- زاد إيران - المحرر
- 13 Views
ترجمة: يارا حلمي
نشرت صحيفة “همشهري” الإيرانية الأصولية المحافظة، الأربعاء 23 أبريل/ نيسان 2025، حوارا مع سيد إحسان خاندوزي، وزير الاقتصاد في حكومة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، ناقشت فيه معه تأثير التغييرات الحكومية على مشكلة انقطاع الكهرباء.
ذكرت الصحيفة أنه في الأشهر الأخيرة، كان أحد الموضوعات الرئيسية في الاقتصاد الإيراني هو مسألة الاختلالات، سواء في قطاع الطاقة أو في الموازنة أو في القضايا الاقتصادية الكلية، ويري المسؤولين الحكوميين أنّ معالجة هذه الاختلالات تتطلب اتخاذ قرارات صعبة، وهي قرارات تحتاج إلى دعم شعبي.
نص الحوار:

ما أسباب الاختلالات الاقتصادية في إيران، وهل الحكومة السابقة مسؤولة عنها كما تدعي بعض وسائل الإعلام؟
ينبغي أوّلا توضيح المؤشرات التي تسلّمت حكومة إبراهيم رئيسي السابقة البلاد على أساسها، إذ لم تمضِ فترة طويلة منذ صيف عام 2021، والناس في تلك المرحلة كانوا يعانون بشدة من انقطاع الكهرباء، وكان ذلك الصيف من أسوأ الفصول في ذاكرة المواطنين بسبب فرض حالات الانقطاع.
وهذا المثال بحد ذاته يُعدّ شاهدا واضحا، ومسألة الاختلالات، سواء في مجال الطاقة أو المياه أو سائر المجالات، كانت قائمة قبل تشكيل الحكومة السابقة، بل شملت حتى الاختلالات المالية، وأول جلسة عمل دعاهم إليها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي كانت من أجل الدخول في نقاش اقتصادي.
وكان ذلك في وقت لم تكن الحكومة قد نالت بعد ثقة البرلمان، في أواخر شهر أغسطس/ آب 2021، وكانت القضية المطروحة آنذاك تتعلق بتوفير الرواتب لتلك الفترة، وبسبب انخفاض العائدات الضريبية والنفطية، لم تكن الخزانة العامة تمتلك السيولة الكافية لدفع رواتب جميع الموظفين.
وقد جرى تأمين الموارد المالية بأي طريقة ممكنة، لكن الحكومة تأخّرت، وكان آخر راتب دفعته حكومة الرئيس الأسبق حسن روحاني قد جرى دفعه بعد تأخير.
هل تعود الاختلالات إلى حكومة روحاني؟
لا أريد القول إن حكومة روحاني هي المسؤولة عن هذه الاختلالات، وهذه القضايا لها جذور طويلة، لكن العائدات النفطية كانت تغطي هذه الاختلالات وتمنع ظهورها، والاختلالات بدأت تظهر تدريجيا منذ عام 2012، بعد أن تضررت إيرادات النفط بسبب العقوبات.
وهناك فرصة ثمينة كانت متاحة في سنوات 2015 و2016 و2017 للتعامل مع هذه الاختلالات، حيث كان الاقتصاد الكلي للبلاد مستقرا وكان التضخم في انخفاض، لكن، لم يتم الاستفادة بشكل جاد من تلك الفرصة، ومع عودة العقوبات في عام 2018، ازدادت حدة الاختلالات.
وحكومة روحاني لم يكن لديها خطة بديلة لإدارة البلاد في حال تراجعت الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي، وفي عامي 2019 و2020، جاءت جائحة كورونا، ما أدى إلى تفاقم الوضع، إلى أن بدأت الحكومة السابقة العمل في عام 2021، حيث بدأ حينها أزمة انقطاع الكهرباء، وبالتالي، فإن الحكومة السابقة كانت ورثة مجموعة من الاختلالات المتراكمة.
لماذا لم تشر الحكومة السابقة إلى هذه الاختلالات مثلما فعلت الحكومة الحالية؟
إن الرئيس إبراهيم رئيسي لم يكن يريد في الأماكن العامة، حيث كان الجمهور يتابع، أن يُظهر كثيرا من الشكاوى أو يُظهر الوضع بشكل سيء أو يلوم أحدا، بل، الرئيس لم يرغب في أن يبدو أن الحكومة تلوّح بالمسؤولية.
ماذا تم بشأن اختلالات التوازن البنكي؟
في مجال البنوك كان من الضروري أولا معالجة مشكلة تكبد البنوك خسائر جراء أدائها الحالي، حيث كانت هذه الخسائر تتراكم باستمرار، والعمل على ضمان أن تخرج البنوك من دائرة الخسائر باتجاه الربحية، وفي بداية عام 2021، وأوائل عام 2022، تم صرف الكثير من الوقت على بناء البنية التحتية اللازمة لضمان تحول البنوك الحكومية نحو الربحية.
