صحيفة إيرانية: تأخير تعيين وزير الاقتصاد يهدد استقرار إيران الاقتصادي

نشرت صحيفة “جوان أونلاين” الإيرانية المحافظة، الجمعة 25 أبريل/نيسان 2025، تداعيات تأخير تعيين وزير الاقتصاد في إيران، محذرا من انعكاساته على الاستقرار المالي وثقة السوق. كما يناقش تأثيرات هذا الفراغ على تنسيق السياسات الاقتصادية وتزايد الشكوك السياسية.

قالت الصحيفة إن الاقتصاد في عالم اليوم لا ينتظر القرارات المترددة؛ فكل يوم تأخير يُعد خطوة إلى الوراء وفرصة ضائعة. وأشارت إلى أن الاقتصاد الإيراني يرزح تحت ضغوط داخلية وخارجية متزايدة، وأن استمرار حالة الفراغ في وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية لا يمثل تهديدا لكفاءة الحكومة فحسب، بل يشكّل أيضاً خطرا حقيقيا على الاستقرار والنمو الاقتصادي في البلاد.

وأضافت أنه منذ إقالة عبد الناصر همتي من منصبه في أواخر مارس/آذار 2025، مضى أكثر من خمسين يوما دون أن تُقدم الحكومة على تعيين وزير جديد، وهو تأخير أدّى إلى تعطيل إصلاحات اقتصادية رئيسية وأرسل إشارات سلبية إلى الأسواق والمؤسسات الاقتصادية عن غياب الحسم في صناعة القرار.

وأكدت أن إيران في هذه المرحلة الحرجة أحوج ما تكون إلى وزير كفء، ومختص، وصاحب رؤية واضحة، يتخذ قرارات حاسمة ودقيقة تُمهّد طريق التنمية، وأن استمرار الفراغ في وزارة الاقتصاد لن يُعطّل فقط مسار الإصلاحات، بل قد يُقوّض الثقة العامة ويضعف المؤسسات المُقرّرة للسياسات العامة.

وشددت على أن الوقت قد حان لاتخاذ قرار سريع وحكيم يصبّ في مصلحة الوطن، لأن كل يوم تأخير يعني فقدان فرص إصلاحية جديدة ومزيدا من الغموض في المشهد الإقتصادي.

موقع استراتيجي في هيكل الحكومة

ذكرت الصحيفة أن وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية تُعدّ من الركائز الأساسية في الهيكل التنفيذي للدولة. فهي تضطلع بوضع السياسات المالية وتنفيذها، الإشراف على سوق المال، التنسيق مع البنك المركزي ومنظمة التخطيط والموازنة، والتعامل مع المؤسسات الدولية. وأي فراغ إداري في هذه الوزارة ينعكس مباشرة على تعطيل عملية صناعة السياسات وتأجيل الإصلاحات.

ولفتت إلى أن قرارات هذه الوزارة تؤثر على الموازنة العامة، ووضع الاستثمار، وسعر الصرف، والسياسات الضريبية، وسلوك الشركات والأسر على حد سواء. وفي ظل معاناة الاقتصاد الإيراني من مشكلات مزمنة مثل عجز الموازنة، والتضخم البنيوي، وضعف الاستثمار، واستمرار العقوبات، فإن غياب وزير ثابت في هذه الوزارة الحساسة لا يمثل مجرد خلل تنفيذي، بل تجاهلاً للأولويات الحيوية للبلاد.

عواقب التباطؤ في التعيين

أردفت الصحيفة أن أولى نتائج هذا التأخير هي غياب قيادة مستقرة وقوية للملف الاقتصادي، فحتى وإن كان القائم بأعمال الوزير شخصاً متخصصاً وذا خبرة، فإنه يفتقر إلى الصلاحيات اللازمة لاتخاذ قرارات استراتيجية طويلة الأمد، ما يؤدي إلى تجميد الكثير من البرامج الإصلاحية، لا سيما في مجالات النظام الضريبي، وإدارة الموارد الأجنبية، ووضع السياسات الداعمة.

وأضافت أن التأخير في تعيين الوزير يضرّ بثقة المواطنين والمستثمرين على حد سواء. ففي اقتصاد يتسم بالتقلبات وعدم القدرة على التنبؤ، فإن التردد في اتخاذ القرار يرسل إشارات عدم استقرار إلى السوق والفاعلين الاقتصاديين. وشهدت الأسابيع الأخيرة تقلبات واضحة في سوقي العملة والبورصة، والتي لا يمكن فصلها عن غياب الشفافية في السياسات العامة.

