ناطقو الأحزاب الإصلاحية والاعتدالية يستعرضون أساليبهم التنظيمية والتواصلية

ترجمة: يسرا شمندي

أجرت صحيفة هم‌ میهن الإصلاحية، في  13 مايو/أيار 2025، حوارا مع كل من المتحدث باسم حزب نداء الإيرانيين سعيد نورمحمدي، والمتحدثة باسم حزب اتحاد الأمة فاطمة بهلواني، والمتحدث باسم حزب الاعتدال والتنمية جواد هروي، ناقشت فيه دور المتحدثين الرسميين في الأحزاب السياسية الإيرانية، وأهمية هذه المناصب في الإعلان عن مواقف الأحزاب السياسية بشأن القضايا الداخلية والخارجية.

وإلى نص الحوار:

ما موقع المتحدث الرسمي في النظام الحزبي الإيراني، وإلى أي مدى يُنظر إلى هذا المنصب بجدية؟

سعيد نورمحمدي:
في النظام الحزبي الإيراني، يعتمد دور المتحدث الرسمي بشكل أساسي على الشخصية الفردية والعلاقات الداخلية داخل الحزب بدلاً من هيكل الحزب. ويُعتبر المتحدث في إيران في الغالب مجرد ناقل للمواقف والرؤى الحزبية، بينما في الأحزاب المتقدمة، يصبح المتحدث جزءا استراتيجيا مهما ويرتبط دوره بكونه وسيلة للتواصل بين الحزب والمجتمع. حتى يتم تطوير بنية حزبية مهنية في إيران، لن يكون للمتحدث مكانة رسمية ومستقرة.

فاطمة بهلواني:
في النظام الحزبي الإيراني، يُعتبر المتحدث الرسمي ممثلا للمواقف الرسمية للحزب، لكن من المهم أن نلاحظ أن بعض الشخصيات البارزة قد تعبر عن آراء شخصية قد يظن البعض أنها تمثل مواقف الحزب. إن العملية الديمقراطية الحزبية تتطلب أن تمر المواقف عبر نقاش ومراجعة جماعية قبل أن يعلنها المتحدث الرسمي، ويتطلب دور المتحدث الأمانة التامة تجاه رأي الحزب وتجنب التأثيرات الشخصية، وعلى الرغم من الاتجاه نحو إعلان المواقف عبر المتحدث، لا يزال الحزب في مرحلة تطور ولم يصل بعد إلى النضج الكامل في تبني آلية نقاش داخلي تضمن إصدار مواقف رسمية بعد مراجعة جماعية.

جواد هروي:
للأسف، الأحزاب السياسية في إيران بشكل عام لا تتمتع بحضور مستمر وفعّال، إذ تقتصر نشاطاتها على فترات الانتخابات، ثم تختفي بعدها. لكن هناك أحزاب مثل الاعتدال والتنمية التي تعقد اجتماعات منتظمة، مثل اجتماعات مجلسها المركزي شهريا لمتابعة الأحداث المحلية والدولية واتخاذ مواقف رسمية.

ففي حزب الاعتدال والتنمية، يتم التعبير عن مواقف الحزب تجاه القضايا المختلفة من قبل المتحدث الرسمي، الذي تختلف صلاحياته وفقا لهيكل الحزب ومدى قوة مجلسه المركزي. فالأحزاب التي تملك هيكلا قويا ومنظما تمنح المتحدث دورا أكبر.

الحزب بدأ مؤخرا في إعادة هيكلة نفسه، بتدريب أعضائه، وخاصة في المجلس المركزي. كما تم اشتراط اجتياز دورات معينة لأعضائه الجدد في مجالات مثل التاريخ المعاصر والسياسة الخارجية قبل انضمامهم. ويتم منح المتحدث الرسمي في الحزب صلاحيات واسعة للتعبير عن مواقف الحزب ضمن قرارات المجلس المركزي والمكتب السياسي.

استنادا إلى تجربتكم، ما هي المآخذ أو العيوب التي يمكن توجيهها إلى نظام المتحدثين الرسميين في الأحزاب داخل إيران؟

سعيد نورمحمدي:
إن الانتقاد الرئيسي يعود إلى أداء الأحزاب الإيرانية، حيث تفتقر غالبية الأحزاب إلى الاجتماعات المنتظمة ضمن المجلس المركزي أو المكتب السياسي. وفي العديد من الأحزاب، تُعقد اجتماعات للمجلس المركزي فقط بعد المؤتمر العام لتعيين الأمين العام، ثم لا تُعقد اجتماعات دورية لتحليل القضايا. ونتيجة لذلك، إما أن الأحزاب لا تصدر مواقف تجاه الأحداث، أو أن المواقف الصادرة لا تُناقش بشكل صحيح. معظم هذه الأحزاب تصبح أدوات للمطالبة بحصص داخل التيارات السياسية.

