- زاد إيران - المحرر
- 30 Views
ترجمة: يارا حلمي
أجرت وكالة “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، الخميس 17 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع فريدون مجلسي، الدبلوماسي السابق والمحلل في قضايا العلاقات الدولية، ناقشت فيه تأثير الاتفاق المحتمل بين إيران والولايات المتحدة على علاقات إيران بروسيا والصين، ومسألة بيع اليورانيوم الإيراني، وأهمية وجود إدارة دبلوماسية موازية مع أوروبا.
ذكرت الوكالة أنه في حين تقام الجولة الثانية من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في روما يوم السبت 19 أبريل/نيسان 2025، ينشغل عدد من المراقبين والخبراء في تحليل الأثر المحتمل لهذا الاتفاق على علاقات إيران الإقليمية، خصوصا في ما يتعلق بعلاقات طهران مع موسكو وبكين، وما إذا كانت هذه العلاقات ستتأثر سلبا أو إيجابا عقب التفاهم مع واشنطن.
وتابعت أن من بين النقاط المثيرة للاهتمام، أن الاتحاد الأوروبي أبدى، في ما يبدو، امتعاضه من مسار المفاوضات الثنائية بين طهران وواشنطن، حيث سجلت مواقف أوروبية غير رسمية، فيما ذهبت باريس إلى حد التهديد بإعادة تفعيل “آلية الزناد”، وهي الآلية القانونية التي تسمح بإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران في حال انتهاك التزاماتها النووية.

نص الحوار:
ما هو تأثير المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في حال وصولهم إلى اتفاق على علاقات إيران بروسيا والصين؟
في رأيي، إنه في حال تم التوصل إلى اتفاق، فإن علاقات إيران مع كل من الصين وروسيا ستشهد تحسنا، ولا أدري على أي أساس أو منطق يعتبر بعض المسؤولين في الداخل أن روسيا والصين حليفان استراتيجيان لإيران، خصوصا روسيا التي لم تُظهر قط أي مودة تجاه إيران عبر التاريخ، بل تسببت دوما في إلحاق الأذى بها.
ورغم ذلك، يجب أن نلاحظ أن روسيا، دولة غنية بالموارد وتعد الأغنى في العالم من حيث الثروات الطبيعية، وهذه الدولة عاجزة عن استثمار تلك الموارد وتحويلها من حالة كامنة إلى قوة فعلية، إن روسيا غارقة في أزمتها الخاصة، حيث إنها منخرطة في حرب مستمرة منذ ثلاث سنوات مع أوكرانيا، وقد جرّت إيران إلى هذه الحرب لتوظيفها كأداة، ما ألحق بإيران سمعة سيئة.
فعن أي حليف استراتيجي نتحدث في مثل هذه الظروف؟ حيث إن روسيا لم تُبد أي استعداد للقيام بأي شيء لصالح إيران، إن موسكو كانت من الدول التي صوّتت لصالح ستة قرارات صادرة عن مجلس الأمن ضد إيران عندما خالفت طهران بنود معاهدة حظر الانتشار النووي، وتلك القرارات فتحت الباب أمام الأمم المتحدة لاتخاذ خطوات عسكرية ضد إيران.
أما الصين فهي أسوأ من روسيا من حيث طبيعة العلاقات، الصين لا تقيم تحالفات استراتيجية مع أي دولة، وإذا تحدثنا من منظور العلاقات التجارية، فإن الشريك التجاري الأساسي للصين في المنطقة هو المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.
حيث تقوم هذه الدول باستيراد كميات ضخمة من البضائع الصينية، بينما حتى بعض الواردات الإيرانية من الصين تمر عبر دولة الإمارات بسبب التزام بكين التام بالعقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، والصين تلتزم بكل بند وكل سطر من العقوبات الأمريكية، وتقوم بتزويد إيران بالبضائع بصعوبة شديدة.
