ارتفاع نسب الإجهاض في إيران يثير قلق الحكومة الجديدة  

كتبت: يسرا شمندي

يعتبر الإجهاض في إيران من المواضيع المعقدة التي يتداخل فيها القانون والدين والمجتمع، وتبعا للقوانين الإيرانية، يُحظر الإجهاض بشكل عام، باستثناء بعض الحالات المحددة مثل تهديد حياة الأم أو وجود تشوهات جنينية خطيرة.

وحذرت الخبيرة المسؤولة عن صحة الأم في جامعة كاشان للعلوم الطبية بإيران، مريم جواني، من مخاطر الاستخدام غير المصرح به لعقاقير الإجهاض، مشددة على أن السقط المتعمَّد يدمر أجيالا، وفي ظل ارتفاع حالات الإجهاض في إيران، والذي يصل إلى نحو 450.000 حالة، ومع ارتفاع أرقام الإجهاض، تتزايد الدعوات لتعديل السياسات الصحية وتعزيز الوعي المجتمعي لحماية حقوق الأمهات والجنين.

وفقا لما نشرته وكالة أنباء مهر بتاريخ 17 سبتمبر/أيلول 2024، وحذرت جواني من مخاطر الاستخدام غير المصرح به لعقاقير الإجهاض، قائلة: “الإجهاض لا يدمر الإنسان بذاته فقط، بل يدمر أجيال أيضا”.

وتأكيدا لهذه المسألة، قالت: “الجنين مخلوق له الحق في الحياة، وأي محاولة لإجهاضه يجب أن يتم تحت إشراف أخصائي”. واعتبرت جواني أن الجهل والضغوط الاجتماعية وسهولة الوصول إلى أدوية الإجهاض هي الأسباب الرئيسية للإجهاض المتعمد وصرَّحت بأن “استخدام أدوية الإجهاض خارج البيئة العلاجية يمكن أن تكون له عواقب على الأم لا يمكن إصلاحها”.

كما أشارت إلى المخاطر النفسية والجسدية للإجهاض غير القانوني وأخبرت بأن “العديد من الأمهات غير مدركات للآثار الجانبية الخطيرة لهذا الإجراء ويعتقدن أن هذه الأدوية آمنة، في حين أن الاستخدام غير السليم لهذه الأدوية يمكن أن يؤدي إلى العدوى والنزيف الشديد حتى الموت”.

وفي ما يتعلق بالجهود المبذولة لمساعدة الأمهات المعرضات لخطر الإجهاض، ذكرت جواني: “تم إنشاء مراكز تسمى (نفس) في كاشان وآران وبيدجول للأمهات، والتي تهدف إلى تقديم المشورة وتقديم الخدمات الصحية والنفسية”.

وشددت على “ضرورة تغيير موقف المجتمع تجاه حقوق الجنين وحياته”، وأقرَّت بأنه “يمكن أن يساعد الوعي والتثقيف في الحد من عمليات الإجهاض غير القانونية وحماية صحة الأمهات”.

73 مليون سقط متعمد في السنة

ووفقا لتقرير نشرته وكالة أنباء مهر بتاريخ 17سبتمبر/أيلول 2024، قال رئيس ديوان السكان في وزارة الصحة صابر جباري: “كان للإجهاض المتعمد مؤيدون ومعارضون في العالم، ويتم إجراء نحو 73 مليون عملية إجهاض متعمد سنويا في العالم، وهذه هي الإحصائية الوحيدة المسجلة والرسمية للدول التي تشير إلى ارتكاب 200 ألف جريمة قتل سنويا. أما في إيران في عام 2007، فكان عدد حالات الإجهاض 152000. وفي عام 2012، سجلت الإحصائيات 181000 حالة، وفي عام 2019 أصبح لدينا 230.000 حالة بطريقة استجواب غير مباشرة و450.000 حالة باستخدام طريقة غير مباشرة أخرى”.

وتابع جباري: “في بحث عن أسباب الإجهاض، السبب الأول هو عدم الرغبة في الأطفال، والذي يشمل أكثر من 40 في المئة، والمشاكل المالية هي 20 في المئة، ويمكن القول إن 60 في المئة من الناس لا يريدون الأطفال لهذه الأسباب، أو أنهم لا يعتقدون أن الوقت مناسب لإنجاب الأطفال، ويرتكبون هذا القتل تحت تأثير شعارات تنظيم الأسرة”.

وفي ضوء أن هناك إجراءات مختلفة مثل التوعية وتعديل تعليمات وزارة الصحة وتعديل نصوص المدارس والجامعات في قانون الشباب السكاني، ذكر جباري: “أُطالب بمعالجة هذا الموضوع، وحاليا تم تحديد الأطباء المخالفين وتقديمهم إلى القضاء، لكن القضاة لا يأمرون بإلغاء تراخيصهم الطبية”.

