- يسرا شمندي
- 21 Views
نشرت صحيفة اعتماد الإصلاحية، الثلاثاء 10 يونيو/حزيران 2025، حوارا أجرته مع خبير الشؤون السياسية الخارجية رحمان قهرمانبور، حول تداعيات قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير ضد إيران والتوترات الراهنة بين طهران والقوى الغربية.

وفي ما يلي نص الحوار:
ما مدى احتمالية إحالة القرار المزعوم إلى مجلس الأمن في حال الموافقة عليه، خاصة مع إصرار الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية على تمريره واللهجة الأكثر حدة لتقرير الوكالة الدولية الأخير؟
في ما يخص القرار، تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم نشر أي نص علني بعد، وتستند التعليقات إلى معلومات من عدد محدود من الأفراد الذين تمكنوا من الوصول إلى نصه. لذلك، للوصول إلى تقييم نهائي، يجب علينا انتظار النشر الرسمي للقرار.
والنقطة الثانية تتعلق بتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير الذي تناول عدة محاور مهمة. أولا، يتعلق التقرير بشكل عام بموضوع الدراسات العسكرية المزعومة PMD؛ وهو موضوع كان من المفترض أن يُغلق وفقا لاتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة (برجام) في عام 2016 بناء على تعاون إيران والوكالة. كما كانت أربعة مواقع مرتبطة بهذا الملف مطروحة في ذلك الوقت وتم إغلاق هذا الملف رسميا.
إن الاعتراض الرئيسي لإيران يدور حول السبب الذي دفع المدير العام للوكالة لإعادة فتح موضوع كان قد أُغلق بطريقة ما. وبالطبع، ترد الوكالة بأنها ملزمة بنشر أي معلومات جديدة تحصل عليها.
وفي التقرير الأخير، إضافة إلى إعادة فتح ملف الدراسات العسكرية المزعومة طرحت الوكالة نقطة جديدة وهي العلاقة بين الأنشطة النووية في مواقع مريوان، وآباده، وورامين، وعنبر تورقوزآباد، ولويزان-شيان؛ وهو موضوع لم يُطرح سابقا في التقارير. بعبارة أخرى، تدعي الوكالة أن البرنامج النووي العسكري الإيراني الذي كان يُتابَع قبل عام 2003 لم يتوقف بالكامل.
وهذا الادعاء الجديد يشكل الخلفية الرئيسية للخلاف الحالي بين إيران والوكالة. وفي جزء آخر من التقرير، أعلنت الوكالة أن إيران لم تقدم معلومات دقيقة ومقنعة حول المواقع الثلاثة المتنازع عليها منذ عام 2019، وهي ورامين، وتورقوزآباد، ومريوان.
وفي الأدبيات الفنية للوكالة، يجب أن تكون هذه المعلومات كاملة وصحيحة. ففي بعض الحالات، كانت المعلومات المقدمة كاملة ولكن غير صحيحة، أو صحيحة ولكن ناقصة. وقد فُسِّر هذا الوضع في التقرير على أنه عدم امتثال؛ وهو مفهوم يمكن أن يشكل أساسا قانونيا لإحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن.
وفي الاجتماع الأخير لمجلس المحافظين الذي عُقد في شهر يونيو/حزيران 2025، لم يُطرح هذا الموضوع للتصويت بعد، لكن من المتوقع أن تطرح أمريكا والترويكا الأوروبية مشروع قرار للتصويت. ومع ذلك، حتى لو عارضت الصين أو روسيا بالإجماع، سيُطرح القرار للتصويت. وفي حال الموافقة عليه، من المحتمل أن يحدد القرار مهلة تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر لتعاون إيران الكامل مع الوكالة.
وفي حال عدم تحقيق هذا التعاون، يمكن إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في اجتماع مجلس المحافظين في سبتمبر/أيلول 2025 لاتخاذ قرار.
كما أشارت الوكالة في هذا التقرير، إلى أن موضوع موقعي لويزان-شيان، ومريوان ليس له أولوية حاليا ولكنه لا يزال يعتبر غير محلول. ووفقا للوكالة، تعرضت هذه المواقع لتغييرات فيزيائية ولا يمكن إجراء فحص مباشر لها. وتدعي الوكالة أنه في عام 2003، أُجريت اختبارات تفجيرية في هذه المناطق، لكنها لم تحصل على معلومات كاملة عنها.
