- زاد إيران - المحرر
- 46 Views
حوار/صديق العيسوي:
أكد إسلام المنسي، الباحث في الشؤون الإيرانية، أن الحكومة الإيرانية فشلت في خدمة شعبها وتلبية احتياجاتهم، وفي حوار لـ”زاد إيران”، قال المنسي إن الملف الاقتصادي يحكم اتجاهات التصويت داخل إيران، ومن الممكن أن يصبح هو النقمة الكبيرة ضد المحافظين أو ضد السلطة، لأن كثيراً من المظاهرات حتى تلك التي أخذت طابعاً سياسياً بدأت في البداية لأسباب اقتصادية، وتطرق إلى مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي والملف النووي والانتخابات الرئاسية، والحرب على غزة، فإلى نص الحوار:
– كيف ترى الوضع العام قبيل الانتخابات الرئاسية؟
بالتأكيد، جاءت الانتخابات الإيرانية مفاجئة، فلم تخطط لها الحكومة الإيرانية، ولم تكن في حسبان النظام في ذلك التوقيت، خاصة بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي، فالنظام الإيراني أعاد ترتيب أوراقه للساحة السياسية بالشكل الذي يراه في مصلحة المنظومة الأمنية الإيرانية.
فجميعنا نعلم أن الحكومة الإيرانية ارتكزت مسبقاً منذ تولي الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، في أغسطس/آب 2021، علي إقصاء التيار الإصلاحي من المشاهد السياسية المهمة سواء الانتخابات البرلمانية أو الانتخابات الرئاسية وغيرها، ومن ثم لم يعد هناك تياران على الأرضية السياسية الإيرانية، وأصبح التيار المحافظ المتشدد هو المسيطر على الساحة السياسية في ذلك التوقيت.
ولكن الأمر اختلف تماماً في ظل المشهد الحالي، فنرى الآن محاولة التيار الإصلاحي للرجوع إلى المشهد الانتخابي مرة أخرى، والترشح للانتخابات الرئاسية، واستغلال هذا الموسم الانتخابي لإعادة الترويج لنفسه.

– معنى كلامك أن هناك تغيراً في رأي الشارع الإيراني مؤخراً؟
بمقارنة الوضع مسبقاً مع الوضع الحالي، أرى أن الشارع الإيراني قد استنفر قواه بالتذمر الشعبي في الفترات الماضية، رغم عدم وجود احتجاجات دامية، جاء ذلك نتيجة فشل الحكومة في خدمة شعبها وتلبية احتياجاتهم، وبالتالي أرى أن النظام الإيراني يشعر حالياً بالقلق نتيجة استبعاد بعض المرشحين الذين ينتمون إلى التيار الإصلاحي، والذي من الممكن أن يتسبب في إعادة إثارة غضب الشارع الإيراني نتيجة فرض التيار التشددي الأصولي على الشعب دون اختيار ممثلهم بحرية وديمقراطية.
ولذلك، أعتقد أن النظام الإيراني يتصرف بحذر مخطط ومدروس؛ خوفاً من هياج الشعب الإيراني ضده، لأنه كما نعلم، يوجد العديد من المسببات لتدشين انتفاضة ثورية، نتيجة فشل الحكومة- كما ذكرنا- في جميع القطاعات، وإنفاق كم الثروات الطائلة التي تحتويها إيران في مؤامرات خارجية بدلاً من توفير تلك الثروات في خدمة الشعب وتوفير خدماتهم.
– مع من يقف الشعب في الانتخابات الإيرانية؟
في اعتقادي، الشعب الإيراني ليس لديه أكثر مما فعله، فقد ثار كثيراً وقدَّم كثيراً من الدماء في سبيل الثورة على النظام السياسي، وقد رأينا هذا في ما يُعرف بانتفاضة “مهسا أميني”، التي اندلعت عقب مقتل الفتاة الكردية جينا أميني تحت التعذيب، الأمر الذي أثار غضب الملايين في إيران؛ مما أدى الي خروج الشعب ضد النظام الإيراني.
