- زاد إيران - المحرر
- 26 Views
ترجمة: يارا حلمي
نشرت صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية الأصولية، الخميس 17 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه التناقضات في تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشأن الملف النووي الإيراني، وتأثير الضغوط الداخلية والخارجية على مواقفه، وتقييم دوافع هذه التصريحات المتضاربة وتأثيرها على المفاوضات مع إيران.
ذكرت الصحيفة أنّ ستيف ويتكو، المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، تراجع عن مواقفه السابقة، وذلك بعد ساعات من مقابلة مايك بنس، نائب رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، مع شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، والتي ألمح خلالها إلى احتمال الاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية.
وتابعت أنّ ويتكوف نشر بعد المقابلة مباشرة تدوينة عبر منصة “إكس” (تويتر سابقا)، أعلن فيها تراجعه الكامل عن هذا التلميح، حيث كتب: “على إيران أن توقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم وتسليحها النووي”.
وأضافت أنّ هذه النوعية من التصريحات المتناقضة داخل فريق إدارة ترامب ليست جديدة، بل إنّ ترامب نفسه هو من كان يتبع هذا النهج المتذبذب، ومع ذلك، فإن ويتكوف، الذي تولّى أدوارا استشارية في الشأن الإيراني، غالبا ما اتخذ مواقف أكثر تساهلا حيال الملف النووي الإيراني مقارنة بأعضاء آخرين في إدارة ترامب، ما جعله يظهر في دور “الشرطي الطيب” خلال مراحل سابقة من التفاوض.

ضغوط دعاة الحرب في إدارة ترامب
ذكرت الصحيفة أن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب في الشرق الأوسط، ليس جديدا على إطلاق تصريحات وانفعالات عاطفية تجاه إيران، إذ إنّ رده الحاد على تغريدة عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أثار موجة ضخمة من التحليلات وردود الفعل، قبل أن يعمد لاحقا إلى حذف تغريدته بعد ساعات قليلة.
وتابعت أن ويتكوف، بعد أن وصف الجولة الأولى من المفاوضات مع إيران بالإيجابية، وأعلن في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية تأييده الصريح لحق إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3%، عاد وكتب في تغريدة عبر منصة “إكس”: “لن يتم التوصل إلى اتفاق مع إيران إلا إذا كان اتفاقا يتماشى مع شروط ترامب”.
وأضافت أنّ ويتكوف قد حدّد شروط الاتفاق الذي توصل إليه ترامب، وهو أنّه “يجب أن يُشكّل إطارا للسلام والاستقرار والازدهار في منطقة غرب آسيا (الشرق الأوسط)، ما يعني أنّ على إيران وقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم والتسلّح النووي بشكل كامل والتخلي عنه نهائيا”.
وأوضحت أنّ التبدّل في مواقف ويتكوف حيال إيران لم يكن مستبعدا، نظرا لغياب التوافق داخل الساحة السياسية الأمريكية بشأن كيفية التعامل مع طهران، وتعدد مراكز الضغط المرتبطة بملفها النووي، بما في ذلك الخلافات التي تظهر داخل إدارة ترامب نفسها.
وأشارت إلى أنّ التقارير الإعلامية تؤكد وجود انقسام واضح في مجلس الأمن القومي الأمريكي حول المقاربة المثلى للتعامل مع الملف الإيراني، حيث يقف من جهة كل من ستيف ويتكوف وجاي فانس، نائب رئيس الولايات المتحدة، واللذان يدعوان إلى تبنّي مسار دبلوماسي.
وتابعت أنه من الجهة الأخرى يقف مسؤولون ذوو توجهات متشددة مثل النائب الجمهوري مايك والتز (مستشار الأمن القومي الأمريكي)، وماركو روبيو (وزير الخارجية الأمريكية)، الذين لا يرون جدوى حقيقية في أي اتفاق نووي مع طهران.
كما ذكرت الصحيفة نقلا عن موقع “أكسيوس” الأمريكي، أنّ هذا الانقسام ظهر بوضوح خلال اجتماع طارئ عقد يوم الثلاثاء 15 أبريل/نيسان 2025 لمناقشة ملف إيران، حيث دافع المتشددون، ومنهم ماركو روبيو، مايك والتز، ليندسي غراهام (عضو مجلس الشيوخ الأمريكي)، وتوم كوتن (عضو مجلس الشيوخ الأمريكي)، عن الخيار العسكري باعتباره السبيل الأمثل لردع إيران.
