رسالة لابنة الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني، من داخل السجن تفضح صراعات المناضلين السياسيين خلف القضبان

كتبت: شروق السيد

“فائزة هاشمي” السياسية والنائبة البرلمانية السابقة، وابنة الرئيس الرابع لإيران هاشمي أكبر رفسنجاني، والمسجونة حالياً، أثارت ضجة واسعة في المجتمع الإيراني، بعد نشر رسالة كتبتها من داخل السجن، عبرت فيها عن إحباطها من النضال السياسي وما تفضحه السجون من تناقضات في صفوف المناضلين السياسيين.

وفقاً لتقرير صحيفة “همشهري أونلاين” نشرت فائزة، رسالة من داخل السجن كتبت فيها: “مشاهداتي في السجن تجعلني أشعر بالاشمئزاز من أي نوع من النضال، وأجدني عالقة في مفترق طرق”.

واضافت: “في هذا السجن تعلمت أننا نحن المناضلين مجرد طبول فارغة وديكتاتوريين حقيرين، نغني نشيد الحرية والعدالة وفي دورة الحياة نعيد إنتاج الظلم، نتحدث عن الديمقراطية والتطور لكننا بلغة قمعية، نعيد إنتاج الهيمنة والاستبداد، في هذا السجن تعلمت أننا نحتاج لسنوات وربما عقود حتى نؤسس الديمقراطية كشرط مسبق لإصلاح المجتمع والحكومة، في هذا السجن تعلمت أن الوقوف إلى جانب الحقيقة حتى في السجن وبين المناضلين من أجل الحرية له تكلفة باهظة، في هذا السجن تعلمت أكثر أن السبيل الوحيد للوصول إلى الحرية والعدالة وإقامة حكم رشيد هو الإصلاح، وبالأخص الإصلاحات الهيكلية”.

وأضافت هاشمي: “بالنسبة لبعض هؤلاء المناضلين، السجن هو مكان لاكتساب الشخصية والهيبة والشهرة، ومجرد البقاء في السجن أمر ذو قيمة بالنسبة لهم، وهم في الواقع يقضون أيامهم في صراع مع مبادئهم السابقة”.

وفي رسالتها، تذكر فائزة هاشمي قائمة بسلوكيات بعض السجناء السياسيين فتقول: «في جلسة عامة في الجناح، يتم التصويت على موضوع ضد رأي هؤلاء الأفراد الذين كانوا يؤيدون الرأي الأقل تصويتاً، وقبل انتهاء الاجتماع، يعترضون على هذه النتائج بالصراخ وخلق جو من الرعب والتهديد، ويقومون بإلغاء التصويت».

 كما أنهم «يتهمون الأشخاص الذين لا يتفقون معهم أو ينتقدونهم باتهامات غير صحيحة، مثل وصفهم بالمرتزقة أو بأنهم مكلفون بمهمات أو بأنهم مخبرون أو جواسيس، يخلقون جواً من الرعب والاختناق، ويحاولون إسكات هؤلاء الأشخاص، وغالباً ما ينجحون».

وتضيف: «منعوا بعض السجناء من التصويت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة من خلال الصراخ والسب والهتافات، من الساعة الثامنة صباحاً حتى منتصف الليل يوم الجمعة، وجلسوا في الممر المؤدي إلى الباب الخارجي للجناح، يراقبون زملاءهم كما يفعل رجال الأمن، ولم يسمحوا لهم بالمرور، كان الجو مرعباً لدرجة أن الحراس لم يجرؤوا على فتح الباب لعبور الناخبين، ولم يتمكن هؤلاء الثمانية من التصويت». وأخيراً تقول: «يضطر بعض السجناء، خوفاً من النبذ أو التهديد في بيئة السجن المغلقة، إلى المشاركة في الاحتجاجات بدون رغبة حقيقية منهم».

ردود الفعل على رسالة فائزة هاشمي

حسب صحيفة “همشهري أونلاين” الإيرانية، فقد كتب عباس عبدي، الصحفي والمحلل السياسي، رداً على رسالة فائزة هاشمي: “على الرغم من أنني قضيت 38 شهراً في السجن، فإنني كنت دائماً سعيداً لأنني، رغم صعوبات الحبس الانفرادي، قضيت شهراً واحداً فقط في العنبر العام، هذا الشعور جاء من تجاربي الشخصية مع سجناء العنابر السياسية (قبل وبعد الثورة) التي كنت قد سمعت عنها أو قرأتها، ولم أرغب قط في العيش في مثل هذه البيئة المليئة بالتشاؤم والاتهامات والانغلاق، من المثير للاهتمام أنه في الشهر نفسه الذي قضيتُه في العنبر العادي، كان السجناء السياسيون في ذلك العنبر أقلية، وكانوا قد انتقلوا للتو من العنبر السياسي، وكانوا يتحدثون بشدة عن مدى سوء بيئة العنبر السياسي وسعادتهم لانتقالهم إلى العنبر العادي ومكانهم بين السجناء العاديين.

كان جزء من مآسي فترة ما بعد الثورة نتاجاً لهذه التوترات داخل السجون، نشرت السيدة فائزة الهاشمي رسالة بخصوص بيئة السجن، التي كانت شجاعة في إظهار الحقيقة وتستحق الاحترام، برأيي، هذه الانتقادات من قبل أولئك الذين يُعتقد أنهم ينتمون إلى الجبهة أو الفصيل الذي يتم نقده يجب أن تُسمع بشكل أكبر، لأنها تسهم في تهدئة الأجواء السياسية والتفريق بين الحق والباطل، ويجب تهنئة السيدة فائزة هاشمي على ريادتها في هذا المجال، لتحسين الوضع العام في البلاد، يجب أن نبدأ من المكان الذي نحن فيه، إذا كنا سنخشى من قول الحقيقة، يجب علينا أولاً أن نتحدث بحرية عن أنفسنا”.

وبحسب موقع “خبرأونلاين” كتب زيد آبادي الناشط السياسي الإصلاحي: “على فائزة هاشمي أن تكون مستعدة لأشد الهجمات اللفظية من جميع الجهات ضدها، ولكن شجاعتها الأخلاقية والسياسية، التي أصبحت صوتاً لمن لا صوت لهم، لن تذهب سدى أمام الله”.

فائزة هاشمي، عبر نشر رسالة من داخل السجن، أشارت إلى مواضيع لها وقع مألوف بالنسبة لكل من له تجربة سابقة ومستقلة في السجن، من خلال كتابة هذه الرسالة، أظهرت هاشمي شجاعة لا مثيل لها.

كانت القصة ذاتها موجودة في سجون عهد الشاه، لكن ضحايا هذه الأساليب كانوا غالباً يتسترون على المشاكل من باب الحذر، بدعوى المصلحة العامة ومنع “استغلال النظام” للوضع، كانوا يعزون كل الممارسات السيئة إلى “ضغوط السجن”.

ولهذا السبب، عندما فُتحت أبواب السجون، حمل الشعب السجناء السياسيين واحداً تلو آخر على أكتافهم وطافوا بهم في المدن بحماسة وفرح، غير مدركين أن بعض هؤلاء “الأبطال” بعد بضعة أشهر، وبسبب طموحاتهم الشخصية والجماعية المفرطة، سيوجهون السلاح ضد بعضهم البعض، وسيغرقون المجتمع في العنف وسفك الدماء بدلاً من الحرية والديمقراطية والعدالة.