- شروق حسن
- 22 Views
في ظل تصاعد الجدل الشعبي والإعلامي حول قضية اعتقال أبناء كاظم صديقي، إمام جمعة طهران، أجرَت صحيفة آرمان ملي يوم الخميس 12 يونيو/حزيران 2025، حوارا مع حسين أنصاري راد، الناشط السياسي الإصلاحي، الذي شدد فيه على أهمية الشفافية والمساءلة في مناصب دينية حساسة كإمامة الجمعة.
نص الحوار:
ما تأثير اعتقال أبناء صديقي، إمام جمعة طهران، على الرأي العام في المجتمع؟
الشخص الذي يتولى منصب إمام الجمعة يجب أن يتحلى بالإنصاف والعدالة من جميع الجوانب، وينبغي أن ينعكس هذا السلوك كذلك على عائلته والمقرّبين منه.
لذلك، يمكن القول إن استمرار صديقي في أداء خطبة وصلاة الجمعة، في ظل اعتقال أبنائه ووجود غموض متعدد حول القضية، ليس ضروريا، ويمكن للمرشد أن يُعيِّن شخصا آخر بدلا عنه في إمامة جمعة طهران.
الأحداث التي دارت في محيط صديقي، وبالقدر الذي طُرِح في وسائل الإعلام، جعلت مكانته في إقامة صلاة الجمعة موضع تشكيك.
في مثل هذه القضايا المهمة، تُعدّ مقبولية الشخص لدى عامة الناس أمرا بالغ الأهمية، ومع أن التفاصيل الدقيقة لملف أبناء السيد صديقي لم تُعلَن بعد، إلا أن مكانة إمامة الجمعة ذات شأن كبير إلى درجة تجعل موقعه وموقع المقرّبين منه غير مقبول في نظر الناس.
ومن وجهة نظري، ما دامت هذه القضايا لم تتضح بعد، فإن مصلحة البلاد والثورة تقتضي ألا يواصل أداء هذا الدور في الوقت الحالي، وكان من الأفضل، في الحقيقة، أن لا يعود صديقي إلى منبر الجمعة منذ اللحظة الأولى التي أُثيرت فيها الشبهات المالية حول عائلته.
والنقطة المهمة هنا هي ضرورة التصدي لقضايا الفساد المالي في البلاد، والتي تُتابَع بجدية من قِبل السلطة القضائية، وفي الواقع، فإن التصدي لملفات من هذا المستوى يُعدّ دليلا على جدية القضاء في مواجهة المشكلات والفساد.
لماذا نشأت مثل هذه الحالة؟
بعيدا عن الموضوع المطروح حاليا، فإن مثل هذه المشكلات لها جذور وأسباب متعددة، ربما يمكن اعتبار غياب مبدأ الجدارة (الكفاءة والاستحقاق) أحد أسبابها، وهو مبدأ يمكن تطبيقه في مناصب متعددة، فعندما يُستبعَد مبدأ الجدارة، يصبح من المحتمل أن تظهر مشكلات متنوعة في البلاد، ويتولى المسؤولية أشخاص لا يمتلكون الكفاءة اللازمة.
ولا شك أن الفساد الأخلاقي والمالي لا ينبغي أن يكون موجودا في نظام يعتبر نفسه إسلاميا، والجهود التي تبذلها السلطة القضائية تأتي في هذا السياق.
فوفقا لتوصياتنا الدينية وتأكيداتنا الإسلامية، فإن أساس إدارة المجتمع الإسلامي يرتبط بسلامة النفس وتزكيتها.
وفي هذه القضية الأخيرة، وبالنظر إلى أهمية موقع إمامة الجمعة، أعتقد أن المرشد الأعلى يستطيع التدخل، وباعتباره المرجع الفاصل في القضايا، يمكنه إنهاء هذه المسألة بتعيين شخص آخر في هذا المنصب.
معالجة قضايا عائلة صديقي أمر مهم، ومن الأفضل أن يبادر هو بنفسه ويتنحّى مؤقتا عن موقعه إلى أن تُرفع التهم عن أقاربه، والجدير بالذكر، بحسب ما سمعته، أن صديقي نفسه يبدو أنه قد امتنع عن الحضور في صلاة الجمعة.
هل يمكن تحميل صديقي مسؤولية أخطاء أبنائه؟
كلا؛ هذا الأمر غير صحيح، وقد ورد صريحا في الدين الإسلامي أنه لا يجوز تحميل شخص وزرَ خطأ ارتكبه شخص آخر، هذا المبدأ ينطبق كذلك على حالة صديقي، ولا ينبغي تحميله مسؤولية الأخطاء المحتملة لأبنائه.

