في ظل الخطة الخماسية السابعة للتنمية :معاناة أصحاب المعاشات في إيران

العاصمة طهران- زاد إيران

كتب: محمد علي 

في ظل الأزمة الاقتصادية التي تواجهها إيران حالياً، تقع طبقات اجتماعية بعينها تحت وطأة تلك الأزمة عن غيرها من الطبقات، ومن بين تلك الطبقات نجد طبقة أصحاب المعاشات، فوفق تقرير نشرته صحيفة هم ميهن الإيرانية الاثنين 26 أغسطس/آب 2024 فإن الخطة الخماسية السابعة للتنمية تحتوي على تعارض مع السياسات العامة للضمان الاجتماعي وكذلك تهيئ الساحة لخلق تمييز في المدفوعات.  

ففي البند الأول من قانون الخطة الخماسية السابعة للتنمية كان من المتوقع أن يحدث نوع من التوازن في رواتب أصحاب المعاشات وفق شروط معينة، ولكن وبسبب الهيكل القانوني الحالي، لا يمكن أن يتم هذا التوازن في الرواتب. وفي البند الثاني، يوجد تمييز غير عادل بين المتقاعدين من مختلف الأجهزة التنفيذية، ويتم منح القضاة امتيازاً خاصاً للتقاعد. تناول أكبر محمدي، خبير حسابات التأمين والتقاعد، تفاصيل هذين التمييزين في رواتب أصحاب المعاشات، ونعرض ما قاله فيما يلي.

القانون الجديد لتسوية الرواتب لا يؤدي إلى العدالة:

تسوية رواتب المتقاعدين مع الموظفين المماثلين وفقًا للأنظمة الحالية وفي ظل سياسات الدفع الراهنة لا تتماشى مع المبادئ التأمينية ولا تراعي العدالة. لأن مواد البند (ر) من المادة 28 في قانون الخطة الخماسية السابعة للتنمية، إذا تم التدقيق فيها بشكل صحيح، تتعارض مع الوثائق العُليا في صندوق التقاعد الحكومي، وخاصة مع السياسات العامة للضمان الاجتماعي التي أُعلن عنها من قبل القيادة في مايو 2022.

وفي الواقع، فرض الخطط التي تفتقر إلى الضمان المالي وعدم توفير موارد مستدامة، مع تجاهل الحسابات التأمينية والتوازن بين الموارد والنفقات، هو من الأمور التي تم التأكيد عليها في السياسات العامة للضمان الاجتماعي. وبما أن هذه السياسات تم إصدارها من قِبَل القيادة، فيجب أن تكون موجهة لصانعي السياسات ومنفذي القوانين اللاحقة. بالتأكيد، ما تم تناوله في الخطة الخماسية السابعة للتنمية لن يكون في صالح المتقاعدين الحكوميين، بل سيؤدي في النهاية إلى تمييز غير عادل بين المتقاعدين من الأجهزة التنفيذية المختلفة عند التطبيق.

ومن خلال نظرة سطحية إلى نص هذه المادة القانونية (المادة 28) التي تؤكد على أن “الحكومة مُلزمة خلال السنوات الثلاث الأولى من الخطة الخماسية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتسوية معاشات المتقاعدين غير الأقل دخلًا، بحيث في نهاية السنة الثالثة من الخطة الخماسية، يتم تسوية نسبة معاش التقاعد إلى الحد الأدنى للأجور في السنة المعنية مع نسبة 90% من أول معاش تقاعدي إلى الحد الأدنى للأجور في سنة بدء المعاش”، يمكن التوصل إلى نتيجة مفادها:

1. هذا النص، دون تعديل الأنظمة المتعلقة بدفع رواتب جميع العاملين في الأجهزة التنفيذية، لن يؤدي إلى تحقيق العدالة في دفع الرواتب بين المتقاعدين في هذه الأجهزة أيضًا.

2. لا يبدو أن صندوق التقاعد الحكومي قادر على تنفيذ وإصدار أحكام لتسوية الرواتب لمجموعة تضم مليون وسبعمائة ألف متقاعد وفقًا لـ “الموظفين المماثلين”، حيث إن الصندوق يحتوي على ما لا يقل عن 10 أنظمة دفع مختلفة، وبالتالي يجب مطابقة هذه الأنظمة مع الجهاز التنفيذي المعني قبل إصدار الأحكام.

3. إضفاء الطابع الرسمي على التمييز في المدفوعات المختلفة التي تدفعها بعض الأجهزة التنفيذية لموظفيها بناءً على امتيازات خاصة سيؤدي في النهاية إلى تمييز بين المتقاعدين وسيخلق تحديًا جديدًا بين المتقاعدين الحكوميين وصندوق التقاعد الحكومي.

