ناشطة سياسية إيرانية: الإيرانيون يعولون خيرا على نتائج المفاوضات بين طهران وواشنطن

Ad 4nxedzqgv4k9qj6r9qvyys6xo6devslqzmctt8d8ybcmb27rodaitp0gnhyqukagwjt83ujnw4djtcta55vhcrfub8rljbg8j5yyyovcbjlogmn7x i2v50nyjlaeoomznmbtt4xikeyezwudbinq5vvdlizs18ndq

أجرت صحيفة اعتماد الإصلاحية، الأحد 18 مايو/أيار 2025، حوارا مع الناشطة السياسية والثقافية الإيرانية وعضو الهيئة العلمية في معهد العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية أشرف بروجردي، حول أثر المفاوضات الثنائية مع الولايات المتحدة على الوضع الداخلي في إيران، وآفاق رفع العقوبات، ومستقبل الأمل لدى الإيرانيين، إضافة إلى أهمية الحوار الداخلي.

وفي ما يلي نص الحوار:

ما هو انطباعك عن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للشرق الأوسط والدول العربية، والتي أُثيرت حولها العديد من الجوانب الجانبية، رغم إصراره المتكرر على التوصل إلى اتفاق؟

إن أهم ما جذب انتباه الإيرانيين في ما يتعلق بهذه الزيارة كان موضوع تسمية الخليج، والذي تبيّن في النهاية أنه لا يمكن لأي فرد أو جماعة أو دولة إنكار هذه الحقيقة الواضحة والواقع التاريخي. كما أن رؤساء الولايات المتحدة وسائر الدول يأتون ويذهبون، لكن الخليج سيبقى الخليج الفارسي، ولن يتغير، وإيران تمتلك أطول ساحل على الخليج، وقد أوجدت حضارة أكثر رسوخا في هذه المنطقة.

أما باقي الأخبار المتعلقة بهذه الزيارة، فكانت مجرد جوانب هامشية تفتقد إلى القيمة الجوهرية.

كيف ترين حال ومزاج الناس تجاه المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة في ظل تسارع التطورات الأخيرة؟

يشعر الناس هذه الأيام ببعض الأمل تجاه التغييرات والإصلاحات، ويعتقدون أنه من خلال التفاوض والإصلاحات الداخلية يمكن معالجة بعض الاختلالات، لكن ما إذا كانت هذه التغييرات ستؤثر فعليا في الحياة الفردية والاجتماعية للمواطنين، فهو أمر مشروط بتحقيق اتفاق، إذ إن المفاوضات وحدها لا تكفي، فالمفاوضات تشكل جزءا من أحجية الإصلاح والتحسين.

وقد تؤدي المفاوضات الإيجابية إلى ازدهار مؤقت في الأسواق وتحسُّن نسبي في المؤشرات الاقتصادية، لكن هذا التحسن لا يكون مستداما، وقد يتراجع مجددا عند أول صدمة تالية. وما هو مهم حقا هو التوصل إلى اتفاق محتمل بين إيران والولايات المتحدة، إذ إن المفاوضات تقوم على تبادل الآراء وطرح المطالب على الطاولة.

 لكن الأهم من كل ذلك هو الوصول إلى اتفاق بين الطرفين. ومن خلال هذا الاتفاق يمكن أن يتعزز الأمل وتزدهر مشاعر التفاؤل لدى الناس، ما يؤدي إلى مزيد من الحيوية والنشاط الاجتماعي.

كيف تُقيّمين الوضع العام للناس وأجواء المجتمع؟ وهل تعتقدين أن الناس مستعدون للدخول في مرحلة جديدة؟

أشعر أن المفاوضات نقلت الناس من وادي اليأس إلى وادي بين اليأس والأمل. وهو وضع برزخي، حيث تظهر بعض بوادر الأمل بعد المفاوضات وجهود الحكومة لتحسين المسارات الخاطئة السابقة، لكن التجارب السابقة وعراقيل معارضي المفاوضات والاتفاق، بالإضافة إلى مصالح المستفيدين من العقوبات، تجعل الناس قلقين من فشل المفاوضات والاتفاق. 

والحقيقة أن الناس لم يكتسبوا أملا كاملا بعد، وليسوا يائسين أيضا، وهم يترقبون مستقبلا مشرقا. فإذا تم التوصل إلى اتفاق نهائي، سينتقل الناس من وادي اليأس والأمل إلى أرض الأمل والحيوية، وستصبح حياتهم الفردية والاجتماعية أكثر نشاطا وسعادة.

ما هو أهم مطلب لدى الشعب الإيراني في الظروف الحالية؟ وماذا يطلبون من المسؤولين والحكومة؟

أهم مطلب للشعب الإيراني في الظروف الحالية هو رفع العقوبات الاقتصادية. لقد أنهكت العقوبات والتضخم وارتفاع الأسعار كاهل الناس. فهذا البلد يعاني من مشكلات العقوبات منذ حوالي نصف قرن. من حق الناس أن يطالبوا المسؤولين بحياة عادية وروتينية. وإذا تم رفع العقوبات، يمكن تحقيق مطالب أخرى مثل تحسين مستوى المعيشة، وزيادة القدرة الشرائية، وتحسن مؤشرات النمو الاقتصادي. ولرفع العقوبات، نحن بحاجة إلى اتفاق دائم ومستقر.

