- يارا حلمي
- 10 Views
ترجمة: يارا حلمي
أجرت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، الأربعاء 30 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع أمير رضا واعظ آشتياني، نائب وزير الصناعة والمعادن والتجارة الأسبق والناشط السياسي المنتمي إلى التيار الأصولي، ناقشت فيه تحليل مسار المفاوضات الجارية وتقييم آفاقها المستقبلية.
ذكرت الصحيفة أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة تجري في ظروف لا تزال غير واضحة بما يكفي للحكم بشكل قاطع على مستقبل هذه المحادثات أو المكاسب التي قد يمنحها كل طرف للآخر.
وتابعت أنه مع ذلك، ما يبدو واضحا هو أن الجولة الثالثة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة دخلت مرحلة تبادل الأخذ والرد، وهو ما يجعل الجولة الرابعة أكثر أهمية من سابقاتها.
نص الحوار:

ما تقييمك للجولات الثلاث من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وما الآفاق التي تتصورها لهذه المفاوضات في ضوء الأوضاع الراهنة؟
الواقع أنّ الولايات المتحدة دأبت دائما على الدخول في المفاوضات مع الدول الأخرى من منطلق التسلط والتفوق، إذ لا تزال تتصور، كما في السابق، أنّ لغة الحوار مع الآخرين يجب أن تكون بلغة الغطرسة.
ومنذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم، أصبح يتصرّف ويتحدّث كما لو كان مالكا للعالم بأسره، ومع ذلك، فإن النهج الذي ينتهجه ترامب يشبه بالونة طُعنت بإبرة وبدأ الهواء يخرج منها تدريجيا.
وقد تكون لغة القوة والغطرسة مجدية مع بعض الدول في العالم المعاصر، غير أنّ الواقع يشير إلى أنّ هذا الأسلوب لا ينجح مع إيران، إذ لا يمكن مخاطبة طهران بلغة الإكراه.
أرى أنّ الأمريكيين إما أنّهم لم يتعرفوا على إيران بعد، وإما أنّهم تعرّفوا عليها ويستمرون في التجريب ومحاولات التقدير الخاطئة لمعرفة كيفية التعامل معها، وقد أظهرت المفاوضات التي جرت في الأسابيع الأخيرة أنّ الولايات المتحدة باتت تدرك إيران إلى حدّ كبير.
النقطة الجوهرية هنا هي أنّ إيران لم تكن يوما تهرب من المفاوضات، بل لم تكن ترحب إلا بالمفاوضات التي تقوم على أسس عادلة وغير أنانية أو مهيمنة، فالجمهورية الإيرانية لطالما شاركت في مفاوضات ترتكز إلى الاحترام المتبادل، وهذا المبدأ لا ينطبق على العلاقات مع الولايات المتحدة وحدها، بل مع جميع دول العالم.
وعلى أي حال، فإن من البديهيات والأسس الرئيسة لأي مفاوضات أن تُبنى على الاحترام المتبادل. وفي المفاوضات الأخيرة، جلس كل من إيران والولايات المتحدة إلى طاولة الحوار انطلاقا من هذا المبدأ.
وفي مثل هذه الظروف، فإن لم تقدم الولايات المتحدة على نسف المفاوضات في اللحظة الأخيرة، تبقى هناك فرصة حقيقية لتحقيق نتائج مثمرة.
ما مدى احتمال أن يُقدم ترامب، رغم مطالبته بالمفاوضات، على الانسحاب فجأة منها؟
بالنظر إلى ما هو معروف عن الولايات المتحدة ودونالد ترامب، فإن جميع الاحتمالات تبقى واردة في هذا السياق، وتُظهر تجربة العقود الأربعة الماضية بوضوحٍ أنّ الولايات المتحدة كانت على الدوام ناقضة للعهود في تعاملها مع إيران، ولم تلتزم يوما بالاتفاقات المبرمة مع إيران، ولن تلتزم بها مستقبلا أيضا.
وأرى أنّ الولايات المتحدة لا تسعى حاليا إلى اتفاق عادل، بل لا تزال تمضي في نهج التجربة والخطأ، وتفكر في قضايا لن تبلغها يوما، لا في الحاضر ولا في المستقبل.
المفاوضات الإيرانية الأمريكية أدّت إلى صدمة إيجابية في سوق رأس المال، فهل تعتقد أنّ هذا المسار سيستمر على المدى البعيد؟
شهد سعر الدولار تراجعا في مختلف أنحاء العالم، ما ألحق خسائر بالولايات المتحدة، ولم يقتصر تراجع السعر على إيران وحدها، ومن جهة أخرى، تزامنا مع المفاوضات، جرى بيع عدة أطنان من الذهب، ما أدى إلى حالة من الإشباع في سوق الذهب أثّرت بدورها على أسعاره.
بطبيعة الحال، في بلد مثل إيران ذي اقتصاد حكومي موجَّه، تُعدّ تقلبات أسعار الدولار والذهب أمرا واردا وممكن الحدوث، وفي الواقع، طالما استمررنا في العمل ضمن إطار هذا النموذج الاقتصادي، فإنّ أي تطور قد ينعكس على الوضع الاقتصادي العام.
ولهذا السبب، فإن بقاء الاقتصاد الإيراني موجَّها يعني أنّنا سنواجه تحديات في مختلف المجالات الاقتصادية، كما أنّ التأثيرات النفسية على الاقتصاد الإيراني تنبع أساسا من هذا النموذج القائم على التوجيه السياسي والتدخّلي.