واعتبرت أن الأثر الأخطر يتمثل في تراجع التنسيق بين الأجهزة الاقتصادية الحكومية، إذ تلعب وزارة الاقتصاد دورا محوريا في تحقيق الانسجام بين البنك المركزي، وزارة الصناعة والتجارة، منظمة التخطيط والموازنة، وغيرها من الجهات. وغياب وزير صاحب قرار يؤدي إلى تشتت السياسات المالية والنقدية، بل ويزيد احتمالات التصادم بين تلك المؤسسات.

سلّطت الصحيفة الضوء على نقطة بالغة الأهمية، إذ أعربت عن قلقها من المدة الطويلة لهذا الفراغ الوزاري، فرغم مرور أكثر من خمسين يوما، لم تُقدِم الحكومة بعد على خطوة جادة لتقديم مرشحها إلى البرلمان. وأوضحت أن المتحدث باسم الحكومة اكتفى بالإشارة إلى المهلة القانونية التي تمتد لثلاثة أشهر، دون تحديد موعد فعلي للإعلان عن اسم المرشح.

وذكرت أن هذا التراخي في التعيين قد يثير شبهات في الرأي العام والإعلام، خاصة في ظل ما يتردد عن احتمال أن يكون تأخير الحكومة بمثابة رد فعل على إقالة وزير الاقتصاد السابق، وهو ما يشير إلى احتمال وجود تصفية حسابات خفية بين الحكومة والبرلمان. ورغم أن هذه الفرضية لم تُؤكد رسميا، إلا أن استمرار الغموض يُمهّد لانتشار مثل هذه التفسيرات، والتي قد تكون مكلفة على المستويين السياسي والاقتصادي.

أشارت الصحيفة إلى أن أحد أهم الاعتبارات الواجب مراعاتها عند اختيار وزير الاقتصاد هو الابتعاد عن الاصطفافات السياسية داخل الحكومة أو البرلمان، أو حتى من قبل الجهات النافذة خارج السلطة الرسمية. وشددت على أن الاقتصاد الإيراني لا يتحمّل تحوّله إلى ساحة لتصفية الحسابات أو استعراض القوى، بل يحتاج إلى قرار مهني ومستقل، يعكس المصلحة الوطنية البعيدة المدى.

وذكرت أن انحراف مسار التعيين نحو محاولات فرض الأسماء من قبل جماعات أو تيارات بعينها لن يؤدي سوى إلى تعميق عدم الاستقرار، تقويض الثقة العامة، والخروج عن مسار الإصلاح. 

وأضافت أن أي محاولة لفرض مرشح مقرب من تيار معين أو السعي إلى فرضه من خلال الضغط السياسي، سيفرز وزيرا يفتقر إلى الكفاءة والاستقلالية، ما يعني عمليا التضحية بفاعلية القرار الاقتصادي من أجل اعتبارات قصيرة المدى.

وأكدت أن الوزير المقبل يجب أن يكون نتاج إجماع عقلاني ومبني على الكفاءة، لا ثمرة تفاوض سياسي خلف الكواليس. وإذا ما أصبح معيار الاختيار هو الانتماء السياسي أو القدرة على المساومة، فسيكون ذلك على حساب الكفاءة، وهو ما لا يمكن للبلاد تحمّله في هذه المرحلة.

أضافت الصحيفة أن الاقتصاد الإيراني في مرحلة تستدعي أكثر من أي وقت مضى، الاستقرار، والتخطيط الدقيق، وقيادة اقتصادية قوية. فلا يمكن لوزارة الاقتصاد، باعتبارها مركز السياسات المالية والاقتصادية، أن تبقى في حالة فراغ أكثر من ذلك.

ودعت الحكومة إلى إثبات إدراكها لحساسية المرحلة من خلال التعجيل بتعيين الوزير المناسب، معتبرة أن هذا القرار لا ينبغي أن يُنظر إليه كخطوة إدارية روتينية، بل كخيار استراتيجي يؤثر بشكل مباشر على مستقبل البلاد.

 وأكدت أن أي تأخير إضافي ستكون له تبعات اقتصادية وسياسية مؤلمة، وسيُضعف الثقة العامة ويُخلّ بانتظام السياسات. فاللحظة لحظة حسم، ولا بد أن يكون القرار مبنيا على المعرفة، والخبرة، والتوافق، والشعور بالمسؤولية الوطنية.