- زاد إيران - المحرر
- 32 Views
ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، السبت 12 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع الناشط السياسي الإصلاحي محسن رهامي، حول بدء المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة وموقف النظام منها. ورأيه في معارضي التفاوض ودعمه لإجراء استفتاء شعبي بشأن الحوار المباشر مع واشنطن.
قال رهامي للوكالة إنه لو أُجري استفتاء حول التفاوض مع أمريكا، سيصوت 98% من الشعب بالموافقة، فهناك إجماع داخل السلطة على مبدأ التفاوض.
وتابع: “أعتقد أنه ينبغي أن نبدأ المفاوضات المباشرة من وزارة الخارجية، وإذا تحقق تقدم جيد ومرض، يمكننا الانتقال إلى مستويات أعلى، ونقوم بإعادة فتح سفارتنا في الولايات المتحدة، وتعيد الولايات المتحدة كذلك فتح سفارتها، وتعقد لقاءات على مستوى القادة وصناع القرار الرئيسيين في البلدين”.
مفاوضات إيران والولايات المتحدة
بعد انطلاق المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في عمان تصاعدت الهجمات والانتقادات من المعارضين للتفاوض، سواء على شبكات التواصل الاجتماعي أو في وسائل الإعلام القريبة من توجهاتهم الفكرية، تجاه الحكومة. وتأتي هذه الهجمات في الوقت الذي يقول فيه السياسيون إن قرار إجراء مفاوضات غير مباشرة قرار صادر عن النظام.
اقترح محسن رهامي، الناشط السياسي الإصلاحي، إجراء استفتاء حول التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، وقال: “اليوم، لو أُجري استفتاء وفقا للمادة 59 من الدستور وسُئل الناس: هل أنتم موافقون على التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة؟ أعتقد أن النتيجة ستكون شبيهة باستفتاء إيران، الذي صوت فيه 98% بنعم”.

وتعليقا على تحركات المتشددين ومعارضي التفاوض، قال: “التاريخ مليء بأشخاص يسبقون القيادة في مواقفهم، ويصل الأمر ببعضهم إلى رفع السيف في وجه القيادة نفسها. يجب ألا نغفل عن هؤلاء، لكن هذا لا يعني أن نستسلم للأصوات الصاخبة وأبواق الضجيج”.
وفي ما يلي نص الحوار:
المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بدأت.. ما تقييمكم لهذا الحدث؟
جوهر التفاوض، سواء كان مباشرا أو غير مباشر، أمر مفيد في كل الأحوال، ولن نتكبد خسارة من خلاله. فإما أن يحقق التفاوض مكاسب لصالح الشعب والبلاد، أو على الأقل يساهم في تحجيم بعض الحملات الإعلامية أو المخاطر المحتملة. إننا نُعرف في العالم كدولة مستعدة للحوار والتفاوض. وإذا جرت المفاوضات بشكل مباشر ومن دون وسطاء، فسيكون ذلك أكثر فائدة لإيران.
وليس من اللائق أن نعتمد على دولة صغيرة مثل عمان كوسيط، أو أن يكون لدينا وسطاء من الدرجتين الثانية والثالثة، فهذا لا يليق بفريق التفاوض الإيراني. على أي حال، نأمل أن تتحول هذه المفاوضات غير المباشرة قريبا إلى مفاوضات مباشرة، وأن تتم بين صناع القرار والقادة الأساسيين في البلدين.
بالنظر إلى تصريحات رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، هل يمكن القول إن النظام يقف إلى جانب الحكومة في مساعيها لرفع العقوبات؟
أعتقد أنه بسبب الضغوط التي تسبب بها الحظر المفروض على الشعب، فقد تشكل نوع من التوافق الضمني في أذهان كبار مسؤولي الدولة. تصريحات اللواء باقري، وكذلك ما عبر عنه السيد لاريجاني، تدل على وجود اتفاق غير مكتوب لكنه قطعي بين صناع القرار الأساسيين في النظام، وهذا التوافق لا ينفصل عن رؤية قائد الثورة. بعبارة أخرى، يمكن اعتبار مواقفهم انعكاسا للموقف العام للقيادة العليا.