لذلك، تصبح مقابلات الأمين العام أو المتحدث باسم الحزب مجرد إجراء شكلي في كل من التيارين الإصلاحي والأصولي، كما أن عدد الأحزاب التي تعقد اجتماعات منتظمة قليل جدا، ومعظمها يتحول إلى تجمعات صداقة أو عائلية دون ممارسة وظائفها الحزبية بشكل سليم. وفي هذه الظروف، لا يستطيع المتحدث الرسمي أداء دوره كوسيط بين الحزب والجمهور، وغالبا ما تعكس تصريحاته آرائه الشخصية.

فاطمة بهلواني:
لم أُمعن النظر كثيرا في أداء المتحدثين باسم الأحزاب الأخرى، لكن بشكل عام أستطيع القول إن المشكلة تكمن في قدرة المتحدثين على التعبير عن خلاصة مواقف الحزب والامتناع عن طرح آرائهم الشخصية. وفي بعض الأحيان، يطرح المتحدث مواقف تجعلك تشعر أنها رأيه الشخصي، مع أننا نعلم أن الموقف الجماعي للحزب مختلف تماما.

وهذا يُعد نوعا من استغلال المتحدث لمنصبه لصالح توجهاته الخاصة، وهذا – في رأيي – من أهم الإشكاليات التي ينبغي العمل على تحسينها. ولكن لا أعتبرها بعدُ من قبيل الآفات الخطيرة، لكنها بالتأكيد نقطة قابلة للتطوير.

جواد هروي:
بحسب الإحصاءات المتوافرة، في إيران، هناك أكثر من مئة حزب، لكن القليل منها فقط يعلن مواقف واضحة تجاه القضايا الجارية. ومن أهم مؤشرات حيوية الحزب وفعاليته هو وجود متحدث نشط يمتلك صلاحيات كافية. وللأسف، وسائل الإعلام لا تتفاعل بشكل مناسب مع نشاط المتحدثين، مما يحد من قدرتهم على التعبير عن مواقف الحزب بشكل فعّال. 

فالمتحدث الذي يُفترض أن يكون الشخص المسؤول عن إعلان مواقف الحزب، يواجه صعوبة في أداء دوره إذا كان يعمل في بيئة مغلقة وغير نشطة.

وكثيرا ما تحدث أحداث مفاجئة تتطلب موقفا سريعا من الحزب، ولكن إذا لم يكن هناك وقت كاف للتشاور مع القيادة، يصبح الأمر صعبا. فالأحزاب المنفتحة فقط هي القادرة على التعامل مع هذه التحديات، بينما الأحزاب الأخرى تتجنبها، مما يعكس نهجا محافظا. لذلك، فإن وجود متحدث نشط يعكس حزبا يقظا ونشيطا جاهزا دائما للتفاعل والرد.

ما هو موقع المتحدث الرسمي في حزبكم؟ وكيف تسير آلية عمله؟

سعيد نورمحمدي: في حزب “نداء الإيرانيين”، يتم إعلان مواقف الحزب بطريقتين: الأولى تكون في القضايا التي تم مناقشتها مسبقا داخل الحزب، حيث يتم التعبير عن المواقف استنادا إلى الوثائق الحزبية مثل النظام الداخلي أو البيانات التي تم الاتفاق عليها سابقا. وفي هذه الحالات، يعكس المتحدث الرسمي المواقف المتفق عليها دون الحاجة إلى نقاش جديد.

أما في القضايا الجديدة التي لم يتم اتخاذ موقف مسبق بشأنها، فإن مجلس السياسات الأسبوعي يناقشها ويقرر الموقف. بعد الوصول إلى نتيجة، ثم يتم التعبير عن الموقف من خلال بيان أو خبر أو مقابلة مع المتحدث الرسمي. والمتحدث ملزم بتصريح الموقف بناء على ما تم الاتفاق عليه داخل الحزب، كما حدث في قضية زيارة أحد نواب الرئيس إلى القطب الجنوبي.

فاطمة بهلواني: في حزب اتحاد، يُعتبر المتحدث الرسمي مسؤولا عن التعبير عن مواقف الحزب. ويشارك المتحدث عادة في اجتماعات المكتب السياسي الأسبوعية للتعبير عن خلاصات النقاشات حول القضايا الراهنة. وفي حالات الطوارئ التي لا تسمح بعقد اجتماع، يعمل المتحدث مع الأمين العام ونواب الحزب لصياغة الموقف الحزبي ونشره.

ويحرص الحزب على تقليص هذه الحالات ويعمل على اتخاذ المواقف عبر نقاشات المكتب السياسي. ولا يُفترض أن يصدر المتحدث بيانا عن كل قضية صغيرة. الأمين العام، السيدة منصوري، قد تعبر عن مواقف الحزب في بعض الأحيان، ولكن ضمن إطار مواقف الحزب وبموافقة المكتب السياسي. ويفضل الحزب مناقشة القضايا في الاجتماعات الأسبوعية أو عبر الإنترنت لاتخاذ قرارات سريعة.

