خبير سياسي إيراني: هناك مطالبات بمراجعة سياسات الحكومة لتحقيق الوعود الانتخابية

 ترجمة: دنيا ياسر نور الدين 

ناقشت صحيفة “آرمان امروز” الإيرانية الإصلاحية، يوم الجمعة 28 مارس/آذار 2025، أداء الحكومة الإيرانية بعد ثمانية أشهر من عملها، وذلك في حوار لها مع الخبير السياسي الإيراني بيمان خواجوي.

حيث قال خواجوي، إن الحكومة بعد ثمانية أشهر من توليها السلطة باتت بحاجة إلى تقييم أدائها وإجراء إصلاحات ضرورية لتعزيز فعاليتها. وأوضح أن الحكومة، التي بدأت عملها رسميا في 15 يونيو/حزيران 2024، واجهت تحديات متعددة في السياسة الداخلية والخارجية والاقتصاد، مما ساعدها على استخلاص استنتاجات حول مسارها المستقبلي مع اقترابها من العام 2025.

تغييرات في الحكومة 

أشار خواجوی للصحيفة إلى أن الحكومة شهدت تغييرات مهمة خلال هذه الفترة، مثل خروج شخصيات مؤثرة مثل محمد جواد ظريف الذي كان يشغل منصب مساعد الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وعبد الناصر همتي الذي كان يشغل منصب وزير الاقتصاد والمالية، مما أثر على عملية صنع القرار. وأضاف أن الحكومة أعادت تقييم سياساتها الخارجية وسعت إلى فهم أعمق لكيفية إدارة المفاوضات والعلاقات الدولية.

وأكد للصحيفة أن الحكومة تعرضت لانتقادات مختلفة بشأن خطابها السياسي، ما دفعها إلى إعادة النظر في استراتيجياتها لتحقيق وعودها الانتخابية. وفي هذا السياق، تابع قائلا: “ثمة حاجة إلى تغيير جذري، ليس فقط على مستوى الأفراد، بل أيضا في السياسات والأساليب المعتمدة، لضمان كفاءة أعلى وأداء أكثر فاعلية”.

وأردف خواجوي أن مفهوم “الوفاق الوطني” الذي تم طرحه لم يكن فعالا بما يكفي في التطبيق العملي. وأوضح أن تعيين أشخاص من تيارات سياسية مختلفة لا يكفي بحد ذاته، بل ينبغي أن يكون هؤلاء مقتنعين فعلا بهذا النهج. وأضاف: “وجود شخصيات تسعى فقط إلى السلطة دون إيمان حقيقي بالمسار الحكومي قد يكون عائقا أمام تحقيق الأهداف المنشودة”.

وأشار إلى أن الحكومة أدركت منذ البداية أن بعض المسؤولين في الإدارات المختلفة غير أكفاء، فقامت بتغييرهم، مؤكدا أن هذه العملية يجب أن تستمر على جميع المستويات لسد الثغرات الإدارية.

تعزيز السلطة التنفيذية

في ما يتعلق بالإدارة التنفيذية، قال للوكالة إن الحكومة تحتاج إلى تعزيز سلطتها التنفيذية من خلال تحسين الأداء وزيادة التنسيق الداخلي. وأوضح أن بعض القطاعات لم تتمكن من تحقيق الأهداف المطلوبة بسبب ضعف في الأداء، ما يجعل التعديلات الإدارية والتنقلات بين المسؤولين ضرورية لتحسين الأداء الحكومي بشكل عام.

وتابع مؤكدا ضرورة مراجعة بعض السياسات والنهج المتبع، مشيرا إلى أن موقف الحكومة من المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة ورفع العقوبات كان واضحا منذ البداية، لكنه قد يحتاج إلى إعادة تقييم بناء على التطورات الأخيرة.

وفي الجانب الاقتصادي، أوضح خواجوي للصحيفة أن الحكومة واجهت تحديات كبيرة مثل العجز المالي ومشاكل المعيشة، لكنها تمكنت من فهم هذه الأزمات بشكل أفضل خلال الأشهر الماضية، ما يسمح لها الآن باتخاذ قرارات أكثر حزما لمعالجتها.

