- زاد إيران - المحرر
- 20 Views
ترجمة: يارا حلمي
أجرت صحيفة “أرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، الجمعة 18 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع علي صوفي، الأمين العام لحزب الإصلاح التقدمي المعروف في إيران باسم (بيشرو إصلاحات)، لدراسة أداء حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وتأثير هذه الحكومة على سير التفاعلات بين إيران والعالم.
ذكرت الصحيفة أن حكومة بزشكيان قد تولت إدارة البلاد في وقت كانت فيه الأوضاع الاقتصادية غير مثالية، لكن الرئيس قد وعد بإنهاء هذه الوضعية من خلال التفاوض.
وتابعت أن دونالد ترامب، الذي أصبح رئيسا للولايات المتحدة، تعامل مع طهران بحزم، وسعى إلى الضغط على إيران لإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات في ظروف شبه حربية، بهدف الحصول على مكاسب أكبر وتقديم تنازلات أقل.
وأضافت أنه مع ذلك، وقفت إيران بثبات، ومن خلال هذا الثبات كانت الجولة الأولى من المفاوضات ناجحة بالنسبة لإيران، حيث أبدى أعلى المسؤولين في النظام الإيراني رضاهم عن نتائج المفاوضات.
وأوضحت أن السؤال المهم هو أنه إذا لم يكن بزشكيان رئيسا لإيران ولم يركز على المفاوضات لحل القضايا، من كان سيصبح رئيسا الآن وماذا كان سيقوم به؟ يمكن تصور أنه ربما كان الشخص الأكثر معارضة “للاتفاق النووي” والأكثر معاداة للتفاعل في إيران، أي سعيد جليلي (عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام)، هو الرئيس في هذه الحالة، وفي مثل هذه الظروف لم يكن هناك أي أمل في التفاعل بين إيران والولايات المتحدة.

نص الحوار:
اختار الشعب مسعود بزشكيان في الانتخابات على أمل أن يسير البلد نحو السلام بدلا من الحرب، فما مدى نجاح الحكومة في تحقيق ذلك؟
لقد حققت الحكومة في هذا المجال العديد من النجاحات، فقد تم عقد الجولة الأولى من المفاوضات، وستعقد الجولة الثانية يوم السبت أيضا، ومن المهم أن هناك اجتماعات قد تمت على الرغم من العديد من المعارضات الداخلية في إيران والولايات المتحدة وحتى الضغوط الإسرائيلية لعدم إجراء المفاوضات، وهذا يعد إنجازا كبيرا للحكومة والرئيس.
أما الطرف المقابل لبزشكيان هو سعيد جليلي وجبهة بايداري، الذين يمثلون رفض التفاعل والصراع مع الولايات المتحدة، لقد حاولت هذه المجموعة في فترة حكومة أحمدي نجاد الرئيس الإيراني الأسبق وفي حكومة الظل تحقيق الإنجازات التي كانت تروج لها، وهذه الإنجازات هي الوضع الحالي للبلاد.
وكانت انتخابات 2024، بمثابة اختيار بين السلام والحرب، وتحرك الناس خوفا من أن لا تكون هناك حرب وأن تسوء الأوضاع أكثر نحو انتخاب بزشكيان رئيسا للجمهورية الإيرانية.
ما هو منظور جبهة بايداري حول القضايا الداخلية؟ إلى أي مدى أثر هذا المنظور على اتجاه تصويت الناس؟
إن منظور جبهة بايداري حول القضايا الداخلية واضح تماما، فهم كانوا يسعون لتطبيق قانون الحجاب، وكان هدفهم فرض قيود على الناس من خلال ذلك، وكانت القضايا الوطنية بالنسبة لهم ذات أهمية قليلة.
ويجب أن نتذكر أنهم لم يظهروا أي حركة كبيرة تجاه دخول الأفغان إلى إيران، مما جعل الناس يشعرون بالخطر وأدركوا أنه إذا لم يشاركوا في الانتخابات ولم يساعدوا في تغيير الأوضاع، فإن الوضع في البلاد سيصبح أكثر صعوبة.
وكان الناس يعرفون أنهم يجب أن يساعدوا في تغيير الأوضاع السياسية للبلاد، فلقد فهم الناس أنه إذا لم يشاركوا في الانتخابات، قد يحدث شيء غير سعيد للبلاد وقد تتعرض البلاد لأضرار كبيرة.
