وزير الثقافة الإيراني الأسبق يحذّر من مخاطر استغلال المتشددين للخلافات بين إيران والولايات المتحدة

أجرت وكالة أنباء خبر أونلاين الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، الاثنين 9 يونيو/حزيران 2025، حوارا مع علي جنتي، وزير الثقافة والإرشاد في الحكومة الأولى للرئيس الأسبق حسن روحاني، حول تصاعد تحركات التيار المتشدد في مواجهة المسار الدبلوماسي للحكومة، ومستقبل المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة. 

وفي ما يلي نص الحوار:
ما سبب نشاط المتشددين ومعارضي الاتفاق النووي مؤخرا، وكيف تفسِّرون تزامن ذلك مع الأداء المناهض للاتفاق من جانب هيئة الإذاعة والتلفزيون؟

هؤلاء الجماعة كانوا منذ زمن بعيد يعارضون من حيث المبدأ أي نوع من المفاوضات مع الغرب. ففي عامي 2003 و2004، عندما كانت تُجرى مفاوضات بشأن القضايا النووية مع الدول الأوروبية الثلاث، كانوا يعارضون حتى مجيء وزراء خارجية تلك الدول إلى سعدآباد. مع أن تلك المفاوضات حالت دون إحالة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن. 

فبسبب تعليق جزء من أنشطتنا النووية لفترة مؤقتة، لم يُحال الملف إلى مجلس الأمن ولم تُصدر أي قرارات ضد إيران. وهؤلاء كانوا منذ ذلك الحين يعارضون أي مفاوضات تهدف إلى تسوية القضايا النووية.

وفي المراحل اللاحقة أيضا، كان بعض الأشخاص الذين تولّوا بأنفسهم مسؤولية الملف، مثل ممثل المرشد الأعلى الإيراني سعيد جليلي، عندما كانوا يذهبون للتفاوض، لم يكن الهدف من التفاوض حل المشكلة؛ بل كانوا يُلقون خطابات في جلسات التفاوض أو يتحدثون عن إدارة العالم، دون السعي الفعلي لحل القضية. 

وما زال هذا التيار مستمرا حتى اليوم. وخلال السنوات القليلة الماضية، كانت هناك العديد من الفرص لتسوية القضية النووية ورفع العقوبات، لكن المعارضة حالت دون ذلك.

وفي عام 2020، وبعد إحياء مفاوضات الاتفاق النووي، كانت الأمور على وشك التوصل إلى اتفاق، لكن فجأة تم إقرار قانون في البرلمان حال دون إتمام الاتفاق، مما أدى إلى فشل تلك الجهود، وذلك في وقت كانت إيران تتفاوض مع الدول الخمس المتبقية بعد انسحاب أمريكا. وما زال نهج العرقلة مستمرا من قِبل المتشددين وتجار العقوبات. 

إن قادة هذا التيار المتطرف إما لا يدركون المصالح الوطنية لإيران، أو أنهم يدركونها ومع ذلك يضحّون بها في إطار الألعاب السياسية والحزبية من أجل مصالحهم الشخصية، أو أنهم ببساطة من تجار العقوبات الذين يحققون أرباحا كبيرة من هذا الوضع.

بل إن معارضة هؤلاء للمفاوضات لا تؤثر كثيرا على الطرف المقابل، لأن الجانب الأمريكي يتبع سياسة تهدف إلى إخضاع إيران قدر الإمكان لرؤيته. فالأمريكيون يسعون إلى أن توقف إيران عملية تخصيب اليورانيوم، سواء اعترض المتشددون أم لا. ولا بد من تسوية هذه المسألة من خلال التفاوض بطريقة تضمن مصالح البلاد، وتؤدي إلى رفع العقوبات، وتمكّننا من خفض التوتر في علاقاتنا مع الغرب.

هل يعني نشاط المتشددين الحالي استغلالهم للخلافات بين إيران والولايات المتحدة؟

إن التيار المتطرف يحاول استقطاب أنصار في المجتمع من خلال شعارات خادعة، لأن لديهم أهدافا انتخابية ويركزون على الدورة المقبلة للبرلمان ويرفعون شعارات متشددة. وقد يكونون قد تلقوا إنذارا وصمتوا لفترة، لكنهم يعودون إلى الساحة مجددا ولا يلتزمون بأي تحذيرات حتى لو صدرت عن المرشد الأعلى، وهم يسعون وراء مصالح خاصة لمجموعتهم.