إلى أي مدى تشبه الأجواء الحالية تلك التي سبقت توقيع الاتفاق النووي في أعوام 2014-2015؟
حاليا، مواقف الحكومة تشبه إلى حد كبير، مواقف حكومة روحاني والمقربين منه، بل ربما تكون أوضح مما كانت عليه آنذاك. لذلك، فإن الأجواء الحالية أفضل من سابقتها. ومن جهة أخرى، فإن البلد قد تكبد أضرارا مباشرة وغير مباشرة خلال السنوات الأخيرة، وأصبح هناك إدراك عام بأن العقوبات هي السبب الرئيس للمشاكل، وقد تشكل شبه إجماع على ضرورة التفاوض، وأن التفاوض لن يُلحق ضررا بنا.
باستثناء بعض المتطرفين الذين يعارضون لأسباب مختلفة، أعتقد أن هناك إجماعا قد تشكل حول مبدأ بدء التفاوض والحوار. أما التفاصيل، فيجب التعامل معها وفقا للظروف والمستجدات.
هناك من السياسيين من يعتبر أن مفاوضات عمان قرار صادر من النظام نفسه. في المقابل، يوجه المتشددون انتقادات حادة للحكومة وفريقها التفاوضي.. ما رأيكم في هذه المعارضة؟
بعض المعارضين يعلمون تماما ما يفعلون، وهم مدركون أن هذه المفاوضات قد تفضي إلى إقامة علاقات جيدة بين إيران ودول مؤثرة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهو ما يسمح لإيران بدخول سوق التجارة العالمية. لذلك، فإن جزءا من معارضتهم ينبع من مصالحهم الخاصة، حيث يستفيدون من العقوبات ومن عمليات الالتفاف عليها، وقد حققوا أرباحا طائلة تُقدر بمليارات الدولارات.
أما الجزء الآخر من المعارضة، فينطلق من دوافع دينية وثورية، دون أن يملك أصحابه الوعي الكافي بأن مبدأ التفاوض مع العدو أو الخصم السياسي، لا يتعارض لا مع تعاليم القرآن الكريم ولا مع سيرة النبي الأكرم وأئمة الدين.
وإذا نظرنا اليوم إلى مصلحة الأمة الإسلامية والعلاقات الدولية، نجد أن الصين التي عارضت الولايات المتحدة سنوات طويلة في عهد ماو تسي تونغ، وقعت لاحقا اتفاقيات صلح وأقامت علاقات تجارية مثمرة. وكذلك فيتنام التي خاضت حربا طويلة مع أمريكا، لكن بعد انتهائها وقعت اتفاق سلام وأصبحت تصدر بشكل أساسي إلى الولايات المتحدة.
ومثال اليابان أيضا واضح، إذ إن أمريكا ألقت قنابل نووية على بعض مدنها خلال الحرب العالمية الثانية، ورغم ذلك، تم توقيع اتفاقات بعد الحرب وأُقيمت علاقات دبلوماسية وتجارية.
إذن من حيث المصلحة الوطنية والعقلانية السياسية، لا الدين ولا العقل يمنعان التفاوض والمصالحة. طبعا لا يمكننا أن نطلب من المعارضين أن يفكروا مثلنا، ومن الطبيعي وجود رأي مخالف يجب احترامه.
لكن الأهم أن النظام قد توصل إلى قناعة واضحة، ويجب أن نمضي قدما وفق تعاليم الدين وسيرة النبي (ص) الذي جلس وتفاوض ووقع اتفاقات مع أعدائه. الخلافات العالقة بيننا وبين الولايات المتحدة ليست مستعصية على الحل. والتفاوض سيُجرى حتما بما يحفظ المبادئ والثوابت ومصلحة البلاد.
أرى أن علينا بدء التفاوض المباشر من وزارة الخارجية، وإذا تحقق تقدم جيد ومرض، ننتقل إلى مستويات أعلى ونُعيد فتح سفارتنا في الولايات المتحدة، وتقوم الولايات المتحدة بالمثل، وتُعقد اجتماعات على مستوى القادة وصناع القرار. هذا الفعل ستكون له آثار نفسية إيجابية داخل البلاد وبين جيراننا، إلى جانب آثاره العملية. واليوم، بعد انتشار أخبار المفاوضات، بدأنا نشهد آثارها الإيجابية في تحسن الأوضاع الاقتصادية وانخفاض أسعار الدولار والذهب والكثير من المؤشرات في السوق.
هل يمكننا القول إن المتشددين قد تجاوزوا قرار النظام؟ مثل صحيفة “كيهان” التي طرحت مسألة اغتيال ترامب، مما أثار ردود فعل دولية؟
هؤلاء الأشخاص لا يمكن إصلاحهم بمجرد النصيحة. بعضهم ربما على صلة بجهات خارجية- رغم أنني لا أستطيع الجزم بذلك- أو أن هناك سماحا ضمنيا بوجود صوت معارض، وربما جرى التنسيق لنشر مثل هذه التصريحات، ولديهم تصريح لإحداث ضجيج.
