ناشط إصلاحي إيراني: استجوابات وشيكة تهدد وزراء حكومة بزشكيان

أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، الأحد 4 مايو/أيار 2025، حوارا مع غلام علي رجائي، الناشط السياسي الإصلاحي، ناقشت فيه توقعات العلاقة بين البرلمان والحكومة وملفات الاستجواب القادمة.

أشارت الوكالة إلى أن نواب البرلمان شرعوا في اجراءات استجواب جديدة، و يعتزمون إقالة ثاني وثالث وزير في حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وتعد فرزانه صادق مولوَجرد، وزيرة الطرق وإعمار المدن، وعباس علي‌آبادي، وزير الطاقة، الهدفين الثاني والثالث لهؤلاء النواب، غير أن التحركات ضد الوزيرة المرأة تبدو أكثر جدية.

وتابعت أن ذلك يحدث في وقت لم يمر فيه عام واحد على تولي وزراء الحكومة مناصبهم، ومع ذلك، أكد ناشط سياسي أن المتشددين في البرلمان كانوا يسعون، بعد شهرين فقط من بدء عمل الحكومة، إلى بدء استجواب وزراء بزشكيان.

نص الحوار:

إلى أي حد ترى أن سعي شريحة من نواب البرلمان إلى تنفيذ ثاني وثالث استجواب لوزراء في حكومة بزشكيان سياسي، وإلى أي درجة تراه فنيا؟

أعتقدـ وكما قلت سابقاـ أن بزشكيان والفريق الرئيسي المقرّب منه يجب أن يبادروا بأنفسهم إلى تعديل التشكيلة الوزارية، لا شك لديّ في أن هذا العام سيكون عاما يتدخل فيه البرلمان لإحداث هذا التغيير؛ ومن الممكن إذا بادر بزشكيان بنفسه إلى هذا التعديل، أن يُعد ذلك نوعا من استباق الأحداث، وقد يُفاجئ البرلمان أيضا.

لكني واثق بأن خطط استجواب وزيرين أو ثلاثة، مدرجة على جدول أعمال أعضاء جبهة بيداري، هذا التيار منح الحكومة في البداية ثقة “نابليونية”، وكان ذلك بسبب توصيات بزشكيان واستخدامه رصيد المرشد الأعلى، في خطوة غير مسبوقة، منحوا جميع أعضاء الحكومة الثقة، لكن بعضهم لم يكن راضيا أو مطمئنا منذ البداية. 

والآن يريدون تصفية حسابهم، وبرأيي، على الأقل اثنان إلى ثلاثة وزراء سيكونون ضمن قائمة الاستجوابات، والآن، استغلّوا قضية بندر عباس كذريعة لذلك.

في الواقع، أرى منذ البداية أن اختيار فرزانه صادق لم يكن موفقا، ولو كان المطلوب تعيين امرأة وزيرة، لكان من الأفضل أن يتم تعيينها في وزارة مثل الصحة أو وزارات مشابهة. 

طبعا، لا أؤيد أبدا أن يُختزل الموضوع في مسألة النوع الاجتماعي، لكن بزشكيان كان بوسعه أن يعيّن امرأة في وزارات مثل التعليم العالي، والتربية والتعليم، والصحة، أو التراث الثقافي، أما وزارة الطرقـ وهي وزارة تندرج تحتها عدة وزاراتـ فليست المكان المناسب برأيي لتسليمها إلى امرأة شابة تفتقر إلى خبرة وزارية.

لكن فرزانة صادق كانت سابقا نائب وزير..

إنه عمل شاق ومليء بالتنقل والمهام؛ طرق، مواصلات، سفن، بحر، وغيرها من القضايا التي لكل منها دورة إدارية معقدة، وإدارتها ليست بالأمر السهل، وهذه المهام لا تُقارن بالأعمال الإدارية في وزارات مثل التربية والتعليم المخصصة غالبا للنساء، حيث لا توجد مثل هذه التحديات، أو مثلا الوزير الذي يزور عددا من الجامعات ويتنقل بينها، لا يواجه التحديات نفسها.

أعتقد أن تركيبة الوزارات تختلف حسب الشخصيات التي يتم تعيينها فيها، مثلا، لا يمكن إيجاد وزارة أهدأ من وزارة العدل، التي تمثل حلقة الوصل بين الحكومة والسلطة القضائية، أو مثلا وزارة الدفاع، فهي وزارة أقل احتكاك بالصراعات اليومية والسياسية. 

ولهذا السبب، عادةً ما تحظى هذه الوزارات بدعم يفوق مئتي صوت في جلسات منح الثقة، ولم يحدث في تاريخ البرلمان أن فشلت هذه الوزارات في نيل الثقة، وهذه وزارات تعد أقل تحديا، بينما وزارات أخرى، كوزارة الطرق، تتميز بتنوع مهامها وتعدد أزماتها.

