14 فبراير/شباط 2011، بعد اتهامه بتنظيم الاحتجاجات ضد أحمدي نجاد، ونقلت وكالة “إيسنا” للأنباء عن نجله حسين، قوله: “انتهى اعتقال والدي بناء على أمر من رئيس السلطة القضائية”.

وأشار حسين كروبي إلى أن القيود المفروضة على حركة والده ستُرفع، ولكن قوات الأمن ستبقى عند مقر إقامته حتى التاسع من أبريل/نيسان 2025، بسبب “مخاوف متعلقة بالسلامة”.
زعماء الفتنة
رفع الإقامة الجبرية عن كروبي قرار تأخر لسنوات طويلة من المطالبات من شخصيات سياسية وحقوقية داخل إيران وخارجها بإنهاء الإقامة الجبرية عن “قادة المعارضة” وفق التسمية الإصلاحية في إيران أو “زعماء الفتنة” وفق تسمية المحافظين.
كان كروبي دائما مناديا بالإصلاحات السياسية، حيث دعا إلى تحسين النظام الانتخابي، ومراقبة الانتخابات بشكل مستقل، في أحد تصريحاته، قال: “لإيران الحق في الحصول على نظام انتخابي عادل”.
ولم يكن لدى كروبي سوى رسالتين للإصلاحيين:
- أولا: إن الطريقة الوحيدة لبقاء البلاد هي من خلال الإصلاحات.
- ثانيا: إن الطريقة الوحيدة لمواصلة الإصلاحات هي المشاركة في الانتخابات، لذا قم بإعادة بناء الإصلاحات حتى تتمكن من تطبيقها في البلاد.
شيخ الإصلاحيين

ويعد كروبي من أبرز الداعين إلى الإصلاحات الديمقراطية في إيران، دافع عن حقوق الإنسان وحريات الفرد، وعبّر عن قلقه إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في طهران وضمن ذلك اعتقالات النشطاء السياسيين والاجتماعيين، وقال: “لا يمكن تحقيق الأمن الوطني من خلال قمع الحريات”.
كما انتقد بشدةٍ سياسات الحكومة الإيرانية وضمن ذلك ضغطها على الصحفيين والنشطاء، وأشار في تصريحاته، إلى أن عدم التزام الحكومة بالشفافية وحرية التعبير قد يقود إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والسياسية.
ولطالما كان كروبي مؤمنا بأن كل الشعوب تستحق الحرية والكرامة، في أحد تصريحاته، قال: “إن تجربة الشعوب الأخرى يجب أن تكون دروسا لنا”.
تساؤلات

إن أكثر ما يثير قلق كروبي هذه الأيام أمران:
- أولا: الهوية الإيرانية، التي يرى أنها معرضة لخطر التهديد من جانب الأجانب.
- ثانيا: الإصلاحات، التي يرى أنها على وشك تكرار أخطاء الماضي.
إلا أن قلقه الأكبر هو التهديدات التي تواجه البلاد وتخيب آمال الأمة، القضية الأكثر أهمية من الانتخابات والإصلاحات: إيران والإيرانيون الذين أصبحت حياتهم أكثر صعوبة يوما بعد يوم.
إن إلغاء الإقامة الجبرية عن كروبي يؤشر على إمكانية تغييرات أكبر في المشهد السياسي الإيراني، ويثير تساؤلات حول مستقبل الحركة الإصلاحية في البلاد.
ورغم كافة التحديات والعقبات، يبقى مهدي كروبي رمزا للنضال والأمل لدى كثيرين، من أجل الديمقراطية والحرية والإصلاح في نظام يعتبره كثيرون قمعيا.