وأضافت أن الفريق آخر، الذي يضم ويتكوف، وجاي فانس، وبريت هيغست (وزير الدفاع الأمريكي)، وتاكر كارلسون، الإعلامي المحافظ المعروف، أصر على أنّ اندلاع حرب جديدة في المنطقة قد يرفع أسعار النفط بشكل كبير، الأمر الذي ستكون له تكلفة اقتصادية باهظة على الحكومة الأمريكية.
وأوضحت أنّ هذه الضغوط الداخلية التي يمارسها الجناح المتشدد داخل مجلس الأمن القومي، تترافق مع معارضة أخرى من جانب الكونغرس الأمريكي، حيث يُبدي عدد من أعضائه اعتراضهم على بدء مسار تفاوضي مباشر بين واشنطن وطهران.
وأكدت أنّ خصوم ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة يسعون بدورهم إلى عرقلة أي إنجاز تفاوضي قد يحققه، خشية أن يوظفه كورقة رابحة انتخابيا، وفي هذا الإطار جاءت تصريحات وزير الخارجية الأسبق في عهد باراك أوباما، جون كري، الذي نشر مؤخرا مقالا في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
كما بينت أن هذا المقال تضمن سلسلة من التعليمات حول ما ينبغي وما لا ينبغي فعله في ما يخص احتواء البرنامج النووي الإيراني، وشدّد على ضرورة أن يسعى الفريق التفاوضي إلى اتفاق يتجاوز “الاتفاق النووي” الموقع عام 2015.
وفي سياق متصل أشارت الصحيفة إلى أن تصريحات كري تعكس بشكل واضح، أنّ الحزب الديمقراطي لا يسعى إلى تمكين فريق ترامب من الوصول إلى اتفاق جديد مع إيران، بل العكس، قد يتجه إلى اتخاذ خطوات تعرقل مثل هذا الاتفاق، طالما أنّه لا يحظى بأي دور فيه.
جماعات الضغط الصهيونية
ذكرت الصحيفة أن الصهاينة لهم باع طويل في تعطيل الاتفاقات بين إيران والولايات المتحدة، كما يؤكد المسؤولون الإيرانيون مرارا، خلال السنوات الماضية وفي سياق جولات التفاوض، أن جماعات الضغط الإسرائيلية سعت في أكثر من مناسبة لإفشال أي اتفاق بين طهران وواشنطن.
وتابعت أن الوضع الحالي الذي يمر به الاحتلال الصهيوني، إلى جانب محاولاته المتكررة لدفع الولايات المتحدة نحو توجيه ضربة عسكرية لإيران، يجعل من المعقول توقّع أن تمارس هذه الجماعات مزيدا من الضغط بهدف إدراج ما يسمى بـ«نموذج ليبيا» لتجريد إيران من قدراتها في أجندة الأمريكيين التفاوضية.
وأضافت أن الدول الأوروبية بدورها لديها خلافات مع واشنطن في ما يخص مسار المفاوضات، فمن جهة، فإن التفاوض المباشر بين إيران والولايات المتحدة قد همّش الدور الأوروبي عمليا، وهو ما دفع هذه الدول إلى محاولة زيادة تأثيرها في سير المحادثات.
وأوضحت أنه من جهة أخرى، هناك تباين واضح في الرؤى بين الأوروبيين والأمريكيين بشأن مسار التفاوض، إذ تسعى واشنطن إلى صياغة اتفاق جديد منفصل عن إطار “الاتفاق النووي”، في حين يرى الأوروبيون أن هذا الإطار لا يزال كافيا ويمكن تفعيله من جديد بعد إدخال تعديلات بسيطة عليه.
وأكدت أن جملة هذه الضغوط والاختلافات تشير إلى أن هناك عوامل متعددة قد تؤثر على مسار المفاوضات أو حتى تؤدي إلى فشلها، ولهذا لا يمكن اعتبار التحوّل المفاجئ في موقف ويتكوف، تجاه إيران بمعزل عن هذه الضغوط.
هل ویتكوف يسعى إلى إبرام الصفقة؟
ذكرت الصحيفة أن ویتكوف لا يتمتع بصفات السياسي المحنك، بل أقرب إلى شخصية تاجر بارع يسعى فقط لإتمام صفقة، وهي سمة يتقاطع فيها مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المعروف بخلفيته التجارية.