وأشار إلى أهمية النشاط الإعلامي في هذا المجال، قائلا: “من الأفضل للأطباء والقابلات (الممارسات في الرعاية الصحية المتخصصات في تقديم الرعاية للنساء) شرح هذه القضية في وسائل الإعلام الوطنية”.

وحسبما جاء في صحيفة اعتماد بتاريخ 17 سبتمبر/أيلول 2024، قالت رئيسة الفصيل النسائي في البرلمان فاطمة محمد بيجي: “إذا أردنا مقارنة قصة الإجهاض بالحرب في غزة، يجب أن نعرف أن الإجهاض في بلادنا كل شهر يعادل عدد شهداء حرب غزة”.

وأضافت: “تحاول بعض التيارات في العالم وفي إيران اعتماد قول (إنهاء الحمل)، وإدخال هذه الأدبيات في الخطاب الطبي بدلا من تعبير (قتل الجنين) من أجل القضاء على بشاعة الإجهاض”.

وتابعت: “الإجهاض خطيئة، وعندما يُرتكب هذا الحظر الديني، فهو في الواقع خطيئة اجتماعية”، وأكَّدت أن “80% من حالات الإجهاض تتم من قبل الأسر نفسها أو في المنزل وعن طريق الأدوية الكيميائية، و20% منها تحدث في المجال الطبي”، وأوضحت انه “بسبب الإجهاض، فإن صندوق احتياطي الحياة البشرية في بلدنا يفلس”، وأقرَّت بأنه “في البرلمان، وفي لجنة الصحة، وفي الفصيل النسائي، سنرحب باقتراحات جميع الناشطين في مجال السكان”.

واستنادا إلى ما جاء في موقع دنياي اقتصاد بتاريخ 11 سبتمبر/أيلول 2024، أفصح وزير الصحة، محمد رضا ظفر غاندي، اليوم، في الاجتماع الوطني حول صحة الأم والشباب في مركز شهيد رجائي للقلب، بأنه “تمت الموافقة على 73 مادة من القانون، معظمها في مجال وزارة الصحة والجزء الآخر في مجال الوزارات الأخرى، وفي مجال الصحة، يتم إنشاء حوالي 70 في المائة من المشاكل وتحديدها خارج وزارة الصحة، على سبيل المثال، يقتل 20,000 شخص في حوادث كل عام، معظمهم من الشباب، في حين أن خفض هذه الأرقام يقع خارج نطاق وزارة الصحة وهو قضية مشتركة بين القطاعات، وإذا لم يتم حل مشاكل السيارات في البلاد، فسيصبح عملنا في مجال الرعاية الصحية أكثر صعوبة، وفي حقيقة الأمر لا توجد إحصاءات جيدة في مجال الإجهاض، وسواء كانت عمليات الإجهاض قانونية أو غير قانونية، فإن الإحصاءات غير مناسبة، وبالتالي يجب الاهتمام بجميع جوانب الإجهاض والوقاية منه في البلاد ووقف عمليات الإجهاض الجامحة”.

وشدد على أنه “يجب أن تكون التقييمات في مجال السكان ديناميكية ويجب النظر في المستقبل البعيد، وفي وقتٍ سابق تم اتخاذ قرار منهجي للحد من عدد السكان في جميع قطاعات المجتمع، والآن وصلنا إلى نقطة يجب أن نتغلب فيها على هذا التحدي ونعوض عن تلك التدابير المنهجية لتقليل عدد السكان، كما يعد تقييد عدد السكان في الأجيال السابقة أحد أسباب انخفاض الإنجاب”.

وحذر وزير الصحة قائلا: “إذا مضينا قدما في هذا الاتجاه، فستصبح إيران أقدم دولة في العالم في المستقبل القريب”.

وأعرب نائب وزير الصحة في وزارة الصحة حسين فرشيدي، قائلا: ” تتعامل وزارة الصحة مع الأسر من قبل الحمل إلى ما بعد الولادة ورعاية الأطفال، وبالتالي يجب أن ننتبه إلى كل هذه الأبعاد، من صحة المرأة والأم إلى صحة الأطفال”.

وأكمل حديثه قائلا: “إن تجربة الدكتور بزشكيان الجيدة مع وزارة الصحة ومعرفته بمختلف المجالات خلقت الأمل في زيادة الاهتمام بالقضايا السكانية”.

وفي النهاية أكَّد فرشيدي أنه “في غضون 30 عاما، ستواجه الدول المجاورة نموا سكانيا، بينما ستواجه بلادنا انخفاضا في عدد السكان”.