جواد هروي: في حزب “الاعتدال والتنمية”، يحتل المتحدث الرسمي المرتبة التالية بعد الأمين العام، ونائب الأمين العام، ورئيس الجهاز التنفيذي، ويُعد من الشخصيات البارزة في الهيكل الحزبي. ولديه صلاحيات واسعة، منها التعبير عن المواقف في القضايا العاجلة والفورية.

وما يميز الحزب هو أن المجلس المركزي والأمين العام منحوا المتحدث صلاحيات كاملة ليكون فاعلا بالكامل في التصريحات والحوارات الإعلامية، وهذا يُعد نقطة قوة للحزب. ومن الجدير بالذكر أن منصب المتحدث الرسمي في الحزب أصبح خلال العامين الأخيرين أكثر انفتاحا في التعامل مع وسائل الإعلام والتصريحات الصحفية.

في ما يخصك وحزبك، ما مدى التوافق بين المواقف التي تُتخذ في موقع المتحدث الرسمي، ومواقف الأمين العام والمجلس المركزي؟ وإلى أي حدّ هناك تنسيق في المواقف؟

سعيد نورمحمدي: في حزب مثل “نداء الإيرانيين” الذي يمتلك قاعدة تنظيمية معتبرة وتُعقد فيه اجتماعات “مجلس السياسات” و”المجلس المركزي” بشكل منتظم، فمن المؤكد أن مواقف المتحدث الرسمي يجب أن تكون منسجمة مع آراء الأمين العام والمجلسين المذكورين. وإذا عبّر المتحدث في مقابلة إعلامية عن رأي شخصي، فسيواجه انتقادات ومساءلة من أعضاء الحزب.

وفي بعض الحالات، قد تكون هناك اختلافات في وجهات النظر بين أعضاء المجلس المركزي أو مجلس السياسات، وفي هذه الحالات، يلتزم المتحدث الرسمي بطرح القرار أو الموقف الذي أجمعت عليه الأغلبية، حتى إن كان رأيه الشخصي مخالفا لذلك. وعادة، يتم التشاور مع الأمين العام ونائب الشؤون السياسية قبل إعلان أي موقف، لضمان التوافق الكامل مع قرارات الحزب ومواقفه.

فاطمه بهلواني: إن المواقف التي يتم اتخاذها منسقة بنسبة 100%. ونحن نؤمن أن محور تصريحات المتحدث الرسمي يجب أن يعكس خلاصة آراء المكتب السياسي للحزب، فيما تُعتبر آراء الأمين العام بمثابة آراءه الشخصية. ولحسن الحظ، يوجد انسجام قوي بين أركان الحزب في الاتحاد، وأحد الأسباب المهمة لذلك هو انعقاد اجتماعات المكتب السياسي بشكل منتظم وبحضور الأمين العام.

وعندما تُعقد الاجتماعات بحضور الأمين العام، فإن المواقف التي يتبناها بدوره تنسجم أيضا مع مواقف المكتب السياسي والمجلس المركزي. ولتوضيح الصورة أكثر، فإن المكتب السياسي لدينا يعقد اجتماعاته الأسبوعية برئاسة الأمين العام وبحضور أعضاء المجلس المركزي، وهذا التكوين بحد ذاته يخلق تنسيقا عاليا داخل الحزب، بحيث إذا أدلى أي عضو من المكتب السياسي بتصريح، فغالبا ما يكون ذلك مبنيا على مناقشات سابقة في الاجتماع. والفرق الأساسي بين المتحدث الرسمي وباقي الأعضاء هو أن المتحدث مُلزم تمامًا بنقل خلاصة آراء الجماعة، ولا يجب أن يدرج رأيه الشخصي إطلاقا.

جواد هروي: ولحسن الحظ، وبناء على الاجتماعات المنتظمة التي نعقدها، سعينا دائما لخلق التنسيق اللازم بين المتحدث الرسمي، والأمين العام، ونائب الأمين العام، ورئيس الهيئة التنفيذية. ولهذا السبب، فإن الانسجام المثالي داخل الهيكل التنظيمي لحزب الاعتدال والتنمية منح المتحدث الرسمي القدرة على التعبير بحرية وفعالية عن مواقف الحزب.

وأضيف هنا، أنه خلال فترة عملي كمتحدث رسمي، لم يُشكك المجلس المركزي أو الأمين العام في أي موقف عبّرت عنه، بل صادقوا عليه دائما. وبالنظر إلى الخطوات الأخيرة التي قام بها الحزب، وما يشبه إعادة الهيكلة، فإن من أبرز ما تم التركيز عليه هو منح المتحدث حرية أكبر في التعبير عن كل ما يجري داخل الحزب.

وحزب الاعتدال والتنمية يسعى حاليا للتحول إلى نموذج يُحتذى به في إيران. وعلى هذا الأساس، أعدنا النظر في مسألة العضوية، ونأمل أن نبلغ هذا الهدف قبل الانتخابات المقبلة.