وتابعت أن هذا التوصيف هو ما يستخدمه منتقدو ویتكوف، الذين يصفونه بالساذج ويعتبرون أن روحه التجارية تغلب على مهاراته السياسية، حتى في الأيام التي لوّح فيها ترامب صراحة بخيار توجيه ضربة عسكرية للمواقع النووية الإيرانية، أصرّ ویتكوف على أن البرنامج النووي الإيراني ذو طابع سلمي، ودعا إلى ضرورة الحوار مع طهران.
وأضافت أن هذه الشخصية قد تكون السبب في أن التصريحات التي أدلى بها ویتكوف خلال مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأمريكية، والتي أقر فيها بحق إيران في التخصيب بنسبة 3%، لم تكن منسقة مع البيت الأبيض.
وأوضحت أنه وفقا لهذا التحليل، فإن تصريحات ویتكوف نابعة من سعيه الشخصي لإغلاق الصفقة سريعا، لكنه بعد تلقيه تنبيهات من البيت الأبيض، أراد إثبات أنه ليس في وارد تقديم تنازلات لطهران، فعاد ليصرح بضرورة تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل.
تصريحات ویتكوف المتضاربة
ذكرت الصحيفة أن ویتكوف صرّح خلال مقابلته مع قناة فوكس نيوز الأمريكية بأن تصريحاته منسقة بالكامل مع ترامب، وإذا صحت هذه الرواية، فهذا يعني أن التصريحات التي أطلقها لم تكن مجرد آراء شخصية، والاحتمال الأقرب للواقع هو أن التصريحات المتضاربة التي أدلى بها ویتكوف تشكل جزءا من خطة تفاوضية مدروسة تهدف إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب على طاولة الحوار.
وتابعت أن هذه الاستراتيجية تقوم على إطلاق مواقف متضاربة إزاء البرنامج النووي الإيراني، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى تحقيق الهدف الحقيقي الذي تكرره في خطابها الإعلامي، وهو إغلاق هذا البرنامج بالكامل، وتقوم الخطة على انتزاع التنازلات من إيران خطوة بخطوة، ما يعزز الحاجة إلى أن يتحلّى الطرف الإيراني بالوعي والذكاء التفاوضي ووضع إطار واضح واستباقي للتعامل مع الأمريكيين.
وأضافت أن السياسة التي تتبعها الإدارة الأمريكية حاليا قد تكون نسخة مطوّرة من سياسة «العصا والجزرة» ولكن بطابع ترامبي خاص، حيث يتم الدمج بين إشارات إيجابية نحو التفاوض وتهديدات باستخدام القوة العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، بهدف انتزاع تنازلات إضافية.
وأوضحت أن التناقض الصارخ في تصريحات ویتكوف، بالتزامن مع اقتراب الجولة الثانية من المفاوضات، يكشف عن وجود خطة واضحة لدى الفريق الأمريكي، وبحسب المعلومات الأخيرة، فإن هذه الجولة الثانية من المحادثات، وبعد نفى الأنباء عن انعقادها في روما، ستُعقد في مسقط، عاصمة سلطنة عمان.
تصريحات ویتكاف الموجّهة
ذكرت الصحيفة أن هناك تقديرات تشير إلى أن تصريحات ویتكوف الأخيرة، سواء في المقابلات أو البيانات، لا تعكس بالضرورة ما سيُطرح على طاولة المفاوضات، بل تم توجيهها لأغراض إعلامية داخلية في الولايات المتحدة.
وتابعت أن أحد دوافع هذه التصريحات هو الرد على خصوم ترامب السياسيين الذين انتقدوا أداءه في إدارة الأزمات الداخلية، إذ حاول فريق ترامب من خلال هذه التصريحات إرسال رسالة، مفادها أن الملف الإيراني يسير بشكل إيجابي، وأن لا نية حاليا للذهاب إلى حرب ضد طهران.
وأضافت أن الضغوط التي مارستها جماعات الضغط الصهيونية والتيارات المتشددة داخل الإدارة الأمريكية، دفعت ویتكوف إلى التراجع عن مواقفه السابقة، ومجمل ما طرحه لا يُعتدّ به في أجواء المفاوضات الرسمية مع إيران.