بطبيعة الحال، يبدو أن مجلس صيانة الدستور قد أغلق هذا الطريق أيضا، وكانت هناك تأكيدات من المرشد الأعلى بشأن تأييد مؤهلات بزشكيان.
يبدو أنه في قضية تأكيد مؤهلات بزشكيان، شعر المرشد الأعلى بأنه يجب تغيير أوضاع البلاد، فقام المرشد بتوفير الظروف التي تتيح زيادة مشاركة الناس، وظهر أنه كان يثق في مشاركتهم.
كما نشأ شعور بأن عدم مشاركة الناس في الانتخابات وصل إلى مرحلة أصبح فيها مشروعية النظام مهددة، وإذا استمر الاتجاه الذي كان الناس فيه لا يولون أهمية كبيرة لصندوق الاقتراع، كان من الممكن أن يظهر في الداخل والخارج أيضا تكهنات بأن الناس قد انسحبوا وأظهروا استياءهم من خلال عدم المشاركة في الانتخابات.
وكانت هذه الأمور بمثابة ناقوس خطر لفت انتباه المرشد الأعلى، حيث قام بدراستها وقرر دعم بزشكيان الذي تم استبعاده من قبل، ليتم تأكيد أهليته ودخوله إلى ساحة الانتخابات، ومن خلال ذلك تم تشجيع الناس على التصويت له.
هل تعتقد أن المرشد الأعلى كانت لديه نظرة خاصة تجاه بزشكيان لتجاوز التحديات؟
نعم، لأن بزشكيان، رغم استبعاده، تم تأكيد أهليته، وعلى الرغم من العديد من المعارضات، كان جواد ظريف (نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية السابق) بجانبه، وتم السماح له بالوقوف بجانب بزشكيان، كما انضم إلى المعركة مجموعة من الاقتصاديين الذين تم استبعادهم من الحكومات السابقة، وكلهم وقفوا إلى جانب بزشكيان في ساحة الانتخابات.
وكل هذه الأمور كانت في الحقيقة تهدف إلى تغيير النظام السياسي الإيراني، والجمهور أيضا جذبته هذه العملية، وبالطبع، كانت شخصية بزشكيان أيضا من النوع الذي جذب ثقة الناس.
ما هي خصائص بزشكيان التي جعلت الناس يتحركون نحوه ويكتبون أصواتهم في صندوق الاقتراع لصالحه؟
على الرغم من أن بزشكيان شخص سياسي، فإنه يمتلك صورة شعبية، والرئيس ليس شخصا طموحا للسلطة، بل هو حتى يبتعد عن السلطة، ولديه نية طاهرة ويسعى إلى تنظيم الأوضاع.
وبالتالي، ما حدث داخليا كان يشير إلى أننا وصلنا إلى نقطة يجب أن نتحرك فيها نحو التغيير في بعدنا الدولي وكذلك يجب إجراء تغييرات داخلية، والمرشد الأعلى أيضا توصل إلى نتيجة مفادها أنه لا يجب أن تسود في البلاد حالة تُصوّر إيران في العالم كدولة محاربة، بل يجب أن نتجه نحو دبلوماسية نشطة.
دبلوماسية تحول التصعيد إلى تهدئة، وهذه كانت المطالب التي كان الناس يحملونها، وقد رأوا تجسيد هذه المطالب في بزشكيان، وبالتالي قاموا بالتصويت له.
كيف ترى تحقيق وعود بزشكيان حتى الآن؟
تحقيق جزء من وعود بزشكيان كان في يد طبقات أخرى من السلطة، ولا يزال الأمر كذلك، فبعد أن أعلن أنه يسعى للحوار ورفع التوترات بهدف إزالة العقوبات، واجه في البداية ردود فعل سلبية، لكن خلال أسابيع تغيرت الأوضاع وتم عقد الجولة الأولى من المفاوضات.
ولا شك في أن هذا كان قرارا من قبل السلطة، حيث تم السماح بإجراء المفاوضات، وبالطبع، التغيرات التي حدثت في المنطقة كانت مؤثرة في اتخاذ مثل هذه القرارات.
