4 تكهنات حول ادعاء ترامب بشأن خليج فارس.. أبرزها الاتفاق الإبراهيمي ووقف حرب غزة

في خطوة أثارت جدلا واسعا، لمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى إعلان مثير قد يُعيد تشكيل المشهد السياسي في منطقة الخليج، مستخدما مصطلحات أثارت حساسيات تاريخية وسط توترات جيوسياسية متصاعدة. 

تصريحات الرئيس الأمريكي حول تسمية الخليج الفارسي بـ”الخليج العربي”، إلى جانب تكهنات حول أخبار كبرى تتعلق بالمنطقة، فتحت الباب أمام سيناريوهات متعددة، تتراوح بين إنهاء حرب غزة، وتوسيع الاتفاق الإبراهيمي، وصولا إلى مفاوضات مع إيران.

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأربعاء 7 مايو/أيار 2025، ردا على سؤال بشأن تقارير عن قراره استخدام أسماء وهمية للإشارة إلى الخليج العربي: “عندما أسافر إلى الشرق الأوسط، سيسألونني عن ذلك وسأضطر إلى اتخاذ قرار بشأنه”.

وقال مسؤولان أمريكيان لوكالة أسوشيتيد برس يوم الثلاثاء 6 مايو/أيار 2025، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يخطط لإصدار إعلان استفزازي خلال جولته المقبلة إلى المملكة العربية السعودية، مفاده أن الولايات المتحدة ستطلق من الآن فصاعدا على الخليج الفارسي اسما جديدا مزيفا “الخليج العربي”، وهو ادعاء قوبل بردود فعل قوية من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ذوي الأذواق والتوجهات السياسية المختلفة.

وذكر التقرير أن الدول العربية تسعى إلى تغيير الاسم الجغرافي لهذه المساحة المائية الواقعة جنوب إيران، في حين تؤكد إيران على ارتباطها التاريخي بالخليج العربي وتحدث هؤلاء المسؤولون الأمريكيون عن هذه القضية الحساسة شريطة عدم الكشف عن هوياتهم ولم يستجب البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي على الفور لطلبات التعليق.

وتأتي هذه الإجراءات الاستفزازية التي يقوم بها ترامب في وقت كان فيه اسم الخليج الفارسي معروفا على نطاق واسع منذ قرون بنفس الاسم، وهو ما تؤكده الوثائق التاريخية، في عام 2012، هددت الحكومة الإيرانية بمقاضاة جوجل بسبب إزالة اسم هذه المساحة الزرقاء من خرائطها.

وعلى خرائط جوجل في الولايات المتحدة، تظهر هذه المنطقة الزرقاء مع اسمها المزعوم تذكر خرائط Apple اسم الخليج الفارسي فقط ولسنوات عديدة، دأب الجيش الأمريكي على وصف هذه المساحة الزرقاء بأنها الخليج العربي في بياناته وصوره المنشورة وفي عام 2017، خلال فترة ولاية ترامب الأولى كرئيس، اندلع جدل عندما استخدم اسما مزيفا للإشارة إلى الخليج الفارسي.

وعلى الجانب الآخر نصح حسن روحاني، رئيس إيران الأسبق، ترامب بضرورة دراسة الجغرافيا، وكشف عبر الصفحة الرسمية على منصة X: “في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2017، في خطابه (ترامب) الذي أعلن فيه عن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة ضد إيران، والتي كانت مقدمة لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018، استخدم رئيس الولايات المتحدة كلمة مزيفة بدلا من الخليج الفارسي، ورد روحاني على الفور آنذاك بخطاب مضاد”.

شاهد.. رد فعل روحاني على أنباء تحرك ترامب ضد اسم الخليج الفارسي

فيما أعاد ساسان كريمي، أستاذ في كلية الدراسات العالمية بجامعة طهران، نشر تقرير وكالة أسوشيتد برس وأكمل هذا التحليل بالكتابة: “في هذه الحالة، سوف تفقد المفاوضات النووية دعمها الشعبي بين الإيرانيين”.

