- زاد إيران - المحرر
- 39 Views
كتبت: أروى أحمد
ذكر موقع همه مهين، الإخباري الإيراني ، يوم السبت 17 أغسطس/ آب 2024، أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران منذ عام 2012 إلى عام 2019 أدت إلى تقلص عدد أفراد الطبقة الوسطى في إيران بنسبة %88 خلال ثماني سنوات، أي بمعدل 11% سنوياً.
وأدت تلك العقوبات الاقتصادية إلى تراجع أعداد الطبقة المتوسطة في إيران، حيث تحول عدد كبير من مواطني الطبقة الوسطى الدنيا إلى الطبقة ذات الدخل المنخفض. أما الطبقة المتوسطة العليا فإنهم يهاجرون إلى خارج البلاد.
وأضاف التقرير أن معدل تقلص الطبقة الوسطى انخفض من 54.12% في عام 2015 إلى 89.9 في عام 2016، تزامناً مع الاتفاق النووي المؤقت، ثم ارتفع مرة أخرى في عام 2017 مع انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة.
أهمية الطبقة الوسطى في المجتمع
وذكر الموقع أن الطبقة الوسطى تلعب دورًا أساسيًا في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتضامن الاجتماعي والمقاومة السياسية في أي بلد. وتميل الطبقة المتوسطة العليا إلى المطالبة بمساءلة المؤسسات العامة، وبالتالي تعزيز القيم الديمقراطية. كما تعمل الطبقة الوسطى الدنيا على الحفاظ على الترابط الاجتماعي، ووجودها ضروري للاستقرار الاقتصادي؛ لأن الطبقة الوسطى تشكل قاعدة استهلاكية موثوقة وتقلل من الفروق في الدخل بين الطبقات الاجتماعية.
وأضاف أن وجود طبقة وسطى قوية يمكن أن يساعد في تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي ويمنع التوترات السياسية. وبالنظر إلى العقوبات فإنها تؤثر بشكل مباشر على معيشة الناس ووضعهم الاقتصادي، ودراسة هذه التأثيرات يمكن أن يساعد في فهم العواقب الاقتصادية والاجتماعية للعقوبات في إيران بشكل أفضل.
وحسبما يرى كاتب التقرير، فإن الطبقة الوسطى تتمتع بمكانة خاصة بين المجتمعات الغربية ولها دور كبير في اقتصاد الأسواق الناشئة. إضافة إلى مكانتها السياسية القوية في المجتمعات الديمقراطية، وكثيراً ما يقدم السياسيون أنفسهم كأوصياء لخدمة للطبقة الوسطى.
وأفاد بأنه إذا نجح بلد ما في عملية التنمية، فإنه سيشهد انتقالاً للمواطنين من طبقة الفقراء وذوي الدخل المنخفض إلى الطبقة الوسطى. ومن ناحية أخرى، يسهم ظهور تلك الطبقة في عملية التنمية المستدامة ونمو التكنولوجيا بطرق مختلفة، وضمن ذلك زيادة ريادة الأعمال والابتكار والقيم الداعمة للتنمية مع التركيز على التعليم وتنوع الأسواق.
ويعد وجود الطبقة الوسطى أمراً ضرورياً لتحقيق التوازن بين مطالب الأغنياء والفقراء داخل المجتمع. وغياب هذا التوازن يمكن أن يؤدي إلى حدوث صراع سياسي واجتماعي.
وأضاف: “لقد شهدنا زيادة في حجم الطبقة المتوسطة بإيران بعد انتهاء الحرب مع العراق، أي منذ أوائل التسعينيات. إلا أن هذا الاتجاه المتنامي توقف، وبدأ في الانخفاض بعد فترة العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران بسبب أنشطتها النووية”.
العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران
أصبحت العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران أكثر شدة بعد عام 2012.
حيث فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات شاملة استهدفت النظام المالي بأكمله وصادرات النفط الإيرانية. إضافة إلى عقوبات ثانوية ضد الشركات غير الأمريكية التي تتعامل مع إيران.
