- دنيا ياسر
- 12 Views
ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
تناول موقع “رويداد” الإيراني الإصلاحي، في تقرير له 3 يونيو/حزيران 2025، واقع أكثر من 8 ملايين مهاجر إيراني يشكّلون طاقات علمية واقتصادية مهملة في الخارج، ويدعو إلى تأسيس مؤسسة مستقلة لربطهم من جديد بالوطن. وأهمية استثمار هؤلاء كـ”سفراء بلا راية” يمثلون وجه الحضارة الإيرانية عالميا.
ذكر الموقع نقلا عن موقع “برسون”، أن أكثر من 8 ملايين إيراني مهاجر ينشطون حاليا في المراكز العلمية والاقتصادية حول العالم، إلا أن أقل من 5% فقط من هذه الطاقة البشرية الضخمة تم توظيفها في خدمة المشاريع الوطنية داخل البلاد. وفي هذا السياق، دعا الدكتور مرتضى موميوَند، الباحث في العلوم الإنسانية، إلى تأسيس مؤسسة مستقلة تربط مجددا بين هذه الطاقات البشرية وإيران الأم.
سفراء بلا راية.. كنوز غريبة عن الوطن
أضاف الموقع أن الدكتور موميوَند وصف في مقالة له الإيرانيين المهاجرين بأنهم “سفراء بلا راية”، يمثلون كنوزا غريبة عن أوطانهم، مؤكدا أن هؤلاء المهاجرين، في ظل النظام العالمي الجديد، لم يعودوا مجرد لاجئين أو مسافرين، بل يحملون كنوزا لا تُقدّر بثمن. وقال إنهم وإن ابتعدوا عن وطنهم، إلا أنهم يرفعون راية الهوية الإيرانية من خلال أرواحهم وأفكارهم.
الوطن.. مفهوم يتجاوز الجغرافيا
ذكر الموقع موضحا أن موميوَند قدّم فهما إسلاميا–إيرانيا لمفهوم “الوطن”، مشيرا إلى أن الوطن ليس مجرد أرض أو تراب، بل هو فضاء للمعرفة والرسالة والكمال الإنساني. واستند في ذلك إلى المصادر القرآنية والسنة النبوية، حيث إن حب الوطن ليس مجرد شعور، بل متجذر في الفطرة والعرفان. كما أشار إلى أن فقهاء الشيعة- من الشهيد الصدر إلى الإمام الخميني- اعتبروا عودة النخب إلى الوطن واجبا كفائيا، يُعَدّ من مظاهر دعم “دار الحكومة الإسلامية”. وفي الفلسفة الإسلامية، الوطن هو المجال الذي تُفعّل فيه طاقات الإنسان لصالح الخير العام.

المهاجرون الإيرانيون.. ذراع حضارية مُهملة
أردف الموقع أن عدد الإيرانيين المنتشرين حول العالم يُقدّر بما يتراوح بين 8 و10 ملايين نسمة، موزعين بين مؤسسات أكاديمية مرموقة كـ”هارفارد” و”أوكسفورد”، وشركات تكنولوجية كبرى مثل “آبل” و”جوجل” و”ناسا”. وأشار إلى أن هذه الجالية العالمية تضم طيفا واسعا من الكفاءات، من النخب العلمية والبحثية، ورجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال، إلى الفنانين والنشطاء الثقافيين، والمحامين والمديرين في المؤسسات الدولية، فضلا عن أبناء الجيلين الثاني والثالث من الشباب الذين لا يزالون يحتفظون بصلاتهم الثقافية والعاطفية بجذورهم الإيرانية.
وتابع الموقع أن رغم هذا الحضور اللافت والرصيد البشري الكبير، فإن إيران لم تستفد سوى إلا أقل من 5% فقط من قدرات هذه الجالية في مشاريعها الوطنية. وعزا ذلك إلى عوامل عدّة، على رأسها انعدام الثقة، وغياب الأطر القانونية اللازمة للتعاون، إضافة إلى هيمنة النظرة الأمنية على التعامل مع شؤون المهاجرين، بدلا من تبنّي مقاربة حضارية تقوم على التواصل والانفتاح.
ورأى الموقع أن معالجة هذا الخلل البنيوي تتطلب تحركا مؤسسيا جادا، يبدأ من إعادة بناء الثقة وتعزيز الشعور بالانتماء، عبر مؤسسات مرنة وفاعلة تخاطب الإيرانيين في الخارج بلغة التقدير لا الارتياب.
الحاجة إلى مؤسسة مستقلة لربط المهاجرين بالوطن
ذكر الموقع أن من بين المقترحات الاستراتيجية التي طُرحت لمعالجة ملف الإيرانيين في الخارج، تأسيس مؤسسة مستقلة عابرة للقطاعات، تكون خاضعة لإشراف رئاسة الجمهورية الإيرانية، وتتمتع بسلطة تنفيذية وميزانية مستقلة، إلى جانب قدرتها على التواصل الثنائي واستخدام لغة المحبة والاحترام في تعاملها مع الإيرانيين حول العالم.
وأضاف أن الهدف من هذه المؤسسة هو تجاوز الأساليب الدبلوماسية التقليدية، وتقديم خطاب يحمل رسالة مودة واهتمام حقيقي تجاه الجاليات الإيرانية في الخارج، بما يعزز شعورهم بالانتماء والارتباط بالوطن الأم.
وأكد الموقع أن من أبرز المهام التي يجب أن تضطلع بها هذه المؤسسة، صياغة ميثاق شامل للتعامل مع المهاجرين الإيرانيين، يراعي تنوع ظروفهم واحتياجاتهم، ويضمن تواصلا فعالا معهم.
وتابع أن من بين الخطوات المقترحة: إطلاق منصة عالمية تجمع النخب الإيرانية من مختلف دول العالم، وتفعيل صندوق خاص بتنمية استثمارات المهاجرين، إلى جانب دعم الشبكات الإعلامية والثقافية المستقلة الموجهة للإيرانيين خارج البلاد.
كما دعا الموقع إلى تنظيم مهرجانات وملتقيات دورية تجمع النخب الإيرانية العالمية، بما يساهم في تعزيز التفاعل الثقافي والمعرفي، ويدعم صورة إيران في المحافل الدولية.
فرصة تاريخية لحكومة “الوفاق“
اختتم الموقع بالإشارة إلى أن على حكومة “الوفاق”، إن كانت صادقة في سعيها نحو التلاحم الوطني، أن تطلق مشروع “المصالحة مع أبناء الوطن البعيدين”. فالمهاجرون الإيرانيون ليسوا على هامش الوطن، بل يمثلون وجه الحضارة الإيرانية في الخارج. وإذا استعاد النظام الإيراني إيمانه بهذه الكنوز، فإنهم سيعودون ليس فقط بأموالهم، بل بقلوبهم أيضا، لتصبح إيران مجددا وطنا للجميع، من أزقة طهران إلى ظلال أبراج نيويورك.