نائب برلماني يكشف الأسباب الحقيقية لانقطاع الكهرباء في إيران 

ترجمة: يارا حلمي

أجرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “ايسنا“، الاثنين 24 مارس/آذار 2025، حوارا مع محسن زنكنه عضو البرلمان الإيراني، حول الآليات العملية لمواجهة انقطاع الكهرباء في إيران، لا سيما خلال صيف عام 2025.

اختلال التوازن في الكهرباء 

ذكر زنكنه أن “اختلال التوازن في شبكة الكهرباء بدأ يبرز بشكل جدي منذ 3 إلى 4 سنوات، حيث بدأنا بعجزٍ قدره 6000 ميغاواط، والذي تضاعف تدريجيا إلى 12 ألف ميغاواط، والآن يقترب من 16 ألف ميغاواط”.

وأشار إلى أن “الحقيقة هي أنه على مدار الأعوام الثلاثين الماضية، لم يكن التمويل الذي استثمرناه في مجمع مبنا (مجموعة صناعية إيرانية كبرى تعمل في مجالات النفط والغاز…) متوافقا مع سياسات الحكومة في إشراك القطاع الخاص، والآن، ندفع ثمن الاحتكار الذي فرضناه في العقود الماضية”.

الاحتكار وأثره على قطاع الكهرباء

أوضح زنكنه قائلا: “في بعض الأحيان، ومن أجل دعم شركة إيرانية مثل مبنا أو هبكو (شركة إيرانية متخصصة في تصنيع معدات البناء والآلات الثقيلة) نقوم بإنشاء احتكار لها، مما يؤدي إلى إقصاء القدرات المتاحة لدى القطاع الخاص”. 

وتابع: “إننا ارتكبنا هذا الخطأ في مجال بناء محطات الطاقة، حيث سمحنا باحتكار شركة مبنا، رغم نجاحاتها، مما أدى إلى عدم الاستفادة من إمكانيات القطاع الخاص والمجتمع في إنشاء المحطات، وهو ما لا يزال مستمرا حتى اليوم”.

وأضاف: “نحن ننفذ حاليا سياسات تدفع القطاع غير الحكومي نحو إنتاج الكهرباء من خلال محطات الطاقة الشمسية والرياح وحتى المحطات الحرارية، كما أن شركات الفولاذ والبتروكيماويات دخلت هذا المجال أيضا”.

تأخر اتخاذ الإجراءات اللازمة

تابع حديثه قائلا: “لو كنا قد اتخذنا هذه الإجراءات قبل 30 عاما، لكان وضعنا اليوم أفضل بكثير، لكن للأسف، لم يكن إنتاج محطات الطاقة لدينا متناسبا مع حجم الاستهلاك، وإضافة إلى ذلك، لم يتم اتخاذ أي خطوات جادة في مجال الترشيد، وهذه العوامل أوصلتنا إلى حالة الاختلال الخطير في توازن إنتاج واستهلاك الكهرباء اليوم”.

وأشار إلى أن هناك مشاكل إدارية إلى جانب هذا الاختلال، موضحا: “بعض محطات الطاقة لا تتم إدارتها بشكل صحيح، فمثلا متى يجب إجراء عمليات الصيانة الدورية، ومتى يجب إخراجها من الخدمة، أو كيفية تأمين إمدادات الوقود (مثل الديزل)، كلها قضايا معقدة”.

وأضاف أنه “لو أن وزارة النفط والحكومة تعاملتا مع هذه الأمور بحكمة أكبر، وبدّلتا الفريق المسؤول عن قطاع الطاقة بعد استقرار العمليات، لربما كان بالإمكان تفادي بعض أوجه القصور الإدارية الحالية”.

رؤية غير واضحة للمستقبل

كما أوضح قائلا: “أما ما الذي سيحدث في المستقبل، فنحن أيضا لا نعلم، لأننا لا نملك معلومات متكاملة أو تقارير دقيقة حول وضع محطات الطاقة، واحتياطات الطاقة، وحجم الإنتاج، والتوقعات المستقبلية، وقد أشار رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان أيضا، إلى أنه إذا تم قطع الكهرباء لمدة ساعتين، فقد تُحل المشكلة”.

الحلول المقترحة

تابع  زنكنه: “إذا أردنا زيادة إنتاج الكهرباء الآن، فإن ذلك يتطلب وقتا طويلا واستثمارات ضخمة، على سبيل المثال، بناء محطة طاقة بقدرة 50 أو 100 ميغاواط يحتاج على الأقل من سنتين إلى ثلاث سنوات، لذا، فإن أفضل حل هو التوجه نحو سياسات الترشيد”.

