مات أم قُتل؟ نائب في البرلمان الإيراني يثير الجدل حول الرئيس إبراهيم رئيسي وما إذا كان تعرض لعملية قتل

الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي- منصات التواصل

كتبت-إيمان مجدي

أثار ممثل مدينة قم في البرلمان الإيراني محمد منان رئيسي جدلًا واسعًا بنشر مذكرة على قناته الشخصية على منصة التواصل الاجتماعي الإيرانية إيتا، حيث قال: “بعد بضعة شهور من حادثة اغتيال الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي الغامضة بشكل تام، قاموا أيضًا باغتيال قائد المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. لكن هذه المرة بشكل واضح تمامًا وبدون أي نوع من الشك والشبهة، وكان ضيفًا لدينا”.

أضاف: “الأمر الذي يظل في ذهننا دائمًا هو بعد اغتيال قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني على الأراضي العراقية وهو ضيف رسمي لدى الحكومة العراقية، أننا كنا منتظرين رد فعل مناسب من قِبل البلد المضيف”.

وتابع: “في الوقت الراهن الشباب الفلسطيني بالتأكيد لديه نفس شعورنا تجاه الحكومة العراقية. ويفكرون ماذا سيكون رد إيران كونها البلد المضيف على اغتيال إسماعيل الأمة -كما وصفه- في طهران باعتبارها أهم دولة في العالم الإسلامي -على حد تعبيره-؟ هل سنكتفي في النهاية بإصدار بيان إدانة كما فعلت الحكومة العراقية؟ أم سنتبنى ردًا ميدانيًا موزونًا ورادعًا في خطة العمل؟

وأردف: “أعتقد أن إيران إذا كانت تنوي الاستمرار في أنشطتها كما كانت كحاملة للواء جبهة المقاومة، لا بد أن ترد ردًا موزونًا على اغتيال ضيفها الرسمي، وصانعو القرار على دراية بأن لو اكتفينا فقط بالإدانة بالإضافة إلى أن معادلة الردع بالنسبة لنا ستُدمر تمامًا، ومن ثم يُدخل ضربة سياسية إلى ميزان القوى الإيراني. ولذلك الرد الإيراني الموزون حتمي وضروري ننتظره جميعًا”.

وقال: “وما يجب أن نضعه في عين الاعتبار أن الرد الموزون لا يعني أن يكون بالحجم نفسه. اغتيال قائدهم مقابل اغتيال قائدنا رد بالحجم نفسه لكن في بعض الأحيان من الممكن أن يصدر رد على الرغم من وزنه واتزانه مع شجاعة العدو إلا أنه لا يجب أن يُقارن بحركتهم بسبب مقتضيات الميدان”،  وذلك بحسب ما ذكر منان رئيسي.

وأنهى كلامه قائلًا: “كان الوعد الصادق والرد الموزون وربما تخطى مرحلة كونه موزونًا بقدر شجاعة كيان الاحتلال المؤقت على اغتيال قائدتنا بحيث كانت نتيجته حتى بالنسبة لنا تخطت كونه ردًا بنفس الحجم. والآن أيضًا لأي سبب ميداني أو غير ميداني الرد بنفس الحجم على اغتيال إسماعيل هنية لا يصب في المصلحة، لكن الرد الموزون على هذه الجريمة غير المسبوقة يصب في المصلحة وضروري. بسم الله”.

هذه التصريحات أثارت الجدل، وتفاعل معها الكثيرون داخل إيران، وعلق الصحفي  محمد حسن نجمي على تصريح منان رئيسي السبت 3 أغسطس/آب 2024 عبر منصة إكس قائلًا: “لم يقل غامضة من أي ناحية، وخلق آلاف التساؤلات في ذهن المجتمع. لا بد أن تكون هذه حرب نفسية؟ ماذا كان سيحدث لو ادعى هذا الادعاء مواطن عادي أو صحفي عادي؟”.

كما رد الكاتب في صحيفة كيهان الإيرانية والخبير في الإذاعة والتليفزيون الإيراني  سعد الله زارعي على طرح إشاعة اغتيال الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي كأول رد فعل الجمعة 2 أغسطس/آب 2024، وذلك لانتشارها بعد اغتيال هنية، وأوضح في هذا الشأن أنه لا يجب ربط الأجهزة الأمنية والدفاعية المجربة للدولة بالأمر؛ لأن إيران أظهرت خبرتها في صناعات الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة، ويُقال أن الآن قامت إسرائيل بالهجوم وبناءً على هذا حادثة مروحية الرئيس فعل إسرائيل؛ على الرغم من أن اللجان الخبيرة المنضبطة حققت وتوصلت إلى نتيجة بالإجماع دون أي اختلاف وبشكل قاطع أنه لم يؤدِ أي عامل خارجي دورًا في هذه الواقعة، وكذلك لا يوجد أي عامل مخرب قد تسلل إلى الطائرة واستهدفها عن طريق النظام الخاص بها، وربما ستوضح اللجنة خلال تقاريرها المقبلة الأسباب الداخلية في نظام المروحية، نحن لا نعلم ولكن على أي حال هذه الحادثة ليس لإسرائيل أو الدول المجاورة علاقة بها.