بشكل عام، يشير التقرير الأخير إلى أن الوكالة بصدد إعادة فتح ملف كان قد أُغلق سابقا تحت عنوان الدراسات العسكرية المزعومة، وعلى أساس ادعاء عدم تقديم إيران لمعلومات كاملة وصحيحة، يتم التحضير القانوني لإجراءات لاحقة بما في ذلك الإحالة إلى مجلس الأمن. وكانت إيران قد أعلنت سابقا في ردها أن مصدر تلوث اليورانيوم في موقعي ورامين، وتورقوزآباد كان نتيجة تخريب خارجي.
في ظل تصاعد التوترات بين إيران والغرب، ما الخيارات المتاحة لإيران للرد برأيك؟
في ردها على نهج الهيئة الوقائية، أوضحت إيران محورين رئيسيين: أولا، رد الفعل العملي في حال الموافقة على القرار. ويبدو أنه، وكما شهدنا في الحالات السابقة، فإن إيران مستعدة لزيادة سرعة ومستوى تخصيب اليورانيوم رداعلى النهج الغربي الأخير.
وتظهر تجربة السنوات الماضية أنه في كل مرحلة اتخذ فيها مجلس المحافظين موقفا أكثر تشددا ضد إيران، ردت طهران بزيادة مستوى التخصيب، خاصة عند مستوى 60%، على تصرفات هذه المجموعة من اللاعبين.
أما المحور الثاني في تصريحات كمالوندي فيعود إلى إعادة النظر في مستوى تعاون إيران مع الوكالة. فقد ألمح ضمنيا إلى أن طهران ربما توقف جزءا من تعاونها الطوعي مع الوكالة. والمقصود بهذا التعاون هو الإجراءات التي تتجاوز التزامات الضمانات التي قامت بها إيران طواعية في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة (برجام)، ولا يوجد أي إلزام لاستمرارها.
ومن بين هذه التعاونات يمكن الإشارة إلى تقديم المعلومات، أو السماح بالوصول إلى معدات القياس، أو تركيب أجهزة خاصة لقياس مستوى التخصيب؛ وهي إجراءات قامت بها إيران حتى اليوم فقط في إطار التزامات برجام، وليس في إطار اتفاق الضمانات الشامل مع الوكالة. وفي حال تنفيذ هذا القرار، من المحتمل أن تدخل العلاقات بين إيران والوكالة فترة أكثر توترا.
هل من الممكن أن تتخذ طهران خطوة جدية نحو الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)؟
تجرى نقاشات في الأجواء السياسية الإيرانية حول احتمال الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT). ومع ذلك، أكدت مصادر رسمية أن مثل هذا الإجراء ليس مطروحا على جدول أعمال طهران حاليا.
وما دفع إيران في الوقت الراهن إلى تحذير أوروبا يعود إلى احتمال تفعيل آلية الزناد. فقد حذرت طهران الترويكا الأوروبية من أنها، في حال تفعيل هذه الآلية، ستعتبر الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار أحد الخيارات المطروحة. ومع ذلك، لا توجد حتى الآن أي مؤشرات على بدء عملية تفعيل آلية الزناد.
وبهذه الطريقة، فإن رد فعل إيران على القرار المحتمل لمجلس المحافظين سيسلك في المقام الأول مسار زيادة الأنشطة النووية الفنية، وفي المقام الثاني من خلال إعادة النظر في مستوى التعاون التفتيشي مع الوكالة.
هل يمكن أن يؤثر تزامن الموافقة على القرار مع الاقتراح الأمريكي سلبا على مسار الدبلوماسية، خاصة أن الاقتراح لا يشير إلى رفع العقوبات أو تحرير الأصول المجمدة؟
بالتأكيد، هذا صحيح. برأيي، إذا تمت الموافقة على هذا القرار، ستضطر إيران لإظهار رد فعل حاد. وبطبيعة الحال، إذا أبدت إيران رد فعل جادا وحادا، فإن أمريكا وأوروبا ستردان بالمثل، وبالتالي، ستتأثر المفاوضات بشدة. وحتى لو عُقد لقاء بين الأطراف، لا أعتقد أنه سيؤدي إلى نتيجة ملموسة.
لذلك، من الصحيح أن الموافقة على القرار يمكن أن تؤدي إلى اضطراب وعراقيل أكبر في مسار المفاوضات، ومن المرجح أن تزيد من مستوى التوترات.
أما بالنسبة للحزمة المقترحة من أمريكا، فيجب علينا الاستمرار في التخمينات. ويبدو أن المطلب الرئيسي لأمريكا هو وقف التخصيب على الأراضي الإيرانية.