وجزءا من هذا العمل تم إنجازه في عام 2022، لكن إصلاح الهيكل البنكي كان أمرا صعبا نظرا لوجود العديد من الفروع في جميع أنحاء البلاد، لكن بحلول عام 2023، تم إنجاز العمل بالكامل، حيث خرجت جميع البنوك الـ13 التي كانت تحت إدارة الحكومة من دائرة الخسائر.
لكن الاختلالات في البنوك الخاصة هي المسألة الأساسية.
نعم، إن البنوك الخاصة، وخاصة بعض البنوك الخاصة التي تعاني من اختلالات كبيرة، كانت لها مشاكل معقدة يتوجب على البنك المركزي الإيراني توضيحها، ومع ذلك، تابعنا هذه المسألة بجدية، وبعد شهور من الجهود، تم إقناع البنك المركزي بأهمية إيجاد حلول جدية لبنك “مستقبل”.
وفي مايو/ أيار 2024، بعثت أنا هو ومحمد رضا فرزين (رئيس البنك المركزي الإيراني) برسالة مشتركة إلى رئيس الجمهورية بخصوص هذا البنك، لكن للأسف توقفت الإجراءات بعد حادثة المروحية.
وللأسف الشديد في الحكومة الجديدة، تم منح جميع البنوك التي تعاني من اختلالات فترة 4 أو 5 سنوات لحل مشكلاتها، في حين أنه كان من المفترض أن يتم حل القضايا المتعلقة بالبنوك التي تواجه مشكلات حرجة بشكل أسرع.
فيما يتعلق بانقطاع الكهرباء، الذي يربطه البعض بالحكومة السابِقة، ما هو ردك؟
تمكن إبراهيم رئيسي بالفعل على إدارة الحكومة لمدة عامين و10 أشهر، لكن في السنة الأولى، تمت إضافة أكثر من 6,000 ميغاوات إلى قدرة إنتاج الكهرباء في البلاد، وفي السنة الثانية والثالثة، زادت هذه القدرة بشكل أكبر، وهو ما كان يفوق بشكل كبير متوسط الزيادة في القدرة الإنتاجية للكهرباء في السنوات السابقة.
وهذه الزيادة تعكس عملا ملموسا، ولكن بما أن مشكلة الاختلالات كانت متراكمة على مدار سنوات طويلة، كان من الضروري وجود خطة تمتد 4 إلى 5 سنوات للخروج بالبلاد من هذه الأزمة.
أما الأزمة الأخرى التي يتم الحديث عنها، فهي أزمة صناديق التقاعد. هل يمكنك توضيح ذلك؟
الحكومة السابقة للمرة الأولى، في موازنة عام 2023، قررت مواجهة هذه المشكلة بشكل رسمي، حيث أعلنت أنها عازمة على حل أزمة صناديق التقاعد، ومع ذلك، في تلك السنة، أشار البرلمان الإيراني إلى أن مسألة صناديق التقاعد ليست بسيطة بحيث يمكن منح الموافقة في الميزانية السنوية، وطُلب من الحكومة تضمينها في البرنامج السابع، حيث يُمنح لها خمس سنوات لتنفيذ الحلول.
وللمرة الأولى، قامت الحكومة السابقة بوضع إصلاحات جدية في لائحة البرنامج السابع من أجل معالجة اختلالات صناديق التقاعد، وأشكر البرلمان الإيراني الذي تعاون في إقرار هذا الإصلاح الهام.
وكانت الحكومة السابقة الوحيدة في السنوات الأخيرة التي قدمت مشروع قانون إلى البرلمان لحل أزمة صناديق التقاعد، وشهدت، في العقد الأخير تراجعا مستمرا في متوسط سن التقاعد، مما وضع ضغطا كبيرا على صناديق التقاعد، التي كانت تعتمد بنسبة 90% من مواردها على ميزانية الحكومة.
كما تم وضع مسار إصلاح في حكومة رئيسي، ونأمل أن تتابع حكومة بزشكيان هذا المسار، ولكن، توقفت في الحكومة السابقة، سواء في الميزانية أو البنوك أو الكهرباء أو صناديق التقاعد، عملية تراكم الاختلالات تماما، وبدأت الحكومة في إعادة توجيه المسار لتقليص هذه الاختلالات.
قررت الحكومة السابقة في 25 مايو/ آيار 2024، في مقر التنسيق الاقتصادي أن اختلالات أهداف دعم الموازنة يجب أن تُحل، وقد كانت هناك سياسات غير سعرية تهدف إلى تقليل الضغط على الناس، وهذا القرار تم إبلاغه رسميا في 25 مايو/ آيار 2024، أي قبل 4 أو 5 أيام فقط من وفاة رئيسي، ولكن في 30 مايو/ آيار 2025، توقفت القرارات الهامة، بسبب وقوع حادثة المروحية.