ما دام الاقتصاد في البلاد يحمل سمات سياسية، توجيهية، وحكومية، فإنّه يظل عرضة للتأثر بأي تطور، وفي مثل هذا السياق، فإن انطلاق مفاوضات أو حتى إرسال رسالة من دولة إلى أخرى قد يؤثّر بشكل مباشر على الاقتصاد الإيراني.
كما أن الاستقرار الاقتصادي لا يتحقق إلا من خلال التخطيط السليم ووضع سياسات مناسبة على المسار الصحيح، ويجب أن تعكس المؤشرات الاقتصادية هذا التوجّه نحو الاستقرار والنمو، غير أنّه، ما لم نحقق استقرارا اقتصاديا وثباتا في آليات التسعير، فإنّ التأثيرات النفسية لأي حدث ستظل تلقي بظلالها على اقتصاد البلاد.
ومن بين الأسباب الرئيسة لهذه الحالة، وجود أشخاص غير متخصصين وغير مؤهلين في مواقع اتخاذ القرار، ما يترك آثارا سلبية واضحة على الاقتصاد الإيراني، وإذا أردنا أن تتحرّك المؤشرات الاقتصادية نحو الاستقرار والنمو، فعلينا أن نسلك هذا الطريق من خلال الاستعانة بأشخاص متخصصين وملتزمين.
هل هذا الأمر لم يتحقق في حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكیان؟
إنّ الاستثمار في عنصر التخصص والاستعانة بأشخاص ذوي كفاءة في مختلف المجالات، لا سيما في المجال الاقتصادي، لا يعزّز فقط فاعلية الحكومة، بل يسهم أيضا في رفع كفاءة النظام السياسي ككل، وهو أمر غفلنا عنه في الماضي.
وعلى الرغم من أنّ المفاوضات ليست بمعزل عن القضايا الاقتصادية، فإنّها لا تؤدي دورا محوريا في هذا المجال، وأعتقد أنّ الولايات المتحدة والدول الأوروبية، حين تجاهلت الاتفاق النووي وتجاوزته، تكبّدت خسائر كبيرة، وهو ما صبّ في النهاية في مصلحة إيران.
في حكومتي الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني ، جرى تضمين الاتفاق النووي جميع المطالب الأمريكية، ومع ذلك واصل الأمريكيون نهجهم في التوسّع بالمطالب والسعي للحصول على مزيد من التنازلات من إيران، وفي نهاية المطاف، كانت الولايات المتحدة هي من انسحبت من الاتفاق.
وقد أثبت الزمن أنّها باتت اليوم مجبرة على التفاوض بشأن الوضع القائم. وتُظهر الظروف الحالية أنّ الولايات المتحدة، رغم تخليها عن الاتفاق النووي، وجدت نفسها في مواجهة مستجدات جديدة أبعدتها عن أهدافها، وهي اليوم مضطرة لأخذ قوة إيران بعين الاعتبار والدخول في مفاوضات معها. و
لو أنّ واشنطن لم تنسحب من الاتفاق النووي، لحققت مكاسب ونتائج أفضل، إلا أنّ ما حدث كان عكس ذلك، وهي اليوم مضطرة للبحث عن مسارات تفاوض جديدة في مجالات أخرى.
هل من المحتمل أن تُقدم إيران، مقابل بعض الامتيازات، على خفض مستوى التخصيب إلى الحدّ الذي تريده الولايات المتحدة؟
إنّ المعرفة النووية تُعدّ من الحقوق المشروعة لجميع الدول السلمية، ومن حق كل دولة أن تستفيد من هذه المعرفة، فالطاقة النووية تُستخدم اليوم في مختلف مجالات حياة الإنسان، فلماذا تُحرم بعض الدول التي تمتلك المعرفة التقنية المناسبة من هذه النعمة؟
وعندما أدرك الأمريكيون أنّ العقوبات لم تعد تحقق أهدافهم، لجؤوا إلى خيار المفاوضات، ولقد وصلت إيران اليوم إلى مستوى من المعرفة والتقنية النووية، وهذه المعرفة محلية الصنع بالكامل وليست مستوردة.
وقد حذّر بعض الخبراء الأمريكيين دونالد ترامب من أنّه إذا قرر مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، فلن يُجدي ذلك نفعا، لأنّ المعرفة النووية أصبحت داخلية، وحتى لو تعرضت المنشآت للدمار، فإن إيران قادرة على إعادة بنائها.
لهذا السبب، اتجهوا نحو خيار التفاوض، وفي البداية، حاولوا استخدام الإمارات العربية المتحدة كوسيط، إلا أنّ إيران رفضت هذا الخيار، مشيرة إلى أنّ سلطنة عُمان أثبتت دوما حسن نيتها، ولهذا السبب أصبحت عُمان هي الدولة الوسيطة، وبناء عليه، استُبعدت الإمارات، وتحوّلت المفاوضات من مباشرة إلى غير مباشرة.
أما اليوم، فقد دخلت إيران المفاوضات من موقع قوة، في حين أنّ الولايات المتحدة والدول الأوروبية هم من يجب عليهم تقديم الامتيازات لإيران، ولن تسير الأمور وفق معادلة تُجبر إيران على تقديم تنازلات لهم.