قضية الفساد بنادي “مس رفسنجان”: أصل القضية وأهم التطورات

كتب: محمد علي

لم يسفر التحقيق في قضية الفساد بكرة القدم الإيرانية، والتي تم الكشف عنها قبل عدة أشهر، عن أية نتائج حتى الآن. والمقصود بعبارة “لم يسفر عن أية نتائج” ليس لعدم متابعة القضية من قبل الجهات المسؤولة، بل للبطء الشديد في عملية التحقيق في تلك القضية، الأمر الذي أدى إلى تزايد الشعور بعدم الثقة بين مشجعي كرة القدم في البلاد. وفي الوقت الحالي، هناك عديد من الأشخاص الذين يعتقدون أن التأخر في التحقيق في هذه القضية ربما يكون نتيجة للتساهل مع المتهمين الرئيسيين أو الشخصيات المعروفة المتورطة في هذه القضية.

ووفقاً لتقرير نشره موقع ورزش سه الرياضي الإيراني الشهير بتاريخ 27 مايو/أيار، فقد أوضح حسين بور محمدي، المدير التنفيذي لنادي مس رفسنجان (نحاس رفسنجان، وهو أحد أندية الشركات في الدوري الممتاز الإيراني)، ملابسات قضية الفساد بالنادي، فقال: “بدأت القصة من قبل وحدة رقابية في شركة مس، وبناءً على التقارير التي قُدمت لهذه الوحدة، تم التدخل في هذا الموضوع، ويجب أن يُقال إن بداية هذه القضية كانت من داخل الشركة”. وأضاف: “بعد التحقيقات التي أجرتها هذه الوحدة، وصلت المسألة إلى شكوى، ثم تمت تحقيقات أخرى، وإجراء عديد من عمليات التدقيق والفحص للوثائق المالية في نادي مس رفسنجان”.

وتابع: “تدخل هذه الوحدة الرقابية أدى إلى دخول جهاز الرقابة الأمنية، ومن ثم اكتشاف الفساد في النادي، وفي النهاية تم تقديم شكوى من قبل صندوق التقاعد لشركة مس، المالك لنادي صناعة مس”.

وأوضح بورمحمدي أن هذه الشكوى أدت إلى تدخل النيابة العامة في القضية وبدء التحقيقات من قبل الهيئات الرقابية في محافظة كرمان، وأضاف: “تم نشر أرقام مختلفة في وسائل الإعلام بشأن هذه القضية، الأرقام المتعلقة بشراء الذهب من النادي واضحة، ولكن الأرقام العالية التي تتجاوز 100 و200 مليار والتي تطرح في الإعلام، كلها غير واقعية”.

وأشار إلى أن “الأموال التي خرجت من نادي مس رفسنجان نعرفها، لكننا لسنا على علم بما حدث بعد ذلك”، وقال: “نحن كنادٍ لسنا على اطلاع على تفاصيل هذه القضية بالكامل، ولكن العديد من الأحاديث التي تُطرح في وسائل الإعلام غير واقعية”.

وحسب تقرير نشره موقع شبكه شرق الإخباري الإيراني بتاريخ 1 سبتمبر/أيلول، فمنذ نشر بيانات هذه القضية، ظن مشجعو كرة القدم أن المسؤولين لن يتساهلوا بخصوص حادثة الفساد، وكان من المتوقع أن يتم تحديد المتهمين ومعاقبتهم قبل بدء مباريات الدوري الممتاز في الموسم الرابع والعشرين. ومع ذلك، كلما زادت حساسية القصة، ازداد بطء عملية التحقيق، بحيث لم يُحدد نتائج هذه القضية قبل بدء الدوري الممتاز، وحتى بعد مرور ثلاثة أسابيع من المباريات في الموسم الجديد، لم يتم الكشف عن المتهمين الرئيسيين أو جرائمهم المحتملة.

وكان من بين الادعاءات التي انتشرت خلال الأيام الأولى من الكشف عن هذه القضية، أن هناك العديد من العملات الذهبية قد تم تقديمها كرشوة إلى رئيس لجنة الحكام باتحاد كرة القدم الإيراني في ذلك الوقت وإلى شخصين آخرين من كبار مسؤولي الاتحاد. كما قيل إن بعض الإعلاميين متورطون في هذه القضية. وسرعان ما بدا مع استجواب واعتقال عدد من المسؤولين في نادي كرمان، أن التحقيق سيكون جدياً. وبعد فترة، تم استدعاء عدد من المتهمين إلى المحكمة، رغم أن بعضهم تجنبوا السجن عن طريق دفع كفالات. وفي الشهر الماضي، وردت أنباء تفيد بأن عدداً كبيراً من أعضاء اتحاد كرة القدم الإيراني، قد تم استدعاؤهم إلى المحكمة، ولكن منذ ذلك الحين لم يتم الإدلاء بأي تصريحات حول نتيجة القضية.

وتعود آخر التصريحات المتعلقة بهذه القضية إلى تاريخ 16 أغسطس/آب، حيث قال إبراهيم حميدي، رئيس المحكمة العليا بمحافظة كرمان، إن “هذه القضية تشكلت بناءً على تقرير من نادي مس رفسنجان. عندما تولى المسؤولون الجدد في النادي عملهم، اكتشفوا وجود فساد في النادي خلال السنوات الماضية، تحديداً في عام 2020 وما قبله. وبعدها، تم تكليف جهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري بالتحقيق في هذه القضية من قبل السلطة القضائية، مما أدى إلى الكشف عن أبعاد جديدة للقضية. وتتمثل التهم الرئيسية للنادي في دفع الرشاوى، والكسب غير المشروع، وتوجيه اتهامات بالاحتيال لبعض الأفراد”

وبعد تأكيد دخول الاستخبارات التابعة للحرس الثوري في القضية بشكل رسمي، كان من المتوقع أن تتسارع وتيرة التحقيق في القضية، لكن تبيّن لاحقاً أن بعض المتهمين الذين كانوا قيد الاحتجاز قد أُطلق سراحهم، وأن التحقيقات لا تزال مستمرة. وهذا ما أكده رئيس المحكمة العليا بمحافظة كرمان أيضاً، حيث قال: “تم التحقيق مع جميع من تم استدعاؤهم في المحكمة، وحالياً لا يزال هناك شخص واحد فقط من المسؤولين في الاتحاد قيد الاحتجاز، في حين تم إطلاق سراح بقية المتهمين من السجن. التحقيقات في القضية مستمرة وفي طريقها إلى الاكتمال”. 

من بين جميع الأشخاص المتورطين في هذه القضية، إذا لم يتم الإفراج عنه هو الآخر، فإن شخصاً واحداً فقط لا يزال معتقلاً. وبالنسبة لبقية المتهمين، فقد ذكر أن أربعة من المسؤولين السابقين للنادي الذين كانوا يتولون المسؤولية في ذلك الوقت، من بين المتهمين، وكذلك عدد من المسؤولين السابقين في اتحاد كرة القدم الوطني، وتم استدعاء نحو ستة من الإعلاميين المرتبطين بهذه القضية.