مبادرة طهران لإنشاء تحالف نووي إقليمي يضم السعودية والإمارات

المرشد الإيراني علي خامنئي- منصات التواصل

نشرت صحيفة أرمان ملي الإصلاحية، الخميس 15 مايو/أيار 2025، تقريرا أفادت فيه بأنه قد يتوقع البعض في البداية، أن تظهر السلطات الإيرانية رد فعل حادا على هذه التصريحات، إلا أن طهران تمتلك من النضج في مجال العلاقات الدولية ما يجعلها تمتنع عن الرد على مثل هذه الأقوال.

وأضافت الصحيفة أن إيران تواجه الإجراءات التي يتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بهدف جذب الدولارات النفطية العربية لتعزيز اقتصاد الولايات المتحدة، من خلال تقديم خطط جديدة تسعى إلى فتح آفاق واسعة أمام دول المنطقة.

وتابعت الصحيفة أن من بين هذه الخطط، اقتراحا ذكيا لتشكيل كونسورتيوم مشترك لتخصيب اليورانيوم في المنطقة؛ وهو اقتراح قد يقنع الدول التي تربطها علاقات استراتيجية مع أمريكا بأن تدفع واشنطن إلى الدخول في حوار وقبول الحقوق النووية لإيران.

المشاركة في التخصيب

وأوضحت أنه منذ بداية المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، كلما أغلقت واشنطن طريق الدبلوماسية بإجراءات غير دبلوماسية، سعت طهران إلى حل العقد القائمة من خلال مبادرات جديدة. ومن بين هذه المبادرات، دعوة رسمية من إيران للولايات المتحدة للاستثمار في صناعات الطاقة النووية والمتجددة؛ وهو اقتراح طرحه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في خطاب خلال إحدى الفعاليات الأمريكية، والتي أُلغيت بسبب ضغوط من النظام الإسرائيلي. 

وأكدت أن إيران قدّمت الآن خطة جديدة، وإذا وافقت الدول العربية عليها، يمكن أن تصبح محركا اقتصاديا للمنطقة، وهي تشكيل تحالف مشترك لتخصيب اليورانيوم تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذا التحالف سيكون قادرا على توفير الوقود اللازم لمحطات الطاقة النووية في إيران ودول المنطقة. 

ورغم أن معظم الدول العربية لا تمتلك محطات نووية عاملة حتى الآن، فإن العديد منها أبرم عقودا مع أمريكا وروسيا لبناء محطات. وفي هذه الظروف، يمكن لمركز إقليمي لإنتاج اليورانيوم المخصب أن يكون دافعا للتعاون والتنمية الإقليمية.

تحالف للدول الإسلامية

أفادت صحيفة الغارديان بأن إيران اقترحت فكرة تشكيل تحالف بين دول الشرق الأوسط– وضمن ذلك إيران والسعودية والإمارات– بهدف تخصيب اليورانيوم، وذلك لتجاوز الضغوط الأمريكية على برنامجها النووي. وتعتبر طهران هذا الاقتراح نوعا من التنازل، لأنه إضافة إلى منح الدول المشاركة الوصول إلى المعرفة التقنية، يجعلها أيضا شركاء في عملية التخصيب. 

ووفقا لـ”الغارديان”، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان عراقجي قد طرح هذا الاقتراح في الجولة الرابعة من المفاوضات مع الولايات المتحدة في عمان أم لا، لكنه التقى بعد ذلك بوزير خارجية الإمارات في دبي. 

وبموجب هذا المشروع، سيتم تخصيب اليورانيوم في إيران بمستوى 3.67% (وفقا لاتفاقية الاتفاق النووي)، مع اعتبار السعودية والإمارات مساهمين وممولين في المشروع. ويمكن أن تكون هذه الشراكة ضماناً على أن البرنامج النووي الإيراني ذو أهداف سلمية فقط.

اقتراح «السيد الخاص»

وأفادت الصحيفة بأنه من المثير للاهتمام أن فكرة تشكيل هذا الكونسرسيوم طرحت لأول مرة من قبل المفاوض النووي السابق سيد حسين موسويان، والفيزيائي بجامعة برينستون فرانك فون هيبل، في مقال نُشر في نشرة العلماء الذرية في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وكان اقتراحهما يقوم على مبدأ مشاركة دول المنطقة في منشآت التخصيب الإيرانية والمشاركة في الاستفادة الفنية. 

وذكرت أنه يمكن حتى توسيع هذا الاقتراح ليشمل احتمال حضور الولايات المتحدة في هذا الكونسرسيوم. وذلك لأنه إذا أرادت واشنطن توفير وقود محطات الطاقة النووية في السعودية وقطر بنفسها، فقد تعارض في البداية خطة إيران، إلا إذا ضمنت لها مصالح اقتصادية كبيرة.

استعراض بعض التجارب

وأوضحت الصحيفة أنه بالنظر إلى عمق وتعقيد الملف النووي الإيراني، فإن اقتراح تشكيل كونسورتيوم إقليمي يُظهر أن إيران لا تخشى مثل هذه التعاونات، وأنه اقتراح جريء بحد ذاته لكسر العقبات المحتملة في مسار المفاوضات الفنية. ومع ذلك، فإن هذه التجربة ليست جديدة، فقد سبق لعدة دول في العالم أن حققت نجاحات في تشكيل كونسورتيومات نووية مشتركة، وفيما يلي أمثلة على بعض هذه المبادرات المشتركة.

وسلّطت الضوء على تجربة الكونسورتيوم الأوروبي الذي يضم ألمانيا وهولندا وبريطانيا في مجال تخصيب اليورانيوم باستخدام تكنولوجيا الطرد المركزي المتقدمة، وذلك تحت رقابة دولية.

والنقطة المثيرة للاهتمام أنه في موقع هذا الكونسورتيوم مكتوب: “عملاؤنا عادة يزودوننا باليورانيوم الطبيعي أو هكسافلوريد اليورانيوم، والذي نقوم بعدها بتخصيبه وفقا للمواصفات الدولية باستخدام تكنولوجيا الطرد المركزي التي صممتها ونفذتها شركة أورينكو. ومن خلال الأداء المرن لهذه التكنولوجيا، نحن قادرون أيضاً على تقديم منتجات وخدمات تتجاوز التخصيب»؟

وأوردت الصحيفة أنه في عام 1973، أسست فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا والسويد شركة مساهمة تُدعى يوروديف. وانسحبت السويد من هذا المشروع في عام 1974. وفي عام 1975، نتيجة لاتفاق بين فرنسا وإيران، تم نقل 10٪ من حصة السويد في يوروديف إلى إيران.

وتطرّقت إلى ابتكار عالمي يهدف إلى تطوير الطاقة النووية السلمية وتقليل الدافع للتخصيب المستقل في البلدان النامية. وأشارت إلى أنّ الموقع الرسمي لهذا النشاط يذكر أن الإطار الدولي للتعاون في مجال الطاقة النووية يوفّر منصة للتعاون بين الدول المشاركة، من أجل مراجعة المناهج المفيدة المتبادلة، بما يضمن التقدّم في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، بطريقة فعّالة، ووفقا لأعلى معايير للسلامة والأمن ومنع الانتشار.

وفي النهاية أفادت الصحيفة بأن الدول المشاركة لن تتنازل عن أي حقوق، وستشارك طواعية في الجهد وتحصيل فوائد الطاقة النووية، والاقتصادية، والسلمية.