- شروق حسن
- 32 Views
انتقد عباس سليمينمین، الخبير في الشؤون السياسية ومدير مكتب دراسات وتدوين تاريخ إيران، في مقابلة مع موقع «ديدهبان إيران»، الطريقة التي تتناول بها وسائل الإعلام مع الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، مؤكدا أن اغتيال العلماء الإيرانيين يُمثّل اعتداء ممنهجا على الثروة العلمية لإيران.
عباس سليمينمین، الخبير في الشؤون السياسية ومدير مكتب دراسات وتدوين تاريخ إيران، انتقد في حوار مع مراسل موقع «ديدهبان إيران»، طريقة تناول وسائل الإعلام للهجمات الأخيرة التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي، مؤكّدا أنّ التركيز المفرط على الأبعاد العاطفية للحدث (ومنها استشهاد الأطفال) لا ينبغي أن يحلّ محل التحليل الدقيق للأهداف الخفية الكامنة وراء هذه الهجمات.
وقال سليمينمین إنه “في مثل هذه القضايا، لا بدّ أولا من توضيح الهدف الرئيس للعدو»، مشيرا إلى أنه عندما تُستهدف المناطق السكنية، يُستشهد الأطفال للأسف، لكن المسألة المهمة الأخرى هي استشهاد العلماء الذين يُعدّون من الثروات البشرية، ويجب ألّا تُروى القصة كأنّ قتل الأطفال هو جانب عاطفي منفصل عن اغتيال العلماء.
وانتقد سليمينمین أداء هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية في تغطية هذه الأحداث بالقولِ إن التركيز الحصري على القادة العسكريين أو حتى على الجوانب المتعلّقة بالأطفال يُغفل القضية الأساسية، وهي الهجوم الممنهج على العلماء، ينبغي تأكيد أن هذه الاغتيالات تستهدف أشخاصا يجلبون المعرفة والتقدّم العلمي للعالم.
اغتيال العلماء
وأضاف سليمينمین أن في القانون الدولي، يُعدّ العالِم ملكا عالميا، واغتياله يُعتبر اعتداء على المجتمع الدولي بأسره، نحن نتحدث عن شخص يمكن لأبحاثه العلمية أن تسهم في إنقاذ المرضى في أنحاء العالم، أو أن تحقق تقدّما في الزراعة لبلدان مختلفة.
وأشار إلى الأساليب الجديدة التي يعتمدها الكيان الإسرائيلي في تنفيذ الاغتيالات، فقال أن الاحتلال الإسرائيلي لم يعُد اليوم يعتمد على العمليات الميدانية المعقّدة والاغتيالات التقليدية في الشوارع، بل يستفيد من التكنولوجيا لتنفيذ ضربات دقيقة بطائرات مسيّرة أو صواريخ، إلى الحد الذي يجعل الشخص المستهدَف غير آمن حتى داخل منزله.
وتابع أن العلماء الإيرانيين اليوم يُغتالون عادة في منازلهم السكنية، وليس في منشآت عسكرية، وهذا يدلّ على أن الهدف لا يقتصر على التصفية الجسدية، بل يتعدّاها إلى تصفية منظومة العلم والتكنولوجيا في البلاد.
الرد بالمثل
وفي ردّه على سؤال حول ما إذا كان ينبغي لإيران أن تردّ بالمثل من خلال استهداف مناطق سكنية كما تفعل إسرائيل، قال سليمينمین إنّ نهج إيران حتى الآن يقوم على الردود الدقيقة والرادعة تجاه مثل هذه العمليات، من دون استهداف المدنيين، لكن على المجتمع الدولي أن يدرك أن مواصلة إسرائيل لهذا المسار لن تمرّ من دون رد.
وتابع بالقول معزّيًا الشعب الإيراني، إن “الشخصيات التي استُشهدت في هذا الاعتداء الإجرامي لا تنتمي فقط إلى الشعب الإيراني، بل إلى البشرية جمعاء”.
وبحسب القوانين الدولية، لا يحقّ لأي دولة أن تستهدف عالِما يعمل من أجل السلام والتقدّم العالمي، هذا جُرم فاضح، وصمت الهيئات الدولية حياله يُعدّ خيانة لمبادئ الإنسانية والعدالة.
المفاوضات
وأكّد أنّ “إيران لم تكن تثق بالمفاوضات مع الولايات المتحدة منذ البداية، وأضاف أن دخول إيران في المفاوضات لم يكن بدافع التفاؤل، بل بهدف توعية الرأي العام الداخلي والخارجي.
كنا على دراية بطبيعة القوى الغربية، والتجارب السابقة، ومنها سلوك الولايات المتحدة وبريطانيا، منعتنا من الوثوق بهما».
وأشار إلى دور وسائل الإعلام الغربية في تزييف صورة الحكومات المعتدية، فتابع بالقولِ إن هذه الوسائل تتمتع بالقدرة على التستر على الجرائم التاريخية التي ارتكبتها القوى الاستكبارية، وتقديم صورة معتدلة وساعية للحوار عنها أمام الشعوب، وللأسف، فإنّ هذه الدعاية تؤثّر أحيانا حتى على جزء من الرأي العام داخل بلادنا.
وأضاف سليمينمین مشيرا إلى حجم الاستثمارات الأميركية في مجال الدعاية أن دبلوماسيتهم العامة قوية للغاية، مليارات الدولارات تُنفق سنويا لتوجيه الرأي العام العالمي، وفي المقابل، فإن دولة تعاني من الحصار، تواجه صعوبة حتى في تأمين الاحتياجات الأساسية لشعبها، وبالتالي من الطبيعي أن تعجز عن منافسة هذا المستوى من الدعاية.
وتابع أنه “في ظل هذه الظروف، لا يكون أمامنا أحيانا خيار سوى إعادة تجربة بعض المسارات بهدف تحييد موجة الدعاية التي يشنها الأعداء؛ وعلى الرغم من أن تكرار تجربة مريرة ليس أمرا عقلانيا، فإنه لا بدّ أحيانا من توفير الظروف التي تُتيح للرأي العام المتأثر بالبروباغندا أن يواجه الحقيقة”.
وتابع أن “تجربة التفاوض لا تعني أننا نسينا الماضي، بل إنّ جزءًا من المجتمع، نتيجة لتأثير الدعاية، تغاضى عن ذلك الماضي، حتى القيادة، التي طالما حذّرت من عدم الثقة بالولايات المتحدة، سمحت بإعادة خوض تجربة التفاوض بهدف توعية هذا الرأي العام”.
وأضاف أنه “منذ البداية توقعنا أن يتصرّف الأميركيون بشكل متناقض خلال سير المفاوضات، فمرة كانوا يعترفون بحقوق إيران، وفي اليوم التالي ينكرونها.
لكن لم يكن هدفنا هو اختبارهم، بل مواجهة الآثار النفسية والإعلامية التي زرعت الشكّ في مجتمعنا”.
وانتقد سليمينمین موقف المؤسسات الدولية من قضية اغتيال العلماء الإيرانيين، بالقولِ إن اغتيال عالم يجب أن يُدان وفق القوانين الدولية، لكن الأمم المتحدة تتنصّل حتى من إدانة هذا الجرم، وتكتفي بدعوة الطرفين إلى “ضبط النفس”، وهو ما يشكّل نوعا من الإقرار الضمني بعملية الاغتيال، هذا يعني ببساطة أنّ الحياد غير موجود.

وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا تلجآن إلى العنصرية للحفاظ على هيمنتهما، مؤكّدًا أن الدعم المطلق لهذين البلدين لإسرائيل مفهوم ضمن هذا السياق، إنهم لا يريدون لباقي الشعوب أن تتقدّم، فالجرائم الصريحة ضد العلماء والمدنيين إنما تُرتكب بهدف الحيلولة دون نموّ وتطوّر الشعوب الأخرى.