- زاد إيران - المحرر
- 42 Views
كتبت- ميرنا محمود
تكشف الولايات المتحدة بوضوح موقفها تجاه إحياء عملية التطبيع بين تركيا وسوريا. وفي هذا السياق، يُذكر أن الولايات المتحدة لا تأخذ في الاعتبار التبعات السياسية فحسب، بل الأبعاد العسكرية أيضًا للتطبيع بين البلدين. ويلاحظ تركيزها بشكل خاص على كيفية تأثير التعاون العسكري المحتمل بين تركيا وسوريا وروسيا في شمال سوريا على الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وذلك وفق ما نشر موقع ” merhabaizmir” يوم الخميس 23 أغسطس/آب 2024.
طوال عام 2023، اتخذت الولايات المتحدة موقفًا متحفظًا تجاه المحادثات التي تتم بوساطة روسية بين تركيا وسوريا. وأعربت واشنطن عن مخاوفها لأنقرة بشأن هذه القضية وأوضحت موقفها من خلال تصريحات علنية. وفي يونيو/حزيران، عادت واشنطن للتعبير عن مخاوفها بشأن عملية إعادة التطبيع بين تركيا وسوريا، ونقلت آراءها عبر السفير الأمريكي في أنقرة “جيف فليك”. وفي لقاء مع الصحفيين الأتراك في 14 آب/أغسطس، أكَّدَ “فليك” مرة أخرى موقف الولايات المتحدة قائلاً: “إن الولايات المتحدة لن تقوم بتطبيع علاقاتها مع سوريا”.
عبّر فليك عن خيبة أمل العديد من الأشخاص بسبب عدم تقدم الأوضاع في سوريا، كما أكَّدَ مجدداً التزام واشنطن بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254. وينص هذا القرار على ضرورة جمع الأطراف المعارضة والحاكمة في سوريا لتشكيل حكومة شاملة تقود البلاد نحو انتخابات نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة.
الوضع العسكري والمخاوف
لدى الولايات المتحدة مخاوف كبيرة بشأن عملية التطبيع بين تركيا وسوريا، ليس فقط سياسيًا ولكن عسكريًا أيضًا. تعاونت الولايات المتحدة بشكل وثيق مع قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، التي تتألف أساسًا من وحدات حماية الشعب (YPG) في شمال سوريا على الصعيدين العسكري والتقني. وتتساءل عن العواقب التي ستترتب على التطبيع بين تركيا وسوريا في مجال الأمن. إن التصريحات الأخيرة الصادرة عن تركيا بشأن سوريا، التي تصف فيها أنقرة ((YPG بأنها منظمة إرهابية وتعتبر هذه المنظمة تهديدًا لسلامة الأراضي السورية وسيادتها، تُفَسِر أنه يمكن للبلدين التعاون في عملية التطبيع.
أكدت أنقرة أن الأمن سيكون الأولوية القصوى في عملية التطبيع مع دمشق. إن القضاء التام على التهديدات الموَجهة نحو الحدود التركية من جهة سوريا هو الهدف الأساسي لأنقرة.
النفوذ المتزايد لروسيا وإيران
إحدى المخاوف الرئيسية للولايات المتحدة هي استمرار التقارب بين تركيا ودمشق بوساطة روسيا ومشاركة إيران. ويثير هذا الوضع مخاوف من أن تستفيد روسيا وإيران من التطبيع بين البلدين. منذ عام 2015، قدمت روسيا وإيران دعمًا عسكريًا واقتصاديًا كبيرًا لسوريا وحمتها من الآثار المدمرة للحرب الأهلية. ونتيجة لذلك، اكتسبت الدولتان الحق في الحفاظ على وجود عسكري دائم على الأراضي السورية. وأصبحت سوريا، على وجه الخصوص، قاعدة روسيا الاستراتيجية في شرق البحر الأبيض المتوسط. وتمتلك روسيا قاعدتين عسكريتين مهمتين، وقد تردد أنها أنشأت مؤخراً قاعدة مشتركة مع سوريا في “كوباني”. وفي أعقاب هذه التطورات، يُزعم أن الولايات المتحدة نقلت قواتها العسكرية بالقرب من هذه المنطقة في الداخل.
ذكرت مصادر وزارة الدفاع التركية أن القاعدة الروسية-السورية المشتركة التي تم إنشاؤها على الحدود التركية مباشرة لم تُثِر قلقها. وصرَّحت مصادر وزارة الدفاع التركية: “بعد عملية نبع السلام، وقعنا اتفاقيتين مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا”. وفي إطار هذه الاتفاقيات؛ أضافت: “نحن نقيم أي تدابير إيجابية تتعلق بجذب العناصر الإرهابية إلى منطقة معينة”.
وأعربت المصادر ذاتها عن وجهات نظرها قائلة: “من الواضح أن هناك نشاطًا مشتركًا بين الروس والنظام في تلك المنطقة، وهذا مُدرَج أيضًا في النتائج التي توصلنا إليها. وأضاف “نحن نقيم هذا العمل على أنه فرصة لإضعاف وجود المنظمات الإرهابية “حزب العمال الكردستاني” و”قوات سوريا الديمقراطية” و”حزب الاتحاد الديمقراطي” و”وحدات حماية الشعب” في تلك المنطقة ونتابع التطورات عن كثب”. بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود عدد كبير من قوات الميليشيات الإيرانية في المنطقة يلفت انتباهنا. ومن المتوقَع أن هذه القوى المرتبطة بإيران، والتي لعبت دورًا مهمًا في بقاء حكومة دمشق في الحرب الأهلية السورية، ستستفيد عسكريًا وسياسيًا من التطبيع بين تركيا وسوريا.
وأدلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية “ناصر كنعاني” بتصريحات خلال المؤتمر الصحفي المنعقد يوم 19 أغسطس قائلاً: “نحن نؤيد بشدة مثل هذا النهج. وينبغي على الدول المهمة في المنطقة، تركيا وسوريا، وكلاهما شريكتان لإيران، أن تعملا على حل المشاكل الحالية سريعًا واستعادة علاقاتهما وضعها الطبيعي. كما ندعم الخطوات الجديدة في هذا الصدد”.
مراحل عملية التطبيع
دخلت عملية التطبيع بين تركيا وسوريا فترة من الركود بعد الاجتماعات على المستوى الوزاري التي عقدت في عام 2023. لكن اللافت أن العملية أظهرت بوادر انتعاش بعد المبادرات الروسية في دمشق في حزيران/يونيو الماضي. وكان المؤشر الأهم لهذه العملية هو الرسالة التي وجهتها إدارة دمشق بأنها مستعدة للحوار مع تركيا دون شروط مسبقة. وكما هو الحال في عام 2023، فمن المتوقع الانتقال إلى المرحلة التالية بمشاركة وزراء الخارجية والدفاع ومسؤولي المخابرات.
وصرَّح وزير الدفاع التركي “يشار جولر” في بيان أدلى به في أغسطس/آب، أنه قد تكون هناك اتصالات على المستوى الوزاري بين تركيا وسوريا. وفي حال تحقيق نتائج إيجابية في المحادثات السياسية، فإن احتمالية لقاء الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” والرئيس السوري “بشار الأسد” في روسيا أو دولة ثالثة أخرى سيكون على جدول الأعمال.