لكن لا يمكن إنكار تأثير مثل هذه الوقائع على الرأي العام، فكل الجهود تُبذل حاليا لمنع المساس بالمكانة القانونية لمنصب إمام الجمعة.
حين يرتكب أقارب مرجع تقليد، أو إمام جمعة، أو مسؤول في الدولة خطأ ما، فإن تبعاته الأخلاقية والقانونية تقع على عاتق هؤلاء الأشخاص أنفسهم، لا على آبائهم.
وقد أكد الإسلام أيضا عدم تحميل أحد ذنب غيره، ومن هذا المنطلق لا أعتبر صديقي مسؤولا عن هذه المسألة، بل ينبغي أن تُعالَج قانونيا كقضية تعود إلى أبنائه.
ومع ذلك، يتوقع الناس من عائلة من يتولى إمامة الجمعة أن يتصرفوا بما يليق بمكانة والدهم، لا أن يقوموا بأفعال غير قانونية أو مخالفة.
فإذا كانت مواقف الأب منفصلة تماما عن أفعال الأبناء، ولم يكن له أي دور أو تدخل في هذه القضايا، فلا ينبغي تحميله تبعات ما ارتكبوه، وتكون حالته مختلفة.
ومع الأخذ في الاعتبار لصفات السيد صديقي ومعرفة الناس العامة له، فإن ردود فعل المجتمع حيال هذه القضية قد ازدادت.
بمعنى أن وقوع حادثة كهذه لشخص في مدينة نائية مثلا، كان سيكون لها وقع مختلف تماما عن حال صديقي، حاليا، هناك حالة من البلبلة في أذهان الناس تجاه عائلته، ونظرا إلى موقعه، يُقال إن تصرفه وردّ فعله قد يلعب دورا في تقليل حدّة هذه الحساسيات.
أما عودته إلى منبر صلاة الجمعة، فقد تُحدث تبعات سلبية على البلاد والنظام، وفي الوضع الحالي، هناك إجماع بين الشخصيات السياسية والاجتماعية على أن عودته المحتملة قد تضر بالمكانة القانونية لإمامة الجمعة، ومع ذلك، فإن القرار النهائي في هذا الشأن يعود إلى المرشد.
ما الأثر الذي تُخلّفه مثل هذه الحوادث على المجتمع؟
الواقع أنه إذا استمرت هذه القضايا، فستُلحق ضررا لا يمكن تعويضه بالمؤسسة الدينية، وأنا، بوصفي رجل دين، أقول ذلك عن قناعة، وأرى أنه لا ينبغي التغاضي أو الإهمال بطريقة تُفقد المؤسسة الدينية مكانتها في المجتمع.
إذا كانت المؤسسة الدينية تسعى إلى استعادة موقعها السابق، فعليها أن تتبنى نهجا جديدا وتحمي نفسها من مثل هذه الضربات، هناك من يعتقد أن الخطوة الأولى هي أن تحافظ المؤسسة الدينية على مسافة من السلطة، وألا تسعى فقط إلى الوصول إليها.
هذا الرأي يسلّط الضوء على الجوانب المفسدة للسلطة، فمن يسعى إلى السلطة، إن لم يصن نفسه، سيقع في الفساد عاجلا أو آجلا، سواء بقصد أو من غير قصد.
في الماضي، كان الناس يعتبرون رجال الدين ملاذا لهم، ولذلك كانوا يرجعون إليهم في مختلف القضايا، أما اليوم، فقد بات رجال الدين، بطرق مختلفة، متداخلين مع السلطة، وهذا ما جعل الناس أكثر حساسية تجاههم من ذي قبل.
هناك تيار متشدد من داخل الصف الديني يسعى إلى فرض رؤيته باسم الدين والدولة في إدارة شؤون البلاد.
بعضهم يرى أن على رجال الدين التدخل في السياسة الداخلية والخارجية، في حين أنهم أغفلوا المبادئ، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، وتوزيع السلطة، والسيادة الوطنية، وركزوا على قضايا هامشية.
في الحقيقة، الاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية هي مجالات علمية ينبغي أن تُترك لأصحاب الخبرة والاختصاص لاتخاذ أفضل القرارات بشأنها، ومن جهة أخرى، فإن كل فئات الشعب الإيراني، يمينا ويسارا، دينيين وعلمانيين، من مختلف المهن والطبقات، شاركوا في الثورة، وكان من الطبيعي أن تُدار البلاد بناء على إرادة جميع المواطنين، لكن هناك مجموعة محددة تسعى إلى احتكار السلطة لصالحها.