كما أن التغيير في ترتيب المقاومة من جهة، ووقوف العالم بأسره إلى جانب فلسطين لدفع الكيان الصهيوني إلى وقف إطلاق النار من جهة أخرى، ساهما في تهدئة الحرب في المنطقة.
ومع تهدئة الحرب في المنطقة، تم خلق بيئة لفرصة جديدة لدفع الأزمات، وسار بزشكيان في هذا الاتجاه، وبدأت الأمور تتحرك نحو الحل، وبطبيعة الحال، في مجال الدبلوماسية، لا يمكن توقع أن تتحقق الإنجازات بشكل فوري، كما أنه في الداخل، حدثت بعض الأمور بشكل نسبي.
هل تعتبر الجولة الثانية من المفاوضات خطوة إيجابية بعد تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن مواقفهما؟
ما يُرى في هذه المفاوضات هو عزيمة وإرادة الأطراف للوصول إلى اتفاق، وهذه الأمور واضحة في هذه المفاوضات، والظروف أيضا تقتضي أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق وأن يتخلوا عن النهج السابق.
لكن مع ذلك، لكل مفاوضات قواعدها، ويحاول الطرفان الحصول على مكاسب أكبر، ففي الجولة الأولى، كان ما جعلها ناجحة هو أن الأمريكيين وافقوا على تخصيب اليورانيوم الإيراني، لكنهم اعترضوا على النشاط النووي الإيراني بالتركيز على مستوى تخصيب عالي، في حين أن إيران أكدت بحسن نية على عدم سعيها لامتلاك سلاح نووي.
ويقول المعارضون للمفاوضات إن الولايات المتحدة تراجعت عن الاتفاق النووي، وأنها ستنقض أي اتفاق مرة أخرى، ومن الأمثلة على ذلك تراجع ويتكوف عن تصريحاته في الجولة الأولى من المفاوضات.
وما دفع الولايات المتحدة للخروج من “الاتفاق النووي” هو أن الاتفاق حقق نتائج لجميع الأطراف عدا الولايات المتحدة، حيث تمكنت الدول الأخرى من دخول السوق الإيرانية، لكن الأمريكيين لم يحققوا أي مكاسب اقتصادية من الاتفاق، ولهذا السبب خرج ترامب من الاتفاق.
أما الآن، فقد تم الإعلان علنيا أن الجميع يمكنهم الاستثمار في إيران بعد التوصل إلى الاتفاق، وفي عام 2015، تم الإعلان عن أن الجميع يمكنهم الاستثمار في إيران باستثناء الأمريكيين، وترامب لم يقبل بهذا الموقف، وكان من الطبيعي أن يواجه الاتفاق النووي تحديات عندما انسحب الأمريكيون.
كما أن الأوروبيين لم يستطيعوا الوقوف في وجه الاقتصاد الأمريكي وأوامره الاقتصادية، ورغم التزاماتهم، لم يوفوا بأي من وعودهم، أما الآن، فالوضع مختلف، وقد تم الإعلان أن الأمريكيين يمكنهم استثمار 1000 مليار دولار في إيران إذا تم التوصل إلى اتفاق.
وهذا قرار جيد جدا لأننا متهمون بمنح امتيازات للصين وروسيا من خلال اتفاقين لمدة 25 سنة، وإذا كانت إيران ستوقع اتفاقا اقتصاديا مع الأمريكيين، فلن يستطيع أحد اتهام النظام الإيراني بالتقارب مع هذا البلد أو ذاك.
علاوة على ذلك، إذا تم ذلك، فإن روسيا والصين ستتشجّعان أيضا على زيادة استثماراتهما في إيران، وإذا كان هناك هذا النوع من المشاركة، فإن الغربيين لن يتجهوا نحو التضارب مع الجمهورية الإسلامية.
والآن، أظهرت إيران حسن نيتها، ويمكن للجميع الاستثمار في إيران، والعلاقات الحالية تختلف تماما عن العلاقات السابقة، وهذه الأمور قد تكون مشجعة، لكن من الطبيعي أن تكون هناك تقلبات في مواقف الأطراف في هذه الأيام وفي المستقبل، والمهم هو أن الخطوة الأولى قد تم اتخاذها بشكل جيد.