- زاد إيران - المحرر
- 57 Views
كتبت- ميرنا محمود
في موقع تحت اسم “perspektif” كتبت طالبة دكتوراه تركية اسمها “KADRİYE SINMAZ” مقالة تحت عنوان زيارة السيسي إلى تركيا: الأزمات والفرص الإقليمية وذلك في يوم الرابع من سبتمبر/ أيلول 2024، وقد تطرقت فيه إلى زيارة السيسي إلى تركيا وكذلك العلاقات المصرية التركية.
يتم تعريف “KADRİYE SINMAZ” بأنها أكملت تعليمها الجامعي في جامعة إسطنبول، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ثم حصلت على درجة الماجستير في نفس القسم. ثم عملت باحثةً في شؤون الشرق الأوسط في مركز البحوث الإنسانية والاجتماعية (INSAMER) بين عامي 2018-2023. وتواصل دراسات الدكتوراه في جامعة مرمرة، معهد الشرق الأوسط.

قالت في مقالها إن مصر وتركيا مُقبلتان على حقبة جديدة في علاقاتهما القائمة على عملية تاريخية طويلة ومعقدة بعد الربيع العربي. وتعرضت الطالبة التركية، التي تعمل باحثةً سياسية، لزيارة السيسي إلى تركيا وقالت إنها تأتي في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في 14 فبراير/ شباط 2024، وذلك بعد عقد من التوتر في العلاقات بين البلدين. وتعد زيارة كل من الرئيسين الأولى من نوعها على مستوى الرئاسة، ومن المتوقع أن تعطي زخمًا جديدًا لمحادثات التطبيع التي بدأت منذ عام 2021.
لكن لم تذكر الطالبة التركية إن زيارة السيسي إلى تركيا تأجلت عدة مرات رغم زيارة أردوغان إلى مصر، بسبب بعض الملفات التي كانت عالقة بين البلدين، وعلى رأسها ملف الخلاف حول إدارة الأزمة في ليبيا.
كما تعرضت الطالبة التركية للإطاحة بمحمد مرسي من سدة الحكم في مصر، وقالت إن:” العلاقات بين مصر وتركيا توترات شديدة بدأت مع الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً في مصر، في انقلاب عسكري يوم 3 يوليو 2013. وقد أدانت أنقرة هذا الانقلاب بشدة وقاطعت النظام الجديد في القاهرة، مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين”.
وقالت الطالبة التركية إن: “من أبرز الأسباب التي أدت إلى تدهور العلاقات هو منح تركيا حق اللجوء لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي اعتبرته الحكومة المصرية تدخلاً في شؤونها الداخلية. كما ساهم تصاعد الخطاب السياسي المتبادل بين الجانبين، والذي تميز بالحدة والاتهامات المتبادلة، في تفاقم الأزمة. وشهدت العلاقات بين البلدين مزيدًا من التوتر بسبب الاختلافات في الرؤى السياسية تجاه العديد من القضايا الإقليمية، مثل الأزمة القطرية، والحرب في سوريا وليبيا، والنزاع على الحدود البحرية في شرق المتوسط، حيث دعمت كل دولة طرفًا مختلفًا في هذه الصراعات”.
في إشارة إلى حق اللجوء، كما قالت الطالبة التركية، فإنه وفقًا للقانون التركي لا يوجد ما يسمى باللجوء السياسي في تركيا، بل إن الكثير من المحسوبين على المعارضة المصرية طالبوا الدولة التركية بضرورة سن قانون على غرار القانون الأوروبي والذي يسمح لمن يشعر بالخطر على حياته أن يقدم لجوءًا إلى دولة ما ليضمن الحصول على جنسيتها هربًا من دولته الأم التي يشعر فيها بالخطر، لكن تركيا لم توافق على سن مثل هذا القانون.