وأيضاً رأينا قبل ذلك ما عُرف بثورة البنزين، التي تسببت في رفع أسعار الوقود بشكل فجائي، ونتيجة لتعدد الثورات الغاضبة، أعتقد أن النظام الإيراني الآن يواجه أزمة كبيرة في الشارع الإيراني، ولذلك بدأ النظام يتوجه إلى الاعتماد بشكل متزايد على قوات “الباسيج” التابعة لـ”الحرس الثوري”، وهي القوات المختصة بقمع الاحتجاجات الشعبية في الداخل الإيراني.
– هل الإصلاحيون قادرون على النجاح أمام التيار المحافظ؟
لا أعتقد أن الإصلاحيين قادرون على النجاح في الانتخابات القادمة، لأن الإصلاحيين لا يمكن أن يقدموا أنفسهم سواء في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، إلا بموافقة مجلس صيانة الدستور.
وبالحديث عن مجلس صيانة الدستور، فهو مجلس يتكون من 12 عضواً، يمثل النصف الأول منهم اختيار المرشد الأعلى، والنصف الآخر يختارهم رئيس السلطة القضائية الذي يرجع اختيار الأخير إلىي المرشد أيضاً، فبالتالي المرشد الإيراني هو من يتحكم في مجلس صيانة الدستور، وعليه لا يمكن للإصلاحيين المرور على النسق الانتخابية إلا بموافقة مجلس صيانة الدستور، الأمر الذي أعتقد أنه لن يلقى رواجاً، بسبب ميل مجلس صيانة الدستور إلى التيار المحافظ لتولي مقاليد الحكم الإيرانية.
– من وجهة نظرك، هل حادث وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بفعل فاعل؟
لا يمكن الجزم بوجود مؤامرة سواء داخلية أو خارجية ضد الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، وننتظر نتائج التحقيقات، ولكن هناك أشياء مريبة ارتبطت بالحادث مثل استمرار اختفاء المروحيتين اللتين صاحبتا طائرة الرئيس، وتأخر عمليات الإنقاذ بشكل كبير، فأعتقد أن كثيراً من الملابسات والتساؤلات تحتاج إلى إيضاح خلال الفترات القادمة.

– هل تتوقع أن يكون لإسرائيل يد في مقتل رئيسي؟
نعم، أعتقد أن إسرائيل قد يكون لها يد في الحادث ، وفي الوقت نفسه ، قد يكون هناك مؤامرة داخلية على السلطة لقتل الرئيس الإيراني السابق، خاصةً أن إبراهيم رئيسي كان مرشحاً لتقلُّد منصب المرشد الأعلى المقبل.
– من المسؤول عن الملف الاقتصادي.. الإصلاحيون أم المحافظون؟
الإصلاحيون ليست لهم علاقة الآن بالسلطة ليتحكموا في تطوير وتعزيز الملف الاقتصادي الإيراني، فالمحافظون هم المسؤولون حالياً وقد فشلوا في هذا الملف فشلاً ذريعاً، وأرى أن الإصلاحيين إذا قدموا أوراقهم للترشح رغم أنهم فقدوا شعبيتهم ومصداقيتهم، فأعتقد أن الشعب الإيراني سيرى أنهم أهون الشَّرَّين.
وبالتأكيد، فالملف الاقتصادي على وجه التحديد، هو الذي يحكم اتجاهات التصويت داخل إيران، ومن الممكن أن يصبح هو النقمة الكبيرة ضد المحافظين أو ضد السلطة في إيران، لأن كثيراً من المظاهرات حتى تلك التي أخذت طابعاً سياسياً بدأت في البداية لأسباب اقتصادية.
– كيف تري ملف الاتفاق النووي على هامش تعزيز منظومة إيران العسكرية؟
أعتقد أنه ليس له تأثير كبير، بل يأتي تالياً في الأهمية بعد تحديد مستوى الرئيس المحتمل فوزه بالأداء الاقتصادي.
– كيف سيواجه الرئيس القادم العقوبات الأوروبية والأمريكية؟
في الحقيقة، موضوع إدارة هذا الملف لا يتعلق بمنصب الرئيس القادم، بل المرشد هو الذي يحدد السياسات العامة وعلاقات إيران بالدول الخارجية، فسواء جاء الرئيس القادم من الإصلاحيين أو من المحافظين، فلن يدير هذا الملف الحساس، بل يخضع لإدارة سياسة المرشد الأعلى.
– كيف سيتعامل المرشد الأعلى مع ملف العقوبات الأوروبية على إيران؟
من وجهة نظري، سيستمر المرشد الأعلى في نهجه لسياسة العقوبات، فتظل الأمور كما هي على الوضع نفسه، إلى حين ترتيب أولويات النظام الإيراني وإعادة حساباته مرة أخرى.
– ما الملفات الخارجية المستهدفة أمام الرئيس القادم، خاصةً علاقات إيران مع السعودية ومصر؟
كما ذكرت، ملف العلاقات الخارجية والتطبيع مع دول الجوار لا يتصرف فيه الرئيس بشكل مستقيم، فالرئيس القادم ينفذ السياسة التي يمليها عليه المرشد الأعلى، وبالتالي رئيس الجمهورية يتخذ خطوات داخل الإطار الذي يحدده له المرشد الأعلى.
وعلى سبيل المثال، إذا رفض المرشد التقرب من دولة الكويت إذا أردنا ضرب المثل بها، فلن يقدم الرئيس الإيراني على فتح صحفة جديدة والتقارب معها، خلافاً لأهواء المرشد.
– ما توقعاتك لموقف الرئيس القادم إزاء التطبيع مع دول الخليج؟
من المؤكد أنه توجد علاقات بدأت منذ مارس/آذار 2023، فقد عقدت كل من طهران والرياض اتفاقاً لتهدئة الأوضاع السياسية وتبادل العلاقات الاقتصادية وما إلى ذلك.
وأعتقد أن هذا الاتفاق أثمر بكثير من الهدوء، وتلاشى كثيراً من التوترات بالمنطقة، لكنه لن يُوجد حلاً للخلافات المستمرة العالقة بينهما.
– ماذا عن العلاقات الإيرانية الإماراتية خاصة في ظل احتلال إيران للجزر الإماراتية؟
يظل استمرار إيران في احتلال الجزر الإماراتية الثلاث هو حجر عثرة أمام إيران لعودة تطبيع العلاقات الإيرانية العربية مرة أخرى.
ورأينا كيف اعترضت إيران على البيان الصيني المؤيد للموقف العربي الرافض لاحتلال إيران للجزر الإماراتية، فمن المؤكد أن الفعل الإيراني منع عودة العلاقات والتطبيع الكامل للعلاقات بين إيران والعرب، ولكن أرى أنه لن يؤدي إلى اشتعال التوترات مرة أخرى حتى وإن لم تعد العلاقات بين الدولتين.

– كيف انعكس دور إيران على تهدئة الأوضاع في اليمن؟
بالفعل، عملت إيران على تهدئة الأوضاع المشتعلة في اليمن، وتهدئة الأوضاع من الجانب السعودي، وبدأ الحوثيون في تخفيف التوتر، ورغم حدوث هجمات يمنية رصدتها المملكة العربية السعودية، أرى أنها ليست على مستوى من الخطورة مقارنة بالهجمات الماضية قبيل توقيع الاتفاقية بين إيران والسعودية.
– ماذا عن مستقبل العلاقات الإيرانية الصينية والروسية؟
منذ أن فُرضت العقوبات الأمريكية على إيران عام 2018، أعلنت الجمهورية الإيرانية سياسة التوجه شرقاً، بمعنى أنها أصبحت تعول على العلاقات مع الصين وروسيا وغيرهما من القوى الشرقية، ومن المؤكد أنها كانت تبحث عن دول بديلة للغرب، الذي رأت أنه لا يمكن الاعتماد عليه، لا سيما بعد انسحاب واشنطن من الاتفافية النووية بشكل أحادي.
وهذا ما جعل إيران تنخرط أكثر في دعم هذه الدول بشكل مستدام، فكما رأينا دعم إيران للسياسات الصينية في الإيغور، ودعم الغزو الروسي لأوكرانيا، والنظام العسكري في ميانمار وغيرها، فإيران أصبحت ترى مستقبلها مع هذه النظم الشرقية.