وتابع قائلا: “ينبغي للحكومة الاستفادة من تجربتها خلال الأشهر الثمانية الماضية، والمضي قدما في تنفيذ الإصلاحات اللازمة بقوة أكبر، لضمان تحقيق الوعود الانتخابية وتعزيز ثقة المواطنين”.

وعود سياسية

أكد بيمان خواجوي، في تصريح للصحيفة، أن الحكومة يجب أن تحرص على عدم التراجع عن الشعارات والوعود التي قدمتها خلال حملتها الانتخابية. وأوضح أن هذه الوعود يجب أن تبقى محورا رئيسيا في جميع السياسات والقرارات التنفيذية للحكومة، وينبغي متابعتها بشكل شفاف ومستمر.

وأشار إلى أنه في حال لم يتم تنفيذ هذا النهج بجدية، فقد تواجه الحكومة انتقادات حادة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تشكيك المواطنين في وعودها المستقبلية.

وأضاف للصحيفة أن الحكومة تحتاج باستمرار إلى التشاور والتنسيق مع الخبراء والمتخصصين في مختلف المجالات، لضمان تحديد المشكلات بشكل دقيق، وتقديم حلول عملية وفعالة.

معيشة المواطنين والتحديات الاقتصادية

وأردف خواجوي للصحيفة أن من أبرز القضايا التي يجب أن تأخذها الحكومة في الاعتبار، الأوضاع المعيشية للمواطنين ومعالجة المشكلات الاقتصادية.

وأوضح أن الحكومة مطالَبة بوضع خطط خاصة خلال العام المقبل لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، مع التركيز على قضايا مثل خفض معدلات البطالة، والسيطرة على التضخم، وتحسين سوق العمل، وخلق فرص عمل جديدة.

وأكد أن الحكومة يجب أن تقدم حلولا ملموسة لتحسين مستوى معيشة المواطنين، لافتا إلى أن تحقيق ذلك يستلزم التنسيق والتعاون بين مختلف الأجهزة الحكومية لضمان تنفيذ السياسات الاقتصادية بشكل فعال.

وأعرب خواجوي للصحيفة عن أمله في أن يكون العام المقبل عاما مثمرا وناجحا للبلاد والحكومة، مؤكدا أن الحكومة بحاجة إلى الاستعداد بشكل جيد لتحقيق توقعات المواطنين والمجتمع الدولي.

أهمية الاستماع إلى ردود الفعل 

أكد الخبير السياسي، بيمان خواجوي، أن إحدى أهم الأدوات التي يجب أن تعتمد عليها الحكومة في عملية إعادة الهيكلة هي الاستفادة من ردود الفعل العامة. وأوضح أنه ما يزال غير واضح تماما مدى قيام الحكومة بجمع هذه الردود بشكل علمي ومنهجي، واتخاذ القرارات بناء عليها.

وأشار إلى أن قياس الرأي العام يجب أن يتم عبر مؤسسات مستقلة، ويجب أن ينعكس في السياسات الحكومية. وأضاف أن الحكومة بحاجة إلى إجراء تقييم دقيق للأداء في مختلف المجالات، من أجل تحديد نقاط النجاح والمجالات التي تحتاج إلى إصلاحات.

ولفت إلى أن استخدام آراء وسائل الإعلام، والمؤسسات المدنية، والأحزاب السياسية، والمجموعات المختلفة، يمكن أن يكون له دور فعال في تحقيق هذا الهدف.

وتابع قائلا إن إعادة هيكلة الحكومة لا ينبغي أن تقتصر فقط على تغيير بعض المديرين، بل يجب أن تكون مراجعة شاملة للسياسات، والمناهج، والأساليب التنفيذية. وأكد أنه إذا تم تنفيذ هذه التغييرات بالشكل الصحيح، فإنها ستساهم في تعزيز كفاءة الحكومة، وكسب رضا الجمهور، وتعزيز رأس المال الاجتماعي للحكومة.

وأضاف خواجوي أن الحكومة، بعد مرور ثمانية أشهر على تجربتها، باتت تمتلك فرصة لمراجعة أدائها بشكل دقيق، وتحديد مسارٍ أكثر وضوحا للمستقبل، استعدادا لدخول عام 2025 بفريق أكثر انسجاما وبرنامج أكثر كفاءة.

