- يارا حلمي
- 10 Views
ترجمة: يارا حلمي
نشرت صحيفة ” اطلاعات” الإيرانية الإصلاحية، الخميس 1 مايو/أيار 2025، تقريرا تناولت فيه التحديات التي يواجهها قطاع التعدين في إيران، مثل تصدير المواد الخام، ونقص الاستثمار، والتكنولوجيا القديمة، وكذلك مشكلة عدم التوازن في الطاقة.
ذكرت الصحيفة أن إيران واحدة من أهم الدول المالكة للموارد المعدنية في العالم، حيث تمتلك 68 نوعا من المواد المعدنية، و37 مليار طن من الاحتياطيات المؤكدة، وأكثر من 57 مليار طن من الاحتياطيات المحتملة بقيمة 770 مليار دولار، مما يجعلها من بين 15 دولة غنية بالموارد المعدنية.
وتابعت أنه مع ذلك، لا يُشكل استخراج المواد المعدنية سوى 0.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وحتى عند إضافة دور الصناعات الأخرى المرتبطة بالمناجم، لا يتجاوز هذا الرقم 4٪.
وأضافت أن أهم معادن إيران تشمل النفط، الغاز، الحديد، النحاس، الذهب، الفضة، الزنك، الرصاص، الكروميت، المنغنيز، التيتانيوم، اليورانيوم، الليثيوم، الفحم، القصدير، الأحجار الكريمة مثل الفيروز، الجبس، الملح، المواد الكيميائية مثل “بوسر” (وهو مادة تستخدم للعلاج)، وطيف واسع من العناصر الأرضية النادرة.
وأوضحت أن أكثر المناجم نشاطا في إيران توجد في محافظة خراسان، وتتمتع إيران بمكانة خاصة في العالم من حيث احتياطياتها المعدنية، فهي في مقدمة الدول في احتياطيات معدن الزنك (الأكبر في العالم)، النحاس (التاسع في العالم)، الحديد (الثاني عشر في العالم)، اليورانيوم (العاشر في العالم)، والرصاص (الحادي عشر في العالم).
وأشارت إلى أنه بناء على ذلك، تمتلك إيران حوالي 1٪ من سكان العالم، لكنها تمتلك أكثر من 7٪ من إجمالي احتياطيات المعادن في العالم، كما أن إيران تقع في منطقة تحتاج فيها الدول المحيطة بها مثل تركيا، والمملكة العربية السعودية، وبقية دول منطقة الخليج العربي إلى الموارد المعدنية، حيث إن هذه الدول فقيرة جدا من حيث الاحتياطيات المعدنية.

وبينت أن هذه الدول قد استثمرت في صناعات مثل الصلب، ولكن المواد الخام لها مستوردة، بينما يمكن لإيران أن تكون مصدرا جيدا لتلبية احتياجات هذه الدول التي تتزايد بسرعة.
كما أكدت أنه إضافة إلى ذلك، تتمتع إيران بموقع فريد من نوعه بين الدول الغنية بالموارد المعدنية بفضل امتلاكها 18% من احتياطيات الغاز و9% من احتياطيات النفط في العالم، مما يجعلها في موقع متميز لتوفير الطاقة للأنشطة التعدينية، خصوصا في مجالات المعالجة والفلزات، كما أن أسعار الطاقة في إيران، بالنظر إلى الموارد الضخمة التي تمتلكها، تصل أحيانا إلى 50% من الأسعار العالمية.
ولفتت إلى أن هذا يوفر الظروف التي تتيح للشركات الكبرى تنفيذ جميع العمليات المتعلقة بالتعدين، بدءا من استخراج المعادن وصولا إلى إنتاج الفلزات، خصوصا الصلب، في إيران بتكاليف مناسبة، وتصديرها إلى الأسواق القريبة في المنطقة.
وأوضحت أنه بالنظر إلى الإمكانات المعدنية، كانت إيران منذ 70 عاما أول دولة تبدأ تدريس تخصصات التعدين والجيولوجيا في المنطقة، واليوم يوجد في إيران أكثر من 50 ألف مهندس وفني في مجالات التعدين، والمعادن، والجيولوجيا.
الاستغناء عن الحاجة إلى القوى العاملة الأجنبية
ذكرت الصحيفة أن هذه القوة البشرية الضخمة تُمكّن الدول المستثمرة في قطاع التعدين بإيران من الاستغناء عن الحاجة إلى القوى العاملة الأجنبية، في حين أن هذه الإمكانات لا تتوافر في باقي دول المنطقة.
وتابعت أنه من حيث حجم الاحتياطيات المؤكدة والمحتملة، والبنية التحتية المناسبة، وسوق الاستهلاك الملائم في إيران ودول المنطقة، وأسعار الطاقة المناسبة، والوصول إلى المياه الحرة، فضلا عن القوة البشرية المتخصصة والمتعلمة في قطاع التعدين، تُعتبر إيران واحدة من الدول الرائدة في جذب استثمارات الشركات التعدينية الكبرى، وفي المستقبل، ستُعتبر إيران جنة للاستثمار المعدني.
وأضافت أنه رغم هذه الاحتياطيات الثمينة والثروات الهائلة غير المستغلة، لم تتمكن إيران من الاستفادة منها بشكل ملائم، وفي الواقع، يواجه قطاع التعدين الإيراني، الذي يعد من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، تحديات متعددة، ومن أبرز هذه التحديات هي تصدير المواد الخام، نقص الاستثمار والتكنولوجيا الحديثة، والعوائق أمام الصادرات، التي تمنع الاستفادة الكاملة من إمكانيات هذا القطاع.