لكن حين يكون هناك إجماع رسمي في إيران بعدم وجود نية لاغتيال رئيس الولايات المتحدة، وحين ينفي المسؤولون الكبار في النظام ووزير الخارجية وصناع القرار هذا الطرح، فعندها يجب أن نولي الاهتمام للمفاوضات الرسمية.
على الجانب الآخر، قد يُعارض البعض في الولايات المتحدة أيضا، ممن يرتبطون بالاحتلال الإسرائيلي أو أصحاب المصالح الشخصية. رأينا أنه بمجرد إعلان رئيس الولايات المتحدة نيته بدء المفاوضات من يوم السبت، سارع رئيس وزراء إسرائيل بالقول إنه يأمل أن يكون الاتفاق شبيها بما حدث في ليبيا.
وهذا تصريح يهدف إلى إفشال العملية، ونوع من الإشارة إلى المعارضين بأن إبرام اتفاق سيقود إلى ما حدث في ليبيا، أي نزع أسلحتكم ثم الهجوم عليكم. بعض الأشخاص داخل البلاد، عن قصد أو بغير قصد، يتناغمون مع أصوات مثل نتنياهو، لكن الشعب يُدرك الحقيقة.
وفي موضوع الاتفاق النووي (برجام) حدثت معارضات مشابهة، وقد أدت في النهاية إلى انسحاب ترامب من الاتفاق، ورأينا كم كان هذا مكلفا.
لذلك، فإن وجود معارضين كالشخص الذي ذكرته، يمكن اعتباره مشابها لأولئك الذين رفعوا السيوف في وجه الإمام علي بن أبي طالب ووقفوا ضده، حين وافق على عقد صلح مع معاوية وقَبل بالتحكيم وأنهى الحرب، فقام أولئك المتطرفون برفع السيوف عليه. هذا لا يدل على أنهم كانوا على حق، بل يدل على جهلهم. فالجهل المقدس أحيانا يتجاوز في تطرفه الإمام علي بن أبي طالب نفسه.
والإمام علي بن أبي طالب ترك الحرب مع معاوية وواجه هؤلاء. وقد كُتب أن ما يقارب 4 آلاف من شيعته المتطرفين الذين رفعوا السيوف عليه قُتلوا في حرب النهروان، وفي النهاية، استُشهد الإمام علي بن أبي طالب على يد أحد هؤلاء الخوارج أو المتطرفين الثوريين.
إذن، التاريخ مليء بأمثلة لأشخاص يتقدمون على القيادة في المواقف، ويرفعون السيوف حتى على القائد ذاته. لا ينبغي أن نغفل عنهم، لكن هذا لا يعني أن نستسلم لأصوات الضجيج كـ”كيهان” وأمثالها.
وعلى الطرف الآخر، داخل إسرائيل نفسها، كان هناك من هو أكثر تطرفا من نتنياهو، مثلما حدث حين وقع إسحاق رابين اتفاق سلام مع مصر، وتم اغتياله على يد أحد المتطرفين.
اليوم، إذا تم إجراء استفتاء وفق المادة 59 من الدستور وسُئل الناس: “هل أنتم مع التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة؟”، فأعتقد أن النتيجة ستكون مشابهة لاستفتاء تأسيس إيران، بنسبة تأييد 98%.
وإذا قرر النظام يوما ما، أن الوقت مناسب لذلك، فلا أرى مانعا. بل أرى أن هذا يُسكت المتشددين، ويُظهر بطلان مزاعمهم. يمكن لوزارة الداخلية أن تعلن عن استفتاء، وأعتقد أن النتيجة ستكون تأييدا ساحقا بنسبة 98% لصالح التفاوض المباشر. أما ما الذي يُقال ويُوقع في المفاوضات، وكم ستستغرق، فهذا يعتمد على دهاء الطرفين ومصالح البلاد العليا.
وفي نهاية المطاف، حتى لو لم نحقق مكاسب، نعلن أننا كنا مستعدين للتفاوض، وأن ترامب هو من تراجع. العالم والشعب الإيراني سيكونان شاهدين على أننا تقدمنا حتى مستوى الرئيس والقيادة، وهذه الولايات المتحدة هي التي انسحبت. وفي جميع الأحوال، لن نكون قد خسرنا شيئا.