وأشار كذلك إلى أنه “عندما نسأل الناس ما إذا كانوا على استعداد لإطفاء مصباح واحد أو تقليل استهلاكهم من الغاز، فإنهم لا يبدون حماسة كبيرة، لكن إذا قيل لهم إنهم سيحصلون على مقابل مادي مقابل كل مصباح يطفئونه أو كل وحدة غاز يقللونها، وأن الكهرباء والغاز سيتم شراؤهما منهم بسعر الإنتاج، فمن المؤكد أنهم سيرحبون بذلك”.

وأضاف: “المصانع أيضا، عندما تدرك أنها ستتمكن من تحقيق مكاسب أكبر من خلال الترشيد، ستضع خططا للاستفادة من هذه الفرصة، ومن ناحية أخرى، بالنسبة للمصنع الذي يتكبد خسائر تصل إلى عدة آلاف من المليارات بسبب انقطاع الكهرباء والغاز، فمن المنطقي أن يشتري الطاقة الموفرة من قبل المواطنين أو المصانع الأخرى بسعر مناسب وجيد”. 

وتابع زنكنه: “لقد قلت مرارا وتكرارا، إنه لا يفصلنا سوى شهرين عن حل مشكلة اختلال التوازن في الطاقة، كل ما علينا فعله هو تنفيذ هذا النموذج وإصدار هذه اللائحة، حيث إن طريقة حسابها في غاية البساطة”. 

آلية حساب الترشيد

أضاف كذلك أنه “يتم احتساب استهلاك كل فرد بناء على بياناته السابقة، ومن الشهر المقبل فصاعدا، يُحسب مقدار الترشيد الذي قام به، بعد ذلك، يتم إيداع (رصيد الترشيد) في حسابه مباشرة، أو إرسال رسالة نصية تخبره بالمبلغ الذي وفره”.

أوضحت الوكالة أنه بهذه الطريقة يمكن للناس بيع هذا الرصيد بسهولة في البورصة، أو يمكن للحكومة نفسها شراؤه بسعر معين، أعتقد أنه من خلال هذا الإجراء، يمكن للمجتمع التكيف بسرعة مع الظروف الجديدة، دون فرض قيود جديدة على المواطنين، بل العكس، يحصل المواطنون والمزارعون والمنتجون على مقابل مالي للقيود التي التزموا بها.

وأشار زنكنه إلى المرشد الإيراني أكد مؤخرا في اجتماع، أن “هذا هو الحل إذا أردنا معالجة المشكلة بسرعة، حيث تشير التقديرات إلى أن عام 2024، تعرض قطاعا الإنتاج والزراعة لخسائر تتراوح بين 300 و400 ألف مليار تومان، وهو مبلغ يعادل إجمالي ميزانية مشاريع البنية التحتية لدينا”.

وتابع أيضا أنه “لذلك، إذا تأخرنا في اتخاذ هذه الإجراءات ولو ليوم واحد، فسنؤدي إلى زيادة استياء الناس، وتراجع رأس المال الاجتماعي، وتصاعد السخط الاجتماعي، والأهم من ذلك، سنلحق ضررا بالإنتاج، وفي ظل هذه الظروف، من المؤكد أن إيرادات الحكومة الضريبية ستنخفض عام 2025”.

كما أضاف: “إذا انخفضت الإيرادات الضريبية، فستضطر الحكومة إلى طباعة النقود أو الاقتراض، مما سيؤدي بدوره إلى خلق التضخم. لذلك، يجب أن تكون الأولوية الأولى للحكومة هي معالجة الخلل في توازن الطاقة، وليس حتى السعي لزيادة الإنتاج”.

الحذر من استيراد الألواح الشمسية

أشار إلى أن “هناك توجها قويا حاليا نحو استيراد وتركيب الألواح الشمسية، ولكن يجب توخي الحذر؛ لأن عمر بعض هذه الألواح لا يتجاوز 10 سنوات، وبعد مرور عقد من الزمن، قد نواجه مشكلات تقنية، أو نقصا في التكنولوجيا اللازمة لصيانتها، أو انخفاضا في كفاءتها، مما سيؤدي إلى تكاليف إصلاح مرتفعة”.

ذكر زنكنه في ختام الحوار أن الحل الأمثل هو عدم الاكتفاء بمحطات الطاقة الشمسية والرياح، بل أيضا تفعيل محطات الطاقة الحرارية.

وتابع: “حاليا، لدينا العديد من محطات الدورة المركبة التي تم تشغيل جزء الوقود فيها، بينما تم إهمال الجزء الحراري، على الرغم من أن تشغيله يمكن أن يعزز كفاءة الطاقة بشكل كبير، ولكن الأهم من كل ذلك هو التركيز على سياسات ترشيد استهلاك الطاقة، وهو الأمر الذي يجب أن تضعه الحكومة على رأس أولوياتها”.

كلمات مفتاحية: