عودة محتملة لعلي طيب نيا إلى وزارة الاقتصاد الإيرانية.. بين التكهنات والتحديات

ترجمة: يارا حلمي 

نشرت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، الأحد 13 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه إقالة وزير الاقتصاد السابق عبد الناصر همتي، واستعراض الأسماء المطروحة لتحل محله، مع التركيز على ترشيح علي طيب نيا (وزير الاقتصاد السابق في حكومة الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني)، وتاريخ طيب نيا في الوزارة.

وزير الاقتصاد الجديد

ذكرت الصحيفة أن علي طيب‌ نيا قد يتولى منصب وزير الاقتصاد، حيث إن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان كان قد قدّم في البداية عبد الناصر همتي إلى البرلمان كوزير للاقتصاد، غير أن فترة توليه المنصب لم تدم طويلا، إذ شهدت الحكومة أول استجواب وزاري لها في يوم 2 مارس/آذار 2025، حيث جرى استجواب عبد الناصر همتي، وتمت إقالته من منصبه كوزير للاقتصاد بأغلبية 182 صوتا مؤيدا.

وتابعت أن عدة أسماء طُرحت بعد ذلك لتولي منصب وزارة الاقتصاد، من بينها كامل تقوي‌ نجاد الأمين العام لمجلس الوزراء الإيراني، وشمس‌ الدين حسيني رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني، وكان وزير الاقتصاد الأسبق في حكومة محمود أحمدي‌ نجاد.

وأوضحت أن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” نشرت السبت 12 أبريل/نيسان 2025، تصريحا لمحمد جعفر قائم‌ بناه، نائب رئيس الجمهورية للشؤون التنفيذية، قال فيه: “بعد دراسات فنية وعقد جلسات متعددة، قدّمنا قائمة من الشخصيات المؤهلة لتولي وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية إلى رئيس الجمهورية، وكان علي طيب‌ نيا على رأس هذه القائمة”.

وأشار إلى أن ترشيح طيب‌ نيا جاء استنادا إلى معارفه العلمية وخبراته وإمكاناته في المجال الاقتصادي، إضافة إلى سجله الناجح في توليه السابق لهذه الوزارة، وأضاف: “لقد قُدّم هذا المقترح إلى بزشكيان”.

وأوضح أن “القرار النهائي في هذا الشأن يعود إلى رئيس الجمهورية شخصيا”، مؤكدا أن الرئيس يشدد على اختيار شخصية متخصصة وذات خبرة وتمتلك برنامجا واضحا لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، وأنه يتابع هذا الموضوع بحساسية خاصة.

وفي سياق متصل، تابعت الصحيفة أن المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني، كانت قد صرّحت في الأيام الأخيرة من العام الماضي (2024)، ردا على سؤال حول تقديم وزير الاقتصاد إلى البرلمان وإمكانية ترشيح علي طيب‌ نيا، قائلة: “أود أن أشكر عبد الناصر همتي على جهوده خلال الأشهر الستة الأولى من الحكومة، حيث تحمّل عبء القضايا والمشكلات”.

وأضافت: “نعلم جميعا أن مشاكل البلاد لا ترتبط بإدارة تدوم ستة أشهر فقط، وقد شاهد الجميع نتيجة عزل وزير الاقتصاد، كما أن ترشيح وزير للاقتصاد يخضع حاليا لدراسة نشطة، وهناك خيارات مطروحة في هذا المجال”.

وأكدت مهاجراني، قائلة: “وطيب‌ نيا يُعد من ثروات البلاد، وقد تعاون مع رئيس الجمهورية بصفته مستشارا اقتصاديا، ولا يزال يتعاون معه رغم بعض النواقص، كما أن قرار الحكومة في هذا الشأن سيتّخذ بالتأكيد بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية للبلاد، وبما يخدم مصلحة الشعب ويهدف إلى حلّ المشكلات”.

الشكوك التي لم تُحلّ

ذكرت الصحيفة أن ما يُطرح بشأن عودة علي طيب‌ نيا إلى وزارة الاقتصاد لا يتطابق مع بعض التصريحات والمواقف المعلنة، فعلى سبيل المثال، في أواخر شهر مارس/آذار 2025، قدّم محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق، استقالته من منصبه، وبطبيعة الحال، كشف في بعض المقابلات جزءا من كواليس هذه الاستقالة.

وتابعت أنه أشار إلى ضغوط تعرّض لها هو وعلي طيب‌ نيا. وقال ظريف: “إن هذه الجلسة تزامنت مع  عزل همتي، وفي هذا اللقاء، تحدثت لمدة ساعة مع غلام حسين محسني‌ إيجئي، رئيس السلطة القضائية، حول القضايا الدولية، لكن في ربع الساعة الأخيرة، قال لي بكل احترام إنه من الأفضل أن أقدّم استقالتي لما فيه مصلحتي ومصلحة الحكومة والبلاد”.

وتابع ظريف: “فأجبته: أنا لا أعيش أوقاتا سعيدة داخل الحكومة! كانت هناك قيود شديدة فُرضت عليّ وعلى طيب‌ نيا، وهو أمر غير عادل، ومع ذلك واصلت العمل رغم تلك القيود”.

وأشارت الصحيفة إلى أن محمد جعفر قائم‌ بناه، كان قد تحدّث في وقت سابق، عن عدم مشاركة طيب‌ نيا في اجتماعات الحكومة.

وفي السياق نفسه، أكدت أن عبد الناصر همتي، عندما كان لا يزال يشغل منصب وزير الشؤون الاقتصادية والمالية، سُئل خلال مقابلة مع التلفزيون الإيراني الرسمي عن مكان وجود علي طيب‌ نيا، فأجاب بأنه قد سافر إلى كربلاء لأداء زيارة دينية.

نجاحات طيب نيا الاقتصادية

كما أوضحت أن طيب‌ نيا يُعتبر من أبرز الشخصيات الاقتصادية في إيران، وقد دخل الساحة السياسية خلال الانتخابات الرئاسية المبكرة الرابعة عشرة، حيث أثار دعمه لبزشكيان، آمالا لدى البعض بإمكانية تحسن الوضع الاقتصادي في البلاد.

وأضافت أن ذكرى نجاح طيب نيا في خفض معدل التضخم بإيران إلى رقم واحد (أقل من 10%)، وتحقيق حالة من الاستقرار الاقتصادي بين عامي 2013 و2017 ما تزال تجعل منه شخصية مرموقة في المشهد الاقتصادي الإيراني.

وتابعت كذلك، أن وكالة “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، أفادت بأن كثيرين كانوا يعتبرون انضمام طيب‌ نيا إلى التشكيلة الوزارية أمرا محسوما، غير أن النتيجة كانت مغايرة، إذ لم يُعيّن وزيرا للشؤون الاقتصادية والمالية، ولم يتولّ رئاسة جامعة طهران، كما لم يقبل بمنصب النائب الأول لرئيس الجمهورية.

وأشارت الوكالة إلى أن طيب‌ نيا قبل بمنصب المستشار الاقتصادي الأعلى لبزشكيان، مما دفع بعض وسائل الإعلام إلى تلقيبه بـ”القائد الاقتصادي”، وهو منصب لا يزال وصف مهامه الفعلية غير واضح بحسب كثير من الخبراء، وفي نهاية المطاف لم يتمكن طيب‌ نيا من أداء دور مؤثر فيه، فاختار مغادرة صامتة وسريعة بدلا من تقديم استقالة رسمية أو إعلان علني عن رحيله.

ما هي المهمة الخاصة التي أُوكلت إلى طيب‌ نيا في الحكومة؟

ذكرت الصحيفة أن الحكومة الحالية بدأت أعمالها في وقت كانت فيه مشكلة “الاختلال في التوازنات الاقتصادية”، وقد أصبحت واحدة من أبرز الأزمات التي تواجه الاقتصاد الإيراني، وهي أزمة لم تكن محصورة بالبعد الاقتصادي فحسب، بل اكتسبت أبعادا سياسية واجتماعية أيضا.

وتابعت أن الأعمال المؤجلة وغير المنجزة بدأت تؤثر بشكل ملموس، وظهرت تداعياتها في أزمات نقص الكهرباء والغاز، ما أدخل البلاد في حالة شلل جزئي وتعطيل بسبب نقص مصادر الطاقة.

وأضافت أن من بين البرامج الخاصة التي كان يتم العمل عليها لمواجهة هذه الأزمة، برنامجا خاصا لمعالجة مشكلة “اختلالات في التوازن”، وكان علي طيب‌ نيا، بصفته المستشار الاقتصادي الأعلى للرئيس، يتولى متابعة هذا الملف.

وأشارت إلى أن علي قلهكي، وهو ناشط إعلامي بارز ينتمي إلى التيار الأصولي المحافظ، اعتبر خروج طيب‌ نيا من الحكومة نتيجة لما وصفه بـ”التخريب المتعمد” في هذا المجال.

وكتب قلهكي في منشور على صفحته الشخصية: “هناك حالة عدم تنسيق وتجاوز مسار العمل الاقتصادي الرسمي في الحكومة وصلت حتى إلى مستوى الوزراء، خصوصا في مجال معالجة (الاختلالات في التوازنات الاقتصادية)، حيث كان هناك تكرار كبير للمهام وتدخلات متوازية، وكنتيجة لذلك، جرى شلّ عمل المستشار الاقتصادي الأعلى وفريق معالجة (اختلال التوازنات الاقتصادية)”.

وأضاف بحسب ما نقلته الصحيفة، أن “طيب‌ نيا، إلى جانب منصبه كمستشار اقتصادي، كان قد صاغ هيكلا فعالا لفريق عمل (الاختلالات في التوازنات الاقتصادية)، مع مراعاة الحد الأدنى من الميزانية والموارد البشرية، غير أن هذا الجهد أُفشل نتيجة (سلسلة من العراقيل) التي وضعها أحد المسؤولين داخل الحكومة”.

كما أوضح أن “غالبية أعضاء هذا الفريق كانوا من أساتذة الجامعات؛ في محاولة لتقليص العبء المالي على الدولة، إلا أن المسؤول المعني، الذي كان يُفترض به أن يدعم البنية التنظيمية لفريق “الاختلالات في التوازنات الاقتصادية”، ويوفر مقرات ورواتب ومزايا أفراده، صرّح بأن “المستشار الاقتصادي الأعلى للرئيس لا يحتاج إلى فريق خبراء، وأن كل ذلك يعد تبذيرا!”.

وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن الحكومة تقترب من إتمام عامها الأول، في ظل غياب أربع شخصيات بارزة كانت من أبرز داعمي الرئيس مسعود بزشكيان، لتتساءل: هل يمكن للتصريح الصادر عن محمدجعفر قائم‌ بناه، نائب الرئيس للشؤون التنفيذية، حول ترشيح طيب‌ نيا لمنصب وزير الاقتصاد، أن يمهد لعودة هذه الشخصيات إلى مجمع باستور الرئاسي؟