أما ما يتعلق بالسماح للإخوان بدخول تركيا، فقد شهدت تركيا ، نزوحًا كبيرًا للإخوان من مصر ومن دول أخرى كانوا يعيشون فيها بعد تسهيلات ضخمة وفرتها تركيا للإخوان ومن ثم فدخول الإخوان إلى تركيا لم يكن من خلال اللجوء كما ذكرت الطالبة التركية في مقالها، وإنما من خلال تسهيلات قدمتها الدولة التركية للإخوان.
كذلك تطرقت الطالبة التركية إلى مراحل تطور العلاقات المصرية التركية وقالت: “شهدت العلاقات بين مصر وتركيا، التي توترت بشدة بعد وفاة الرئيس محمد مرسي في يونيو 2019 داخل قاعة المحكمة، بوادر تقارب أولى بعد مرور عام. وقد لاقى قرار مصر، في أغسطس 2020، باحترام الحدود الجنوبية للمنطقة الاقتصادية الخالصة التي حددتها تركيا في اتفاقيتها مع اليونان، ترحيبًا في أنقرة، مما مهد الطريق لإجراء محادثات استكشافية بين مسؤولي البلدين في عام 2021.”
أضافت: “كما التقى رئيسا البلدين على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022، وذلك في إطار ما يعرف بـ “الدبلوماسية الرياضية”. وعقب الزلزال الذي ضرب تركيا في فبراير 2023، أبدت مصر تضامنها مع تركيا، وقام وزير خارجيتها بزيارة أنقرة. وفي يوليو 2023، تم رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين باستئناف تبادل السفراء. كما شهدت الفترة الأخيرة تعاونًا مكثفًا بين البلدين لتقديم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وتأمين وقف إطلاق النار في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير. وتسعى الدولتان حاليًا إلى توسيع مجالات التعاون من خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى”.
وتطرقت الطالبة التركية إلى الملف الليبي في تشكيل العلاقات بين مصر وتركيا وقالت: “تُعتبر ليبيا أيضًا مجالًا واعدًا للتعاون بين البلدين. فقد اعترفت تركيا بحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج التي تتخذ من طرابلس مقرًا لها والتي تحظى بالاعتراف الدولي، بينما دعمت مصر قوات خليفة حفتر في شرق ليبيا، مما أدى إلى تصعيد التوتر بين البلدين في عام 2020 ووضعهما على شفا حرب. ومع ذلك، ومع استمرار الصراع وتصاعد تعقيداته، تحولت المواجهة المباشرة إلى محاولات دبلوماسية، وباتت مسألة تشكيل حكومة موحدة على جدول الأعمال. ويضع وجود القوة العسكرية التركية في ليبيا وقدرة كلا البلدين على الحوار مع الأطراف الليبية، مصر وتركيا في موقع مؤثر لضمان استقرار ليبيا”.

تحدثت الطالبة التركية عن حكومة السراج، والتي رحلت من الحكم في ليبيا منذ سنوات، ولم تتطرق إلى أن مصر قالت إن حكومة الدبيبة الآن هي حكومة غير شرعية لأنها استنفدت وجودها في السلطة طبقًا لما تم الاتفاق عليه في اتفاق الأمم المتحدة بخصوص ليبيا، ورغم ذلك، تقاربت مصر مع الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الليبية كما تقاربت مع حكومة شرق ليبيا برئاسة أسامة حماد والمحاسوب على خليفة حفتر، كما فعلت تركيا التي ذهبت إلى شرق ليبيا للحصول على جزء من إعادة إعمار شرق ليبيا كما فعلت مصر، وكذلك ذهبت مصر إلى الغرب للاستثمار بالتنسيق مع حكومة الدبيبة كما فعلت تركيا.
وبخصوص تأثير جماعة الإخوان المسلمين على التطبيع بين تركيا ومصر قالت الطالبة التركية: “بعد تولي عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر عام 2013، قام بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها تهديد للأمن القومي وشرع في تصفيتها، مما أدى إلى هجرة عدد كبير من أعضائها إلى تركيا. وقد أسس هؤلاء الهاربون في تركيا العديد من القنوات التلفزيونية والمنظمات الأهلية والمؤسسات التعليمية. وتحت قيادة محمود حسين، الذي اتخذ من إسطنبول مقرًا له، شهدت الجماعة تطورات تنظيمية هامة. وكانت أنشطة الجماعة في تركيا من أهم أسباب التوتر بين القاهرة وأنقرة”.
ما زالت الطالبة التركية في تحليلها تقف عند دور محمود حسين في قيادة الإخوان، ولم تدرك كل التطورات التي شهدها تنظيم الإخوان المسلمين وأن محمود حسين الآن لم يعد الطرف المؤثر الوحيد في الإخوان الآن.
وبخصوص إجراءات تركيا ضد الإخوان قالت الطالبة التركية: “مع بدء عملية التطبيع بين تركيا ومصر عام 2021، اتخذت الحكومة التركية بعض الإجراءات التي تهدف إلى تقييد أنشطة جماعة الإخوان. فطالبت تركيا بوقف بعض البرامج السياسية في ثلاث قنوات تلفزيونية مرتبطة بالإخوان، كما رفضت تجديد إقامات لبعض أعضاء الجماعة ورفضت منح الجنسية لآخرين. وبعد زيارة الرئيس أردوغان إلى القاهرة بوقت قصير، تم سحب الجنسية التركية من محمود حسين وزوجته”.
تقول الطالبة التركية إن الحكومة التركية سحبت الجنسية التركية من محمود حسين وزوجته، ولم تشر الطالبة إلى أي تطورات تخص هذه الأزمة أو ملابساتها، وما حدث بعد ذلك، ولو كانت تواصلت مع الجانب التركي لتوصلت لتطورات كثيرة بخصوص هذه الأزمة، وحتى في حال عدم تواصلها مع الجانب التركي، للحصول على تطورات ما حدث بخصوص جنسية محمود حسين، فبقليل من البحث في المصادر التركية والعربية كان من الممكن أن تصل الطالبة التركية إلى أن السلطات التركية وفي وقت قليل أنهت أزمة جنسية محمود حسين بإرجاعها له وتم إغلاق هذه الأزمة نهائيًا.

أما بخصوص رفض تركيا منح الجنسية لآخرين من الإخوان، فهذا لم يحدث، لكن ما حدث له علاقة بـ”ما يثار حول فساد شاب ملف التجنيس ، وقد دفع ذلك الجانب التركي لتجميد ملف التجنيس بالكامل لحين البت في هذه التفاصيل”.
كذلك فقد تطرقت الطالبة التركية إلى طلب الإخوان العفو من السيسي وقالت: “قبل زيارة السيسي لتركيا، طالب مكتب الجماعة في لندن، والذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين، بالإفراج عن المعتقلين من أعضائها مقابل تعليق أنشطتها السياسية لمدة تتراوح بين 10 و15 عامًا. وكان الإخوان المسلمون قد أعلنوا مسبقًا، على لسان القائم بأعمال المرشد السابق إبراهيم منير عام 2021، استعدادهم لقبول أي مقترح يصب في مصلحة الشعب المصري. إلا أن نظام السيسي تجاهل هذه المبادرات”.

الطالبة التركية لم تبحث حول تفاصيل هذه المبادرة وكواليسها وما أثير حولها، وكذلك البيان الذي أصدره رئيس المكتب السياسي للإخوان، حلمي الجزار، والذي نفى فيه مثل هذه المبادرات، وإن كان هناك ما يقال في الكواليس حولها، لكن الطالبة في تحليلها لم تتطرق لكل هذه التفاصيل وهو ما جعل حديثها حول المبادرة مبتورًا وليس صحيحًا، وينقصه الكثير من التوضيح.
بقي الإشارة إلى أن الطالبة التركية في تحليلها افتقدت إلى الكثير من التطورات التي تخص ملف الإخوان وكذلك ملف العلاقات المصرية التركية، وقد كتبت تحليلها بكثير من “السطحية” في التناول، وكان يجب عليها التعمق ولو قليلاً والبحث أكثر، للوصول إلى الكثير من التفاصيل التي تساعدها في بناء تحليلها بشكل أكثر عمقًا.