 أما طلب الأمريكيين التحقق من البرنامج النووي، فيمكن تحقيقه من خلال إنشاء تكتل دولي بقيادة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لذا، يجب علينا كما في السابق التأكيد على أن تقوم الوكالة بزيادة الرقابة، بشرط أن تُحفظ مصالح إيران، كما أن إيران لن تقبل بمطالب إضافية تتجاوز التحقق من برنامجها النووي.

وإذا ظنّت أمريكا أنها تستطيع إدخال إيران إلى طاولة المفاوضات بشأن القضايا الصاروخية أو تقييد قدراتها الدفاعية، فهذا خطأ فادح. ومن الطبيعي أن يكون لكل دولة استراتيجية وسياسة دفاعية، وأن تقوم بتوفير تجهيزاتها الدفاعية. انظر مثلا إلى دول الجوار التي اشترت من أمريكا أسلحة حديثة بمئات المليارات من الدولارات. فمن الضروري لإيران أن تمتلك قدرة دفاعية تقليدية متوازنة للحفاظ على التوازن في المنطقة.

والجدير بالذكر أن إيران في موقع يمكنها من تأمين جزء من احتياجاتها التسليحية، رغم أن الصواريخ وحدها ليست كافية، ويجب عليها العمل على إنتاج أو شراء طائرات مقاتلة واحتياجات أخرى. ويجب أن تمتلك إيران أسلحة تقليدية تتناسب مع الظروف الدولية وتوفر الردع اللازم.

هل تعتقدين أن محاولة الحكومة إضافة مرفقات اقتصادية إلى المفاوضات يمكن أن تساعد إيران في التوصل إلى اتفاق وتشكيل ضمانات تنفيذية له؟

إن النقاشات الاقتصادية تحتلّ أولوية قصوى بالنسبة لإيران، إذ تحتاج إيران إلى الاستثمار لتحسين المؤشرات الاقتصادية وزيادة الرفاه العام. يمكن أن تكون هذه الاستثمارات داخلية أو خارجية. لكن مشكلة العقوبات رفعت من مخاطر الاستثمار في إيران وجعلت المستثمرين يشعرون بالقلق حيال استثماراتهم.

لذلك، يجب في المقام الأول تقليل مخاطر الاستثمار في إيران. والحكومة تسعى أساسا إلى خفض هذه المخاطر. لتحقيق ذلك، كما يجب على إيران من جهة التوصل إلى اتفاق مع أمريكا وأوروبا، ومن جهة أخرى الانضمام إلى مجموعات مثل مجموعة الـعمل المالي FATF لتحسين سهولة المعاملات المالية والبنكية والتجارية.

إن نشر الأخبار الإيجابية عن احتمال التوصل إلى اتفاق مع أمريكا، بالإضافة إلى مصادقة البرلمان على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (باليرمو)، يعكس إدراك الحكومة لأهمية جذب الاستثمارات لإيران، ويسعى إلى توفير البيئة الملائمة لتعزيز نشاط الاقتصاد الإيراني وتسريع نموه.

كيف تُقيّمين أداء حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وشخصية بزشكيان؟ هل ترين أن عدم اعتبار بزشكيان للمفاوضات كمشروع خاص بالحكومة فقط واعتبارها ملفا بمشاركة جميع أركان الحكم نهج إيجابي؟

خلال أقل من 9 أشهر، تمكنت الحكومة من تحقيق جزء كبير من وعودها، لكن إذا أردنا الإشارة إلى نقطة ضعف في الحكومة، فهي عدم تقديم معلومات مناسبة حول إنجازاتها، فقد قدمت حكومة بزشكيان أداء جيدا في العديد من المجالات، لكن هذه الإنجازات لا تنعكس بشكل جيد. فقد يكون هذا مرتبطا بأخلاق بزشكيان في الابتعاد عن الضجة الإعلامية، لكن من الضروري أن تستخدم الحكومة الإعلام والدبلوماسية العامة بشكل أفضل. 

يجب على الحكومة أن ترسم إطارا واضحا للمستقبل، ويجب تصميم وتنفيذ استراتيجيات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد في المجال التنفيذي.

إلى أي مدى تعتقدين أن تعامل الحكم داخليا مع مختلف الفئات والطوائف والأحزاب والمجموعات إلى جانب المفاوضات الخارجية يؤثر على النتائج؟

هذا أمر ضروري لا يمكن إنكاره، حيث يكون الاتفاق مؤثرا فقط عندما تزداد المشاركة الشعبية داخليا، كما يؤمن بزشكيان بالوحدة الوطنية. وبالطبع، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الوحدة الوطنية ستكون ناجحة فقط إذا قبل الطرف الآخر ضرورياتها. وللأسف، بعض التيارات المتشددة في إيران لا تفهم الوحدة بشكل صحيح. 

فهم يظنون أن الوحدة تعني تحقيق جميع مطالبهم من الحكومة دون أن يساهموا في دفع الأمور قدما أو في حل المشكلات، وهذا فهم خاطئ للوحدة، ويجب على مختلف الجماعات أن ترد بشكل مناسب على جهود الرئيس بزشكيان، فإيران بلد للجميع، لجميع الأطياف، والجماعات، والطبقات، وليست حكرا على جناح أو أقلية معينة، لذلك لا بد من اعتماد هذه التعددية.