ماذا عن ما يقوله المسؤولون في حكومة بزشكيان بشأن عدم وجود أموال لدفع مستحقات مزارعي القمح والممرضين وغيرهم في بداية عملهم؟
جميع هذه الاختلالات كان قد تم علاجها والموافقة عليها مسبقا، ومع ذلك، توقفت الحكومة السابقة في الأشهر الأخيرة لتتيح للحكومة الجديدة اتخاذ قراراتها، ولم يكن لدي إبراهيم رئيسي، الذي تولى المسؤولية في عام 2021، الميزانية الكافية في الشهر الأول لدفع رواتب الموظفين الحكوميين، فكيف يمكن أن يكون هناك أموال للمزارعين أو الممرضين أو غيرهم من هذه المدفوعات.
ما سبب انقطاع الكهرباء في الخريف والشتاء هذا العام؟ هل كان هناك تقصير من حكومة رئيسي في تأمين الوقود لمحطات الكهرباء؟
كما ذكرت، فإن مشكلة نقص الكهرباء تتطلب إصلاحات جذرية وطويلة الأمد لزيادة الإنتاج وتقليل الاستهلاك، ولكن كان يجب اتخاذ تدابير قصيرة الأجل وعملية أيضا، وهو ما لم يتم.
ويعرف المديرين الذين لديهم خبرة طويلة في هذا المجال الآن كيفية التعامل مع محطات الكهرباء ووزارة النفط، خاصة مع شركتي توزيع الغاز والنفط لتأمين الوقود، وأقتبس من رئيس منظمة الدفاع المدني قوله إنه تم كتابة رسالة رسمية إلى حكومة بزشكيان بشأن ضرورة عدم اتخاذ قرارات كبيرة في قطاع وزارة الطاقة ووزارة النفط، خاصة في مجال التوزيع والإنتاج، بل يجب أن تحدث هذه التغييرات تدريجيا.
وللأسف هناك نوع من السلبية السياسية في الحكومة الحالية تجاه بعض الأشخاص الذين ربما لا يشعرون بالولاء الكامل للحكومة الحالية، وأدت السرعة في التغييرات إلى إغفال دقة الإجراءات التي كان يجب أن تتم في أواخر أغسطس/ آب، بسبب الاضطرابات التي نتجت عن تغيير جميع المسؤولين في الوزارات والمديرين في مختلف المحافظات.
وأخبرني أحد المديرين التنفيذيين للمحطات الكهربائية أنه في الحكومة السابقة، كان هناك شخص يتصل من مكتب وزير الطاقة، ثلاث إلى أربع مرات أسبوعيا للسؤال عن مقدار احتياطي الوقود السائل في المحطات، وكان يتم متابعة هذا الأمر باستمرار.
لكن بعد تغييرات الحكومة الحالية، توقفت هذه المتابعات، والاحتياطي في 31 أغسطس/ آب 2024، كان كما هو في العام 2022، عند بدء الحكومة السابقة، بل كان هناك زيادة طفيفة في الاحتياطي مقارنة بذلك الوقت.
والوقت الذي كان يجب أن يُخصص في نهاية الصيف وأوائل الخريف لتخزين الوقود للمحطات قد ضاع، مما أدى إلى انخفاض متوسط الوقود المخصص للمحطات في هذه الفترة، ونتيجة لذلك، حدثت انقطاعات واسعة في الكهرباء وأدى ذلك إلى شعور عام بعدم الرضا من قبل المواطنين، ويبدو أن الحكومة الحالية أيضا لم تكن راضية عن هذا الوضع.
برنامج الحكومة السابقة لحل اختلالات الطاقة
أوضح إحسان خاندوزي أنه في الحكومة السابقة، تم اتخاذ تدابير قصيرة الأجل بالإضافة إلى إصلاحات أساسية وبنيوية لحل اختلالات الطاقة. وتم تنفيذ التدابير قصيرة الأجل في شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول من عام 2021، لكنها كانت مجرد مسكنات، بينما كان من الضروري معالجة جذور المشكلة نفسها.
وعلى سبيل المثال، كانت هناك اختلالات في ميزانية الحكومة التي كانت تمارس ضغوطا كبيرة لسنوات طويلة، وكان من الواضح أنه من خلال تطبيق انضباط الميزانية، يمكن حل العديد من المشاكل، وخصصت الحكومة عام 2021، لإعداد الأساس للإصلاحات الجذرية في الميزانية، وكان هذا العمل ثماره في بداية عام 2022.
وتم دفع رواتب موظفي الحكومة لأول مرة بعد 40 إلى 50 عاما، في مارس/ آذار 2022، من دون الحاجة إلى استخدام أي من موارد البنك المركزي، وهذا الاتجاه استمر في عام 2023، وفي عام 2024، مع استكمال مشروع الحساب الموحد للخزينة.