- زاد إيران - المحرر
- 55 Views
يرى المحلل السياسي سعيد الجعفري، في تحليله لصالح مركز “أتلانتك كونسل”، الخميس 20 يونيو/حزيران 2024، أنه في خطوة مفاجئة، ضم مجلس صيانة الدستور- هيئة التدقيق المكونة من 12 عضواً، سياسياً إصلاحياً إلى جانب المرشحين المحافظين الخمسة للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر إجراؤها في الثامن والعشرين من يونيو/حزيران 2024. ولا يبرز مسعود بزشكيان بسبب خلفيته السياسية فحسب، بل أيضاً بسبب شخصيته الفريدة.
التاريخ والإنجازات المهنية
وُلد مسعود بزشكيان في 29 سبتمبر/أيلول 1954، في مهاباد، وهي مدينة بمقاطعة أذربيجان الغربية معروفة بوجود عدد كبير من السكان من الأقليات العرقية الأذرية والكردية. على الرغم من كونه جزءاً من الأقلية الناطقة باللغة الأذرية التي تبلغ نسبتها 2% في مدينة ذات أغلبية كردية سنية، فإن بزشكيان كان دائماً فخوراً بتراثه الأذري.
في التاسعة عشرة من عمره، في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، خدم في الخدمة التجنيدية في زابل، إحدى أكثر المدن حرماناً بمقاطعة سيستان وبلوشستان. وبعد انتهاء خدمته عاد إلى محافظته حيث التحق بكلية الطب وتخرج طبيباً عاماً.
خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، زار بزشكيان الخطوط الأمامية بشكل متكرر، حيث كان مسؤولاً عن إرسال الفرق الطبية والعمل كمقاتل وطبيب. بعد الحرب، واصل تعليمه وتخصص في الجراحة العامة بجامعة تبريز للعلوم الطبية. أصبح في ما بعد متخصصاً بجراحة القلب، مما أدى به إلى أن يصبح رئيساً لجامعة تبريز للعلوم الطبية في عام 1994، وهو المنصب الذي شغله لمدة خمس سنوات.
في العام نفسه، فقد بزشكيان زوجته وأحد أطفاله في حادث سيارة. قام بتربية ولديه وابنته المتبقين بمفرده ولم يتزوج مرة أخرى. وقد حظيت هذه القصة الشخصية للخسارة والتفاني بالتعاطف والاحترام من كثيرين في المجتمع الإيراني الذين ينظرون إليه كشخصية عطوفة ومرنة.
وبعد سنوات، بدأت رحلة بزشكيان السياسية عندما انضم إلى إدارة الإصلاحي محمد خاتمي نائباً لوزير الصحة في عام 1997. ثم تم تعيينه وزيراً للصحة بعد أربع سنوات، حيث خدم في الفترة من 2001 إلى 2005. ومنذ ذلك الحين، تم انتخابه لعضوية البرلمان الإيراني خمس مرات، ممثلاً لتبريز، وشغل منصب النائب الأول لرئيس البرلمان من 2016 إلى 2020.
وخلال رئاسة حسن روحاني، أيد بزشكيان بقوةٍ الاتفاق النووي لعام 2015، وكثيراً ما تحدث لصالحه في البرلمان. وفي مقابلة تلفزيونية نادرة خلال الاحتجاجات المناهضة للمؤسسة والتي عمت البلاد في أعقاب وفاة ماهسا أميني على يد ما يسمى بشرطة الأخلاق، شكك بزشكيان في الرواية الرسمية، مستشهداً بخلفيته الطبية عندما اعترض على تفسير الحكومة لوفاتها. وقد أبرزت دعوته إلى تشكيل فريق تقييم مستقل، التزامه بالشفافية والمساءلة.
ترشح بزشكيان في الانتخابات
يعتبر ترشح بزشكيان مهماً لعدة أسباب. وعكس العديد من السياسيين الإيرانيين، لم يصل إلى السلطة من خلال العلاقات العائلية ذات النفوذ أو الفساد. إن سجله الذي لا تشوبه شائبة وتاريخه الشخصي المأساوي يميزانه عن منافسيه. علاوة على ذلك، فهو يتمتع بالقدرة على جذب أصوات مؤيدي الرئيس الشعبوي محمود أحمدي نجاد، بسبب لغته الفارسية البسيطة وموقفه المناهض للفساد.
