مسؤول إيراني: الاستعلام الأمني ألحق ضررا باستقلالية الجامعات.. وعودة الأساتذة المفصولين لم تكتمل بعد

ترجمة: يارا حلمي

أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، الأحد 6 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع الأمين العام لنقابة أساتذة الجامعات في إيران، كارِن ابري نيا، ناقشت فيه عودة الأساتذة المفصولين إلى الجامعات، وكذلك الاستعلام الأمني وتأثيره على استقلالية الجامعات.

ذكرت الوكالة أنّه بعد وفاة مهسا أميني المأساوية في سبتمبر/أيلول 2022، وما أعقب ذلك من أحداث واحتجاجات واسعة، تم فصل عدد كبير من أساتذة الجامعات، بل إنّ هذا المصير لحق حتى ببعض الطلاب، حيث تمّ فصلهم أو فرض عقوبات انضباطية عليهم.

وتابعت أنه إلى جانب هذه الإجراءات، شهدت السنوات الثلاث الماضية تشديدا في قضايا الحجاب داخل الجامعات الإيرانية، لدرجة أنّ شرطة الحجاب باتوا يوجدون في حرم الجامعات والكليات، ويتولّون مراقبة التزام الطالبات بالحجاب الإجباري.

نص الحوار:

بعد أحداث عام 2022 تم طرد بعض الأساتذة من عملهم، ولكن مع إجراء الانتخابات الرئاسية قيل إنّ الأساتذة المفصولين سيعودون للعمل، كيف تقيّمون سير هذه العملية؟

عودة الأساتذة إلى الجامعات لم تتم بشكل كامل بعد، صحيحٌ أنّ بعض الأساتذة قد عادوا، وهذا بحدّ ذاته أمر إيجابي، لكن لا يزال عدد منهم يواجه مشكلات ولم يُسمح لهم بالعودة.

ما السبب في ذلك؟

في بعض الجامعات لم يتغير الرؤساء بعد تغيّر الحكومة، ولهذا السبب فهم يقاومون هذه الإصلاحات.

هل كان أداء وزير التعليم العالي جيدا في ما يخص تغيير رؤساء الجامعات؟

كان من المتوقع من الحكومة الجديدة، ومن حسين سيمائي صرّاف وزير التعليم العالي، أن يجري التغييرات اللازمة بشكل أسرع، لكن في بعض الحالات كانت هناك عراقيل قانونية منعت العودة الكاملة للأساتذة ومنعت تعيين رؤساء جدد للجامعات. 

مثل الاستعلام الأمني الذي أصبح ذريعة لتأخير التعيينات الجديدة، وهذه المشكلة ظهرت حتى على مستوى الكليات، مثل كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة طهران، حيث تأخّر تعيين رئيسها الجديد لعدة أشهر.

إلى أي مدى أثّر الاستعلام الأمني على استقلالية الجامعات؟

للأسف، أصبح الاستعلام الأمني أداة للسيطرة، وألحق ضررا باستقلال الجامعات، ولو استمر نهج الحكومة السابقة، يمكن القول إنّ استقلال الجامعات قد انتهى تقريبا.

الجامعات مؤسسات علمية، وليست مؤسسات إدارية، وهي بحاجة إلى الاستقلالية في اتخاذ القرار، لطالما قال رؤساء الجمهورية المتعاقبون إن الجامعة يجب أن تكون غرفة التفكير للحكومة، لكن في الواقع لا يتحقق هذا الأمر إلا إذا كانت الجامعة تتمتع بالاستقلالية وحرية التصرف.

في الدول الأخرى تعمل الجامعات بحرّية، ونتائجها العلمية تسهم في تطوير البلد، لكن في إيران، عندما يتم تعيين رؤساء الجامعات من دون كفاءة علمية أو إدارية، فلا تستطيع الجامعات أن تؤدي دورها الحقيقي.

كيف تقيّمون وضع حرية التعبير في الجامعات؟

لا تزال حرية التعبير لدى الطلاب والأساتذة تواجه العديد من التحديات، فعلى سبيل المثال، في الحادثة الأخيرة التي أدّت للأسف إلى وفاة أحد الطلاب (أمير محمد خالقي)، كان الطلاب يريدون الاحتجاج، لكن دخول قوات غير مرتبطة بالجامعة إلى سكن الطلاب الجامعي كان يمكن أن يخلق أزمة جديدة.

لو أنّ المسؤولين بدلا من التدخلات غير الضرورية استمعوا إلى الطلاب، لكان بالإمكان إدارة هذه القضية، يجب على الجامعة أن تهيّئ فضاء للحوار والنقد، وإذا كان لدى الطلاب اعتراض، ينبغي أن يبقى هذا الاعتراض ضمن إطار الجامعة، ويجب أن يكون مسؤولو الجامعة مسؤولين عنه، تدخّل المؤسسات الخارجية في هذه الاعتراضات يحوّلها إلى أزمات.

لكي تؤدي الجامعة أداء جيدا، فهي بحاجة إلى الحرية، حيث إن كل مؤسسة علمية لكي تكون قادرة على تحقيق نتائج جيدة، يجب أن تتوافر لها الحد الأدنى من الضروريات. 

وإذا لم يتم تأمين هذه الاحتياجات، تخرج الجامعة عن طاقتها الحقيقية ولا تستطيع تلبية تطلعات المجتمع، وللأسف، جامعاتنا عمليا متوقفة والمجتمع لا يستفيد منها بما فيه الكفاية، لأنّ العديد من القيود فُرضت عليها، وكلما تحركت الجامعات نحو الديناميكية والتقدم، يتم فرض قيود وسيطرة عليها مباشرة، وهذا الوضع أدّى إلى إضعاف الدور الرئيسي للجامعات.

في السنوات الأخيرة، كانت مسألة الحجاب في الجامعات مثيرة للجدل، كيف تقيّمون الوضع الحالي لهذا الموضوع؟

الوضع تحسن قليلا مقارنة بالماضي، لكن لا تزال هناك بعض القيود قائمة، فعلى سبيل المثال، في جامعة طهران لا تزال في بعض الكليات توجد قوات تُعرف باسم “مراقبي الحجاب”، يقومون بتنبيه الطالبات بخصوص الحجاب، بالطبع، في بعض الكليات تم إلغاء هذه القوات، لكن في بعضها الآخر لا تزال هذه القوات موجودة ونشطة.

نُشر مؤخرا تقرير يشير إلى أن عددا كبيرا من طلاب جامعة شريف (طهران) حصلوا على درجات منخفضة في مادة الرياضيات، فهل يوجد تراجع في جودة التعليم؟

لحسن الحظ، لا تزال الجامعات الإيرانية المتميزة تحتفظ بمعايير تعليمية عالية، الجامعات مثل شريف، وطهران، وشيراز لطالما كانت تتمتع بجودة تعليمية جيدة، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال نجاح خريجيها في الخارج، وكثير من طلاب هذه الجامعات يحصلون بسهولة بعد تخرجهم على قبول ومنح دراسية في الجامعات العالمية المرموقة.

كما أن الأساتذة يتلقون باستمرارٍ رسائل بريد إلكتروني من هذه الجامعات الأجنبية يطلبون فيها ترشيح طلاب موهوبين جدد، هذه المسألة تدلّ على جودة التعليم الجيدة في جامعاتنا، بالطبع قد تكون هناك صرامة أكبر في بعض المواد أو تغير في مستوى الطلاب مقارنة بالسنوات الماضية، لكن هذا لا يعني بالضرورة تراجع جودة التعليم.

ألا يثير قلقكم هجرة الطلاب الموهوبين في ما يتعلق باستقطاب أعضاء هيئة التدريس في المستقبل؟

استقطاب أعضاء هيئة التدريس يواجه مشاكل أخرى، إضافة إلى هجرة الطلاب؛ إذ أصبحت عملية استقطاب الأساتذة الجدد عملية معقدة وطويلة، حتى لو أرادت الجامعة توظيف عضو هيئة تدريس كفء، فقد تستغرق هذه العملية من سنة إلى سنتين.

والسبب في ذلك يعود إلى الإجراءات الطويلة للتحقق من الكفاءة والفحوصات الإدارية، خلال هذه الفترة يغادر العديد من النخب البلاد أو يتجهون إلى خيارات أخرى.

أحد مطالبنا هو أن تُسند عملية الاستقطاب بالكامل إلى الجامعات نفسها، لأن النظام الحالي مصمم بطريقة تجعل الجهات التعيينية تتدخل في هذه العملية، وهذا الأمر يؤدي إلى اختيار أشخاص يتمتعون بميول خاصة، وهذا النهج لا يؤدي فقط إلى تراجع الجودة العلمية، بل يساهم أيضا في تقليص استقلالية الجامعات.

إحدى المشكلات الرئيسية تتمثل في أن هناك إلى جانب وزارة التعليم العالي، جهات أخرى مثل المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وبعض المؤسسات الأخرى تتدخل في شؤون الجامعات.

وهذه الجهات عادةً 

ما تعيّن أشخاصا معينين ذوي توجهات محددة في رئاسة الجامعات، ونتيجة لذلك تتجه سياسات الجامعة نحو مسار يحدّ من استقلاليتها.