- زاد إيران - المحرر
- 62 Views
كتبت: ميرنا محمود
صرَّحت وزارة الخارجية التركية، في بيان الاثنين 9 سبتمبر/أيلول 2024، أن أنقرة دُعيت لحضور اجتماع وزراء الخارجية العرب بدورته العادية رقم 162 المُقرَّر عقده في القاهرة.
يشهد العالم العربي حدثًا تاريخيًا بحضور وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في قمة جامعة الدول العربية التي تُعقد غدًا في القاهرة. تُعتبر هذه الزيارة، التي تأتي بعد انقطاع دام 13 عامًا، تتويجًا للجهود التركية الرامية إلى إصلاح العلاقات مع الدول العربية، والتي بدأت منذ سنوات.
ذكرت المصادر أن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، سيُلقي كلمة في الجلسة الافتتاحية للقاء، يتطرق فيها إلى العلاقات التركية العربية، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية، وعلى رأسها قضية غزة. وأشارت المصادر إلى أن هذه التطورات أدت إلى توجيه دعوة لتركيا لحضور قمة الجامعة العربية، مؤكدةً انتهاء “الأعمال السلبية” التي كانت الجامعة تقوم بها ضد تركيا، وبدء مرحلة جديدة من التعاون الوثيق.
تشير المصادر إلى أن العلاقات التركية مع الجامعة العربية بدأت في التطور منذ عام 2003، حيث تم توقيع “مذكرة تفاهم بين وزارة الخارجية التركية والأمانة العامة للجامعة العربية” في عام 2004. ولفتت المصادر إلى أن إطار العلاقات مع الجامعة العربية تم تحديده عام 2007 من خلال “اتفاقية إطار منتدى التعاون التركي العربي (TAF)”.
وفي عام 2010، تم افتتاح مكتب تمثيل للجامعة العربية في أنقرة برئاسة سفير، كما شارك وزير الخارجية التركي آنذاك، أحمد داود أوغلو، في الدورة الـ133 العادية لمجلس وزراء الخارجية للجامعة العربية التي عقدت في القاهرة في 3 مارس 2010، وألقى كلمة أمام المجلس. كذلك، ألقى الرئيس رجب طيب أردوغان، خلال فترة رئاسته للحكومة، كلمة في الجلسة الافتتاحية لاجتماع المجلس الذي عقد في 13 سبتمبر 2011.
عملية التطبيع مع دول الخليج
صرَّح مسؤولون في وزارة الخارجية بأن دعوة الجامعة العربية لتركيا تمثل “مرحلة جديدة في عمليات التطبيع مع دول الخليج”، وأضافوا أنه “شهدت اجتماعات مجلس وزراء الخارجية للجامعة العربية، منذ عام 2018، اعتماد قرارات تتهم تركيا بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، إلا أن الجهود المبذولة على مختلف المستويات، والتطور الذي شهدته العلاقات مع مصر على وجه الخصوص، أدت إلى تخفيف اللهجة المستخدمة في هذه القرارات تدريجيًا”.
العلاقات التركية العربية
لقد شهدت المنطقة العربية تحولات عميقة في أعقاب الربيع العربي عام 2011، حيث اتخذت تركيا مواقف مختلفة عن بعض جيرانها، مما أدى إلى تدهور العلاقات مع دول مثل السعودية والبحرين والإمارات وسوريا ومصر. وقد انتقدت الجامعة العربية مرارًا الدور التركي في المنطقة، خاصة عملياتها العسكرية في سوريا وليبيا والصومال.
ولكن مع تولّي هاكان فيدان منصب وزير الخارجية، شهدت السياسة الخارجية التركية تحولًا ملحوظًا نحو إصلاح العلاقات مع الدول العربية. فقد بدأ فيدان، وهو ضابط مخابرات سابق، عام 2020 ببناء جسور الثقة مع الإمارات ومصر والسعودية من خلال التركيز على المصالح المشتركة والتعاون الاقتصادي. وبعد توليه حقيبة الخارجية، أكد فدان على أهمية إصلاح العلاقات مع الدول التي شهدت توترات معها. وقد أثمرت هذه الجهود عن تطبيع كامل للعلاقات مع اليونان ومصر، وإبرام اتفاقيات استثمارية ضخمة مع دول الخليج.