كما قامت حكومة أوباما بتعزيز هذه المبادرة من خلال فرض عقوبات على شراء النفط الإيراني، والاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني.
ثم اتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات مماثلة تم بموجبها حظر المعاملات مع البنك المركزي الإيراني وجميع البنوك التجارية، وخلال عام 2012، عززت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عقوباتهما المالية وعقوبات الطاقة ضد إيران .
وتُظهر المؤشرات الاقتصادية الرئيسية أنه بعد عام 2012، عانى الاقتصاد الإيراني من صدمات سلبية شديدة، بالتزامن مع تأثير هذه العقوبات على الانخفاض السريع في عائدات النفط وتعطيل التجارة والاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية، حيث لم تنخفض صادرات النفط إلا في ظل العقوبات، ولم تتمكن الحكومة من إعادة عائدات التصدير بسبب العقوبات المالية. واستمر نظام العقوبات المشددة، ووصل إلى ذروته في عام 2012، وتفاقم الوضع في السنوات التالية.
وبعد رفع بعض هذه العقوبات في أعقاب الاتفاق النووي عام 2016، لم تكن إيران قادرة على الاستفادة الكاملة من هذه التغييرات، لأن العديد من الشركات الخاصة في آسيا وأوروبا ترددت في التعامل معها؛ خوفاً من العقوبات المالية من قبل الولايات المتحدة.
وعندما انسحب دونالد ترامب من الاتفاق بدأت جولة جديدة من العقوبات في أواخر عام 2017. ولا تزال العديد من العقوبات الأمريكية والدولية سارية حتى عام 2024. وبعد مقارنة شدة العقوبات الاقتصادية ونطاقها في فترات مختلفة، لكن كان العام 2012 هو العام المعياري للحقبة الجديدة من العقوبات التي أثرت على الاقتصاد الإيراني منذ ذلك الحين.
انخفاض النمو الاقتصادي والدخل
تسببت العقوبات القصوى التي فرضها ترامب على إيران في انخفاض النمو الاقتصادي السنوي إلى 2.8% في عام 2017، يليه -1.8% و-1,3% في عامي 2018 و2019.
وأحد المسارات المحتملة التي يمكن من خلالها للعقوبات الاقتصادية أن تقلل من حجم الطبقة المتوسطة هو الحد من التنمية الاقتصادية، مما سيؤدي إلى انخفاض دخل الفرد ونمو التضخم وزيادة تكاليف المعيشة.
ارتفاع أسعار السلع وتفاقم عجز الموازنة
يعد استيراد السلع طريقة أخرى يمكن من خلالها ربط العقوبات بتقليص حجم الطبقة المتوسطة. وقد أدت العقوبات الاقتصادية، خاصةً الحظر النفطي والتدابير المتخذة ضد البنك المركزي الإيراني، إلى انخفاض إيرادات تصدير النفط وأرصدة الميزانية للواردات. كما أدى انخفاض قيمة الريال الإيراني إلى زيادة تكاليف الاستيراد، الأمر الذي أثر سلباً على استيراد السلع، كما أدى النقص في السلع المستوردة إلى ارتفاع الأسعار وجعل الأمر أكثر تكلفة بالنسبة للطبقة الوسطى.
وبما أن العديد من الصناعات المحلية تعتمد على المواد الخام وقطع الغيار المستوردة، فإن انخفاض الواردات يمكن أن يعطل خط الإنتاج ويؤدي إلى فقدان الوظائف وانخفاض النشاط الاقتصادي، مما يؤثر سلباً على الطبقة الوسطى. كما أن التكاليف المرتفعة للسلع المستوردة ستؤدي إلى زيادة أسعار السلع والخدمات.
كما أن انخفاض الواردات بعد فرض العقوبات يمكن أن يقلل من إيرادات الحكومة ويؤدي إلى تفاقم مشكلة عجز الموازنة الحكومية. وقد يؤدي هذا إلى حدوث نقص في السلع العامة وبرامج الدعم الاجتماعي التي تعتبر ضرورية لتنمية الطبقة الوسطى.