تعزيز الانسجام الداخلي للحكومة

أكد الخبير السياسي للصحيفة أن أول وأهم قضية يجب أن تضعها الحكومة في الاعتبار خلال العام المقبل هي تحقيق الانسجام الداخلي. وأوضح أن الحكومة، لكي تعمل بفعالية واستقرار، تحتاج إلى تخطيط دقيق ومنهجي، حيث تكون الأهداف والاستراتيجيات والنهج محددة بوضوح.

وأضاف أن من الضروري ضمان عدم وجود أي انقسامات أو فوضى داخلية، مشيرا إلى أن عدم تحقيق هذا الانسجام قد يؤدي إلى عجز الحكومة عن الوفاء بوعودها، مما قد يضعف مصداقيتها ويؤثر على ثقة الجمهور بها.

وشدد على أن الحكومة يجب أن تسعى منذ البداية إلى العمل بروح منسجمة ومتجانسة، وإرسال رسالة موحدة للمجتمع حول توجهاتها وأهدافها.

“الحكومة يجب ألا تتجاهل داعميها”

وفي ما يتعلق بداعمي الحكومة، أشار خواجوي إلى أن من القضايا المهمة التي يجب أن تحظى باهتمام الحكومة، الحفاظ على حلقة مؤيديها. وأوضح أن هذه الحلقة، التي تشكلت خصوصا بعد الانتخابات مع وصول مسعود بزشكیان إلى السلطة، تتكون من أشخاص دعموا هذه الشخصية رغم التحديات السياسية والاقتصادية الصعبة، مما يجعلهم جزءا أساسيا من رأس المال الاجتماعي للحكومة.

وأكد أن الحكومة يجب أن تولي أهمية خاصة لهؤلاء الداعمين، لا سيما في ظل الظروف التي كان فيها كثيرون قلقين من الوضع الاقتصادي والسياسي، بينما فضل آخرون العزوف عن المشاركة في الانتخابات.

وأضاف أن هؤلاء المؤيدين لعبوا دورا حاسما في تعزيز المشاركة الانتخابية لصالح بزشكیان، ويجب على الحكومة ضمان عدم شعورهم بالإحباط أو التهميش، لأن استمرار دعمهم سيكون ضروريا للحفاظ على القاعدة الاجتماعية للحكومة والمضي قدما في تحقيق أهدافها.

وتابع قائلا إنه في حال شعر هؤلاء الداعمون بأنهم مستبعدون من عملية صنع القرار أو أن سياسات الحكومة تتجاهلهم، فقد يتراجع دعمهم، مما قد يخلق تحديات كبيرة للحكومة في المستقبل.

الالتزام بالنهج المبدئي للحكومة

وفي ما يتعلق بسياسات الحكومة، أكد خواجوي للصحيفة أن الحكومة يجب أن تحافظ على التزامها بنهجها الأساسي، مشيرا إلى أن مسعود بزشكيان ركز خلال حملته الانتخابية على قضايا مثل التغييرات في السياسة الداخلية والخارجية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وتقليل العقوبات، وتعزيز المفاوضات الخارجية، وزيادة مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار.

وأضاف أنه إذا قررت الحكومة تغيير مسارها أو التخلي عن نهجها الأساسي، فقد تواجه تحديات كبيرة تؤدي إلى تراجع فعاليتها وعجزها عن تحقيق أهدافها.

وأشار إلى أنه في مجال السياسة الخارجية، على وجه الخصوص، فإن استمرار تأثير الجماعات المتشددة أو الجهات التي تتبنى مواقف متصلبة وغير عقلانية قد يؤدي إلى أزمات دبلوماسية خطيرة.

وأكد أنه في مثل هذه الظروف، لن تواجه الحكومة صعوبات في تحقيق أهدافها في السياسة الخارجية فحسب، بل قد تؤثر هذه الأوضاع أيضا على نجاحاتها في السياسات الداخلية.

وفي ختام تصريحاته للصحيفة، شدد خواجوي على أن الحكومة تواجه عاما صعبا مليئا بالتحديات، ولكنها تمتلك أيضا فرصة ذهبية لتصحيح مسارها وتعزيز أدائها، إذا ما استفادت من تجاربها السابقة، وحافظت على نهج متماسك ومنظم في إدارة شؤون البلاد.