لكن هذا لا يعني أن جبهة بيداري ستتوقف عن الضغط على الحكومة؛ لأن الحكومة التي كان البرلمان الحالي يتوقعها، هي حكومة سعيد جليلي، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، الذي خسر في نهاية المطاف الانتخابات. 

وبطبيعة الحال، يريدون الآن استخدام صلاحياتهم، وأنا على علم بأنهم كانوا ينوون، في الشهر الثاني من بدء الحكومة، استجواب بعض الوزراء، لكن المرشد الأعلى كان قد صرّح بأن أي وزير لا يمكنه أن يُظهر أداءه خلال شهرين فقط، وهذا ما أدى إلى تأجيل الموضوع، لكن الآن وصلنا إلى تلك المرحلة الزمنية مجددا.

هل تقصد منذ شهر أكتوبر 2024؟

لقد سمعت أنّ مسألة استجواب بعض الوزراء طُرحت منذ الشهر الثاني أو الثالث من عمر الحكومة، لكن بعد تنبيه المرشد الأعلى- الذي قال إنّ أي وزير لا يمكنه خلال شهرين أو ثلاثة أن يقدّم برنامجا أو يُظهر أداءه- تمّ التراجع عنها مؤقتا، إلى أن وصلت المسألة إلى هذا التوقيت الحالي.

هل تعتقد إذن، في ضوء ما تفضلت به، أن هذين الاستجوابين سياسيان؟

إذا لم يحدث أمر استثنائي، فسيتم تمرير الاستجوابين، وبرأيي، سيتم استجواب الوزيرين معا.

الوزيران كلاهما؟

نعم، بالضبط، ولهذا السبب أقول إنه على الحكومة أن تُجري تقييما من طرفها، وأن تُبادر إلى التعديل الوزاري قبل أن تسقط في فخ البرلمان.

ما هي الوزارات التي يجب أن تخضع للتعديل؟

في الوقت الراهن، ليست لديّ قراءة دقيقة لأداء الحكومة، لكن في ما يخص المحافظين، هناك نقاش يدور حول ستة أو سبعة محافظين ثبت فشلهم، وقبل أيام، كنت عند محمد خاتمي الرئيس الإيراني الأسبق، فسألني: هل هذا الخبر صحيح؟ فقلت له: نعم، صحيح تماما.

ما الحاجة إلى أن يبقى المحافظ في موقعه سنة كاملة؟ في بعض المحافظات، اتضح خلال أول شهرين أو ثلاثة أن الأشخاص المعنيين لا يصلحون لهذا المنصب، يجب على الحكومة أن تتحرك سريعا وتقوم بتغييرهم.

كيف تقيم توجهات رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف؟

لا أعتقد أنقاليباف يلعب دورا محوريا في هذا الملف، لكن بما أن الغالبية في البرلمان تنتمي إلى جبهة بيداري، فمن الطبيعي أن يكون هناك نوع من التنسيق معهم، وقد يُحاول هو وتياره الانسجام مع السلطة العامة ليبقوا منسجمين مع الهيكل البرلماني، ولكن على العموم، إذا حدث أمر ما، فإن البرلمان سيكون مضطرا للانحياز إلى الغالبية. 

وغالبية البرلمان اليوم إما من أنصار جبهة بايدراي وإما أنهم متأثرون بهم، ولهذا لا أرى في قاليباف عائقا كبيرا أمام  بزشكيان.

يرى البعض أن قاليباف تراجع عن موقفه في استجواب عبد الناصر همتي، أو على الأقل التزم الصمت، ما رأيك في منح جبهة بيداري فرصة للمضي في الاستجواب؟

لا يمكنني أن أجزم بذلك، لأني لم أكن قريبا من تفاصيل المسألة لأعرف إن كان قاليباف يستطيع أن يمنع هذه الاستجوابات أم لا، لكنك تعلم أيضا أن رئيس البرلمان لا يستطيع أن يواجه المجلس سوى إلى حد معين؛ كأن يؤخّر إحالة الطلب أو لا يعلن استلامه، أو يوصي بتأجيل الموضوع. 

ولكن في النهاية، قد يُضطر إلى الرضوخ، لأن الأمر يتعلق بالأغلبية البرلمانية، ومن هذه الأغلبية، ستستمر الضغوط على الحكومة لفترة طويلة، لقد انتهت مرحلة “شهر العسل” بين الحكومة والبرلمان.

وهل تعتقد أن عدد الاستجوابات سيزداد مستقبلا؟

أظن أن هناك على الأقل وزيرين إلى ثلاثة مدرجون على جدول الاستجوابات هذا العام.

كلمات مفتاحية: