ترامب يثير أزمة باسم “الخليج العربي” وإيران ترد بقوة

كشفت وكالة أسوشيتيد برس الأمريكية، نقلا عن عدد من المسؤولين في واشنطن، الأربعاء 7 مايو/أيار 2025، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتزم خلال زيارته المرتقبة لدول الخليج والتي من المقرر أن تبدأ خلال ايام، الإعلان رسميا عن اعتماد الولايات المتحدة تسمية الخليج العربي بدلا من الخليج الفارسي، في خطوة تعد تغييرا في نهج الخطاب الأمريكي الرسمي المتبع منذ عقود.

A person standing at a podium

AI-generated content may be incorrect.

وبحسب ما نقلته الوكالة، فإن اثنين من المسؤولين الأمريكيين، لم يفصحا عن اسميهما، أكدا أن ترامب سيُعلن هذا القرار خلال زيارته المقررة الأسبوع المقبل إلى الرياض، والتي تُعد أول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني 2025.

ويأتي هذا التحول في التسمية في وقت بدأت فيه الولايات المتحدة وإيران جولة من المفاوضات غير المباشرة حول البرنامج النووي الإيراني منذ أواخر شهر أبريل/نيسان من العام الحالي، ومن المتوقع أن تُعقد الجولة الرابعة خلال الأسبوع المقبل.

جدير بالذكر أنه قد سبق لترامب أن أصدر أمرا تنفيذيا في يناير/كانون الثاني الماضي، غيّر بموجبه اسم خليج المكسيك إلى الخليج الأمريكي وألزم جميع الهيئات والمؤسسات الأمريكية باستخدام الاسم الجديد.

ترامپ در کنار نقشه تغییر نام یافته به خلیج آمریکا

هذا ولم تكن تلك المرة الأولى لترامب في إثارة هذا الموضوع، ففي عام 2017، وخلال ولايته الأولى، اندلع جدل واسع عندما استخدم اسم الخليج العربي للإشارة إلى الخليج الفارسي، وقد صرح حينها حسن روحاني، رئيس إيران آنذاك، ناصحا ترامب بأن يدرس الجغرافيا.

نیویورک تایمز: دیدار ترامپ و روحانی خیلی بعید است/ تیم امنیت ملی آمریکا  مخالف دیدار است - تسنیم

كذلك، فقد كتب محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني في ذلك الوقت، على مواقع التواصل الاجتماعي: “كان الجميع يعلم أن صداقة ترامب تشترى بأعلى سعر، والآن نعلم أن جغرافيته يمكن شراؤها كذلك”.

موجة من الانتقادات

على أثر تلك الأخبار، انطلقت عاصفة من الإدانة لتلك التسمية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث كتب عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، على حسابه بمنصة إكس الأربعاء 7 مايو/أيار 2025: “إن اسم الخليج الفارسي كغيره من التسميات الجغرافية، متجذر بعمق في التاريخ الإنساني، لم تعترض إيران يوما على استخدام تسميات مثل بحر عمان، والمحيط الهندي، وبحر العرب أو البحر الأحمر، فهذه الأسماء لا تشير إلى ملكية حصرية لأي دولة، بل تعكس احتراما مشتركا للإرث الحضاري للبشرية جمعاء”.

وأضاف: “أما المحاولات ذات الدوافع السياسية لتغيير الاسم التاريخي الراسخ للخليج الفارسي، فهي تعكس نوايا عدائية تجاه إيران وشعبها، وتُدان بشدة. فمثل هذه التصرفات المنحازة تُعد إهانة لجميع الإيرانيين، بغض النظر عن خلفياتهم أو أماكن إقامته، نأمل أن تكون الشائعات السخيفة التي تُروّج بشأن الخليج الفارسي مجرد حملة تضليل من قبل دعاة الحرب الأبديين تهدف إلى إثارة غضب الإيرانيين في أنحاء العالم وتحريك مشاعرهم”.

وتابع: “إنني واثق بأن الرئيس الأمريكي يدرك أن اسم الخليج الفارسي عمره قرون، ومعترف به من قبل جميع رسامي الخرائط والهيئات الدولية، وكان يُستخدم رسميا من قبل قادة المنطقة أنفسهم حتى ستينيات القرن الماضي، وأي خطوة قصيرة النظر في هذا السياق، لن تكون لها أية شرعية أو تأثير قانوني أو جغرافي، بل ستؤدي فقط إلى إثارة غضب جميع الإيرانيين، بمختلف توجهاتهم السياسية، في الداخل أو في الخارج”. وقد أرفق صورة من مكتبة الكونجرس الأمريكي تظهر الخليج وهو مسمى بالخليج الفارسي.

تصویر

من جانبه، نشر محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، في اليوم نفسه عدد من الخرائط التي توضح اسم الخليج الفارسي، وكتب تحتها: “طلبتُ من مكتبة البرلمان أن تنشر بعض الخرائط التاريخية للخليج الفارسي الموجودة في الأرشيف. فأجابوا بأن عددها كبير جدا لدرجة أن بإمكان كل سياسي متوهم أن يحصل على عدة نسخ منها، ربما يمكن شراء الأحذية والملابس بالدولار والدرهم، لكن التاريخ والجغرافيا لا يُشتريان. إنك تسيء إلى نفسك وتكلفنا عناء لا طائل منه”.

A screenshot of a map

AI-generated content may be incorrect.

كذلك، فقد كتب محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الأسبق والشخصية الإصلاحية الشهيرة، عبر حسابه على منصة إكس: “أيها الإيرانيون الأبيون، تحية لكم، إن ما يُتداول بشأن استخدام اسمٍ مزيفٍ للخليج الفارسي يثير غضب كل إيراني وطني، من أي توجه كان، من أجل إيران، سنُظهر للعالم ولساكني البيت الأبيض أن الإيرانيين، متحدين ومتحدثين بصوت واحد، لا يقبلون بهذا العبث قصير النظر”.

A black screen with white text

AI-generated content may be incorrect.

كذلك، كتب ستار هاشمي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيراني، عبر حسابه على منصة إكس: “الاسم الخالد للخليج الفارسي سيبقى حيّا إلى الأبد في هذه البقعة من العالم، في القلوب والوجدان، وستظل سواد هذه الشتاء وصمة على وجوه الطغاة في العالم! فالتاريخ والأصالة لا يمكن تغييرهما بالبلطجة أو الصفقات السياسية!”.

A black background with white text

AI-generated content may be incorrect.

أيضا، كتب عباس موسوي، رئيس البروتوكول الرئاسي للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، على حسابه على إكس: “يا سيادة الرئيس، إن الخليج الفارسي ليس كخليج المكسيك، وسيبقى الخليج فارسي للأبد”.

من جانبه كتب ناصر كنعاني، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية السابق، عبر إكس: “إن الاسم التاريخي الخليج الفارسي يسبق تاريخ الولايات المتحدة بعدة آلاف من السنين، من الأفضل أن ينصح عقلاء أمريكا رئيسهم المتهور بترك الألعاب غير المجدية والعداء مع الشعب الإيراني العريق والمتحضر الذي أسهم في بناء الحضارة”.

A screenshot of a map

AI-generated content may be incorrect.

أزمة تسمية.. بين الجغرافيا والتاريخ والسياسة

تعد أزمة تسمية الخليج الفارسي والخليج العربي واحدة من أبرز القضايا التي تمثل مزيجا معقدا من الجغرافيا والتاريخ والسياسة، فالنزاع حول التسمية ليس مجرد خلاف على اسم جغرافي، بل يمتد ليشمل صراعا ثقافيا وتاريخيا يعكس توترات عميقة بين إيران والدول العربية، خاصة في ظل التغيرات السياسية الحديثة.

A map of the country

AI-generated content may be incorrect.

فمن الناحية الجغرافية، تشير جميع الخرائط إلى الخليج الذي يفصل بين إيران وشبه الجزيرة العربية على أنه الخليج الفارسي، هذا الاسم الذي استخدمته الحضارات القديمة، بما في ذلك اليونانيون في العصور الكلاسيكية، له جذور عميقة في التاريخ، فقد كان الخليج الفارسي وما يزال يعد جزءا من الهوية الإيرانية، ويعد مركزا استراتيجيا للملاحة الدولية، خصوصا مع مضيق هرمز الذي يعتبر من أهم الممرات المائية في العالم.

على الجانب الآخر، فإن بعض الدول العربية، خاصةً المملكة العربية السعودية والإمارات، بدأت في تبني استخدام اسم الخليج العربي بدلا من الفارسي في سياقات سياسية ودبلوماسية، خاصة في السنوات الأخيرة، هذا التوجه يراه البعض محاولة لتغيير الواقع التاريخي والتأكيد على الهوية الإقليمية لهذه الدول. وفي المقابل، ترى إيران أن هذه المساعي تمثل تهديدا لسيادتها الثقافية والجغرافية، معتبرةً أن تغيير التسمية يهدف إلى تقليص دورها التاريخي والإقليمي في المنطقة.

الخليج.."عربي" أم "فارسي"؟

يتجلى هذا الصراع في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة والمنظمات العالمية الأخرى، حيث يسعى كل طرف إلى فرض رؤيته على الساحة العالمية. بينما تحاول بعض الدول العربية تعزيز استخدام اسم الخليج العربي عبر منابر إعلامية ودبلوماسية، تواصل إيران تمسكها باسم الفارسي باعتباره جزء أساسيا من هويتها.

إضافة إلى البعد الثقافي والتاريخي، يكتسب هذا النزاع أهمية اقتصادية، خاصة أن الخليج هو ممر رئيسي لتجارة النفط العالمية، ويمر عبره جزء كبير من صادرات النفط الخام، مما يجعل التسمية قضية حساسة نظرا لارتباطها بالمصالح الاقتصادية الحيوية لدول المنطقة. كما أن التسمية تحمل دلالات سياسية عميقة تعكس العلاقات الإقليمية، وتؤثر في الروابط التجارية والاقتصادية بين دول الخليج وإيران.

خلال السنوات الأخيرة، شهدت الأزمة تصاعدا في التوترات، حيث أثار قرار بعض الشركات الكبرى مثل جوجل في عام 2012، والتي كانت تستخدم اسم الخليج العربي في خرائطها، احتجاجات إيرانية رسمية. في المقابل، تمسكت بعض الشركات مثل آبل باستخدام اسم الخليج الفارسي في خرائطها.