والعلاقات الاستراتيجية تُبنى على أساس المصالح الاقتصادية والتبادلات المفيدة، حيث إن الصين تستثمر مليارات الدولارات في مختلف الدول، لكنها تقول لإيران، أنتم تخضعون للعقوبات الأمريكية وأعلنتم أنكم في حالة حرب مع إسرائيل، لذا لن نستثمر لديكم، كما أن الاستثمارات الصينية الكبرى موجودة في العراق والسعودية، بينما تتعامل مع إيران بأدنى مستوى من العلاقات.
إن بكين ومنذ عدة أشهر فقط بدأت، من باب العناد مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في رفع مستوى علاقاتها مع إيران، لكنها رغم ذلك لا تدفع الأموال مقابل مشترياتها من طهران.
تشتري الصين النفط الإيراني ثم تُجبر طهران على استيراد العديد من السلع منها، بعض هذه السلع يضر بالصناعة الإيرانية، فيما يفيد بعضها قطاعات إنتاجية إيرانية، ولولا السوق الصينية، لأُغلق عدد كبير من خطوط الإنتاج في إيران.
نحن مُجبرون على التعامل مع الصين، ولكن وفقا للشروط التي تضعها بكين، ولذلك فإن الحديث عن تحالف استراتيجي بين إيران والصين لا أساس له من الصحة، وفي ظل هذه الظروف، أي اتفاق بين إيران والولايات المتحدة، وفي أي مستوى كان، سيخلق بلا شك، بيئة أفضل للتعامل مع كل من الصين وروسيا.
تحسين العلاقات مع الصين
هل يعني هذا أن الاتفاق الإيراني الأمريكي لرفع العقوبات يمكن أن يعمل على تحسين العلاقات الاقتصادية وتسهيلها بين طهران والصين؟
إذا نجحت المفاوضات، فسيتم إنشاء علاقات أفضل مع الصين، دون خوف أو قلق من العقوبات، وبدون الإملاءات التي تُفرض حاليا على المشترين والبائعين الإيرانيين، ووفقا للمعايير الدولية، فإنّ فتح خطوط الائتمان سيسمح لإيران بمزاولة التجارة مع الصين، وهو ما يصب في مصلحة الطرفين.
العلاقات الإقليمية
ما هو مستقبل العلاقات مع السعودية وقطر؟ وما تأثير الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة على العلاقات الإقليمية لإيران، ومدى قدرة هذا الاتفاق على خلق بيئة جديدة بين إيران ودول الخليج؟
الأمر ينطبق أيضا على هذه الدول، إن الدول المتقدمة في العالم تجري معظم تبادلاتها التجارية مع جيرانها، وفي يوم من الأيام كان جيران إيران عبارة عن مجموعة من الدول الفقيرة، في وقت كانت فيه إيران تتمتع بموارد ضخمة ودخل مرتفع، وكانت تتزعم منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”.
بينما كانت السعودية حينها دولة فقيرة، وقطر عبارة عن صحراء قاحلة، ومسقط وعُمان كانت مناطق بدائية تتألف من أكواخ بسيطة، فيما كانت تركيا غارقة في الفقر المطلق وتعتمد على الطرق الترابية، وحين كان المسافرون يقطعون هذه الطرق ويدخلون إيران، كانوا يشعرون وكأنهم بلغوا أبواب الجنة.
وهذه الدول، التي كانت فقيرة في الماضي، تحولت اليوم إلى دول نامية صناعية، فتركيا أصبحت بلدا صناعيا، والسعودية قطعت خطوات متقدمة نحو التصنيع وأصبحت تتصدر العالم في صناعة البتروكيماويات، وإيران أصبحت بحاجة إلى الاستيراد من السعودية، لكن حجم التبادل بين البلدين الآن في أدنى مستوياته بسبب العقوبات.
