نائب سابق في البرلمان الإيراني: بزشكيان يسير على طريق الإصلاح والمتشددون يحاولون إفشاله بتصفية الحسابات

ترجمة: شروق حسن

نشرت الصحيفة الإيرانية الإصلاحية آرمان ملى“، الثلاثاء 27 مايو/أيار 2025، حوارا مع كمال‌الدين بيرموذن، النائب السابق في البرلمان الإيراني، قال فيه إن حكومة بزشكيان تبذل جهدا ملموسا لتحقيق تطلعات الشعب، رغم ما تواجهه من عراقيل يضعها خصومها في الداخل. 

حوار للصحيفة الإيرانية “آرمان ملى” مع كمال‌الدين بيرموذن، النائب السابق في البرلمان الإيراني.

نص الحوار:

هل الوفاق الوطني الذي تحدّث عنه بزشكيان كان مجرد شعار، أم أنه تجسّد فعليا على أرض الواقع؟

في الظروف الراهنة، لدى الشعب ثلاث مطالب جدية من مسؤولي البلاد، وهي: الأمن، والعدالة، والوفرة، والواقع أن ما يشكّل معيار عمل مسؤولي الدولة هو حكم الناس ورضاهم، وهذا الرضا، في الوضع الراهن، إما غير موجود، أو إن وُجد فهو باهت.

 بطبيعة الحال، فإن حكومة بزشكيان قد بذلت كل ما في وسعها من أجل تحقيق مطالب الشعب، وأعتقد أنه لا يوجد خلاف يُذكر في هذا الشأن.

 على أي حال، فإن بدء المفاوضات مع الولايات المتحدة، والتعامل الإيجابي مع دول المنطقة، وكذلك التساهل والتسامح الذي يُبديه في السياسة الداخلية، كلها مؤشرات على أنه يمكن التفاؤل بحل مشكلات البلاد في حال استُكمل هذا المسار.

 بطبيعة الحال، هناك من يسعون إلى تصفية حسابات سياسية بسبب خسارتهم في الانتخابات. هؤلاء لم يستطيعوا حتى الآن تقبّل الهزيمة في الانتخابات، ولهذا فهم في محطات مختلفة يحاولون وضع العقبات في طريق الحكومة، هذا في وقت أصبحت فيه أوضاعنا على الساحة الدولية أكثر تعقيدا مع وصول ترامب إلى السلطة، حيث يتخذ يوميا مواقف جديدة تثير التوتر ضد إيران، وفي مثل هذه الظروف، زادت من حدة المشكلة المواقف المتطرفة في الداخل، ما جعل الأوضاع أكثر تعقيدا بالنسبة للحكومة.

 لقد نسي المتشددون الذين ينتقدون الحكومة فشلهم في حكومتي أحمدي‌نجاد وحكومة رئيسي، وكيف كانوا يديرون البلاد وفي أي أوضاع، في الحقيقة، فإن المتشددين هم السبب الرئيسي في مشكلات البلاد اليوم.

ما رأيكم في كثرة الاعتراضات على حكومة بزشكيان في البرلمان، خاصة مع تصاعد الاستجوابات التي طالت بعض الوزراء واحتمال توسعها؟

أعتقد أن السعي لاستجواب وزراء حكومة بزشكيان، وخصوصا وزيرة الطرق ووزير الطاقة، بدافع سياسيّ، ويأتي في سياق تصفية حسابات سياسية. 

تواجه البلاد في الوضع الراهن، تحديات مهمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، ولذلك ينبغي على الجميع أن يمدوا يد العون للحكومة لتتمكن من اجتياز هذه التحديات.

 من الأمور الأخرى الجارية حاليا أن المتشددين في البرلمان، وفي وقت تعاني فيه البلاد من أزمة طاقة، يسعون إلى استجواب وزير الطاقة. 

هذا الوضع يوضح جيدا أن نواب البرلمان يبحثون عن ذرائع، ويستغلون كل مشكلة تطرأ في البلاد كذريعة للنيل من الحكومة. 

والواقع أن معالجة اختلال التوازن في قطاع الطاقة تتطلب حلولا علمية، ولا تُحل عبر الضجيج السياسي والإثارة الإعلامية والاستجوابات.