وفي هذا الصدد، تم اقتراح فكرة إنشاء تحالف التخصيب على المستويين الإقليمي والدولي بمشاركة أمريكية. ومع ذلك، فإن إنشاء التحالف هو حل طويل الأمد ولن يؤدي إلى حل فوري للتحدي القائم، بالإضافة إلى أن عدم الثقة بين الطرفين أعمق بكثير من أن يثقا ببعضهما البعض في مثل هذا الموضوع الهام والحساس. لهذا السبب، تؤكد طهران أن اقتراح التحالف يجب ألا يؤدي إلى وقف التخصيب على الأراضي الإيرانية.
ما مدى جدية احتمال أن الولايات المتحدة، بالتنسيق مع الترويكا الأوروبية، تسعى لتمهيد الطريق لتفعيل آلية الزناد؟
هنا نواجه مسألتين منفصلتين أولا، إحالة ملف عدم امتثال إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهذا المسار له إجراءاته القانونية الخاصة: وتقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالإبلاغ عن المخالفة، ثم يمكن لمجلس المحافظين، بإصدار قرار، إحالة الملف إلى مجلس الأمن. في هذه المرحلة، يمكن للصين وروسيا، بصفتهما عضوين دائمين في مجلس الأمن، إيقاف هذه العملية باستخدام حق النقض (الفيتو).
أما آلية الزناد فلها آلية مختلفة تماما، وهي مصممة أساسا لتجاوز عملية الفيتو. وفي هذه الحالة، يكفي أن تعلن الترويكا الأوروبية (ألمانيا، فرنسا، وبريطانيا) أن إيران لم تلتزم بتعهداتها في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة (برجام) وأن تحيل هذه المسألة إلى لجنة حل النزاعات. وإذا لم تتمكن هذه اللجنة من إقناع الأطراف، ينتقل الملف إلى المرحلة التالية.
وفي الخطوة النهائية، يجب على مجلس الأمن التصويت على استمرار تعليق العقوبات. وهنا تكمن نقطة مهمة على عكس الإجراءات المعتادة، إذا صوت أحد الأعضاء الدائمين – مثل أمريكا أو إحدى الدول الأوروبية – بالرفض، فإن تعليق العقوبات ينتهي تلقائيا، وتعود جميع العقوبات التي كانت مفروضة قبل برجام، دون الحاجة إلى تصويت جديد.
كيف تقيمون دور روسيا في هذا السياق، خاصةً أن الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف، حذر مؤخرا بشأن الموافقة على قرار ضد إيران في مجلس المحافظين، ومن المتوقع أن يقوم الرئيس الروسي بزيارة لطهران؟
أعتقد أنه بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، تأثرت ثقة إيران بروسيا بشكل كبير فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق نووي. وخلال اللقاء الذي جمع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيارته إلى موسكو، لم تتمكن روسيا من أداء دور فعال. حتى وزير الخارجية الإيراني السابق أمير عبد اللهيان صرح عدة مرات بأن إيران كانت قريبة جدا من التوصل إلى اتفاق في مرحلة معينة، لكن هذا لم يتحقق.
وبعبارة بسيطة، أدى النهج غير المناسب إلى أن لا تنظر إيران إلى موسكو كلاعب موثوق به في المسار النووي بعد ذلك.
في مارس/آذار 2024، عندما زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف طهران، كان أحد المقترحات التي طرحتها روسيا هو الوساطة في ملف إيران النووي. لكن وفقا للمسؤولين الروس، كان رد إيران على هذا الاقتراح مهذبا ولكنه كان سلبيا بشكل قاطع.
كما أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بوضوح، أن إيران لن تقبل مثل هذا الاقتراح. وهذا الرد، من الواضح أنه يكمن في تلك التجربة المريرة الماضية، ويظهر أن طهران لا ترغب في قبول دور الوساطة من موسكو مرة أخرى.
من ناحية أخرى، لا ينبغي أن ننسى أن روسيا نفسها منخرطة في حرب استنزاف في أوكرانيا، ومن الطبيعي أنها قد ترغب في استخدام ورقة إيران في التفاعلات الدولية.
ومع ذلك، فإن إيران اليوم لم تعد في وضع يسمح لها بتقديم هذه الورقة الرابحة لروسيا دون تردد. لذلك، على الرغم من الموافقة على الاتفاقية الاستراتيجية بين إيران وروسيا في البرلمان، فإنني أعتقد أن موسكو في الظروف الحالية لا يمكن ولا ينبغي اعتبارها خيارا موثوقا به لإيران في مسار الملف النووي.