هل صحيحٌ أن وجود المتشددين في المفاوضات يساعد في الحصول على تنازلات أكبر من الطرف المقابل؟

هذا التبرير يردده عناصر التيار المتشدد، إذ يزعمون أنهم يعارضون من أجل تمكين وفد التفاوض الإيراني من الحصول على تنازلات أكبر. ومع ذلك، جليلي الذي تولى مسؤولية المفاوضات خلال رئاسة الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد، لم يتمكن رغم تشدده من حل أي قضية. لذا، من السذاجة أن نعتقد أن اعتراض هؤلاء يؤدي إلى منح الطرف المقابل تنازلات إضافية.

ما مدى جدية الخلافات بين إيران والولايات المتحدة؟ وما توقعاتكم لمصير المفاوضات غير المباشرة؟

إن المختصين في هذا المجال داخل إيران الذين يتابعون موضوع مفاوضاتنا مع الولايات المتحدة ينقسمون إلى مجموعتين. المجموعة الأولى ترى أن إيران تسعى من خلال هذه المفاوضات إلى رفع العقوبات وتأمين ظروف أفضل لإيران، ولذلك هي مستعدة لمنح تنازلات للطرف المقابل من أجل الوصول إلى نتيجة لأنها لا تملك خيارا آخر.

 ومن ناحية أخرى، يسعى الأمريكيون في المفاوضات للحصول على أكبر قدر من التنازلات، لأنهم يعتقدون أن إيران بعد أحداث عام 2024، وفقدان قوى المقاومة يجب أن تمنح تنازلات أكبر. لذا، هم أكثر حرصا على التوصل إلى اتفاق، وأقل ميلا إلى اللجوء إلى خيارات مثل تشديد العقوبات أو الهجمات العسكرية. كما أن هذه المجموعة متفائلة بالمفاوضات.

إن المجموعة الأخرى ترى أن أمريكا، بسبب النفوذ الكبير للواء الإسرائيلي والتيار المؤيد لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، وخاصة الفريق المقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدءا من رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) مايك بومبيو، مرورا بأمين مجلس الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية نفسه مايك بومبيو، بالإضافة إلى عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين طالبوا ترامب مؤخرا برسالة مفصلة لتشديد العقوبات، ليست راغبة في التوصل إلى اتفاق.

وذلك لأن إيران حددت خط أحمر واضح يتمثل في الحفاظ على التخصيب عند مستوى لا يقل عن 3.67%، وهو ما يتوافق مع معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) والضمانات التي تضعها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بينما الطرف المقابل يطالب إيران بوقف التخصيب تماما.

قد نظنّ أن الأمريكيين يريدون أن نرضى بالقليل لكنهم في الواقع إذا تمسّكوا بمواقفهم فسيكون واضحا أن المفاوضات لن تُثمر. وأنا شخصيا لست متفائلا بالتوصل إلى اتفاق مع أمريكا بسبب جماعات الضغط المحيطة بترامب، وخاصة لوبي الإسرائيليين وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين يعرقلون أي اتفاق ويسعون لفرض المزيد من العقوبات على إيران.

وخلال هذه المفاوضات، شهدنا تناقضات كثيرة في تصريحات وكتابات ترامب. ففي يوم يمتدح الشعب الإيراني ويقول إنه مهتم بالتفاهم مع إيران، وفي يوم آخر يصرّح بأن إيران يجب أن توقف التخصيب تماما وإلا ستواجه قصفا وظروفا صعبة. وفي ظل هذه الظروف، من الصعب التنبؤ بما سيحدث، والتوقعات صعبة لكلا الطرفين، لأن المفاوضات شديدة التعقيد والصعوبة. 

ونأمل أن تُحقق نتيجة تصب في مصلحة إيران وتمكّنها من التحرر من العقوبات الكارثية المفروضة عليها.