- زاد إيران - المحرر
- 17 Views
ترجمة: يارا حلمي
نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، الجمعة 25 أبريل/ نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه الجدل داخل مجمع تشخيص مصلحة النظام حول اتفاقيتي (باليرمو)”الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة” و” قانون مكافحة تمويل الإرهاب”.
ذكرت الوكالة أن التيار “المتشدد”، وعلى الرغم من مساعيه لتوجيه ضربة إلى حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان وتعطيل عملية مراجعة اللوائح المرتبطة بمجموعة العمل المالي، لم ينجح في تحقيق هذا الهدف، حيث تشير آخر التصريحات الصادرة عن أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام، الواقع في شارع الشيخ هادي وسط طهران، إلى وجود أجواء إيجابية داخل المجمع تجاه المصادقة على هذه اللوائح.
وتابعت أن الفريق الدبلوماسي الإيراني يمرّ حاليا بفترة مزدحمة، ومن المقرر أن يتوجه غدا السبت، المصادف لـ 26 أبريل/ نيسان 2025، إلى سلطنة عُمان لعقد الجولة الثالثة من المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة.
وأضافت أن في الجهة الأخرى من المشهد، وفي قلب مجمع تشخيص مصلحة النظام، تُطرح اللوائح المرتبطة بـ مجموعة العمل المالي على طاولة النقاش، وهذه اللوائح، بحسب رؤية بعض الشخصيات السياسية، يمكن أن تلعب دورا مباشرا في معالجة القضايا الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، كما أنها تمثل أداة تفاوضية مهمة بيد المفاوضين الإيرانيين.

جهود مبذولة لتحقيق الوعود
ذكرت الوكالة أن بزشکیان، سواء في فترة تولّيه منصب نائب في البرلمان عن الدائرة الانتخابية التي كانت تشغله في مقعد رقم ١٦٩ في مبنى بهارستان ذي الشكل الهرمي، أو خلال الحملة الانتخابية الحامية في يوليو/ تموز 2024، حينما خلع عباءة النيابة وشق طريقه إلى قصر باستور كرئيس للجمهورية، لطالما شدد مرارا على ضرورة حلّ أزمة العقوبات واستئناف المفاوضات وحسم ملف مجموعة العمل المالي.
وأوضحت أنه قد صرّح خلال الحملة الانتخابية بأن هذه الاتفاقية الدولية تشبه الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، وقال: “مجموعة العمل المالي مثل الفيفا، إذا لم نقبل بما يطرحه الفيفا، فلن يسمحوا لنا بالمشاركة في اللعب، ومجموعة العمل المالي أيضا على هذا النحو، فالبنوك لن تتعامل معنا”.
وتابعت أن عباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين ووزير الخارجية، يقود حاليا جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الأمريكي، في حين يسعى بزشکیان وفريقه الحكومي في طهران إلى تمرير لائحتي “باليرمو” (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود)، والاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب، وكلاهما جزء من شروط مجموعة العمل المالي للانضمام إلى النظام المالي العالمي.
وأضافت أن الأنباء المتداولة في الكواليس تشير إلى أجواء إيجابية داخل مجمع تشخيص مصلحة النظام، ما يعزز الآمال في طيّ هذا الملف العالق منذ ١٥ عاما.
الاستراتيجية الجديدة لمجموعة العمل المالي
ذكرت الوكالة أن “التيار المتشدد” في إيران، والذي يتموضع في الجهة الأخرى من حلبة السياسة، يقف في موقع المعارضة لحكومة بزشکیان، حيث لم تُعجب هذه الجماعة “المتشددة” بالإجراءات الأخيرة للحكومة.
وأضافت أن سلسلة من الهزائم السياسية، أبرزها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلى جانب الفشل في تمرير قانون “الحجاب”، زادت من عزيمة “المتشددين” في وضع العراقيل أمام المسار الدبلوماسي الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة الحالية.
وأشارت إلى أنه في هذا السياق، وجّه ١٥٠ نائبا من أعضاء البرلمان الإيراني رسالة إلى رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، صادق آملي لاريجاني، حذروا فيها من انضمام إيران إلى لائحتي “باليرمو” و” قانون مكافحة تمويل الإرهاب”.
وتابعت أنه قد جاء في نص الرسالة: “الحكومة الحالية في الولايات المتحدة، ومنذ تسلّمها السلطة، وضعت تصعيد الضغوط على إيران في مقدمة أولوياتها، واعتبرت مجموعة العمل المالي أداةً فعّالة لعرقلة المسارات التجارية والمالية الإيرانية، وفي ظل هذه الظروف الخطيرة، فإن القبول بتوصيات مؤسسة تعمل عمليا بما يخدم أهداف العقوبات الأمريكية يشكل خطأ استراتيجيا فادحا.”