في حين كشف ممثل مجلس الشورى الإسلامي عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية  أحمد بخشايش اردستاني يوم السبت 3 أغسطس/آب 2024 عن السيناريوهات المحتملة لاغتيال هنية؛ أولها أن كيان الاحتلال استخدم طائرة مسيرة صغيرة لتصيب الهدف في المحطة رقم 2 بتوجال. وثانيها أن العوامل المتسللة إلى الداخل الإيراني استقرت بالقرب من المحطة نفسها وأصابت الهدف بسلاح يُشبه الصاروخ، وصرَّح بأن: “يوجد في النظام الأمني-الاستخباراتي للدولة فجوات”.

هل إيران لم تعلن الرواية الحقيقية لوفاة رئيسها؟

تُثار قضية وفاة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي على الساحة الإعلامية مرة أخرى بعد وفاة إسماعيل هنية، ويربط النشطاء وربما الساسة أيضًا الحادثتين ببعضهما البعض، وبلا شك طرح المسألة على الساحة مرة أخرى في الوقت الراهن يورط كيان الاحتلال في الحادثتين، وفق ما يرى بعض المراقبين في إيران.

وتجدر الإشارة إلى تغريدة الصحفي الإسرائيلي  إيدي كوهين حيث غرّد باللغة العربية يوم الأربعاء 31 يوليو/تموز 2024، مشيرًا إلى مروحية الرئيس وقال: “هل فهمتم الآن يا إيرانيين من استهدف المروحية؟ وفهمكم كفاية”.

ومن الغريب أن بعد نشر هذه التغريدة بساعات نشر وزير الثقافة والإرشاد بحكومة رئيسي، محمد مهدي إسماعيلي صورًا إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان إلى جانب صورة قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس، وإسماعيل هنية وعلق عليهم باللغة العربية قائلًا: “إنا من المجرمين منتقمون. سنصلي في القدس إن شاء الله. وذلك في إشارة إلى أن اغتيال سليماني والمهندس خلال عملية أمريكية في مطار بغداد، وكذلك اغتيال هنية خلال قصف جوي في طهران.

وفيما يتعلق بسقوط مروحية إبراهيم رئيسي ورفقائه، تقول رواية طهران أن ثمة مشكلة تقنية بسبب وضع الطقس السيء تسببت في الحادث. وقبل الإعلان عن ملابسات الحادث طرح الأستاذ المساعد بكلية الدراسات العالمية بجامعة طهران فؤاد إيزدي يوم 20 مايو/آيار 2024، الأمر عند تواجده على قناة الخبر وقال: “عندما تتعرض مروحية لحادث يمكن أن يكون هناك خيارات أخرى قد وقعت بصرف النظر عن المشاكل التقنية ومشكلة سوء الطقس”. وتابع الخبير: “لدينا مسألة في جمهورية أذربيجان وهي تواجد الموساد الإسرائيلي هناك، ومن ثم يجب أن يُحقق في الأمر من قِبل المؤسسات ذات الصلة، ولا يجب أن يتحول الجيران إلى محيط تُضرب إيران من خلاله”.

في حين أكدت  صحيفة جمهوري إسلامي الإيرانية الكلام نفسه خلال مقال نشرته في مايو/ايار 2024، مكان سقوط المروحية يعزز فرضية التآمر، ووجود إمكانات كيان الاحتلال على الحدود مع أذربيجان يعطيه فرصة إتمام أي مؤامرة في أي منطقة حدودية بالداخل الإيراني. وما يعزز الفكرة سقوط مروحية الرئيس ومرافقيه فقط من ضمن ثلاث مروحيات كان من المقرر لها أن تعود. كما ذكر بعض أصحاب وجهات النظر أن المروحية انفجرت ثم سقطت، ومن هنا يمكن استنتاج أن السبب تدخل خارجي أو موجود داخل المروحية.

كما صرح الممثل في البرلمان الإيراني الحادي عشر والمحافظ السابق لأذربيجان الشرقية  أحمد علي رضا بيكي خلال حوار له مع أحد المحافل الإعلامية الإيرانية 24 مايو/آيار 2024 وأشار إلى أن الواقعة يشوبها غموض كبير. وتعجب من قرار قطع هذه المسافة بالمروحية في ظل الظروف الجوية السيئة. وتساءل لماذا لم يقلعوا من مطار بارس آباد؟

ومما سبق يبدو أن إيران ملتزمة الصمت ولا تريد أن تفصح عن تفاصيل محددة حتى لا تعلن أن حادثة وفاة رئيسها أو اغتيال هنية تدبير إسرائيلي فتضطر إلى الرد على كيان الاحتلال. وإذا كان تدبير إسرائيلي فهذا يعني أن إيران تعاني من قصور في أجهزتها الأمنية والاستخباراتية.