4. من جهة أخرى، فإن نتيجة هذه السياسة وتطبيق تسوية الرواتب مع الموظفين المماثلين ستجعل جميع المتقاعدين يعتبرون كأعضاء عاملين في الأجهزة المعنية خلال الخطة الخماسية السابعة (من 2024 حتى 2028) ويجب دائمًا دفع رواتبهم بما يتماشى مع 90% من رواتب الموظفين المماثلين. لذلك، لن يصبح مصطلح “راتب التقاعد” ذو معنى، ويجب من الآن فصاعدًا تسمية أي تعديل في الرواتب باسم “راتب الموظف المماثل”.

5. أيضًا، ومع تطبيق هذه السياسة، لن تكون هناك حاجة لجدول متوسط الرواتب وحساب الراتب الصافي بناءً على 30 عامًا من الخدمة، كما هو محدد في اللائحة التنفيذية التي أصدرتها الحكومة الثالثة عشرة.

6. من الجدير بالذكر أنه منذ عام 2000، كانت أساسيات حساب رواتب المتقاعدين تسير وفقًا لنظام الدرجات العشرين ونقاط جدول المواد 109 و110 من قانون إدارة الخدمات الحكومية. لكن مع تطبيق القانون الجديد، ونظرًا لتعقيد الأنظمة المختلفة وصعوبة حساب الرواتب التقاعدية بناءً على 90% من رواتب الموظفين المماثلين، فإن تحقيق العدالة في دفع الرواتب التقاعدية يبقى محل شك.

6. الطريقة أو المعادلة المحددة في نص القانون، وهي 90% من رواتب الموظفين المماثلين، ستصبح الآن الأساس لحساب الرواتب الجديدة. وبهذا الشكل، ستتأثر أيضًا حقوق التقاعد بناءً على آخر وظيفة شغلها الموظف وحالات أخرى كالإجازات غير مدفوعة الأجر أو التقاعد المبكر. لذا، من الضروري الحفاظ على الرواتب الحالية وعدم خفضها في حال أدى تطبيق 90% من راتب الموظف المماثل إلى تقليل المعاش الحالي.

التمييز في احتساب رواتب التقاعد( القضاة):

الاعتراض الثاني على قانون الخطة الخماسية السابعة للتنمية يتعلق بالفقرة “ز” من المادة 28 من القانون، بسبب عدم توافقها مع السياسات العامة للضمان الاجتماعي (المعلنة من المرشد الإيراني). هذه الفقرة تساهم في فرض خطط غير مضمونة ماليًا، وغياب تأمين مصادر مالية مستدامة، وعدم التوازن بين الموارد والمصروفات، مما يؤدي إلى تمييز واضح بين المتقاعدين في مختلف الأجهزة، وينتهي بأن يصبح أحد العوامل المؤدية إلى زيادة عدم الاستقرار والأزمة في صندوق التقاعد الحكومي.

ولتكوين فهم أوضح لأسباب معارضة محتويات هذه الفقرة للسياسات العامة للضمان الاجتماعي، يجب الإشارة إلى عدة نقاط:

كما تم توضيحه في تحليل المادة 28، فإن المشرِّع، بهدف “تقليل الخلل المالي في المنظمات وصناديق التقاعد”، “منع عدم الاستقرار المالي”، “تقليل اعتمادها على الميزانية العامة”، و”تحسين جودة وإصلاح هيكل التأمينات الاجتماعية”، قد وضع أحكامًا في هذه المادة، مثل الفقرة (ب) من المادة (18) التي تخص أعضاء الهيئة التدريسية والقضاة. ولكن، مرة أخرى، دون مراعاة تأمين مصادر مالية مستدامة لصندوق التقاعد الحكومي، وبمنهج غير تأميني، تميَّز بشكل واضح لصالح فئة معينة (أي القضاة).

وبشكل أساسي، فإنه وبالنظر لما جاء في الفقرة “ز”، ومع مراعاة تنفيذ الأنظمة السابقة مثل الفقرة 6 من قانون تعديل أنظمة التقاعد كانت تنفذ في احتساب رواتب التقاعد بناءً على متوسط العامين الأخيرين من الخدمة، مع معامل السنة التقاعدية، وهو ما تكرر في توضيحات الفقرتين 1 و 2 من الفقرة “ز” ولا يستدعي إعادة التصديق. لكن لاحقًا، باستثناء جزء من المستفيدين من الصندوق، تم خلق تمييز واضح لصالح القضاة.