وأوضحت أن النواب في رسالتهم إلى آملي لاريجاني طالبوا أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام بأخذ الظروف الحساسة الحالية بعين الاعتبار، والامتناع عن إبداء أي موافقة على انضمام إيران إلى هاتين الاتفاقيتين إلى حين إزالة كامل تهديد تفعيل “آلية الزناد”، كما اشترطوا أن يتم ربط أي موافقة مستقبلية على هذه اللوائح برفع كامل وفعّال لجميع العقوبات، وفقا لمقتضيات قانون “الإجراء الاستراتيجي لرفع العقوبات وصون حقوق الشعب الإيراني”.
كما أكدت أن مالك شریعتی، عضو البرلمان الإيراني، والمحسوب على “التيار المتشدد” وأحد المقربين من علی رضا زاکاني، رئيس بلدية طهران، استغل منصة البرلمان لتوجيه انتقاد صريح، وقال: «لا يمكننا الانضمام إلى هذه الاتفاقيات دون أن نحصد نتائج اقتصادية ملموسة، بينما يستفيد أعداؤنا من نتائجها السياسية.
وبينت أن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب أعلن بوضوح عداءه للشعب الإيراني، وأوضح في بيانه التنفيذي الأول كرئيس أنه يجب استخدام توصيات مجموعة العمل المالي ضد مصالح إيران الاقتصادية، ومن الواضح إذا، أن انضمامنا إلى هذه اللوائح لن يُفضي إلى إخراجنا من القائمة السوداء.
لامبالاة أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام
أفادت الوكالة بأن هذه المحاولات من قبل “التيار المتشدد” لم تلقَ صدى داخل مجمع تشخيص مصلحة النظام، إذ أن التصريحات الأخيرة لأعضاء المجمع تكشف عن مناخ إيجابي حيال تمرير هذه اللوائح، وتحديدا، أشار صادق آملي لاريجاني، رئيس المجمع، في تصريح له مؤخرا.
وتابعت أنه قال: “قانون مكافحة تمويل الإرهاب وباليرمو تطرحان قضايا مهمة من الناحية القانونية والأمنية وهي موضع نقاش، لكن ما أقنع بعض أعضاء المجمع هو أن البرلمان صوت لصالح هاتين اللائحتين بتحفظ، ونحن يمكننا قبول هاتين اللائحتين بالشروط والتحفظات نفسها.”
وأضافت أن محمد صدر، العضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام وأحد الداعمين للمصادقة على هذه اللوائح، صرّح في مقابلة أجراها قبل عيد النوروز، قائلا: “لقد عُقدت اجتماعات داخل لجنة مشتركة من لجان المجمع السياسية والأمنية والاقتصادية والقضائية، تولى آملي لاريجاني مسؤوليتها، وقد صوّتت اللجنة لصالح هذه اللوائح، ونأمل أن يتم التصويت عليها كذلك في الجلسة العامة للمجمع.»
وأشارت إلى أن صمت بقية أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام، وخاصة المعارضين السابقين للمصادقة على لائحتي باليرمو وقانون مكافحة تمويل الإرهاب، يعزز الآمال أكثر فأكثر في تمرير هاتين اللائحتين.
مجمع تشخيص يتناول بالبحث مسألتي الصلاح والمصلحة في “باليرمو” و”قانون مكافحة تمويل الإرهاب”
آملي لاريجاني: أعلن أنّ: “النظر في مسألتي انضمام إيران إلى اتفاقيتي «بالرمو» و«قانون مكافحة تمويل الإرهاب» جار حاليا في إطار تقييم مصلحة البلاد، وذلك بعد صدور إذن من المرشد الأعلى علي خامنئي، بإعادة فتح الملف.”
وأضاف: “أنّ هاتين الاتفاقيتين تخضعان حاليا لتحليلات دقيقة في لجان متعددة، منها لجنة مشتركة ضمت لجانا سياسية وأمنية واقتصادية وقضائية.”
وأشار إلى أنّ: “جزءا كبيرا من الجدل الدائر في الأوساط السياسية والإعلامية بشأن الاتفاقيتين يستند إلى خلط مقصود أو غير دقيق بينهما وبين «مجموعة العمل المالي»، ولا تقع ضمن صلاحيات مجمع تشخيص مصلحة النظام، لأن المجمع لا يتولى النظر إلا في القوانين المختلف عليها بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور، بينما «مجموعة العمل المالي» لم يصدر بشأنها أي مصادقة برلمانية كي تُحال إلى المجمع.”