وأوضحت أنه وفقا للخبراء، فإن تصدير المواد الخام يسبب اعتماد الاقتصاد بشكل كبير على تقلبات الأسعار العالمية، مما يزيد من تعرضه للأزمات الاقتصادية، إضافة إلى ذلك، يؤدي تصدير المواد الخام إلى ضياع الفرص الوظيفية في الصناعات التحويلية، مما يساهم في زيادة معدلات البطالة.
وأشارت إلى أن محسن مصطفى بور، الخبير والناشط في قطاع التعدين، قال في حديث لوكالة أنباء “الإذاعة والتلفزيون الإيرانية”: “للأسف، بدلا من إنتاج منتجات معدنية ذات قيمة مضافة عالية، نقوم بتصدير المواد الخام. هذا الأمر، إضافة إلى فقدان الفرص الاقتصادية، يتسبب أيضا في أضرار بيئية”.
وبينت أن مصطفى بور أشار كذلك، إلى نقص الاستثمارات والتكنولوجيا القديمة كأحد التحديات الرئيسية في قطاع التعدين، مضيفا: “في وقت يعمل فيه المنافسون العالميون على تحسين جودة منتجاتهم المعدنية باستخدام التقنيات الحديثة والكفاءة، لا يزال قطاع التعدين في إيران يعاني من استخدام التكنولوجيا القديمة”.
ولفتت إلى أن مصطفى بور أكد أن تطوير سلسلة التعدين بشكل متوازن، والاستثمار في التقنيات الحديثة، وإزالة العوائق أمام الصادرات، وحل مشكلة الطاقة، من الحلول الرئيسية للتغلب على التحديات التي تواجه القطاع، وأكد ضرورة أن يعمل القطاعين العام والخاص معا على إعداد وتنفيذ خطة شاملة لتطوير قطاع التعدين، للاستفادة القصوى من هذه الثروة الطبيعية لصالح رفاهية وتقدم إيران.
وأكدت أن ناشطين في قطاع التعدين أشاروا أن نقص الاستثمارات في هذا المجال يؤدي إلى عدم تشكيل البنية التحتية اللازمة لتطويره، مما يرفع من تكاليف استخراج ونقل المواد المعدنية، ويقلل من قدرة المنتجات المعدنية الإيرانية على المنافسة في الأسواق العالمية.
وتابعت أنه إضافة إلى ذلك، في وقت يواجه فيه منتجو المواد المعدنية العديد من التحديات، فإن فرض الرسوم الجمركية على الصادرات لا يساعد في حل مشاكلهم، بل يؤدي إلى تقليل الحوافز للإنتاج والتصدير أيضا.
عدم التوازن في الطاقة: تحدٍّ آخر لقطاع التعدين
ذكرت الصحيفة أنه من جانب آخر، يُعدّ عدم التوازن في الطاقة من التحديات الأخرى التي تواجه قطاع التعدين، ويعود هذا عدم التوازن إلى نقص الاستثمارات المناسبة في بنية الطاقة التحتية للصناعات المعدنية، مما يؤدي إلى انقطاع الكهرباء والغاز، وبالتالي تقليل الإنتاج، ووفقا للعاملين في قطاع التعدين، فإن عدم التوازن في الطاقة لا يقتصر على تقليل الإنتاج المعدني فقط، بل يزيد أيضا من تكاليف الإنتاج.
وتابعت أن هذا يؤدي إلى تقليص قدرة المنتجات المعدنية الإيرانية على المنافسة في الأسواق العالمية، وفي هذا السياق، قال محمد رضا بهرامن، رئيس بيت التعدين الإيراني: “الثروات الطبيعية للمعادن في إيران يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد؛ السبب الرئيسي في ذلك هو أن لدينا ثروة مثل البنية الجيولوجية للبلاد، بمعنى أنه عندما يوجد النفط والغاز مع المواد المعدنية الأخرى في إيران، فإن هذا يمثل قدرة خاصة”.
وأوضح بهرامن مستدركا: “ولكن إذا كانت حصة قطاع التعدين من الناتج المحلي الإجمالي منخفضة جدا، ولم نتمكن من الاستفادة من ثروات معادننا، فإن المشكلة تكمن في تخطيطنا واستثمارنا في سلسلة قيمة المعادن.”
وتابع: “نحن في المنطقة، أول من لديه فرص للاستثمار في قطاع التعدين. لذا، فإن تحديد هدف نمو قدره 13% لقطاع التعدين في البرنامج السابع للتنمية، بالنظر إلى الإمكانات، هو خيار صحيح وقابل للتحقيق، ولكن السؤال هو: هل هذا الخيار قابل للتحقيق في ظل الظروف الحالية؟”.
وأكد قائلا: “صناعة التعدين في إيران تواجه العديد من مشاكل البنية التحتية؛ بدءا من مشكلة المعدات، والاستثمار، والتكنولوجيا، وصولا إلى الطاقة، وهذه المشاكل يمكن حلها فقط بتغيير توجه الحكومة تجاه هذا القطاع، بالطبع، لا يحتاج الأمر إلى شيء خاص، ويكفي أن تقوم الحكومة والقطاع الخاص بتسليم الأمور إلى القطاع الخاص الحقيقي، وأن تكون القوانين مستقرة، فسيتم تفعيل الاستثمار، وسيتم حل بقية المشاكل بواسطة القطاع الخاص”.
وأضاف أن “القطاع الخاص، إذا تم تسهيل الاستثمارات وتوفير استقرار في القوانين، فسيكون قادرا على إتمام سلسلة قيمة المعادن وتقليل تصدير المواد الخام، لذا، كل شيء في يد الحكومة لتستفيد من الإمكانيات الفريدة لقطاع التعدين من أجل تطوير البلاد”.