أشار المسؤولون إلى أن “عددًا كبيرًا من القضايا المطروحة على جدول أعمال الجامعة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، تتطابق مع أولويات السياسة الخارجية التركية”. وأضافوا أن “تطور وتنوع العلاقات التركية العربية في السنوات الأخيرة يفتح آفاقًا جديدة للتعاون البنَّاء بين الجانبين، سواء في إطار السعي إلى حل المشاكل الإقليمية القائمة أو في إطار بناء شراكات مستقبلية قائمة على المصالح المشتركة”. وأكَّد المسؤولون على أهمية تعزيز العلاقات المؤسسية والتنسيق مع الجامعة العربية، مشيرين إلى أن “دعوة وزير الخارجية لحضور اجتماع مجلس وزراء الخارجية للجامعة العربية تعكس الاهتمام المتزايد بدور تركيا في المنطقة”.
وجود وزير خارجية سوريا في القمة
من المقرَّر أن يحضر وزير خارجية سوريا القمة العربية، رغم عدم وجود تطبيع كامل للعلاقات بين البلدين. قبل الانتخابات الرئاسية التركية، كثفت الدولتان من اتصالاتهما الدبلوماسية، ووصل الحوار إلى مستوى وزراء الخارجية. وعلى الرغم من التوصل إلى خارطة طريق للتطبيع خلال تلك المحادثات، إلا أنه لم يتم عقد أي اجتماعات رفيعة المستوى أخرى بعد الانتخابات. يصر بشار الأسد على ضرورة انسحاب القوات التركية من شمال سوريا كشرط مسبق للتطبيع، رغم تأكيده على أن هذا ليس شرطًا نهائيًا. ولذلك، لم يستجب الأسد حتى الآن لدعوات الرئيس التركي.
التواصُّلات الأخيرة
في إطار التطورات الإيجابية في العلاقات مع الجامعة العربية، قام وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بزيارة إلى القاهرة في الفترة من 13 إلى 14 أكتوبر 2023، حيث التقى بالأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط. كما تم عقد جولة من المشاورات السياسية في أنقرة في 28 فبراير 2024، برئاسة وكيل وزارة الخارجية التركي، السفير أحمد يلدز، ووكيل الأمين العام للجامعة العربية، السفير حسام زكي، حيث شارك زكي أيضًا في منتدى أنطاليا الدبلوماسي.
بعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، جاءت أخبار عن مشاركة فيدان في القمة. ومن الواضح أن هذا الإعلان جاء بعد زيارة الرئيس المصري إلى تركيا الأسبوع الماضي. ولا يمكن تجاهُل دور القاهرة الفعَّال في هذه الدعوة، بالإضافة إلى أن الاجتماعات الأخيرة التي أجراها فيدان مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وسفراء الدول العربية كانت لها تأثير كبير.
وأسفرت هذه الجهود عن إلغاء “لجنة وزراء العرب المعنية ببحث تدخل تركيا في الشؤون الداخلية للدول العربية” خلال القمة العربية الثالثة والثلاثين التي عقدت في البحرين في 16 مايو 2024، ولم يتم طرح قرار بشأن “تدخلات تركيا في الشؤون الداخلية للدول العربية”، كما لم يتضمن إعلان القمة أي بند سلبي ضد تركيا. وقد قام فيدان بزيارة أخرى إلى مصر في الفترة من 4 إلى 5 أغسطس 2024، حيث التقى مجددًا بأبو الغيط في 4 أغسطس، وعقد مأدبة عمل للسفراء المقيمين في أنقرة من الدول الأعضاء في الجامعة العربية في 7 أغسطس.