وعلى الرغم من نقاط القوة هذه، يواجه بزشكيان تحديات كبيرة. فهو يفتقر إلى خطط واضحة وموثقة لإدارة البلاد، خاصة في مجال السياسة الخارجية، حيث يخضع للمرشد الأعلى علي خامنئي. فهو يستخدم عند ذكر خامنئي اللقبَ المحترم “المرشد الأعلى الجليل” الشائع بين المحافظين، بينما يفضل الإصلاحيون مخاطبته بلقب “الزعيم”. وربما كان ولاء بزشكيان لخامنئي سبباً في تأمين ترشُّحه، لكنه قد لا يكون كافياً لكسب تأييد الناخبين، خاصةً أبناء الطبقة المتوسطة التواقة إلى التغيير.
وقد حظي بزشكيان بتأييد الإصلاحيين، ومن ضمنهم الرئيس الأسبق محمد خاتمي. وقد حشدت الأحزاب والشخصيات الرئيسية لهذا الفصيل السياسي جهودها لضمان فوز بزشكيان في الانتخابات الرئاسية. إضافة إلى ذلك، تم اختيار محمد جواد ظريف، وزير الخارجية السابق، مستشاراً للسياسة الخارجية لبزيشكيان، ويشارك بنشاط في حملته الانتخابية.
وقد تكون قدرته على جذب الأقليات العرقية، خاصةً الأذريين، عاملاً حاسماً في حملة بزشكيان. يشكل الأذربيجانيون أغلبية السكان في محافظات أذربيجان الشرقية وأذربيجان الغربية وأردبيل وزنجان. ووفقاً للتعداد السكاني الأخير لعام 2016، يبلغ عدد سكان هذه المحافظات مجتمعةً أقل من عشرة ملايين نسمة، وهو ما يمثل نحو ثمن إجمالي سكان إيران. مسقط رأسه، مهاباد، حيث يسكنها خليط من الأكراد والأذريين، ودفاعه عن حقوق الأقليات جعله شخصية موحدة.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن تصبح هذه القضية كعب أخيل له. أثار تركيز بزشكيان القوي على دعم حقوق الأقليات في البلاد مخاوف البعض بشأن احتمال صعود وتوسع المشاعر القومية الأذرية في إيران.
وفي المناظرة الانتخابية الأولى، التي جرت في 17 يونيو/حزيران، ناضل بزشكيان لإقناع الناخبين المترددين في المشاركة. وقال بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إن مصطفى بور محمدي، رجل الدين المعتدل الذي يتمتع بخبرة عقود في مجال الأمن، كان أكثر فعالية في التأثير على الرأي العام من بزشكيان.
يتمتع بزشكيان بالقدرة على تغيير قواعد اللعبة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكنه يواجه عقبات كبيرة. ولتحقيق النجاح، يتعين عليه أن يعالج مخاوف الإصلاحيين وجمهور الناخبين الأوسع، الذين ما زالوا يشعرون بخيبة الأمل والغضب إزاء قمع الاحتجاجات والوضع الحالي للجمهورية الإسلامية. وسيكون سجله في الخدمة العامة، والمرونة الشخصية، والدعوة إلى الشفافية والمساءلة، من العوامل الرئيسية في حملته.
وعلى الرغم من أن كثيرين ما زالوا غير متأكدين من كيفية سماح مجلس صيانة الدستور له بالمشاركة في الانتخابات، فإنه من المعتقد على نطاق واسع، أن المجلس كان واثقاً بعدم فوز بزشكيان. ويبدو أن المجلس يهدف من خلال الموافقة على ترشحه إلى تعزيز إقبال الناخبين.
ويقدم ترشح بزشكيان بصيص أمل لأولئك الذين يسعون إلى التغيير في إيران، لكن طريقه إلى النصر محفوف بالتحديات. ومن أجل تغيير اللعبة حقاً في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، يجب عليه أن يبحر في المشهد السياسي المعقد، وأن يجذب جمهوراً متنوعاً من الناخبين، ويقدم رؤية واضحة للمستقبل.