أربع تكهنات حول ادعاء ترامب 

وفي هذا الإطار وضع المحلل السياسي صابر جول عنبري المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أربعة احتمالات بشأن هذا الخبر المزعوم من ترامب وكتب في مذكرة: “أولا، قد يكون هذا الخبر إعلانا عن وقف إطلاق النار في حرب غزة أو نهايتها وهذا بالطبع يطرح سؤالا مهما: إذا كان ترامب يريد إعلان وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب، فلماذا اتفق مع الحوثيين ليضع نفسه في موقع المسؤولية عن ذلك؟ إن مثل هذا الاتفاق بحد ذاته يدل على فشل الهجمات الأمريكية في إنهاء الهجمات على اليمن؛ إلا إذا كانت رغبة ترامب في الاتفاق وتصويره قد دفعته للتضحية باستحالة مثل هذا الاتفاق”.

لكن الاحتمال الثاني في ما يتعلق بأخبار ترامب هو أنها قد تتعلق بالمفاوضات مع المملكة العربية السعودية للانضمام إلى الاتفاق الإبراهيمي ومشروع تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ولكن هذا لن يكون ممكنا دون انتهاء الحرب في غزة؛ لأن هذه الحرب، على الأقل من دون وقفها، ستوجه ضربة قوية لصورة الرياض باعتبارها “صفقة كريمة” لهذا التطبيع بعد فشلها في تحقيق شرط إقامة الدولة الفلسطينية. وبالمثل، إذا أعلن ترامب انتهاء الحرب في غزة، فمن المرجح أن يكون ذلك جزءا من صفقة مع السعودية وخطوة للانضمام إلى الاتفاق الإبراهيمي.

أما الاحتمال الثالث في ما يتعلق بطبيعة “الخبر المهم” الذي ذكره ترامب، هو أنه قد يكون مرتبطا بإيران وتطورات المفاوضات معها في هذه الحالة، هل يريد ترامب الإعلان عن شيء مهم حول تقدم المفاوضات أو الاتفاق المحتمل؟ على أية حال فإن إيران بحكم علاقاتها مع صنعاء هي الطرف الثالث في المفاوضات بين الحوثيين ومركز التجارة العالمي في العاصمة العمانية مسقط.

وكذلك في الاتفاق بين الجانبين، وعلى الأقل لم يتم التوصل إلى هذا الاتفاق من دون رأيها أو موافقتها وبشكل عام، حتى لو لم تكن الأخبار المهمة التي أعلنها ترامب مرتبطة بشكل مباشر بإيران، فإن اتفاق حكومته مع الحوثيين قد يزيد من فرص التوصل إلى اتفاق مع إيران وبما أن ترامب قال إن هذا خبر إيجابي للغاية، وهو أمر كان منتظرا منذ سنوات، تكهن البعض بأن الأمر يتعلق بإمكانية لقائه مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أو أحد كبار المسؤولين في البلاد في الرياض، أو الدوحة، وتحليل آخر في هذا الصدد هو أن الخبر المذكور يتعلق بالاتفاق مع إيران.

وفي تحليل لوقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وأنصار الله، زعمت شبكة “سي إن إن” أن هذه الحادثة مرتبطة بإيران، وزعمت شبكة “سي إن إن” أن هدف التفاهم بين اليمن والولايات المتحدة، بوساطة سلطنة عمان، هو تسريع المفاوضات النووية مع إيران، وبحسب الأنباء المتوافرة، من المرجح أن تُعقد الجولة الرابعة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في مسقط الأحد المقبل.

تظل تصريحات ترامب حول الخليج الفارسي وإعلانه المرتقب لغزا يحمل في طياته إمكانيات تغيير قواعد اللعبة الإقليمية أو مجرد ضجيج سياسي عابر، سواء كان الأمر يتعلق بإنهاء حرب غزة، توسيع اتفاق إبراهيم، أو تقارب غير مسبوق مع إيران، فإن تداعيات هذا الإعلان ستُحدد مسار التوازنات الدقيقة في الشرق الأوسط في ظل هذه التكهنات، يبقى السؤال المطروح: هل يسعى ترامب لصناعة تاريخ جديد، أم أننا أمام فصل آخر من سياساته الاستفزازية؟ الإجابة قد تتكشف قريبا على أرض الواقع.

كلمات مفتاحية: