فيتو أمريكي قبل المفاوضات.. هل سيتصالح ترامب مع طهران أم أنه سيفسد اللعبة مرة أخرى؟

في خضم التوترات المتفاقمة وتسارع وتيرة المفاوضات النووية، يطل مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، بتحذير صريح لإيران، مؤكدا أن الحوار هو السبيل لحل الأزمة، لكن البديل سيكون “أسوأ”. 

قال المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمفاوضات مع إيران، إن الولايات المتحدة لن توافق أبدا على اتفاق مثل الاتفاق النووي الذي يتضمن رفع العقوبات، وبحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، تأتي ادعاءات وتهديدات ستيف ويتكوف، في الوقت الذي أصدرت فيه وزارة الخزانة الأمريكية بيانا، الخميس 8 مايو/أيار 2025، أعلنت فيه فرض عقوبات جديدة على إيران وصادراتها النفطية.

تصعيد أم تسوية تاريخية؟

تصريحات ويتكوف، التي تأتي قبيل جولة مفاوضات حاسمة في عمان، تثير تساؤلات ملحة: هل تسعى إدارة ترامب لتسوية تاريخية مع طهران، أم أنها تمهد لتصعيد قد يعيد المنطقة إلى حافة الهاوية؟ بين خطوط حمراء أمريكية صلبة وطموحات إيرانية للاعتراف بحقها في التخصيب، يستعرض هذا التقرير ملامح هذا الصراع الدبلوماسي وتداعياته على استقرار الشرق الأوسط.

خلال المقابلة قال مبعوث ترامب الخاص لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إنه يؤمن بمحاولة حل النزاع مع إيران عبر الحوار، وأن طهران لن تنجح في خداعه أو كسب الوقت عبر طاولة التفاوض، وكرر التحذير من أن “البديل سيكون أسوأ”، كما رفض الانتقادات الموجهة له بسبب اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دون مترجم أو وفريق رسمي، معتبرا أن “الأمور سارت بشكل أفضل بوجوده وحده خلال اللقاء”.

قنبلة ويتكوف قبيل المحادثات 

ووجد ويتكوف نفسه أمام سيل من الانتقادات الإعلامية خلال الأسابيع الماضية بسبب طريقة التفاوض مع إيران وروسيا، وهو ما رد عليه خلال مقابلة مع موقع Breitbart News (برايتبارت نيوز)، الخميس، ونُشرت الجمعة 9 مايو/أيار 2025، قائلا: “أعتقد أنهم أخطأوا في التقدير، وأعتبر ذلك خطأ منهم”.

وأوضح: “أنا مخلص للرئيس، لكنني أيضا أؤمن بسياساته، فعليا أؤمن بها، أؤمن بمحاولة حل النزاع الإيراني عبر الحوار، أولا، هذا حل أكثر ديمومة من أي بديل آخر، إذا استطعنا إقناع إيران بالتخلي طوعا عن برنامج تخصيب اليورانيوم، وإيقاف امتلاك أجهزة الطرد المركزي أو المواد القابلة للتخصيب إلى درجة 90% اللازمة للسلاح النووي، فإن هذا سيكون الطريق الأنجح لضمان ألا تمتلك إيران سلاحا نوويا”. 

لذلك، فإن رؤيته للحل هي الأفضل، ونأمل أن توافق إيران، لأن البديل ليس في صالحها”، وحذر ويتكوف من أنه إذا لم تكن المفاوضات التي ستعقد الأحد مع إيران بشأن برنامجها النووي “مثمرة فلن تستمر، وسيتعين علينا اتخاذ مسار مختلف”.

وعن تفاصيل تأجيل محادثات الجولة الرابعة من قبل قال ويتكوف لـ موقع بريتبارت إن الولايات المتحدة اختارت عدم عقد جولة أخرى من المفاوضات الأسبوع الماضي “لأننا كنا بحاجة إلى التوصل إلى تفاهمات معينة مع الإيرانيين لكي تكون المناقشات مفيدة”، وأضاف: “نأمل أن تكون المفاوضات الأحد (11 مايو/أيار 2025) مثمرة، ونأمل أن يعني ذلك أنهم سيواصلون تلك المفاوضات”.

وستكون مفاوضات الأحد التي ستعقد في سلطنة عمان رفيعة المستوى فقط، مما يشير إلى أن الجانبين سيناقشان إطارا أوسع للمضي قدما. 

بدون الفريق الفني 

وأفاد مصدر مطلع بأنه من غير المتوقع حضور الفريق الفني، الذي يتفاوض على جوانب أكثر تفصيلا من اتفاق مثل تخفيف العقوبات، وقال المصدر: “كان من المناسب عقد الجولة التالية من المفاوضات على مستوى المسؤولين”، وفي المقابلة مع بريتبارت، وصف ويتكوف توقعات الولايات المتحدة من المفاوضات بأدقّ تفاصيلها حتى الآن.

وقال ويتكوف: “لا يمكن لبرنامج تخصيب اليورانيوم أن يستمر في إيران أبدا، هذا خطّنا الأحمر، لا تخصيب، وهذا يعني التفكيك، يعني عدم التسلح، ويعني وجوب تفكيك منشآت التخصيب الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان”، وعلى غرار المفاوضات مع الروس، حيث طرحت الولايات المتحدة حوافز لإنهاء الحرب، لمح إلى حوافز مماثلة مع طهران، وقال: “نحن  نقول لإيران: بإمكانكم أن تكونوا أمة أفضل، ويمكننا التعامل معكم، ويمكننا بناء علاقات استراتيجية معكم لكن لا يمكنكم أن تكونوا مستفزين”، وأضاف أن إيران أبلغت الولايات المتحدة أنها لا تريد سلاحا نوويا، وهو موقف لطالما تمسكت به طهران.

الخيار الدبلوماسي

وأوضح المبعوث الخاص أن المفاوضات تركز حصريا على القضية النووية، وهو تغيير عن محاولات إدارة ترامب الأولى التعامل على نطاق واسع مع الأعمال العدوانية الإيرانية في المنطقة.

وتساءل: “هل نعتقد أنهم بحاجة إلى التوقف عن تمكين حماس وحزب الله والحوثيين، والتراجع عن دورهم الاستفزازي؟ نحن نعتقد ذلك هذا نقاش ثانوي، هل نعتقد أنه لا ينبغي عليهم توريد الأسلحة لمن نعتبرهم أعداءنا؟ نحن نعتقد ذلك، لكن مجددا، لا نريد أن نخلط الأمور في النقاش النووي، لأن هذه هي القضية الوجودية بالنسبة لنا، هذه هي القضية التي يجب حلها اليوم وبسرعة”.

على الرغم من ادعاء ترامب باختيار الدبلوماسية مع إيران، فإن إدارته، تحت غطاء المحادثات غير المباشرة مع إيران، لم تدخر أي جهد لمهاجمة الأمة والحكومة الإيراني، حيث أعلن الرئيس الأمريكي أنه لم يتخذ قرارا نهائيا بعد بشأن استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم.

في حين يؤكد كبار المسؤولين في إدارته، فرض حظر كامل عليه، وفي الوقت نفسه، هناك إمكانية لاستئناف المفاوضات مع إيران في عُمان، تريد إيران الاعتراف بحقها في التخصيب الصناعي، لكن واشنطن ممزقة بين التسوية أو الضغط من أجل وقف كامل للتخصيب، شك قد يحدد مصير الاتفاق النووي الجديد.

مرونة البيت الأبيض 

تعليق قد يكون إشارة إلى مرونة البيت الأبيض المحتملة في واحدة من أكثر المجالات حساسية في المفاوضات النووية، وعندما سُئل عما إذا كان من الممكن أن تمتلك إيران برنامجا مدنيا لتخصيب اليورانيوم، بشرط ألا تنتج اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة، قال ترامب: “لم نتخذ قرارا بشأن ذلك بعد”، وتمثل هذه التصريحات، التي ألقيت في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، أحدث علامة على الرسائل المتناقضة التي تبعث بها إدارة ترامب بشأن مدى الأنشطة النووية الإيرانية المسموح بها بموجب اتفاق محتمل.

قبل ساعات من خطاب ترامب، أكد نائب الرئيس جيه. دي. فانس، أن إيران لا ينبغي أن تمتلك أي برنامج لتخصيب اليورانيوم يمكن أن يمكّنها من الحصول على سلاح نووي، وقال خلال مؤتمر في واشنطن: “نحن لا نهتم إذا كانت دولة ما، تريد امتلاك الطاقة النووية”، ولكن لا يمكن أن يكون لديك برنامج تخصيب يترك الطريق مفتوحا أمام إنتاج سلاح نووي، “هذا هو الخط الأحمر الذي لدينا”.

وفي وقت سابق اتخذ وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، موقفا مماثلا خلال مقابلة أجريت معه الشهر الماضي، صرح بأنه إذا كانت إيران بحاجة إلى الوقود النووي لمحطات الطاقة الخاصة بها، فيجب عليها الحصول عليه من الخارج، يعد تخصيب اليورانيوم إحدى الخطوات الرئيسية في دورة الوقود النووي؛ عملية يمكن استخدامها في توليد الكهرباء للمفاعلات المدنية وفي توفير المواد الانشطارية اللازمة للأسلحة النووية.

تفاصيل الجولة الرابعة في مسقط

وانخرطت الولايات المتحدة وإيران، الشهر الماضي، في محادثات بوساطة عمانية بشأن برنامج طهران النووي، وعقدتا 3 جولات من المحادثات وصفتاها بأنها “مثمرة”، إلا أن الجولة الرابعة تم تأجيلها “لأسباب لوجستية وفنية”، بحسب إعلان الطرفين، السبت (3 مايو/أيار 2025)، قبل أن يعلنا عن استئنافها الأحد 11 مايو/أيار 2025، بوساطة عمانية في مسقط، وبحسب المصادر، فإن هذه المفاوضات النووية ستتعلق فقط بالبرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات عن إيران.