وتابع: “أنّ أحد النقاط الجوهرية التي أقنعت بعض أعضاء المجمع، هو أنّ البرلمان أقر الاتفاقيتين مع تحفظات رسمية تنص على تطبيقهما ضمن إطار الدستور والقوانين الداخلية، وهي ملاحظات تم تثبيتها أيضا في اللجنة المشتركة، وسينظر فيها لاحقا في الجلسة العامة للمجمع.”
كما لفت إلى أنّ: “مجموعة العمل المالي الدولية طالبت إيران بضرورة المصادقة على اتفاقيتي “بالرمو” و”قانون مكافحة تمويل الإرهاب” للخروج من القائمة السوداء، حيث أن البحث الجاري داخل المجمع لا يشمل “مجموعة العمل المالي” إطلاقا، لا من قريب ولا من بعيد.
وأوضح أنّ اتفاقيتي “قانون مكافحة تمويل الإرهاب” و”بالرمو” تتضمنان مسائل قانونية وأمنية بالغة الأهمية، وبيّن أنّه يمكن قبول هاتين الاتفاقيتين بشروط، كما فعلت 50 دولة أخرى حول العالم عبر التحفظات، وبالتالي ليس ثمة مانع قانوني أو دولي يحول دون اعتماد إيران لهذا النهج.
مسعود بزشكيان، أوضح أنّ تنفيذ الضوابط الداخلية لمجموعة العمل المالي سيمكن الحكومة من الحد من مظاهر الفساد دون الحاجة إلى تدخل ميداني مباشر، إذ يكفي اعتماد الرصد الرقمي للبيانات، وتابع أنّ هذه المقاربة ستؤدي إلى تقليص الجهاز الإداري للدولة وزيادة كفاءته.
محمد صدر، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، عبّر عن أمله في أن يتم إقرار اتفاقيتي “قانون مكافحة تمويل الإرهاب” و”بالرمو” في الجلسة العامة، مشيرا إلى أنّ اللجنة المشتركة المعنية بالملف قد وافقت على مضمونهما بعد عدة جلسات ترأسها آملي لاريجاني.
وأضاف أنّ جوهر الاتفاقيتين يكمن في منع استخدام العلاقات الاقتصادية الدولية من قبل مهربي المخدرات والسلاح والبشر، والجماعات الإرهابية، والمخالفين الإلكترونيين وتجار الآثار، وقال إنّ رفض هذه الاتفاقيات سيُفهم على أنّ الحكومة الإيرانية تستند في علاقاتها الاقتصادية إلى التهريب والأنشطة غير المشروعة.
وتابع أنّ تنفيذ الاتفاقيتين لا يؤثر مطلقا على دعم إيران لقوى المقاومة، وأنّ المزاعم حول إدراج حركات مثل «حزب الله» و«حماس» كمنظمات إرهابية في حال توقيع الاتفاقيتين لا أساس لها، لأن منظمة الأمم المتحدة لا تصنّف سوى ثلاث جماعات كتنظيمات إرهابية: «داعش» و«القاعدة» و«طالبان»، أما ما دون ذلك فيخضع لتعريف الدول الوطنية.
مصطفى ميرسليم، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، أفاد أنّه لا تزال اتفاقيتا “باليرمو” و”قانون مكافحة تمويل الإرهاب” قيد الدراسة داخل المجمع، بعد أن توقفت مداولاتهما في عهد حكومة الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، وبيّن أنّ المراجعات الفنية الجارية تسير على نحو معمق، مرجّحا أن تُحسم النتيجة النهائية مع مطلع الربيع المقبل وفق التقويم الميلادي والسرياني.
كما أوضح أنّ المطلوب من المجمع هو تحديد المصلحة، وليس التوسط بين الجهات المختلفة، ولذلك يتم الاستماع إلى آراء الحكومة والبرلمان، والاستعانة بخبراء مستقلين لاتخاذ القرار الأنسب، وقال إنّ اتخاذ القرار هنا يرتبط بالضمير والمسؤولية أمام الله.
محمد رضا باهنر، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، أوضح أنّ المرشد الأعلى لم يأمر بقبول “مجموعة العمل المالي”، بل سمح فقط بإعادة النظر فيه ضمن المجمع، وأضاف أنه شخصيا يدعم القبول بهذه المجموعة، لكنه يقدّر مخاوف المعارضين الذين يحرصون على مصالح البلاد.
وفي تعليقه على المواقف “المتشددة” لبعض المعارضين، قال: “إنه لا يهتم لمن يرفع الشعارات أو يرتدي الأكفان، حيث أنّ جميع أعضاء المجمع المعنيين بهذا الملف يتعاملون معه بدافع وطني.”