 المعارضون للحكومة يدركون تماما أنهم لن يبلغوا أهدافهم عبر النهج الذي يسلكونه، ومع ذلك، فإنهم، لأجل تصفية حساباتهم الانتخابية مع بزشكيان، يُقدمون على مثل هذه الأفعال. 

وهناك نقطة أخرى، وهي أن البرلمان، الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى التشكيك في إنجازات الحكومة، عليه أن يجيب عن هذا السؤال: ماذا فعل لحل مشكلات البلاد؟ من دون شك، لا يوجد جواب على هذا السؤال، بل إن النواب في البرلمان، عبر ما أقرّوه من قوانين، أضافوا إلى مشكلات البلاد أزمات جديدة وتداعيات جانبية.

 اليوم، تواجه البلاد تحديات اقتصادية، وتعاني الوحدات الإنتاجية من مشكلات خطيرة، وعلى البرلمان أن يسعى لإيجاد حلول لهذه المشكلات، لا أن يضيّع وقته ووقت الناس في خلافات سياسية ومساعٍ لعرقلة طريق الحكومة.

برأيكم، إلى أي مدى ستستمر تصفية الحسابات السياسية من قبل المتشددين، التي أشرتم إليها، وكيف ستواجه حكومة بزشكيان هذا التحدي؟

المتشددون لا يدّخرون جهدا في وضع العراقيل أمام الحكومة، وسيواصلون هذا النهج مستقبلا أيضا، كي لا يتمكن بزشكيان من تنفيذ الوعود التي قطعها للشعب.

 إن غياب التفاعل البنّاء مع العالم وعدم الاستفادة من النخب خلال السنوات الماضية أوجد تحديات كثيرة للبلاد، كان من بينها العزلة الدولية التي تعانيها إيران، هذا الوضع خلقه أولئك الذين ينزعون إلى التسلط واحتكار الحقيقة، وكان كل همّهم تحقيق مصالحهم السياسية والاقتصادية الخاصة.

 هؤلاء الأشخاص، من خلال نهجهم الخارج عن الأطر القانونية، تسببوا في الداخل، ولا سيما في المجال الاقتصادي، بمشكلات للبلاد، وفي ظل هذه الظروف، فإن بزشكيان على دراية تامة بالعقبات الموجودة في الطريق.

 وأنا أعتقد أن بزشكيان، من خلال نهجه وأسلوبه، سيقضي على العديد من التقاليد البالية غير السليمة، وفي مثل هذا الظرف، يجب على الجماعات المرجعية وجميع من يهمهم تقدم البلاد أن يتحركوا لوضع حدّ للسلوكيات غير القانونية وغير الودّية التي ينتهجها المتطرفون الذين يعملون في الخفاء لتنفيذ أهدافهم الخطيرة من خلال بعض المؤسسات، وأن يطرحوا طاقاتهم في الساحة.

 وفي ظل هذه الظروف، فإن هذه الفئة لن تتمكن بعد الآن من الإضرار بالبلاد، أو بالنظام، أو بحق السيادة الشعبية، لا ينبغي أن ننسى أن التحوّل من السياسات الانعزالية التي يتبعها أصحاب القرار من أتباع التيار الثابت، إلى سياسات الوفاق الوطني والتفاعل البنّاء مع العالم، إلى جانب السياسات الاقتصادية التقدمية المعتمدة على الإنتاج وتوليد الثروة، يُعد المفتاح الأساسي لنمو البلاد وتقدمها ورفع جودة حياة الإيرانيين.

 إيران في الوضع الحالي بحاجة إلى استثمارات أجنبية، وهذا الأمر لن يتحقق إلا من خلال تفاعل إيجابي وبنّاء مع العالم.

 بينما في الحكومة السابقة، كان بعض المسؤولين يعتبرون أن الاستثمارات الأجنبية مضرة، وكانوا يزعمون أنه بالإمكان إدارة البلاد من دون هذه الاستثمارات، لقد عانى الاقتصاد الإيراني لسنوات من العقوبات الدولية، ومن هنا فإن التفاعل مع العالم والسعي لرفع هذه العقوبات يمكن أن يُمهّد بدرجة كبيرة لتحسين مستوى حياة الناس.