إن الإمارات تُعد أكبر شريك تجاري لإيران حتى في ظل الظروف الراهنة، ناهيك عن رفع العقوبات، وتشهد قطر والكويت والعراق نموا أيضا، والاتفاق بين إيران والولايات المتحدة سيفتح المجال أمام عقود اقتصادية وتعاونات بمليارات الدولارات يستفيد منها المقاولون والمصدّرون الإيرانيون.
إن العقوبات لم يستفد منها سوى السماسرة، الذين استغلوا مآسي إيران لمصالحهم الشخصية، وغالبا ما يحولون أموالهم إلى الخارج.
نقل اليورانيوم الإيراني
ما تقييمكم لترتيب نقل اليورانيوم الإيراني في ظل الاتفاق النووي، مع الأخذ في الاعتبار التغيرات في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، واقتراح تركيا كبديل؟
هذا الطرح غير دقيق، ما الذي يمكن أن تفعله تركيا باليورانيوم الذي لدينا؟ إن روسيا تمتلك أصلا قنابل نووية، وإذا صنعت قنابل من اليورانيوم الإيراني، فستضيفها ببساطة إلى ترسانتها، وحقيقةً ثقة الولايات المتحدة بروسيا في هذا الشأن لا علاقة لها “باتفاق النووي”.
وبموجب الاتفاق النووي، فإنّ لإيران الحق في بيع فائض اليورانيوم لديها إلى دول مثل فرنسا، وبريطانيا، وروسيا، وكانت الولايات المتحدة أيضا من بين الدول المخوّلة بشراء هذا اليورانيوم قبل انسحابها من الاتفاق.
إنّ الخيار الأفضل في الوقت الحالي هو أن تشتري الولايات المتحدة نفسها اليورانيوم الإيراني، لماذا نبيعه لتركيا؟ يمكن للدول الأخرى، إذا امتلكت القدرة الفنية على تخصيب اليورانيوم إلى مستوى يصلح لاستخدامه في محطات الطاقة، أن تشتريه بموجب اتفاق.
وإيران يجب أن تصدّر فائض اليورانيوم لديها عن احتياجاتها الفنية، وهذا الامتياز سيُمنح في نهاية المطاف لإيران، وستضطر إيران إلى بيع اليورانيوم المخصب بنسبة تفوق 5%، نظرا إلى عدم حاجتها له في سد احتياجاتها الفنية.
وبطبيعة الحال، هذه المناقشات مشروطة بأن تدخل إيران والولايات المتحدة في جوهر المفاوضات، والمسألة الجوهرية تتمثل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في العداء الممتد منذ نصف قرن بين البلدين، إن المعضلة الأساسية تكمن في إزالة التهديد.
الدبلوماسية الموازية
هل يجب على إيران إدارة دبلوماسية موازية مع أوروبا في أثناء مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، نظرا إلى تهديد فرنسا بتفعيل “آلية الزناد”؟
في إيران، الفهم السائد للدبلوماسية غير مفهوم بشكل جيد، وقد أقام أشخاص مثل سعيد جليلي، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والمفاوض النووي السابق، اختزلوا الدبلوماسية الإيرانية إلى مجرد عرقلة ومفاوضات من أجل المفاوضات، و لم يعد العالم يتحمل هذا النوع من السلوك.
وتسير أوروبا، في تهديداتها الأخيرة، بخطى منسقة مع الولايات المتحدة، وتسعى إلى إظهار أنّ خطر اندلاع حرب حقيقي، وأنها ستكون إلى جانب واشنطن في حال حدوثها.
أتمنى أن يوضح المتشددون في الداخل الإيراني، الذين لا يزالون يرفضون فكرة إجراء مفاوضات، ما هي خطتهم البديلة في حال تحوّل المسار إلى مواجهة، وإذا لم نذهب إلى معادلة السلام مقابل السلام، أو الراحة والرفاه مقابل السلام، واتجهنا نحو الحرب، ما هو البرنامج المطروح للبلاد؟ في الوضع الحالي فإن تضييع الوقت سيعود بالضرر المحض على إيران.